تمنيات للجزائر

تمنيات للجزائر

منذ فترة، تحمل الأخبار الآتية من الجزائر أنباءً عن أحكام بالسجن على صحفيين جزائريين وأجانب، في كل مرة كنت أنوي الكتابة في الموضوع كنت أتراجع لأسباب كثيرة: إذ لا معرفة لي بالقانون الجزائري ولا بالقضايا المطروحة أمامه ولا حتى بالصحفيين المتهمين أو المحكومين.

لكن لدي معرفة كامنة بالجزائر، وما لها من مكانة بين الدول، وبالصحافة وما لها من اعتبار لا يسمح بمعاملة رجالها كأنهم أشخاص عاديون، هذا ما يجعلنا لا نطلب استثناء الصحفيين من حكم القضاء، ولكن البحث عن أحكام تتماشى مع مكانة الدول وعلو صحافتها. في الجزائر، منذ أيام الفرنسيين وبعد الاستقلال، صحافة في منتهى المهنية والثقافة والنوعية، وقد خدمت بلادها بحيث تستحق أن تعفى من عقوبات العيب العامة.

«السلطة الرابعة» لها الكثير على السلطة الأولى. عندما يستعيد المؤرخون مرحلتي الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات، يقفز إلى الذاكرة فوراً أن كليهما رمى كبار الصحفيين في السجن: الأول سجن مصطفى أمين بأدنأ التهم وهي التجسس، والثاني أرسل إلى ليمان طرة، محمد حسنين هيكل وكل سجين سياسي آخر.

هل حقاً هناك 1500 سياسي اعتدوا على القانون دفعة واحدة بحيث يرمون إلى الزنزانة؟ كانت المرحلتان شديدتي الاضطراب.

وكان عبدالناصر يتوجس من مؤامرة تعدها ضده أمريكا، فأدخل مصطفى أمين السجن تأديباً لأصدقائه، أما السادات فكان يخشى «مراكز القوى» من رفاق سلفه فأرسلهم جميعاً إلى السجن.

ذلك زمن فات، هبطت الصحافة التابعة لهما إلى أدنى مستوياتها، لكن الجزائر استطاعت المحافظة على صورة الدولة وصمود المجتمع إلى أن ناءت بثقل الفساد.

بعدما وصل عهد بوتفليقة إلى ما وصل إليه، كان لا بد من مرحلة تنقية، ودخل عهد الرئيس تبون حقبة انفتاح واسع شمل للمرة الأولى الجار المغربي الكبير. نحن، في المشرق، نشعر بسعادة عارمة للأخبار الطيبة عن الجوار العربي في كل ديار، سوف يكون الفرح أعمق إذا أعفي من يستحق العفو من الصحفيين من عقوبة السجن، إنهم لصحفيون كبار هؤلاء السادة.


نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط.


 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية