زعيم المعارضة الماليزية.. من السجن إلى رئاسة الحكومة

زعيم المعارضة الماليزية.. من السجن إلى رئاسة الحكومة
أنور إبراهيم رئيس وزراء ماليزيا الجديد

تحول ملحوظ لسياسي في غضون 25 عاما، من وريث لمهاتير محمد إلى سجين عدة مرات، ثم شخصية معارضة بارزة يخشاها المسؤولون، ليكون التحول الأخير رئاسة الوزراء.

مع بداية نسمات صباح اليوم الخميس استيقظ العالم على خبر تعيين العاهل الماليزي الملك عبدالله رياض الدين المصطفى بالله شاه، زعيم المعارضة أنور إبراهيم رئيسا للوزراء، لينهي تعيينه رحلة سياسية طويلة استمرت ثلاثة عقود، من ربيب الزعيم المخضرم مهاتير محمد، إلى زعيم الاحتجاج، ثم إلى احتجازه خلف أسوار السجون، إلى زعيم المعارضة، وأخيرا رئيساً للوزراء. 

تاريخ من النضال

تاريخ حافل وسيرة ذاتية عامرة، تبدأ من ميلاد أنور في "10 أغسطس 1947"، وهو سياسي ماليزي ونائب رئيس وزراء سابق، لمع نجمه مطلع التسعينيات كواحد من أبرز القادة السياسيين في ماليزيا.

وصنع أنور اسمه كناشط طلابي في مجموعات شبابية مسلمة مختلفة في كوالالمبور في أواخر الستينيات، حيث كانت البلاد تترنح من التمرد الشيوعي الذي طال أمده في حالة طوارئ الملايو. 

واعتقل أنور عام 1974 في احتجاجات طلابية ضد الفقر في الريف، وحكم عليه بالسجن لمدة 20 شهرا، ثم انضم إلى المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة (UMNO) بقيادة مهاتير حينئذ.

شغل منصب نائب رئيس وزراء ماليزيا ووزير المالية في عهد رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد، وكان متوقعًا له أن يخلف مهاتير في قيادة التحالف الوطني الحاكم لولا الخلاف الذي وقع بين الرجلين في عام 1998.

في عام 1998 أقيل أنور من جميع مناصبه السياسية واقتيد إلى السجن عقب اتهامه بتهم عدة من بينها تهمة "الفساد المالي والإداري" وتهمة "اللواط"، كما حكم عليه القاضي بستة سنوات سجناً في سبتمبر 1999 بتهم الفساد، لينقض الحكم في 2004.

وقد شككت الكثير من المؤسسات والحكومات في نزاهة المحاكمة، ولكن ذلك لم يمنع الحكومة الماليزية آنذاك من المضي في تنفيذ الحكم. 

ماليزيا: المعارض الإصلاحي أنور ابراهيم رئيسًا للوزراء

عودة أنور

على الرغم من إمضاء أنور لمحكوميته وخروجه من السجن عام 2004، إلا أن طموحاته السياسية لم تتوقف، فبعد أشهر من العلاج في ألمانيا عاد لينضم إلى صفوف المعارضة الماليزية عبر حزبه الجديد "عدالة الشعب". 

في 8 مارس 2008 فاز حزب أنور إبراهيم بـ31 مقعدا من أصل 222 مقعدا في البرلمان الماليزي.

ولم يستطع أنور خوض الانتخابات بسبب الحظر الذي فرض عليه والذي انتهى يوم 15 إبريل 2008 في احتفالية حضرها عشرات الآلاف من أنصاره، لكنه صار زعيما للمعارضة الماليزية داخل البرلمان. 

في ديسمبر 2009 رفضت المحكمة العليا الماليزية الاستئناف الذي تقدم به إبراهيم بغرض إسقاط تهم اللواط الموجهة ضده للمرة الثانية، لتقضي بالمضي في المحاكمة مجددا. 

في فبراير 2010 بدأت محاكمة جديدة له بتهمة اللواط مجددا حيث وصف المحاكمة "بالمؤامرة"، مضيفاً بأنها "ذات دوافع سياسية" وأنها مؤامرة دبرها فاسدون. 

ووجه اتهاما لرئيس الوزراء الماليزي نجيب تون عبدالرزاق وزوجته روسماه بأنهما ضالعان في المؤامرة كونهما حسب قوله قابلا مساعده السابق محمد سيف البخاري ازلان قبل توجيه التهمة. 

ماليزيا: المحكمة العليا تصادق على حكم يدين المعارض أنور إبراهيم بالمثلية  الجنسية وسط تنديد الحقوقيين - CNN Arabic

ويذكر عدد من المحللين السياسيين أن المحاكمة الأخيرة هدفها توجيه الأنظار بعيداً عن الأزمة الطائفية في البلاد وكذلك الضعف في الاقتصاد الماليزي. 

وحُكم عليه بالبراءة للمرة الثانية، ليتم الإفراج عن أنور إبراهيم يوم الأربعاء الموافق 16-5-2018.

رفض ثم انتصار

تم رفض أنور البالغ من العمر 75 عاما مرارا وتكرارا لمنصب رئيس الوزراء، على الرغم من أنه كان على مقربة شديدة على مر السنين. 

كان الماليزيون قد وجهوا لانتخابات مبكرة في 19 نوفمبر 2022، أملا في إنهاء حالة عدم اليقين السياسي، في ظل عدم حصول أي حزب أو تحالف على أغلبية في البرلمان. 

لكن النتائج لم تفلح في إحداث تغيير، ليظل الوضع المتعثر كما هو، حيث لم ينجح أي من التحالفات المتنافسة في الحصول على الأغلبية المطلوبة (112 مقعدا من 222) لتشكيل الحكومة المقبلة. 

نتائج مفاجئة 

مع هذا قلبت نتائج الانتخابات موازين القوى، حيث تراجع تحالف "العقد الوطني" (بيركاتان ناسيونال) الذي يقوده رئيس الوزراء السابق محيي الدين ياسين ليحتل المرتبة الثانية بدلا من تعزيز أغلبيته السابقة وحصل على 73 مقعدا. 

رغم أن هذا التحالف ضم داخله الحزب الإسلامي المتأثر بأفكار جماعة الإخوان المسلمين، والذي حقق تقدما كبيرا بالانتخابات، وضاعف عدد مقاعده بالبرلمان لتصل إلى 49 مقعدا. 

وجاء التطور الأبرز بفوز "تحالف الأمل" (بكاتان هارابان) برئاسة زعيم المعارضة منذ فترة طويلة أنور إبراهيم ذي التوجه الإسلامي بـ82 مقعدا برلمانيا، ليحتل المركز الأول. 

موجة إسلامية خضراء

في ظل فوز تحالف أنور إبراهيم ذي التوجه الإسلامي بـ82 مقعدا، وحصول الحزب الإسلامي على 44 مقعدا لأول مرة، رغم أنهما ينافسان بعضهما البعض، أشارت صحف آسيوية لما أسمته "موجة إسلامية خضراء" قادمة في ماليزيا. 

ورصدت تقارير صحفية ما نشرته صحيفة "ساوث شاينا مورنينج بوست" في 19 نوفمبر: "تقدم الحزب الإسلامي وأنور إبراهيم في انتخابات ماليزيا 2022 مؤشر على تقدم الموجة الخضراء للإسلاميين". 

زعيم المعارضة أنور إبراهيم رئيسا للحكومة في ماليزيا | أخبار | اخبار 360 |  2022

من جانبها أكدت صحيفة "هيل ديلي فيد ميل" في 19 نوفمبر أن "الحزب الإسلامي الماليزي يقود الموجة الخضراء". 

ووصفت صحيفة "ستريتس تايمز" فوز الإسلاميين في 20 نوفمبر بأنه "تسونامي أخضر أطاح بالحزب الحاكم سابقا "أمنو" جانبا". 

وقالت إن الحزب الإسلامي الماليزي قدم صوتا إسلاميا قويا، استحوذ على أصوات الملايو المسلمين التي كانت ستذهب إلى "أمنو". 

وعدَّت ذلك إشارة إلى أن الملايو "الأغلبية المسلمة" رفضوا حزب الملايو الحاكم "أمنو" لأنه ملوث بالفساد، كما رفضوا أيضا التصويت بكثافة لحزب أنور إبراهيم باكاتان هارابان "متعدد الأعراق"، وفضلوا اللجوء إلى بديل كان يتمحور إلى حد كبير حول العرق والدين هو "بريكاتان"، ويعد الحزب الإسلامي جزءا من هذا التحالف. 

وماليزيا دولة ذات أغلبية مسلمة وهي موطن لثلاث مجموعات عرقية رئيسية: الملايو والصينية والهندية. 

ويشكل الملايو 60% من سكان البلاد البالغ عددهم 32 مليون نسمة، بينما يشكل الصينيون نحو الربع، ويمثل الهنود العرقيون نحو 6.5%.  

وتتعايش هذه المجتمعات في سلام وتناغم نسبي، رغم اندلاع توترات عرقية وثقافية ودينية أحيانا. 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية