هجرة سلبية.. أكثر من 69 ألف مقيم يغادرون إسرائيل في 2025
هجرة سلبية.. أكثر من 69 ألف مقيم يغادرون إسرائيل في 2025
كشفت البيانات الرسمية الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي عن تحوّل ديمغرافي لافت خلال عام 2025، يتمثل في تسجيل هجرة سلبية غير مسبوقة، إذ غادر أكثر من 69 ألف مقيم البلاد، مقابل عودة 19 ألفًا فقط، ما أدى إلى خسارة صافية تجاوزت 50 ألف نسمة.
ولا تُقرأ هذه الأرقام بمعزل عن السياق السياسي والأمني والحقوقي الذي تعيشه المنطقة، خصوصاً في ظل استمرار الحرب وتداعياتها العميقة على حياة المدنيين، بحسب ما ذكرت وكالة “الأناضول”، اليوم الأربعاء.
وتعكس موجة المغادرة، وفق تقارير إعلامية إسرائيلية، شعورًا متزايدًا بانعدام الأمان والاستقرار، خاصة بين فئة الشباب المتعلم الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و39 عامًا.
ويطرح هذا الواقع تساؤلات إنسانية حول أثر النزاع طويل الأمد في الحق في الحياة الآمنة، والصحة النفسية، والاستقرار الأسري، وهي حقوق أساسية تكفلها المواثيق الدولية، لكنها تتآكل في ظل الحروب الممتدة.
تراجع النمو السكاني
يشير تقرير «حال الدولة 2025» الصادر عن مركز تاوب لبحوث السياسات إلى تراجع غير مسبوق في معدل النمو السكاني، نتيجة الهجرة السلبية وتراجع الخصوبة.
وتكتسب هذه التحولات بعدًا حقوقيًا خاصًا في سياق الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، حيث طالما استُخدمت الديمغرافيا أداة سياسية، سواء عبر تشجيع الهجرة اليهودية أو من خلال سياسات تضييق وتهجير طالت الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة.
ورغم أن إسرائيل ما زالت تضم نحو 10.1 مليون نسمة، فإن تركيبة السكان تكشف هشاشة اجتماعية متزايدة، في ظل استمرار التفاوتات البنيوية والضغوط الاقتصادية والنفسية الناتجة عن الحرب.
كما أن انخفاض عدد الوفيات مقارنة بعام 2024 لا يعكس بالضرورة تحسنًا في جودة الحياة، بقدر ما يسلط الضوء على تحولات قسرية في أنماط العيش والهجرة.
الديمغرافيا بين الحقوق والسياسات
تُبرز هذه المعطيات أن الهجرة لم تعد خيارًا فرديًا بحتًا، بل تحولت إلى مؤشر إنساني على عمق الأزمات المتراكمة، فمن منظور حقوقي، فإن استمرار النزاعات المسلحة وسياسات الإقصاء يهددان الحق في البقاء والكرامة الإنسانية والاستقرار الاجتماعي للجميع، ويعيدان طرح سؤال جوهري.. إلى أي مدى يمكن للديمغرافيا أن تصمد بوصفها أداة سياسية في ظل تآكل الحقوق الأساسية وتصاعد الهجرة القسرية؟
وفي المحصلة تكشف الهجرة السلبية المسجلة خلال 2025 أزمة أعمق من مجرد أرقام سكانية؛ إنها تعبير صامت عن ثمن إنساني باهظ تدفعه المجتمعات عندما تتقدّم منطق القوة والحرب على منطق الحقوق والحماية الإنسانية.











