مبادرة إنسانية.. الرئيس الألماني يدعو الجزائر للعفو عن بوعلام صنصال
مبادرة إنسانية.. الرئيس الألماني يدعو الجزائر للعفو عن بوعلام صنصال
دعا الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، اليوم الاثنين، نظيره الجزائري عبد المجيد تبون إلى إصدار عفو رئاسي عن الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، الذي حُكم عليه في مارس الماضي بالسجن خمس سنوات بتهمة “المساس بوحدة الوطن”.
وأوضح مكتب شتاينماير في بيان رسمي، أن الرئيس الألماني طلب من تبون العفو عن صنصال كبادرة إنسانية، مشيرًا إلى أن سن الكاتب المتقدمة (80 عامًا) ووضعه الصحي الحرج يبرران هذا الطلب.
واقترح شتاينماير أن تُتيح الجزائر نقله إلى ألمانيا لتلقي الرعاية الصحية اللازمة، مؤكّدًا أن هذه الخطوة ستعكس روح التسامح وبُعد النظر السياسي لدى الجزائر.
العفو عن صنصال
أضاف البيان أن العفو عن صنصال سيمثّل أيضًا تعبيرًا عن عمق العلاقات بين البلدين، مشيرًا إلى الصداقة الطويلة التي تربط شتاينماير بالرئيس تبون، وإلى رغبة برلين في تعزيز الحوار الثقافي مع الجزائر في ظل التوترات الإقليمية الراهنة.
ودعت باريس بدورها السلطات الجزائرية إلى التسامح مع الكاتب المخضرم، معتبرةً أن الحكم عليه بالسجن أسهم في تأجيج التوتر بين فرنسا والجزائر، اللتين تشهد علاقاتهما أصلاً فترات من المد والجزر بسبب ملفات الذاكرة الاستعمارية وحرية التعبير.
ويُعد بوعلام صنصال أحد أبرز أصوات الأدب الفرانكفوني الحديث في شمال إفريقيا، وقد نال جوائز أدبية مرموقة عن أعماله التي تناولت قضايا الهوية، والعلاقة بين الدين والسياسة، ومأساة التطرف في المجتمعات المغاربية.
اتهام مثير للجدل
تعود جذور القضية إلى تصريحات أدلى بها صنصال في تشرين الأول/أكتوبر الماضي لوسيلة إعلام فرنسية يمينية تُدعى "فرونتيير"، حيث تبنّى طرحًا مغربيًا حول الحدود، معتبرًا أن جزءًا من الأراضي المغربية اقتُطع خلال الحقبة الاستعمارية وضُمّ إلى الجزائر، وهو ما اعتبرته السلطات الجزائرية مساسًا بوحدة البلاد وسيادتها.
منذ ذلك الحين، تصاعد الجدل حول محاكمته بين من يرى فيها قمعًا لحرية الرأي والتعبير، ومن يراها حماية لرموز الدولة ووحدة التراب الوطني.
وبين هذين الموقفين، يجد صنصال نفسه في قلب صراع رمزي بين حرية الفكر وحدود الوطنية، في بلد لطالما وُصف بأنه يعيش جدلية مستمرة بين الذاكرة السياسية والهوية الثقافية.
قضية تتجاوز الأدب
تحوّل ملف بوعلام صنصال اليوم إلى قضية دبلوماسية وإنسانية معقّدة، تتقاطع فيها اعتبارات الحرية الفردية مع المصالح السياسية بين الجزائر وأوروبا.
ويرى مراقبون أن مبادرة شتاينماير قد تمثّل اختبارًا جديدًا للعلاقات الثنائية بين الجزائر وبرلين، في وقت تحاول فيه أوروبا التقرب من دول شمال إفريقيا لضمان الاستقرار الإقليمي وتوسيع الشراكات الاقتصادية.










