الأمم المتحدة: اللغات تجسد إنسانيتنا وتقرب الهُوة بين الثقافات (صور)
بمناسبة يوم اللغة العربية
احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، شهد مقر الأمم المتحدة في نيويورك عقد
فعالية بعنوان "اللغة العربية في الأمم المتحدة: مسيرة 50 عاما"، ونظم
الفعالية مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية بالتعاون مع الوفد الدائم للمملكة
العربية السعودية لدى الأمم المتحدة.
ويتم الاحتفال بـ"اليوم العالمي للغة العربية" سنويا في 18 ديسمبر، وتعد
اللغة العربية ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وهي إحدى اللغات الأكثر
انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من
سكان المعمورة.
وتحدثت في الفعالية نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، السيدة أمينة محمد
قائلة إن اللغات هي أكثر من مجرد وسائل للتواصل؛ إنها تجسد إنسانيتنا وتعكس التاريخ
والثقافة وتقرب الهوة بين الثقافات.
وأضافت أن اللغات تسهل الحوار والتعاون بين الدول والمجتمعات المختلفة وهذا
يعد أمرا ضروريا في سبيل تحقيق أهـداف التنمية المستدامة لعام 2030، وهذا هو أيضا
سبب احتفاء الأمم المتحدة باللغات، على حد تعبيرها.
وقالت: إننا ومن خلال الاحتفال بيوم اللغات نذكر أنفسنا بأهمية التنوع وتعدد
اللغات، مضيفة: "يعكس التعدد
اللغوي ثراء الوجود الإنساني ويمكننا من الاستفادة من الموارد اللامحدودة للتواصل
والتعلم والتطور، ويعزز التعدد اللغوي التضامن، التفاهم والتسامح بين الناس.. إنه
يقع في صميم قيم الأمم المتحدة ومبادئنا التأسيسية، في سياق التحديات الجسيمة
للصراعات وأزمة المناخ وكوفيد-19 فإن التعدد اللغوي يمكن أن يقربنا".
وأوضحت نائبة الأمين العام أن اللغة العربية تحمل أصوات الشعراء والفلاسفة والعلماء
الذين يسخِّرون قوتها لخدمة الإنسانية، مضيفة أن معرض إكسبو 2020 في دبي وبطولة كأس
العالم في قطر جذبا اهتماما عالميا لجمال اللغة العربية الفائق.
وأوضحت: "تعمل المنظمة
(الأمم المتحدة) باللغة العربية في العديد من المواقع الميدانية حيث تكون القيادة
الجيدة للغات مهمة للتواصل مع الجهات الفاعلة المحلية في سبيل تلبية احتياجات
الناس الذين نخدمهم وإنجاز تفويضنا بصورة أفضل، في المقرات الرئيسية والمكاتب
الإقليمية يعمل زملاؤنا بلا كلل لضمان أن المشاركين المتحدثين باللغة العربية يَفْهمون
ويُفَهِمون بهدف اتخاذ قرارات شاملة وتمكين المتحدثين العرب من معرفة عمل الأمم
المتحدة والانخراط مع رؤيتنا في سبيل بناء عالم أكثر استدامة".
وفي الختام، أعربت نائبة الأمين العام عن تقديرها للزملاء الذي يعملون يوميا
لإيصال صوت الأمم المتحدة باللغة العربية: "إنهم يمثلون العمود الفقري لهيكل
تعددية الأطراف."
ويأتي احتفال اليوم العالمي للغة العربية هذا العام تحت شعار "مساهمة اللغة العربية في الحضارة والثقافة الإنسانية"، وهو بمثابة نداء للتأكيد على المساهمات الغزيرة للغة العربية في إثراء التنوع الثقافي واللغوي للإنسانية، فضلاً عن مساهمتها في إنتاج المعارف والدور المهم الذي تؤديه اللغة العربية في مد جسور الوصال بين الناس على صهوة الثقافة والعلم والأدب وغيرها من المجالات الكثيرة جداً.
وقال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، تشابا كوروشي إن شعار الاحتفال بيوم اللغة العربية لهذا العام هو بمثابة دعوة لإعادة التأكيد على الدور المهم للغة العربية في ربط الناس بالثقافة والعلوم والأدب والعديد من المجالات الأخرى.
وأشار إلى مرور 49 عاما منذ أن أصبحت اللغة العربية اللغة الرسمية السادسة للأمم المتحدة، وأكد المسؤول الأممي أن اللغة أكثر من مجرد وسيلة تواصل، إنها إناء ينهل منه التعبيريون الثقافيون، وإناء للهوية والقيم، قائلا: "باعتبارها لغة مشتركة لما يقرب من 500 مليون شخص واللغة الأولى لـ22 دولة، اللغة العربية هي حقا خزان لعاصمة الإنسانية الثقافية".
وأضاف "كوروشي" الذي يجيد تحدث اللغة العربية: "اللغة العربية هي لغة القرآن، والشعر، والفن، بالإضافة إلى أنها المدخل للعلم والعلوم، والفلسفة والتاريخ".
وقال: إننا نحتفل اليوم بما تجلبه التعددية اللغوية إلى تعددية الأطراف، وقدرتها على تعزيز التواصل المتناغم وتعزيز التنوع والتفاهم والتسامح، وأكد رئيس الجمعية العامة أهمية الدور الكبير الذي تلعبه في التنمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
واختتم حديثه بالقول: "إنني أتطلع لمواصلة العمل والشراكة مع الدول العربية خلال فترة رئاستي للجمعية العامة.. وفي الختام، أتقدم بالشكر لدعوتكم الكريمة لأًشارككم في هذا الاحتفاء بلغتكم الجميلة، وما تقدمه لأجل العمل متعدد الأطراف".
وتحدث أيضا البروفيسور عبدالله الوشمي، الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية والذي افتتح كلمته بالقول: "عندما يقول العربي لصاحبه (أهلا وسهلا) فإنه بكلمتين من اللغة العربية يختصر مسافة الحب والصلة الصداقة فيتشارك مع ضيفه المكان والأهل والدار".
وتابع قائلا: "إنها اللغة العربية، بوابة الثقافة التي نفهم بها كلام أجدادنا منذ 1600 سنة وإلى المستقبل المضيء، إنها صلة التواصل مع الشعوب، حاضنة التاريخ العربي، ويتشرف وطني المملكة العربية السعودية بأنه كان مولد اللغة ومكان نزول القرآن وما زالت النقوش الأثرية القديمة تملأ الجبال والشواهد".
وقال المسؤول السعودي: إن الاحتفاء بمسيرة 50 عاما للعربية في الأمم المتحدة يفتح صفحة جديدة لتعزيز حضور اللغة العربية في منظمة الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن المجمع شرع في مبادرات نوعية مختلفة لتمكين اللغة العربية في المنظمات الدولية ودعم مسارات الترجمة العربية وبناء سياسات لغوية داعمة لواقع اللغة العربية.
وألقى الدكتور عبدالعزيز الواصل، المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة، كلمة أكد فيها أهمية تكاتف الجهود لإعلاء مكانة اللغة العربية دوليا.
ووجه الممثل السامي لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، ميغيل أنخيل موراتينوس، كلمة مسجلة قال فيها إن الثقافة العربية هي أقرب الثقافات إلى قلبه، مشيرا إلى أنه حمل على الدوام إعجابا كبيرا باللغة العربية.
وأشار "موراتينوس" -وهو من إسبانيا- إلى التأثير الكبير للغة العربية على اللغة الإسبانية، قائلا إن اللغة العربية تمثل عمادا من أعمدة التنوع للإنسانية وهي واحدة من أكثر اللغات شيوعا في العالم، وقال إن الاحتفال هو تذكير بالدور التاريخي الذي لعبته اللغة العربية في نقل المعرفة.
وألقت الوزيرة المفوضة والقائمة بالأعمال بالإنابة الدكتورة ناصرية العرجة فليتي، كلمة في الفعالية نيابة عن الأمين العام لجامعة الدول العربية، حيث قالت: "هذه اللغة هي التي كانت وما زالت تصل بين الجسرين جنوبا وشمالا وتمتد ليتجاوز ناطقوها أو يقاربوا المليار متحدث بين منتمٍ ومحب ومتقن".
وأكدت: "أن احتفالنا بيوم اللغة العربية ما هو إلا تقدير وعرفان منا جميعا ببهاء وجمال وقيمة وجلال هذه اللغة".
وأعربت عن تقدير الجامعة العربية للدور الذي تلعبه المجامع اللغوية المعتمدة لدى عدد من الدول الأعضاء انطلاقا من المجمع اللغوي في بغداد والمجمع اللغوي في القاهرة بوصفهما المعلمين التاريخيين اللذين أسهما في حفظ اللغة العربية وترسيخ أسسها اللغوية عبر الأجيال نطقا وصرفا ودلالة وترجمة وتعميمها على غير الناطقين بها.
وشهدت الفعالية عرضا مرئيا تعريفيا عن اليوم العالمي للغة العربية، إضافة إلى إطلاق كتاب بعنوان "تاريخ اللغة العربية في منظمة الأمم المتحدة"، كما نظمت اليونسكو أيضا مجموعة من حلقات النقاش والفعاليات الثقافية في العاصمة الفرنسية باريس.