الاقتصاد التركي.. تصريحات متضاربة ومواطنون يئنون من وطأة الغلاء

الاقتصاد التركي.. تصريحات متضاربة ومواطنون يئنون من وطأة الغلاء

 

زينب مكي

 

تعيش تركيا أوضاعا اقتصادية صعبة بالتزامن مع ضعف حاد في العملة المحلية، وارتفاع كلفة الإنتاج والاستيراد، في وقت تعاني فيه غالبية الشعب من التضخم وارتفاع نسب الفقر. بحسب تقارير دولية.

 

ويواجه الاقتصاد المحلي مزيدًا من الأزمات، وسط ضعف في الثقة الاقتصادية، وتراجع مؤشر ثقة المستهلك في البلاد، وتراجع ودائع المواطنين؛ بسبب هبوط القيمة السوقية والشرائية للعملة المحلية.

 

رأي الشارع

 

وتباينت آراء المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، حول قوة الاقتصاد التركي، والتي عبر غالبتهم عن خيبة أملهم لما آلت إليه أحوال البلاد.

 

وكتب حساب على تويتر يدعى “أميرهان فرات دمير” يقول:”لست خبيرًا اقتصاديًا، لكن بسبب الاختبارات التي خضتها، أعرف الأوقات التي مر فيها الاقتصاد التركي، لا أحد يستطيع أن يقول إن الوضع الحالي صورة وردية، لكن يبدو لي من القسوة، أنه أشبه بأزمة 94. أو أزمات 99-2000-2001.

وغرد حساب يدعى “تايففك اتيس” على تويتر “الاقتصاد كان جيدًا لمدة 20 عامًا.. الآن أولئك الذين يتمتعون باقتصاد جيد هم أعضاء في حزب العدالة والتنمية. ليس تركيا”.

وبين حساب على تويتر يدعى “كاميلهان” أن “تركيا، التي كانت من بين أكبر 20 اقتصادا في العالم منذ عام 1990، خرجت الآن من هذا التصنيف، لم نعد من دول مجموعة العشرين، هذا الفخر يخص حزب العدالة والتنمية”.

وأوضح حساب على تويتر يدعى “المحقق” في تغريدة له أنه “قد لا يكون انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار مهمًا جدًا للناس العاديين، لكنه مدمر للغاية للاقتصاد التركي؛ لأنه يخلق عدم الثقة في النظام المالي التركي”.

و غرد “عرفان الأناضول” عبر حسابه على تويتر “لقد زادت صادراتنا كثيرًا لدرجة أن الناس من الدول الأجنبية يأتون للتسوق بشكل فردي، ها هو الاقتصاد التركي المتنامي، الذي يتحدث عنه رجال الدولة!

 

 أردوغان والمعارضة

وتوقع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تحقيق بلاده نموا اقتصاديا بنسبة 9 بالمئة في عام 2021، موضحا أن معدل النمو الذي تحقق في الربعين الأول والثاني لعام 2021، تشير إلى إمكانية نمو الاقتصاد التركي البالغ حجمه 720 مليار دولار، بنسبة 9 بالمئة في عموم العام الجاري.

 

ويؤكد الرئيس التركي دوما على أن اقتصاد بلاده ضمن اقتصادات الدول الأكثر نموا حول العالم، وأن حكومات بلاده وعلى مدار السنوات الـ 19، أجرت العديد من الإصلاحات المالية والاقتصادية، مثل استثناءات ضريبة القيمة المضافة، والتخفيض الضريبي، والإعفاء من الضريبة الجمركية، وتخصيص مناطق للاستثمار.

 

وأعلنت وكالة “فيتش” الدولية للتصنيف الائتماني، في سبتمبر الماضي، أنها تتوقع لتركيا مزيدا في معدلات النمو الاقتصادي لعام 2021، مع تقدم ملحوظ في مؤشرات التعافي. وبيّنت أنه “من المتوقع أن ينمو اقتصاد تركيا هذا العام من 7.9 إلى 9.2%”.

 

إفلاس التجار

 

تصريحات الرئيس التركي  وتقرير فيتش، جابهما واقع صعب يعيشه المواطن التركي، فبحسب نائب رئيس الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، ولي آغ بابا، أفلس نحو 9 آلاف و608 تجار وحرفيين، في سبتمبر الماضي، بزيادة 63% خلال الأشهر الثلاث الأخيرة.

 

وبلغ عدد التجار الذين أفلسوا خلال الأشهر التسع الأولى من 2021 نحو 71 ألفًا و344 تاجرًا، وفقًا لبيانات سجل التجار والحرفيين.

 

ارتفاع أسعار المحروقات

 

وشهدت أسعار المحروقات في تركيا زيادات عدة منذ مطلع العام الجاري؛ استمرارًا لارتفاعات مماثلة بالعام الماضي، الأمر الذي شكل عبئًا على كاهل المواطنين، حيث فرضت السلطات التركية منتصف الأسبوع الماضي زيادة في أسعار البنزين والديزل بنسبة 14 %، وهي أسعار ترتبط بالسعر العالمي؛ نظرا لاستيراد تركيا 95% من احتياجات الطاقة.

 

الليرة الأسوأ

 

و هوت الليرة التركية إلى مستوى قياسي، ولا يرى المحللون فرصة تذكر لتعافيها بالنظر إلى ما وصفوه بالخفض “غير الرشيد” لأسعار الفائدة.

 

ولامست العملة التركية، مستوى 9.47 مقابل الدولار، حيث خسرت 20% من قيمتها هذا العام، وجاء نصف هذا الهبوط منذ مطلع الشهر الماضي عندما بدأ البنك المركزي إعطاء إشارات تيسيرية على الرغم من ارتفاع التضخم.

 

وقرر البنك المركزي التركي، الخميس الماضي، خفض سعر الفائدة إلى 16% من 18%، وسط هبوط قياسي في سعر صرف الليرة التركية، التي تراجعت بعد قرارات المركزي ​​إلى 9.47 بدلا من 9.29 للدولار قبلها.

 

التضخم

 

وعدل بنك JPMorgan  في آخر بيان له توقعاته لمعدل التضخم في تركيا إلى 19.9% لهذا العام و 16.4% في 2022، متوقعا أن يخفض البنك المركزي التركي أسعار الفائدة 100 نقطة أساس أخرى في نوفمبر.

 

وقال ياركين سيبيشي من JPMorgan  في مذكرة للعملاء “مثل هذا التيسير الأولي يشير إلى أن خفض التضخم بطريقة سريعة ليس من أولويات السياسة”.

 

ومن جانبها كذبت مجموعة “أبحاث التضخم التركية” وهي مؤسسة بحثية تركية البيانات الرسمية بشأن معدل التضخم النقدي في البلاد، مشيرة إلى أنه يفوق ضعف الأرقام المعلنة.

 

وقالت المجموعة في تقريرها إن معدل التضخم الفعلي خلال الـ12  شهرا الأخيرة بلغ 44.7%، وإن معدل التضخم الشهري ارتفع بنحو 2.89% خلال سبتمبر الماضي.

 

و قال معهد الإحصاء التركي “الحكومي” في بيان، إن التضخم السنوي في السوق قفز بنسبة 19.58%، بينما صعد بنسبة 1.25% على أساس شهري، وبنسبة 13.04% مقارنة مع ديسمبر  2020.

 

وتقول مجموعة أبحاث التضخم إنها تعتمد على أسلوب حاسبي مختلف عن هيئة الإحصاء التركية التي تشكك المعارضة في بياناتها.

 

وكان رئيس مجموعة أبحاث التضخم، فيصل أولوصوي، قد صرح في وقت سابق بأنهم يجرون استطلاعات الرأي مثلما تفعل هيئة الإحصاء التركية، غير أنهم يحسبون معدلات التضخم بالاستناد إلى استطلاعات رأي بجانب 7 ملايين إحصاء آخر.

 

ومن جانبه قال رئيس الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، كمال قليتشدار أوغلو، إن “الرئيس رجب طيب أردوغان يعلم جيدًا أن التضخم وصل إلى 40%، إثر غلاء أسعار المواد في السوق، ولكن القصر يعيش حياة ترف بعيدة عن الناس”.



ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية