بين العنف المؤسسي والإفلات من العقاب.. غضب في إيران من تجاوزات الشرطة

بين العنف المؤسسي والإفلات من العقاب.. غضب في إيران من تجاوزات الشرطة

من يحاسب الجلاد؟.. الإفلات من العقاب في أروقة الأمن الإيراني

منظمة حقوقية: السلطات الإيرانية نادراً ما تفتح تحقيقات شفافة ما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب

حقوقي: استخدام القوة المفرطة في إيران أزمة حقوقية تعصف بالعدالة

أكاديمي: عنف الشرطة في إيران يهدد التماسك الاجتماعي وله آثار نفسية واقتصادية خطيرة

 

في حادثة مروعة تعكس عمق الأزمة الحقوقية المتفاقمة في إيران، لقي الشاب محمد مير موسوي، البالغ من العمر 36 عامًا، مصرعه جراء التعذيب أثناء احتجازه لدى شرطة لانغرود. 

هذه المأساة ليست حادثة فردية، بل تأتي في سياق سلسلة متواصلة من الانتهاكات الممنهجة التي تستهدف المواطنين الإيرانيين، لتسلط الضوء على حجم العنف الذي تمارسه الأجهزة الأمنية، وفي مقدمتها الشرطة، فالأجهزة التي من المفترض أن تكون حامية للحقوق وحافظة للأمن، تتحول في كثير من الأحيان إلى أدوات للقمع والإيذاء، ما يعكس فشلاً عميقاً في حماية كرامة الإنسان وسيادة القانون.

وفقًا لتقارير محلية، اعترفت الشرطة الإيرانية بأن موسوي توفي نتيجة لتعذيب جسدي مبرح، وفي بيان أصدرته الشرطة، أُعلن أنه "لم يتمكن الضباط من السيطرة على غضبهم أثناء الاشتباك معه".. هذه الكلمات، تعكس مشكلة أكبر بكثير تتمثل في الانتهاكات المنهجية التي يرتكبها رجال الشرطة. فالاعتراف بوقوع الحادثة ليس بالضرورة دليلاً على رغبة السلطات في التحقيق الجاد أو السعي للعدالة، بل هو في كثير من الأحيان محاولة للتخفيف من وطأة الغضب الشعبي والدولي المتزايد.

وتحتل إيران مراتب متدنية في التصنيفات العالمية المتعلقة بحالة حقوق الإنسان، وفقًا لتقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" لعام 2023، تصنف إيران ضمن الدول الأكثر قمعًا لحقوق الإنسان، حيث تُسجل مئات الحالات من الاعتقالات التعسفية، والمحاكمات الجائرة، والتعذيب داخل مراكز الاحتجاز. 

وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن ما لا يقل عن 300 حالة وفاة وقعت في السجون الإيرانية خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب التعذيب وسوء المعاملة، وهذه الإحصائيات تعكس حجم التحديات التي تواجه النظام القضائي والأمني في البلاد، وتشير إلى انتشار ثقافة الإفلات من العقاب داخل المؤسسات الأمنية.

وفي حالة محمد موسوي، لم يكن الحادث وليد اللحظة، بل يعكس بنية هيكلية للعنف، ووفقًا لتقارير الشرطة، وقع الاعتقال خلال نزاع محلي في قرية سيد محلة، وهي منطقة ريفية شمالي إيران. وتم نقل الشاب محمد موسوي إلى مركز شرطة لانغرود وبعد اعتقاله من قبل القوات الخاصة تعرض داخل المركز للضرب المبرح الذي أدى إلى وفاته، في الوقت ذاته، لم يُقدم أي تبرير واضح من السلطات حول سبب استخدام هذا العنف المفرط، بل إن البيان الرسمي اكتفى بالإشارة إلى أن "الإثارة الناتجة عن الاحتكاك بينه وبين رجال الشرطة" كانت أحد الأسباب.

وأكدت الشرطة أنها قامت باعتقال عدد من ضباطها على خلفية الحادثة، كما تم عزل مسؤول أمني كبير في المدينة ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات تظل في كثير من الأحيان شكلية، ولا تصل إلى مستوى المحاسبة الحقيقية، تجربة العقوبات التي تُفرض على رجال الشرطة في مثل هذه الحوادث تُظهر أن معظم العقوبات تكون إدارية وتأديبية، ولا تصل إلى حد المحاكمات الجنائية الفعالة.

في حالة موسوي، رغم الإعلان عن اعتقال بعض الضباط، فإنه لم تُعلن أسماء المتورطين، ولم تُكشف هوياتهم أو رتبهم العسكرية، ما يثير الشكوك حول جدية هذه الإجراءات.

ولا يزال المشهد الحقوقي في إيران معقدًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بعنف الشرطة، تشير التقارير إلى أن الحوادث المماثلة لحادثة موسوي تتكرر بشكل منتظم في مختلف أنحاء البلاد. 

في عام 2022، شهدت إيران احتجاجات واسعة النطاق على خلفية مقتل الفتاة مهسا أميني، وهي فتاة كردية تعرضت للضرب حتى الموت أثناء احتجازها من قبل شرطة الأخلاق الإيرانية، هذه الاحتجاجات، التي اجتاحت معظم المدن الإيرانية، كشفت عن الهوة العميقة بين الشعب والسلطات، وعن الاستياء المتزايد من ممارسات القمع والعنف الذي يتعرض له المواطنون، وخاصة النساء والأقليات العرقية والدينية.

من الناحية القانونية، تخضع إيران لضغوط دولية متزايدة بسبب سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، إيران طرف في العديد من المعاهدات الدولية التي تُلزمها بحماية حقوق الأفراد، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي صادقت عليها في عام 1988.

ورغم هذه الالتزامات، فإن ممارسات التعذيب لا تزال متفشية في مراكز الاحتجاز الإيرانية، دون وجود آلية رقابة فعالة لضمان الامتثال لهذه الاتفاقيات، وأفادت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي لعام 2023 بأن السلطات الإيرانية نادرًا ما تفتح تحقيقات شفافة في حالات التعذيب أو سوء المعاملة، ما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب.

أحد أبرز الأمثلة على الفجوة الكبيرة بين التصريحات الرسمية والواقع العملي هو تعامل السلطات مع هذه القضايا على مستوى القضاء، في حين أن النظام القضائي الإيراني ينص في مواده على محاسبة المتورطين في التعذيب أو القتل غير المبرر، إلا أن الإجراءات الفعلية عادة ما تكون بطيئة وغير شفافة. في العديد من الحالات السابقة، يتم التعتيم على نتائج التحقيقات، ولا يتم محاسبة الضباط المتورطين بشكل كافٍ. هذا الوضع يدفع المنظمات الحقوقية إلى التشكيك في نوايا الحكومة الإيرانية ومدى التزامها بتحقيق العدالة.

ومع استمرار تدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد، يبرز دور المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية كعامل رئيسي للضغط على النظام الإيراني. 

منظمة "هنغاو" لحقوق الإنسان، التي تُعنى بقضايا الأقليات العرقية والدينية في إيران، كشفت أن عائلة محمد موسوي تعرضت لضغوط من قبل الأجهزة الأمنية لعدم التحدث علنًا عن الجريمة، هذا النوع من التهديدات يُعتبر ممارسة شائعة من قبل السلطات الإيرانية لتكميم الأفواه ومنع الأسر المتضررة من المطالبة بحقوقها.

وتشير الأرقام إلى أن حوادث العنف المفرط التي تمارسها الشرطة الإيرانية تتزايد بشكل ملحوظ في الأقاليم الريفية والنائية، حيث تعاني تلك المناطق من نقص في التغطية الإعلامية والرقابة الحقوقية. 

وفقًا لتقرير حقوقي صادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"، تُعد إيران واحدة من أخطر البلدان في العالم على الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، حيث تُفرض قيود مشددة على التغطية الإعلامية المستقلة، ويتم استهداف الصحفيين الذين يغطون مثل هذه الحوادث بالاعتقالات أو التهديدات.

ووفقًا لحقوقيين، فإن حادثة مقتل محمد مير موسوي تحت التعذيب ليست مجرد حادثة فردية، بل هي جزء من نمط طويل من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران، ولا تزال السلطات الإيرانية، رغم اعترافها الرسمي بالحادثة، تواجه تساؤلات حقيقية حول مدى التزامها بمحاسبة المتورطين بشكل فعلي وشفاف، المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية يجب أن يستمروا في ممارسة الضغط على النظام الإيراني لضمان التحقيق العادل في مثل هذه الحوادث، ومنع تكرارها في المستقبل، وإلى أن يتحقق ذلك، سيبقى القمع والعنف سمة من سمات الحياة اليومية في إيران، حيث يبقى المواطنون في مواجهة مع آلة الدولة القمعية.

ومنذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979، تم تسييس جهاز الشرطة بشكل كامل وأصبح أداة في يد النظام لقمع أي حركة معارضة، ومع مرور الزمن، تعززت ثقافة الإفلات من العقاب داخل جهاز الشرطة، حيث يتمتع أفرادها بحصانة شبه مطلقة من المساءلة القانونية، وقد أدى ذلك إلى زيادة الانتهاكات، مع عدم وجود أي رادع حقيقي يوقف تصاعد العنف.

وتشير البيانات إلى أن هذه الممارسات العنيفة لم تؤد فقط إلى خسائر بشرية كبيرة، بل خلفت آثاراً نفسية واجتماعية عميقة في المجتمع الإيراني، العنف الممنهج الذي تمارسه الشرطة الإيرانية يعكس أزمة أعمق تتعلق بفشل النظام في حماية حقوق الإنسان واحترام سيادة القانون، وهو ما أدى إلى تدهور الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية، وتصاعد الاحتقان الاجتماعي والسياسي في البلاد.

تاريخ طويل من العنف الممنهج للشرطة الإيرانية

تعد الشرطة الإيرانية واحدة من أكثر الأجهزة الأمنية إثارة للجدل في المنطقة، حيث تورطت على مدى عقود في ممارسات عنيفة وانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان. 

في السنوات الأخيرة، تصاعدت حوادث العنف ضد المواطنين الإيرانيين بشكل كبير، مع تواتر التقارير عن تعذيب واعتداءات جسدية داخل مراكز الاحتجاز.

في عام 2022، شهدت الاحتجاجات التي اجتاحت إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق موجة من العنف القاسي، اعتُقلت أميني التي كانت تبلغ من العمر 22 عامًا، بسبب "عدم ارتدائها الحجاب بالشكل الصحيح"، ووفقًا للتقارير الطبية وشهادات الشهود، تعرضت للضرب المبرح أثناء احتجازها، ما أدى إلى وفاتها. 

وأشعلت هذه الحادثة مظاهرات واسعة النطاق في مختلف المدن الإيرانية، حيث واجهت الشرطة المحتجين بعنف شديد، أدى إلى مقتل المئات واعتقال الآلاف. 

وفقًا لمنظمات حقوق الإنسان، قُتل في هذه الاحتجاجات ما لا يقل عن 500 شخص، بينهم نساء وأطفال، بينما تم اعتقال حوالي 20,000 شخص، تعرض العديد منهم للتعذيب أثناء احتجازهم.

في عام 2019، شهدت إيران احتجاجات شعبية على خلفية ارتفاع أسعار الوقود، والتي قابلتها الشرطة بعنف غير مسبوق في تلك الأحداث، قتل أكثر من 1,500 مواطن خلال بضعة أيام فقط، حسب ما أفادت به مصادر دولية، وهو رقم ضخم يعكس وحشية الرد الأمني. الصور والشهادات التي خرجت من إيران في تلك الفترة أظهرت أفراد الشرطة وهم يطلقون النار مباشرة على المتظاهرين، بمن فيهم نساء وشباب أعزل.

في 2009، خلال احتجاجات "الحركة الخضراء" التي اندلعت بعد الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها، استخدمت الشرطة الإيرانية وقوات الباسيج الموالية للنظام أساليب عنيفة لتفريق الاحتجاجات، ما أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص واعتقال الآلاف. 

وتشير التقارير الحقوقية إلى تعرض العديد من المحتجزين للتعذيب في سجن كهريزاك سيئ السمعة، والذي أصبح رمزاً للقمع في إيران. في تلك الفترة، اعترفت السلطات الإيرانية ببعض الانتهاكات التي وقعت في كهريزاك، وأغلقت السجن بشكل مؤقت، لكن الجناة الرئيسيين لم يُحاسبوا على أفعالهم.

في عام 1999، كانت إيران شاهدة على أحداث دامية أخرى عندما خرج الطلاب في احتجاجات تطالب بالإصلاحات السياسية والحريات المدنية، قوبلت هذه المظاهرات برد عنيف من قوات الشرطة وقوات الأمن، التي اقتحمت عنابر الطلاب في جامعة طهران ليلاً، ما أدى إلى مقتل عدد من الطلاب وإصابة المئات، هذه الأحداث كانت من أوائل الدلائل العلنية على استخدام العنف المفرط من قبل الشرطة ضد الشعب الإيراني، وأثارت غضباً داخلياً ودولياً واسعاً.

في العقود التي سبقت هذه الأحداث، لم تكن الشرطة الإيرانية بعيدة عن ممارسة العنف. في الثمانينيات، خلال الحرب الإيرانية-العراقية وبعدها، استخدمت الشرطة وأجهزة الأمن أساليب قمعية لتثبيت قبضة النظام الجديد بعد الثورة الإسلامية، تم استخدام الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والإعدام كأدوات رئيسية للسيطرة على المعارضين السياسيين والأقليات العرقية والدينية.

انتهاك للحقوق وتجاهل للعدالة

وعلق رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبدالكبير بقوله، إن العنف الذي تمارسه الشرطة الإيرانية يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان ويعكس أزمة عميقة في نظام العدالة الإيراني، من خلال استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين والمحتجزين، وتتجاهل السلطات الإيرانية بشكل متعمد المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة القاسية أو المهينة، وتكرار حوادث وفاة المحتجزين بسبب التعذيب وسوء المعاملة داخل مراكز الشرطة هو دليل على هذا النهج الوحشي المتفشي، الذي لا يعكس فقط الانفلات في صفوف الشرطة، بل هو جزء من استراتيجية واسعة لقمع المعارضة والانتقادات في البلاد.

وأكد “عبدالكبير”، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، أن ما يزيد من خطورة الوضع هو أن هذه الانتهاكات تحدث في ظل غياب أي محاسبة حقيقية، ونادرًا ما يتم تقديم المسؤولين عن التعذيب أو القتل غير القانوني إلى العدالة، وحتى عندما يحدث ذلك، تكون الإجراءات القانونية متأخرة وغير شفافة، الاعتقالات التعسفية، والإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين، وغياب التحقيقات الجادة في انتهاكات حقوق الإنسان، كلها تشير إلى وجود ثقافة من الإفلات من العقاب في الأجهزة الأمنية الإيرانية، وهذا الأمر يقوض ثقة المواطنين في نظام العدالة ويعمق من شعور الخوف والاضطهاد.

وعلى المستوى الحقوقي أكد خبير حقوق الإنسان، أن هذه الانتهاكات تعتبر خرقًا واضحًا للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها إيران، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يحظر التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية عليها مسؤولية مضاعفة في تسليط الضوء على هذه الانتهاكات والدعوة إلى الإصلاحات اللازمة، ويجب تكثيف الضغوط على الحكومة الإيرانية لتعديل التشريعات المتعلقة بإنفاذ القانون وضمان تدريب أفراد الشرطة على معايير حقوق الإنسان، مع إنشاء آليات رقابية مستقلة قادرة على التحقيق بشكل فعال في حوادث العنف وسوء المعاملة.

وأتم، من الضروري أيضًا دعم ضحايا هذه الانتهاكات وتوفير الحماية اللازمة لهم ولعائلاتهم من أي انتقام قد يتعرضون له. حقوق الإنسان ليست مجرد نصوص في دساتير أو معاهدات، بل هي حقوق ثابتة يجب أن تكون محمية، ولا يمكن للمجتمع أن يقف صامتًا في وجه هذا النوع من التجاوزات.

قلق وانقسام

وبدوره، قال أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية في مصر الدكتور فتحي قناوي، إن عنف الشرطة في إيران يعتبر قضية ذات أبعاد اجتماعية ونفسية عميقة تؤثر بشكل جذري على المجتمع الإيراني، وهذه الظاهرة تُنتج آثاراً نفسية واجتماعية تمتد من الأفراد المتضررين إلى المجتمع ككل، ما يخلق حالة من الخوف وعدم الثقة بين المواطنين والسلطات، والأفراد الذين يتعرضون للعنف من قبل الشرطة يعانون من آثار نفسية خطيرة تشمل الصدمة، والقلق، والاكتئاب.

وتابع “قناوي”، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، هذا العنف يزعزع شعور الأمان الأساسي، ما يدفع البعض إلى الانعزال أو التفكير في الهجرة بحثًا عن بيئة أكثر أمانًا، تكرار هذه الحالات يزيد من مشاعر القلق ويؤثر سلبًا على الصحة النفسية، ما يخلق حلقة مفرغة من الخوف والإجهاد، وعلى نطاق أوسع، يعزز عنف الشرطة من حالة فقدان الثقة بين المواطنين والسلطات، وهو ما يعرقل أي جهود للتنمية الاجتماعية أو الإصلاح، فعندما تتعرض الشرطة، وهي الجهة المسؤولة عن الحفاظ على الأمن، لانتقادات متكررة بسبب تصرفاتها القمعية، يصبح التعاون بين المواطنين والحكومة أمرًا صعبًا، هذا الانقسام يعمق الفجوة بين الشعب والنظام، ما يعيق التقدم ويزيد من حالة التوتر الاجتماعي.

وأوضح أنه من الناحية الاجتماعية، فإن العنف يعزز من ثقافة الخوف والامتثال السلبي. فالناس، خوفًا من الانتقام، يتجنبون الاحتجاج أو المطالبة بحقوقهم، ما يعيق المشاركة الفعالة في الحياة العامة، وهذه الثقافة تعزز الركود الاجتماعي والسياسي، حيث تصبح المشاركة في القضايا العامة مسألة محفوفة بالمخاطر، علاوة على ذلك، تؤدي حالات العنف المتكررة إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية، مثل الفقر والبطالة، الأسر التي تعاني من فقدان أحد أفرادها أو تعرضه للعنف تعاني اقتصاديًا، ما يؤدي إلى تفشي البطالة والفقر، ويزيد من أزمات المجتمع المحلية.

واختتم الدكتور فتحي قناوي قائلا إن عنف الشرطة في إيران يتجاوز الأضرار الجسدية ليترك آثارًا اجتماعية ونفسية عميقة، تؤثر على كل من النسيج الاجتماعي والنفسي للمجتمع الإيراني، ما يستدعي معالجة شاملة لضمان الأمن والعدالة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية