بريطانيا.. أطباء يكشفون تعرض بعض المقرر إبعادهم إلى رواندا للتعذيب
بريطانيا.. أطباء يكشفون تعرض بعض المقرر إبعادهم إلى رواندا للتعذيب
كشفت مراجعة سريرية مفصّلة لخلفيات طالبي اللجوء المفترض إرسالهم إلى رواندا، عن مؤشرات تعرّض العديد منهم للتعذيب.
وتطرح المراجعة التي قامت بها جمعية "العدالة الطبية"، أسئلة حول كيفية اختيار الأشخاص لإرسالهم في الرحلات المقترحة، وفق "بي بي سي".
وأفادت مؤسسة "العدالة الطبية" الخيرية التي تتكفل بإرسال أطباء لمتابعة صحة المهاجرين الموقوفين، بأنها استطاعت تحديد هوية 51 شخصاً، من بين الذين قالت وزارة الداخلية إنها سترسلهم إلى رواندا.
ومن بين هؤلاء، تمكنت الجمعية من جمع معلومات حول 36 شخصاً، معظمهم وصل إلى الشاطئ في زوارق، وقال الأطباء إنهم استطاعوا تقييم 17 شخصاً منهم.
ووجدت أدلة سريرية أن 14 من بينهم تعرّض للتعذيب، وقد يكون من بينهم 6 أشخاص، وقعوا ضحية عمليات تهريب البشر، وذلك بحسب الجمعية الخيرية.
وتم إبلاغ 3 من هذه المجموعة بقرار إبعادهم من قبل وزارة الداخلية، رغم إقرار مسؤولين آخرين بوجود مخاوف من عملية الاتجار.
يعاني 15 من بينهم من آثار ما بعد الصدمة، ومن أمراض نفسية معقدة أخرى، ووجدت لدى 11 شخصا من بينهم ميول انتحارية، فيما حاول أحدهم الإقدام على محاولة الانتحار مرتين، خلال وجوده في مركز لإبعاد المهاجرين.
وأشار الأطباء إلى عدم امتلاك بعضهم القدرات الذهنية الكافية للتحدث إلى محامٍ حول خياراتهم، والبعض الآخر بحاجة إلى فحوصات لمعرفة إن كانوا يعانون من أورام في الدماغ.
يقول خالد -اسم مستعار- وهو أحد الذين حددتهم الجمعية من بين المقرر إرسالهم إلى رواندا، إنه هاجر هرباً من الاضطهاد والملاحقة في بلده الأمّ، بعد معارضته الحكومة.
ويضيف: "كنت بحاجة إلى مكان تحترم فيه حقوق الإنسان، واعتقدت أني وصلت إلى مكان آمن"، مؤكدا أنه شعر بالارتباك الشديد بعد إبلاغه قرار ترحيله إلى رواندا.
وتساءل كيف يمكن للحكومة أن تقول إنها بلد آمن لاستقبال الناس في حين أنها ليست كذلك؟
وقالت الدكتورة راشيل بينغهام من المنظمة: "يُظهر تقريرنا معدلات عالية للغاية من أدلة حول التعذيب والاتجار وغير ذلك من نقاط الضعف في هذه المجموعة (من الأشخاص)، التي تخطط الحكومة لرفض تقييمها أو إجراء مقابلة معها قبل ترحيلها قسراً.
ورأت أنه يجب النظر إلى هذه السياسة على أنها مسببة للأضرار بشكل استثنائي، لافتة أن أكثر ما يصدمها كطبيبة، هو "التجاهل التام لضرورة تقييم مخاطر تعريض الأفراد لهذه السياسة".
وقد تصبح هذه القضية عند عرضها أمام المحكمة العليا الأسبوع المقبل، أكثر المعارك القانونية تعقيداً خلال السنوات الأخيرة، في مواجهة خطة الحكومة المثيرة للجدل.
وستتخصص المرحلة الثانية من القضية في أكتوبر، للنظر بالتفصيل في معايير اختيار أولئك الذين أبلغوا بقرار إبعادهم.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إن تحذيرات منظمة "العدل الطبية" حول تعرض الأشخاص المقرر إبعادهم إلى رواندا، كانت خاطئة.
وأكّد قائلاً: "لقد أوضحنا منذ البداية أنه لن يتم نقل أي شخص، إن كان ذلك غير آمن أو غير مناسب لهم".
وأضاف: "وجد تقييمنا الشامل لرواندا أنها بلد آمن، ومؤمّن بشكل أساسي، وله سجل حافل في دعم طالبي اللجوء".
إرسال مهاجرين إلى رواندا
وقعت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل في إبريل الماضي، ما وصفته باتفاقية "العالم الأول" مع رواندا، والتي بموجبها ستستقبل الدولة الواقعة في شرق إفريقيا اللاجئين الذين تعتبر المملكة المتحدة أنهم وصلوا بشكل غير قانوني وبالتالي غير مسموح بهم بموجب قواعد الهجرة الجديدة، لكن تم وقف أول رحلة ترحيل في يونيو الماضي وسط تحديات قانونية.
ومن المقرر أن تعرض خطة إرسال مهاجرين إلى رواندا أمام المحكمة العليا الأسبوع المقبل، فيما تقول الحكومة إن الخطة ستمنع تهريب الأشخاص، والعبور الخطر للقناة الإنجليزية.
وبميزانية 120 مليون يورو (نحو 120 مليون دولار)، تهدف خطة وزارة الداخلية إلى إرسال بعض من عبر القناة، إلى بلد إفريقي لمراجعة شكاواهم هناك، فإن تبين أنهم بحاجة إلى حماية حقيقية، تعرض عليهم رواندا إعادة التوطين بدلا من إرسالهم إلى بريطانيا.
ولاقت الخطة الحكومية معارضة على نطاق واسع من قبل خبراء الهجرة، ووكالة الأمم المتحدة للاجئين.
وأحبطت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الرحلة الأولى التي كانت مقررة في يونيو، بعد أن قالت إن على القضاة في لندن البتّ في ما إذا كانت قانونية أم لا، وتأجل النظر في القضية من قبل المحكمة العليا إلى سبتمبر.
وكشفت الحكومة البريطانية، أن أكثر من 25 ألف مهاجر عبروا بحر المانش إلى المملكة المتحدة حتى الآن خلال العام الجاري 2022.
وتعد قضية الهجرة غير الشرعية واحدة من أبرز القضايا التي تؤرق المجتمع الدولي بشكل عام والأوروبيين بشكل خاص، وتتوقع دول البحر المتوسط الواقعة على الطرق الرئيسية للهجرة إلى أوروبا، وصول أكثر من 150 ألف مهاجر إليها هذا العام، في الوقت الذي تهدد فيه أزمات الأغذية الناجمة عن حرب أوكرانيا بموجة هجرة جديدة خاصة من إفريقيا والشرق الأوسط.