على عكس الدول النامية.. أوروبا تسجل تراجعاً في المواليد وقت حظر كورونا

على عكس الدول النامية.. أوروبا تسجل تراجعاً في المواليد وقت حظر كورونا

تركت الإجراءات الحاسمة التي فرضتها أوروبا على شعوبها بسبب جائحة "كوفيد-19" آثارًا على عاداتهم بل وعددهم، حيث سجلت معدلات المواليد في أوروبا تراجعا بنسبة 14%، خلال شهر يناير عام 2021، مقارنة بالشهر نفسه، في السنوات السابقة. 

وتشير دراسة حديثة إلى أن هذا التراجع مرتبط بالإغلاق في العام الأول، لمواجهة وباء كورونا، حيث أدت فترات الإغلاق الأطول إلى تراجع أكبر في عدد النساء الحوامل. 

ووفقًا للدراسة، كان التراجع في معدلات المواليد، أكبر في الدول التي عانت فيها الأنظمة الصحية، بشكل أكبر خلال فترة الإغلاق. 

وشهدت ليتوانيا، ورومانيا، أكبر تراجع في معدلات المواليد، وصلت إلى 28 في المئة، و23 في المئة على التوالي.

أما السويد، التي لم تفرض أي نوع من الإغلاق، فلم تسجل إلا تراجعا بسيطا، حسب الدراسة التي نشرتها دورية التكاثر البشري "جورنال أوف هيومان ريبروداكشن". 

ويقول الباحثون إن ذلك ربما يؤدي إلى نتائج بعيدة الأمد، على التركيبة السكانية، خاصة في دول أوروبا الغربية، التي تشهد معدلات كبيرة من السكان كبار السن. 

وقال ليو بومار، اختصاصي الولادة في مستشفى جامعة لوزان، "كلما كان الإغلاق طويلا، كلما تراجع معدل النساء الحوامل، خلال تلك الفترة، حتى في الدول التي لم تتأثر بشدة بالوباء". 

وأضاف في تصريحات إعلامية، "نظن أن الأزواج، خافوا من المشاكل الصحية، والاجتماعية، خلال تلك الفترة، للموجة الأولى من الإغلاق، وهو ما ساهم في تراجع معدلات المواليد، خلال فترة الأشهر التسعة، لاحقا". 

وتوضح الدراسة أن إجراءات العزل الاجتماعي، والمخاوف من الأزمة الاقتصادية التي ترتبت عليها، شكلت "عاملا غير مباشر لعب دورا في قرار الأزواج، تأجيل فكرة الحمل". 

وشهدت إنجلترا وويلز تراجعا في المواليد بنسبة 13 في المئة، خلال الشهر نفسه، مقارنة بعامي، 2019، و2018، بينما تراجع معدل المواليد في اسكتلندا بنسبة 14 في المئة. 

أما فرنسا فسجلت تراجعا بنسبة 14 في المئة، بينما سجلت إسبانيا 23 في المئة، في معدلات المواليد. 

وفي مارس 2021، عادت معدلات المواليد إلى نفس المستوى الذي كانت عليه قبل الوباء، واستمر ذلك لفترة 9 إلى 10 أشهر بعد انتهاء فترات الإغلاق العام. 

ويقول باحثون، إن هذه العودة للمعدلات الطبيعية لم تعوض الخسارة التي سجلت في معدلات المواليد، قبل ذلك بشهرين.

اختلاف ثقافات

قال الاستشاري النفسي، جمال فرويز، إن المنطقية والثقافة التي يتعامل بها الأوروبيون، تختلف تمامًا عن ثقافة الدول النامية، فإذا وضعنا الإنجاب كمعيار، سنجد كما أوضح التقرير في أوروبا قد انخفضت نسبة المواليد، على عكس الدول النامية التي تؤمن بمقولة "العيل بييجي برزقه"، ولذا سنجد لديهم انفجارا في تعداد المواليد في تلك الفترة.

وتابع، كلما كانت الأسرة واعية وارتفع مستواها الثقافي والاقتصادي، كلما انخفض عدد الأولاد والعكس صحيح، العلاقة عكسية، ولذا نجد تكدسات في المدارس الحكومية، وللأسف ليس هناك إجراء حاسم للردع، وإذا اعتمدنا على وعي الجماهير فقط نضع البلاد في خطر.

وأضاف، في أوروبا "بيحسبوها بالورقة والقلم"، لا يفعلون إلا ما يحتاجون إليه وكل شيء لديهم محسوم، على عكس العرب، لا بد من حلول قوية تضعها الدول بحيث تدعم الدولة طفلين لكل أسرة، وما فوق ذلك ترفع يدها كعلاج وتعليم.

أمر منطقي 

وفي السياق، قالت أخصائية علم النفس الإكلينكي، آية حسين، إن ذلك يرجع لأمرين، العوامل النفسية التي تسببت فيها جائحة كورونا، وزيادة الوعي لدى الشعوب المتقدمة، لقد مرت بريطانيا على سبيل المثال بصدمة كبيرة، أحياء كاملة تدمرت وأخرى يسودها الخوف، لقد كانت لديهم ثقافة الأخذ بالاحتياط وعليه يتم تأجيل الإنجاب، إنهم يفكرون بعقلانية يوائمون ظروفهم وفقًا للمقتضيات.

وتابعت في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، يفكر الأوروبي بشكل مختلف رهن المعايير الاقتصادية والاجتماعية، فكيف له إنجاب طفل يمثل زيادة في التكاليف والعبء على الأسرة، هذا بالإضافة إلى أن المواليد لا تأتي فقط من الزيجات ولكن من العلاقات أيضًا، فإذا كانت هناك مدن كاملة أغلقت فسيكون من الصعوبة بمكان التقاء الأحبة.

وتابعت، لديهم سياسات تقشفية، ففي حالة وجود كارثة يقللون استخدامهم كنوع من المواجهة، فمن المنطقي انخفاض عدد المواليد لديهم في ذلك الوقت، إنهم يضعون الخطط لكل ما يقومون به، وإنجاب طفل لديهم حدث، على عكس المجتمعات العربية.

وعن أضرار ذلك أردفت، هناك دول تعاني نقصا في الثروة البشرية مثل سويسرا، فعندما حدث بها إغلاق لم يكن هناك أطباء، حيث تجلب إليها الأطباء من فرنسا ودول أخرى ولقد احتفظت جميع الدول بأطبائها، لقد كانت هناك ندرة في الأطباء مما تسبب في مشكلة، فحينما تنخفض المواليد تقل القوى البشرية للدولة، وستضطر لفتح باب الهجرة على مصراعيه.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية