برنامج كوبرنيكوس: صيف 2022 الأكثر سخونة في أوروبا
برنامج كوبرنيكوس: صيف 2022 الأكثر سخونة في أوروبا
يعدّ صيف 2022 الذي شهد زيادة في الكوارث المرتبطة بالاحتباس الحراري، الأكثر سخونة على الإطلاق في أوروبا، حسب ما أعلن البرنامج الأوروبي لرصد الأرض كوبرنيكوس.
إضافة إلى حرائق الغابات وجفاف الأنهر ودرجات الحرارة القياسية، لاقى شعور الأوروبيين بصيف حار انعكاساً في قراءات الأقمار الصناعية، التي تقول إنّ الاحتباس الحراري وصل بالفعل، بحسب فرانس برس.
على مدى الأشهر الثلاثة التي رصدتها الأرصاد الجوية (يونيو - أغسطس)، تجاوزت درجات الحرارة المتوسط الذي شهدته في الأعوام من 1991 إلى 2020 بمقدار 1,34 درجة مئوية، وبنسبة 0,4 درجة مئوية عن الرقم القياسي السابق، الذي يرجع تاريخه إلى عام 2021، وفقاً لمسوحات كوبرنيكوس التي تستند إلى الأقمار الصناعية من عام 1979، لكنّها تشير أيضاً إلى أنّ أنواعاً أخرى من السجلّات تعود إلى عام 1880.
وأشار برنامج كوبرنيكوس في بيان إلى أنه بالنسبة لشهر أغسطس 2022 وحده، كانت درجات الحرارة "الأعلى" المسجّلة "عند 1,72 درجة مئوية فوق المتوسط المسجّل بين عامي 1991 و2020".
وتمّ تسجيل السنوات الخمس الأكثر سخونة على مستوى العالم منذ عام 2016، كما يأتي هذا الرقم القياسي الجديد مع تزايد تأثير تغيّر المناخ في جميع أنحاء العالم.
وقالت فريا فامبورغ المديرة العلمية للمعهد الأوروبي، في بيان "كان الرقم القياسي السابق يعود إلى عام واحد فقط".
جفاف وحرائق
وللإشارة إلى العواقب الكارثية لهذا الاحترار، يكفي ذكر أنّ "الجفاف والحرائق في أجزاء كثيرة من أوروبا أثّرت على المجتمع والطبيعة بطرق مختلفة".
في ما يتعلق بالحرائق، سجّلت الدول الـ27 في الاتحاد الأوروبي في منتصف أغسطس رقماً قياسياً في هذه المرحلة من العام، منذ بدء تسجيل بيانات الأقمار الصناعية في عام 2006، حيث احترق أكثر من 660 ألف هكتار، وطالت الحرائق مناطق عادة ما تكون بعيدة عن مثل هذه الكوارث، مثل غابة بريتون الأسطورية في بروسيلياند في غرب فرنسا.
كذلك، يؤثّر الجفاف على عدد من الدول الأوروبية في ظل وجود أنهر جافّة وقيود في بعض المناطق، وبدأ الشعور بالعواقب بالفعل في القطاع الزراعي، ممّا زاد المخاوف بشأن المحاصيل والآثار المحتملة على التضخّم المرتفع بالفعل.
وشهدت دول عدة حرّاً قياسياً، بحيث تخطّت درجة الحرارة 40 درجة في المملكة المتحدة للمرة الأولى.
ويحذر العلماء منذ سنوات من أنّ ظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة بشكل رئيسي عن استهلاك الناس للوقود الأحفوري من دون رادع، تجعل التغيّرات المناخية أكثر قسوة.
واتفق ممثلو 196 دولة أعضاء في الأمم المتحدة خلال مؤتمر في باريس في عام 2015 على العمل على ألا يتجاوز ارتفاع درجات الحرارة درجتين مئويتين، مقارنة بالوضع قبل الثورة الصناعية وفي حدود 1,5 درجة إن أمكن.
لكن هذا الاحتراز وصل بالفعل إلى 1,2 درجة مئوية، بينما تضع الالتزامات الحالية للدول في ما يتعلق بخفض الانبعاثات، العالم على مسار الاحترار "الكارثي" بمقدار 2,7 درجة مئوية، حسب ما أعلن خبراء الأمم المتحدة.
لم تضرب عواقب الاحتباس الحراري أوروبا وحدها، بل إنّ صيف عام 2022 جسّد حقيقة ظاهرة الاحتباس الحراري لمليارات البشر كما لم يحدث من قبل، في ظل فيضانات قاتلة في باكستان أو أمطار غزيرة في الولايات المتحدة، كما تعرّضت الصين لموجات الحر والجفاف.
ولكن إذا كان موضوع الاحتباس الحراري قد فرض نفسه في النقاش العام والسياسي، فإنّ أزمة الطاقة التي تهزّ العالم تثير أيضاً مخاوف من سباق جديد نحو الوقود الأحفوري، المصدر الرئيسي للاحتباس الحراري.
دراسات وتحذيرات
وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض.
وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.
وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء الفيضانات والجفاف والعواصف الشديدة وحرائق الغابات"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".
ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.