شباب أفارقة في "كوب 27" يعيدون تدوير المشاكل إلى حلول
شباب أفارقة في "كوب 27" يعيدون تدوير المشاكل إلى حلول
نشأ "كالفن شيكوكو" في إحدى مدن الصفيح في ضاحية العاصمة الكينية، وسط أكوام القمامة والبطالة المتفشية والطاقة باهظة التكلفة، ما دفعه للتفكير في إيجاد حلول لمجتمعه من رحم هذه المعاناة.
قرر شيكوكو، البالغ 24 عاما، المساهمة في تلبية احتياجات مجتمعه في نيروبي عبر توفير طاقة متجددة رخيصة الثمن من خلال مؤسسته الاجتماعية "موتوبريكس"، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
ويقوم فريق المؤسسة بإنتاج بديل نظيف للفحم من خلال العمل "مع الشباب وجامعي القمامة غير الرسمين على جمع النفايات العضوية واستخدامها في صنع قوالب قابلة للاشتعال".
وقال على هامش مؤتمر الأطراف حول المناخ “كوب 27”، المنعقد في مصر: "حتى لا ينتهي الأمر بها إلى تلويث البيئة والأنهار وما يعقب ذلك من تفشٍ للأمراض، وجدنا أنه يمكننا استخدام أكثر من 30% من النفايات في مجتمعنا".
وبينما يناقش المفاوضون الدوليون إجراءات للجم التغير المناخي وراء أبواب مغلقة، حرص ناشطون ورواد الأعمال ومهندسون من الشباب الإفريقي على عرض التجارب التي حققوها في مجتمعاتهم المحلية بغية الوصول إلى حلول سريعة وملموسة.
على ضوء الشموع
يتذكر مهندس الكهرباء ألوين تاناكا مانيونغا البالغ 24 عاما، أنه كان يدرس من أجل أداء "اختبارات نهاية العام للمرحلة الابتدائية على ضوء الشموع" في عام 2010 في هراري عاصمة زيمبابوي التي تعاني من "إمدادات طاقة غير موثوقة".
وبعد 9 سنوات على ذلك، أدى الجفاف الشديد إلى انخفاض منسوب المياه في بحيرة كاريبا، مصدر الطاقة الأكبر في البلاد، ما دفع بزيمبابوي إلى أسوأ أزمة طاقة منذ استقلالها عام 1980.
رفض مانيونغا الاستسلام وسعى لمعالجة أزمة الطاقة بالعمل على اختراع "مصباح تشيغوبو" المحمول وخفيف الوزن الذي يعمل بالطاقة الشمسية ومصنوع من النفايات الإلكترونية والبلاستيكية المعاد تدويرها.
وفي حين يعاني أكثر من نصف البلاد من غياب مصدر موثوق للكهرباء، واصل مانيونغا وفريقه -زامبيزي آرك تكنولوجيز- تطوير نظام إنارة يعمل بالطاقة الشمسية خارج الشبكة لتزويد المدارس والمنازل بالطاقة.
وفي جناح الشباب بمؤتمر الأطراف حول المناخ المنعقد بمنتجع شرم الشيخ السياحي، تم تكريم الفريق الذي حضر الحدث عبر الفيديو.
شعور بالإهمال
ويعد كوب 27 المنعقد في القارة الإفريقية للمرة الأولى، أول نسخة من مؤتمر الأطراف حول المناخ تخصص جناحا للأطفال والشباب وتشركهم بالمفاوضات، إلا أن المقاولين الشباب رأوا أن ذلك ليس كافيا.
وتقول فيكي أريدي التي تعمل مع منظمة "جينيريشن أنليميتد" التابعة لمنظمة يونيسف الأممية لتوفير فرص للشباب: "صوت الشباب ليس له تأثير فعلي على المفاوضات" مع أنهم يطرحون "مقاربات محلية" لأنهم يعملون "على مستوى القاعدة الشعبية التي تتحمل وطأة تغير المناخ".
وقال شيكوكو: "لا أرى أن الشباب الذين لديهم مشاريع عملية يؤخذون على محمل الجد، ربما لأن الناس يعتبرون أننا لا نملك الخبرة الكافية، لكننا على جبهة قضية تغير المناخ، ونقدم حلولًا عملية".
في شرق غانا تنسق جويس نيام مشروع دوابا التجريبي للتشجير، حيث يتدرب الشباب على زراعة الأشجار ثم مراقبة نموها، باستخدام طائرات من دون طيار وأساليب علمية لجمع بيانات الغابات والعمل عليها.
وقالت نيام: "لكي تنجح الحلول المعتمدة على الطبيعة، يجب أن تأتي من معرفة السكان الأصليين".
وأضافت: "نحن قادرون على تضخيم أصوات هؤلاء الشباب من خلال استخدام تكنولوجيا الطبيعة وترجمة هذه المعرفة إلى بيانات يمكن لواضعي السياسات فهمها".
ووفقًا لإحصاءات البنك الدولي، فإن قطع أشجار الغابات مسؤول عن حوالي خمس الغازات المسببة للاحترار العالمي بالغلاف الجوي.
الأعراض والمرض
وتستغرب وطن محمد، طالبة كلية الطب السودانية البالغة 22 عاما، والتي تعمل كناشطة مناخ، عدم اعتبار تغير المناخ مسألة سياسية، لافتة أنها قررت أن توصل صوت بلدها خامس البلدان الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ في العالم، بحسب جامعة نوتردام في الولايات المتحدة.
وقد اختبرت تأثير تبدل المناخ شخصيا، وتقول: "لقد أصبت بالملاريا 3 مرات هذا العام".
فبسبب غياب البنى التحتية المناسبة يكثر البعوض في المياه الراكدة، وبين مطلع العام الحالي وأكتوبر، شخصت إصابة أكثر من 1,7 مليون شخص بالملاريا وفقًا لوزارة الصحة السودانية.
وترى وطن محمد والتي عملت على بيان الشباب العالمي المقدم إلى رئاسة كوب 27 كجزء من دائرة الشباب الرسمية في عملية التفاوض، أنه يجب أن يكون الشباب في طرفي المعركة.
وبينما يطور المبتكرون الشباب حلولاً تقنية على الأرض، يتواجد المفاوضون من أمثال محمد في القاعات لحث القادة على بذل المزيد من الجهد.
وتقول: "كأطباء، نهدف إلى معالجة المشكلة من جذورها وليس مجرد الأعراض.. ولهذا السبب نحتاج إلى أن ندعم حلولا صديقة للمناخ".