بسبب نقص الغاز.. الاقتصاد الأوروبي عرضة للدمار والإفلاس

بسبب نقص الغاز.. الاقتصاد الأوروبي عرضة للدمار والإفلاس

أزمات متلاحقة أنهكت جسد العالم، ثم جاءت الحرب الروسية-الأوكرانية فكانت القشة التي قسمت ظهر البعير، فتأثرت أوروبا بالشكل الأكبر وباتت تواجه أزمات حقيقية بسبب نقص الطاقة، ربما تؤدي إلى إفلاسها ودمار الاقتصاد.

وحذرت صحيفة "إيكونوميست" الدول الأوروبية من الإفلاس، إن لم تعالج أزمة الطاقة، لأنها ستضطر هذا العام لتخصيص نحو 1.4 تريليون يورو لتغطية فواتير الغاز والكهرباء، بواقع 7 أضعاف ما كانت عليه. 

وقفزت أسعار الوقود في أوروبا بنحو 30 بالمئة بعد ما علقت روسيا ضخ الغاز القادم عبر أنابيب "نورد ستريم1"، وإذا استمرت هذه الحالة خلال العام الجاري، فقد يصل إنفاق الاتحاد الأوروبي على الغاز والكهرباء إلى 1.4 تريليون يورو، بواقع 7 أضعاف ما كان عليه في السنوات الأخيرة، بحسب ما ذكرت الصحيفة. 

وأكدت "إيكونوميست"، أنه "يجب على الحكومات ألا تتخلى عن المنطق الاقتصادي والعقلانية، وأن استخدام التكتيك الأكثر شيوعا المتمثل بتحديد أسعار الكهرباء، كما فعلت فرنسا، سيساعد في كبح جماح التضخم عن طريق تقليل العبء على البنوك المركزية وإزالة الحاجة إلى رفع سعر الفائدة الرئيسي، لكن هذا الحل له عيوب هائلة. 

وأوضحت أن تحديد السعر لا يقلل من الطلب على الطاقة، الأمر الذي يؤدي إلى تأجيل إصلاحات مهمة، ولن يتسنى تحرير الأسعار لاحقا لأسباب سياسية، داعية إلى تعويض المشتركين عن فواتير الخدمات نقدا، وإصدار قروض حكومية للمؤسسات.

وبحسب التقرير، فإن هذه الإجراءات ستتطلب تكاليف باهظة، وستكلف الخزينة الأوروبية 450 مليار يورو، محذرة الحكومات من زيادة عبء الديون عبر قروض جديدة. 

وخلصت الصحيفة إلى أنه “إذا اتخذت الدول إجراءات خاطئة، فسيؤدي ذلك لإفلاسها، وستصبح صناعة الكهرباء الأوروبية ضربا من الماضي”، وكانت وكالة "موديز" للتصنيفات الائتمانية، قد ذكرت في وقت سابق، أنه من المُرجح أن يؤدي الانقطاع الكامل لتدفقات الغاز الروسي عبر خط "نورد ستريم" الاستراتيجي، إلى ركود شديد في منطقة اليورو ومزيد من الزيادة في التضخم المرتفع بالفعل. 

في العادة، تزود روسيا أوروبا بنحو 40% من احتياجاتها من الغاز، معظمها عبر خطوط أنابيب، وبلغت الإمدادات في العام الماضي نحو 155 مليار متر مكعب. 

وتوقع محللو بنك "غولدمان ساكس" أن تقفز أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بقوة، لتقترب من مستوياتها القياسية التي سجلتها خلال شهر أغسطس الماضي.

"جسور بوست"، ناقشت الأزمة وتبعاتها مع عدد من المتخصصين.

أمريكا ورّطت القارة العجوز

توقع الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، رشاد عبده، معاناة شديدة تضرب بالاقتصاد الأوروبي قائلًا: "إن الأوروبيين الأكثر تضررًا من جراء الحرب الروسية-الأوكرانية، بعدما انساقوا وراء الولايات المتحدة الأمريكية لينعكس الأمر على الغرب جميعًا بالوبال، كمن أطلق الرصاص على قدميه، وبهذا تكون أمريكا قد ورطت القارة العجوز دون أخذها في الاعتبار أهمية الغاز الروسي للصناعة الأوروبية خاصة مع قدوم فصل الشتاء.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، نعم هناك مشكلة لدرجة معها رصدت بريطانيا مئة مليار جنيه استرليني (نحو 117 مليار دولار) لتلافي الآثار السلبية لارتفاع أسعار الطاقة وما خلفته عليهم الحرب الروسية الأوكرانية، كي لا يعاني المواطن الذي بدأ بالفعل عمليات تكسير وتخريب لمحطات الغاز بسبب ارتفاع الأسعار".

وأوضح الخبير الاقتصادي أن معدل التضخم في بريطانيا وصل إلى 10,2%، هذا خراب وما زالت روسيا لم تغلق خط الغاز كاملًا فماذا لو فعلت، خاصة مع قدوم الشتاء، فليس أمام أوروبا في ذلك الوقت سوى شراء الطاقة بأي سعر مهما ارتفع وإلا تجمدوا من البرد، من إذن المستفيد من رفع سعر الغاز والنفط بالطبع هي أمريكا أكبر مصدر للغاز والنفط، لكن تكاليف النقل التي تجعل الأسعار تصل إلى 300% تعيقها، ولهذا تستغل أمريكا الأزمة ومن ذلك التعاقد الذي تم أمس مع ألمانيا لضمان ضخ الأولى للغاز حتى 20 سنة قادمة.

واستطرد، لقد رصدت ألمانيا 66 مليار دولار لتخفيف أثر معاناة المواطنين لارتفاع أسعار الطاقة، ولكن من أين ستأتي بها، وماذا لو لم تستطع توفير الغاز وهي تستعد لدخول الشتاء، البعض سيضطر للاقتراض مثل الدول النامية، حتما ستحدث اضطرابات اجتماعية في صورة مظاهرات واعتراضات وتخريب، وستنهار بعض الدول، ما يحدث خطير على الاقتصاد الأوروبي خاصة وأنه من المتوقع أن تغلق روسيا خط إمدادات الغاز كاملًا.

أزمة حقيقية تواجهها أوروبا

وبدوره، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر ورئيس وحدة الأبحاث العلمية بالمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، صلاح الدين فهمي: "إن نقص الطاقة سيتسبب في أزمة كبيرة للاقتصاد الأوروبي، ولذا شاهدنا مؤخرًا ضغطًا على الدول العربية لتصدير كميات إضافية من الغاز والنفط قوبل بالرفض، لإصرار الدول العربية على الحياد في المعركة الدائرة بين الغرب وروسيا، كذلك فإن المبادرة الأمريكية التركية لإعادة تصير الغاز الروسي-الأوكراني لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع، لذا أوروبا تواجه أزمة حقيقية خاصة مع اقتراب موعد الشتاء".

وأضاف أستاذ الاقتصاد، ستكون هناك بطالة وتوقف للمصانع بنسبة كبيرة في ألمانيا، خاصة لاعتمادها على الغاز الروسي الأوكراني بنسبة 90%، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه من الصعب تجنب مخاطر حتمية الحدوث، فلا حل غير فك اشتباك روسيا وأوكرانيا، وإلا سترتفع أسعار الطاقة أكثر وعليه ارتفاع أسعار السلع والمنتجات، لا بد من حل سريع وترشيد الاستهلاك كحلول قصيرة الأجل وكحلول طويلة الأجل يمكن استبدال الغاز بالطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية