إضراب للقطارات يدشن سلسلة من التحركات الاجتماعية بالمملكة المتحدة

إضراب للقطارات يدشن سلسلة من التحركات الاجتماعية بالمملكة المتحدة

وجد العديد من البريطانيين صعوبة كبرى في الوصول إلى مراكز عملهم، الثلاثاء، في اليوم الأول من إضراب عمال السكك الحديد بالمملكة المتحدة، وسط تحركات اجتماعية تاريخية بمواجهة الارتفاع الحاد في الأسعار، ومن المتوقع تسيير 20% فقط من القطارات.

وأفاد الاتحاد الوطني لعمال السكك الحديد والبحرية والنقل (آر إم تي) بأن 40 ألفا من أعضائه العاملين في شبكة السكك الحديد و14 شركة قطارات يشاركون في التحرك الذي بدأ الثلاثاء ويستمر حتى 31 ديسمبر، وفق وكالة فرانس برس.

وتتحدث وسائل الإعلام البريطانية منذ الآن عن "شتاء السخط"، في إشارة إلى الإضرابات الحاشدة التي هزت البلاد في أواخر السبعينيات وألحقت خسائر توازي عشرات ملايين أيام العمل بالاقتصاد البريطاني.

وأفاد مكتب الإحصاءات الوطني، الثلاثاء، عن خسارة 417 ألف يوم عمل في شهر أكتوبر وحده بسبب الاضطرابات الاجتماعية، مشيرًا إلى أنه المستوى "الأعلى منذ نوفمبر 2011".

ولا يقتصر التحرك على موظفي السكك الحديد، بل يشمل عناصر الأمن في قطارات يوروستار التي تسير رحلات إلى أوروبا، وعناصر حرس الحدود الذين يدققون في جوازات السفر في المطارات، ما أرغم الحكومة على التخطيط لنشر عسكريين للقيام بهذه المهام.

وتطال التحركات قطاع الصحة مع لزوم الممرضات إضرابا غير مسبوق، الخميس، على أن تنضم إليه في 20 ديسمبر طواقم سيارات الإسعاف.

وستشمل الإضرابات أيضا عدة قطاعات إدارية.

ولم يبقَ القطاع الخاص بمنأى عن هذه التحركات، إذ لوحت نقابة "يونايت" بإضراب في شركة "غرين كينغ" للبيرة التي تملك سلسلة من الحانات والمطاعم، وبأزمة بيرة في الأعياد.

وتتركز كل المطالب على زيادة الأجور في مواجهة تضخم تخطى 11%، مدفوعا بالارتفاع الحاد في أسعار الطاقة ولا سيما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال رئيس الوزراء ريشي سوناك في تصريح لشبكة بي بي سي، إن الحكومة بصدد "اتخاذ مقاربة منطقية وعادلة"، موضحا أن ما يقدم من أجور لموظفي القطاع العام في العديد من الحالات أعلى مقارنة بالقطاع الخاص.

وأضاف: "أطلب من قادة النقابات المشارِكة في ذلك إنهاء هذا الاضطراب خاصة في فترة أعياد الميلاد، سيؤثر ذلك بشكل سلبي جدا على حياة الناس".

وانتهت محادثات بين الحكومة ونقابة الممرضين (آر سي إن) مساء الاثنين من دون التوصل لاتفاق.

وقالت الأمينة العامة للنقابة بات كالن لبي بي سي إن "هذه الحكومة أدارت ظهرها" للممرضين.

 %47 معارضة للإضراب 

وأكد وزير النقل مارك هاربر عبر إذاعة تايمز راديو صباح، الثلاثاء، أن "الأولوية الاقتصادية الأعلى للحكومة هي ضبط التضخم... حتى يتمكن الناس من مواجهة كلفة المعيشة"، مذكرا بأن الحكومة "قدمت دعما كبيرا" للأسر للتعويض عن زيادة أسعار الطاقة.

وفقًا لاستطلاع أجراه معهد "يوغوف" نُشر في نهاية نوفمبر، يعارض 47% من البريطانيين الإضراب في وسائل النقل و41% يؤيدونه.

وقال مطوّر المواقع الإلكترونية آلان سميث (28 عامًا) الذي كان يحاول إيجاد بديل عن القطار الذي كان ينتظره للذهاب إلى هيثرو: "أتفّهمهم تمامًا... الوضع صعب على الناس في الوقت الحالي".

أمّا رجل الإطفاء السابق كريس ماكبرايد (74 عامًا)، فاعتبر أن الحكومة "غير كفؤة" في دعم الأسر، قائلًا "أنا متقاعد، وعلي التريث بالإنفاق لتأمين التدفئة لنفسي، الأمر صعب".

عشية التحرك في السكك الحديد البريطانية، وفيما زاد تساقط الثلوج وتشكل الجليد من البلبلة في المواصلات الأحد والاثنين، رفضت نقابة آر إم تي آخر اقتراحات قدمتها إدارة شبكة "نيتوورك رايل" للسكك الحديد.

وأكد الأمين العام للنقابة ميك لينش عبر البي بي سي "ليس بنيتي إفساد عيد الميلاد على الناس، الحكومة هي التي تساهم في إفساد عيد الميلاد، لأنها تسببت بهذه الإضرابات بمنعها الشركات من تقديم اقتراحات مناسبة".

أزمات واحتجاجات

وتزايدت حركات الاحتجاج منذ أشهر، نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار غلاء المعيشة نتيجة الوباء والحرب الروسية الأوكرانية وامتدت من قطاعي السكك الحديد والطيران إلى الخدمات البريدية والاتصالات وقطاع التمريض وحتى للمحامين الجنائيين وذلك للمطالبة بتحسين الأجور وبيئة العمل.

ولم تشهد بريطانيا إضرابات بهذا الحجم منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما سعت رئيسة الوزراء المحافظة، مارغريت تاتشر، إلى إضعاف النقابات في إطار سياسة اقتصاد السوق الحرة.

وقتها، أطلق على التحرك اسم "صيف السخط"، في إشارة متعمدة إلى "شتاء السخط" الذي شهد من 1978 إلى 1979 موجة إضرابات للقطاع العام قبل وصول تاتشر إلى السلطة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية