مدينة الإمارات الإنسانية.. تجربة أكثر كرامة عن نماذج الغرب
مدينة الإمارات الإنسانية.. تجربة أكثر كرامة عن نماذج الغرب
الاستثمارات المبكرة التي أجرتها أبو ظبي في مجال الاستجابة للشؤون الإنسانية مهدت الطريق نحو ريادة دولة الإمارات في مجال حقوق الإنسان، وخلقت نموذجا للعمليات متعددة الأطراف في هذا الشأن للمستقبل.
بهذه الكلمات افتتح فيليب إلياسون تقريره لموقع Fair Observer حول ريادة دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية، والذي كان عنوانه: “نهج الإمارات في المساعدات الإنسانية”.
وكل ما يلي كان ضمن القراءة المطولة في مساعدات الإمارات الإنسانية حول العالم.
المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دولة الإمارات والموجودة في أبو ظبي انتقلت من مهمتها التأسيسية بتوجيه مساعدات إنسانية بعد الكوارث للمتضررين، لمساعدة الأشخاص الذين تم إجلائهم خلال فترة الوباء العالمي، والآن تقدم المدينة دورا هاما كنقطة نقل للاجئين الأفغان الذين هربوا من سيطرة طالبان على أفغانستان.
وفي بيئة تتغير بشكل سريع، حيث تقل مقدرة المتبرعين الدوليين لتمويل طلبات المنظمات الإنسانية، اتخذت الإمارات العربية المتحدة منهجا فريدا.
دولة الإمارات لديها طريقة تصاغ بشكل الدعم اللوجيستي للكيانات الكبرى أو عمليات الدعم اللوجستي العسكري، لتعطي لمحة لتوجه مستقبلي من قدرات تقديم المساعدات الإنسانية الخاصة.
محور الإمارات للمساعدات الإنسانية والإغاثة
تأسيس المحور لأول مرة عام 2003 يعكس مستوى كبير من سياسة أجنبية عالية المستوى تتبعها دولة الإمارات، وتدعم وضعها المتطور للغاية باعتبارها نقطة انطلاق عالمية للنقل الجوي ومستودعات العبور.
اكتسبت الإمارات قائمة متميزة من الشركاء الملتزمين من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الكبيرة وصولا إلى المؤسسات الخيرية والموردين التجاريين لخدمات المساعدات الإنسانية.
فيما يخص هذه النقطة بالتحديد، فأي منطقة إقليمية ستحاول تكرار نفس النموذج ستجد أنه من الصعب تماما فعل ذلك، الوضع الذي أصبح عليه المحور الدولي للمساعدات انعكس في طريقة تمثيله بشكل جيد بعد إطلاقه وخلال عملية تحوله من موقع استراتيجي ذو قيمة إلى وكالة رسمية مستقلة تستجيب للأزمات وتقدم المساعدات الإنسانية في المجتمع الدولي، وذلك وفقا لأحد أفراد العائلة المالكة خلال تأسيس المحور.
أضاف محور المساعدات الإنسانية والإغاثة لنطاق خدماته فلم يعد محور تخزين محلي لتقديم المساعدات الإنسانية الفورية، لكنه توسع من أجل العاملين في مجال الإغاثة، وأصبح متصل أكثر بآلية تنسيق دولي وعمليات مختلفة.
هذه العمليات الدولية سواء كانت رسمية أو غير رسمية وتكون وطنية وبميزانية كبيرة وكذلك بمعملية بيروقراطية، أصبحت أكثر تميزا في الإمارات وطريقة العملة، إذ أنها عززت نموذجها القيادي في العمل الإنساني المعاصر وتقديمه على نطاق كبير وبسرعة.
أحد الأمثلة على فترة ما قبل تعاون الإمارات مع المساهمين كانت في منطقة جنوب المحيط الهادي، الإمارات ومن خلال المؤسسات السابقة لمحور المساعدات الإنسانية أرسلت مساعدات مختارة تجاه منطقة تعرضت لعدة كوارث سببها إعصار على مدار العقد السابق، المساعدات كانت أضعف من المتوقع ومحطة العبور كانت بريزبان في أستراليا، وهي مقر قاعدة الدعم اللوجستي الخاصة بمنطقة جنوب المحيط الهادي الخاص بالحكومة الأسترالية.
بعد هذه التجربة والكارثة الطبيعية، قامت الإمارات بدراسة التجربة، ولاحظت أنه حتى مع قدرتها القوية على تقديم المساعدات بشكل مستقل، لكن مصالح المستفيدين والتنسيق الدولي كلاهما ييسر المسار ومن ثم سيحقق فعالية أكبر.
وتم استخدام المساعدات التي قدمتها الإمارات في هذه المنطقة في أعقاب المبادرة الدبلوماسية “الأجندة الخضراء” في جنوب المحيط الهادي بشأن تغير المناخ والاستفادة من الغاز والطاقة النووية في النقاش حول الاحتباس الحراري.
وفي أواخر شهر فبراير عام 2020، حينما بدأ العالم يعاني من انتشار وباء كوفيد 19، الحكومة الإماراتية كانت تستعد لتوسيع نطاق خدمات ودور محور المساعدات الإنسانية والإغاثية.
الهدف كان نشر وتطبيق “قدرات الرعاية الطبية لدولة الإمارات وقت الأزمات” وفقا لوكالة الأنباء الإماراتية، ومهمتها الولى كان استقبال 215 مواطنا من الدول الجارة تم إجلاؤهم من هوبي في الصين مع بداية الوباء وعرقلته لرحلات السفر الجوي.
محور الإغاثة كان يقوم بدوره كمحور يستقبل الأشخاص الذين تم إجلاؤهم ويقدم الفحوصات الضرورية والرعاية الطبية اللازمة، مع التشديد على أهمية الخصوصية والنزاهة على مدار العملية.
محور المساعدات الإنسانية والإغاثية اليوم
عمليات المحور حاليا تقدم صورة متكاملة لدولة الإمارات العربية المتحدة كمؤثر دولي عالمي وتقدمي من خلال ما يُطلق عليه عالميا حاليا “أكبر مركز إنساني في العالم”.
وما حققه المحور من نجاح في عام2020 كان نتاج تعاون القطاعين العام والخاص الذي عبر عن السياسة الخارجية لدولة الإمارات والتزامها بتقديم المساعدة السريعة للآخرين خلال الأزمات.
وما لحق بالمحور من تطور خلال تعامله مع أزمات وباء كوفيد 19 انعكس على الدور الذي لعبته الإمارات خلال عمليات الإجلاء من أفغانستان خلال شهر أغسطس عام 2021.
هذه الخدمات التي تقدم دعما وتتجه مباشرة نحو الأشخاص المعرضين للخطر وحاجتهم للهروب من دولتهم ستتطلب تفكيرا عميقا وإدارة حريصة، وشأنها شأن الدول ذات السيادة، ورغم قدرات الإمارات المتنامية لموازنة اهتماماتها وثرائها الاقتصادي، ستواجه الدولة أحكاما معقدة تجاه طريقة الاستجابة بشكل تدريجي نحو المتطلبات المتزايدة للمساعدات.
هذه القرارات تأتي دوما مع تغطية إعلامية مقلقة لما يخص تغطية أحداث الكوارث البشرية والبيئية.
نجاح المحور يستند على القدرة المحلية على تقديم البنية اللوجستية وقوة متطورة في مجال النقل واهتمام من قائمة كبيرة للمساهمين عالميا بمركز قريب من مناطق عديدة معرضة للخطر، يتضمن ذلك أفريقيا والشرق الأوسط والمحيط الهندي.
الآن ستحتاج الدولة للتعامل مع مشكلة عميقة وصعبة سياسيا على الأقل للعاملين في مجال المساعدات الإنسانية، وهي تطويع وتوطيد البنية التحتية والموارد من أجل الوصول السريع لتقديم المساعدات لمن يعانون في مواقف معقدة.
في هذه النقطة سنرى واقعية السياسة الخارجية ومركز ودور العاملين في المساعدات الإنسانية وحجم المساعدة بجانب الاصطدام بالسياسات الخارجية المختلفة، الدول الغنية الأخرى في المنطقة ستواجه نفس المشاكل تحت مظلة أنظمتهم للمساعدات الإنسانية.
المساعدات الإنسانية، إن لم تقترن بحوافز أخرى، نادرا ما تؤدي إلى استجابة سياسية خاصة ومواتية لها، فالمساعدة التي تقدمها دولة مثل الإمارات إن لم تكن روتينية وعلى أسس منهجية منتظمة، ستشكل أرضية قوية لنظام الإمارات العالمي، لكن سيكون من الصعب الانتقال من أزمة لأخرى بدون نقاط توقف وانطلاق واضحة.
حالة أفغانستان
الأزمات المتزايدة المستمرة في أفغانستان هي مثال ممتاز على التحديات والفرص للاستراتيجيات الجديدة للمساعدات الإنسانية، مع تزايد الحاجة لها، وكذلك الحاجة من وقت لآخر لكي تشرح الدول سياستها المتبعة في أولويات الاستجابة للأزمات.
هناك تركيز واضح على السياسة الواقعية للدعم الإنساني كأداة للنهوض بالبرامج العالمية المختلفة للمساعدات وتقديمها ووقت التدخل.
فمثلا المساعدات التي تقدمها الصين للقاحات كوفيد 19 مثالا واضحا على ذلك، إذ إن استجابة بكين الكبيرة تقوضت بسبب الفاعلية الهزيلة نسبيا للقاحاتها.
أما النموذج الذي تتبعه أبو ظبي من خلال محور المساعدات، تسمح للدول بالتقدم أكثر والتطور فيما يخص استراتيجيات الاستجابة للأزمات التي تحركها جهات متعددة.
فمثلا في شهر أغسطس استقبلت الإمارات 8 آلاف لاجئ أفغاني، ولم يكن تحرك الإمارات وتفاعلها فرديا، لكن الاستجابة كانت بتنسيق سريع للغاية، استجابة للمتطلبات الدولية لعمليات النقل والاستضافة التي سمحت بتزايد أعداد المواطنين الأفغان الذين تم إخراجهم خلال الفوضى التي سببتها سيطرة طالبان على كابول.
الإمارات عرضت مرافق لتسكين اللاجئين الأفغان في الطريق لدول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، كما قدمت مساعدات لإغاثة القوات العسكرية والمنظمات المدنية في أوروبا والولايات المتحدة والتي أنهكت بأعداد اللاجئين.
المرافق الموجودة في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في أبو ظبي بالإمارات، أثبتت أنها بديل أكثر كرامة وصقلا عن نظيرتها الغربية التمثلة في القواعد العسكرية والعامة مثل قاعات المدن والمدارس والملاجئ المؤقتة وغيرها.