أزمنة القلق.. كيف ننتشل أبناءنا من الخوف؟

أزمنة القلق.. كيف ننتشل أبناءنا من الخوف؟

 

 

 

تعاني البشرية برمتها ومنذ عامي انتشار جائحة كورونا حالة من عدم اليقين واللاستقرار، الأمر الذي لم يعد مؤثرا فقط على الكبار، بل طال الصغار، وزرع في النفوس البريئة قدرا كبيرا من الخوف.

 هنا يتوجب علينا التساؤل: "ما الذي ينبغي علينا فعله في مواجهة تلك الظاهرة الخطيرة التي تؤثر على أبجديات الحياة بالنسبة لأبنائنا، والذين سيواجهون حكما تقلبات الأزمان في قادم الأيام؟

 بداية من المهم أن نفهم ما هو الخوف الطبيعي ومتى يتطلب الخوف منا اهتماما إضافيا حتى نتمكن من مساعدة الأطفال الذين يشعرون به، سيما في هذه الأوقات المضطربة محليا وإقليميا وعالميا.

يذهب علماء النفس إلى أن الخوف والقلق شعوران عاديان وطبيعيان، إنهما يؤديان إلى إفراز الأدرينالين الذي يطلق ردة فعل من نوع اضرب أو اهرب، وردة الفعل التي تظهر تعتمد على كيفية فهم العقل للوضعية التي يجد الطفل نفسه فيها، فعلى سبيل المثال: قد يرى طفل صغير في جرو الكلب الكبير الحجم شيئا مخيفا متحركا لقد حان الوقت بالنسبة لهذا الطفل كي يهرب، كي يجري لأمه.

أما بالنسبة لفتى يافع قد يعني جرو الكلب الكبير احتمال بدء لعبه مطاردة شيقة، بالنسبة لهذا الولد لقد حان الوقت للقتال، للعب المصارعة، وهنا فإن هرمون الأدرينالين نفسه يؤدي إلى كلتا الحالتين من المشاعر والأفكار والتصرفات.

هل الخوف ضار ومؤذٍ وغير صحي دائما وأبدا؟

قد يكون مقدار معين من القلق والخوف مفيدا، فهو يساعدنا على القيام بأفضل ما نستطيعه، فعند التحدث في مناسبة عامة على سبيل المثال قد يشير التوتر الذي يصيب المعدة إما إلى أنك في حال من التشوق والاندفاع أو في حال من الوجل المطلق، لكن الأمر يختلف من شخص لآخر.. كيف ذلك؟

*بالنسبة للشخص الواثق من نفسه والذي تحضر جيدا للمناسبة، هذا التوتر يعني أن الوقت قد حان للظهور.

*بالنسبة للشخص الخائف أو الذي لم يتحضر بشكل جيد أو كان عرضة للسخرية في موقف مماثل، فقد يكون التوتر مؤشر انهيار كامل بل مؤشر رفض هيستيري للقيام بهذه المهمة.

لا ضير من التوتر ما دام المرء يستطيع استخدامه بشكل خلاق، وفي كل الأحوال يبقى السؤال الحيوي: متى يصبح الخوف مشكلة؟

يصنف الأخصائيون الأنواع التالية من الخوف على أنها جدية بما فيه الكفاية لتسبب المشاكل ضمن كل فئة منها، مثال عن خوف الطفل والسلوك الذي يرافقه:

الخوف من موقف ما

يتم تشخيص هذا النوع من الخوف إذا استمر القلق لمدة تتجاوز الأسبوعين.

الخوف من الفراق

يتم تشخيص هذا النوع من الخوف إذا كان الطفل يخشى بشدة الافتراق عن شخص معين مرتبط به ارتباطا وثيقا، وإذا استمر الخوف لما يزيد على ستة أشهر وإذا كان الطفل يعبر دائما عن قلقه، فإن الأمر هنا يستدعي علاجا سريعا، من قبل طبيب نفسي.

اضطرابات التجنب 

يتم تشخيص هذه الاضطرابات إذا استمر الخوف أكثر من ستة أشهر وكان هناك خوف شديد من الاختلاط بالأقارب والتعاطي معهم اجتماعيا.

الرهاب 

من المهم أن نميز بين اضطرابات الخوف وبين الرهاب الصريح، يصبح الخوف رهابا عندما يغدو غير متناسب بالكامل مع الواقع فيفلت من السيطرة ويظهر من دون أي سبب واضح ويدفع الإنسان إلى تجنب أمر ما أو شخص ما أو تصرف ما ويؤثر في سير الحياة الطبيعي.

أعراض الخوف عند الأطفال

تترافق التصرفات التي تنم عن الخوف مع معاناة جسدية أو عاطفية أو ذهنية قد يقمع بعض الأطفال انزعاجهم العاطفي أو الذهني لكن الأهل الأذكياء يستطيعون أن يكتشفوا عدم رضا طفلهم من خلال مراقبة الأعراض الجسدية والسلوكية. 

الأعراض الجسدية

اضطرابات النوم واضطرابات الجهاز التنفسي واضطرابات في الطعام، الإنهاك، آلام الرأس وألم الرأس النصفي، هناك أعراض جسدية شائعة مثل آلام المعدة أو آلام الرأس أو الغثيان والتقيؤ قد تظهر في حالات الخوف من الفراق عندما يحين وقت الفراق، أو عندما يكون الفراق متوقعا، أما الأعراض المتعلقة بالقلب والشرايين كتسارع دقات القلب أو الدوار أو الاغماء فنادرة عند الأطفال صغار السن لكنها قد تظهر عند الأطفال الأكبر سنا.

الأعراض العاطفية والذهنية 

الخوف، التأثر، قلة الثقة بالنفس، الشعور بالعجز، الارتباك، وعدم القدرة على التركيز، اليأس، الغضب، الحزن، الشعور بالذنب، الانكفاء على الذات، العدائية، تجنب الخروج من البيت، النوم في سرير الأهل.

كيف تساعد طفلك في تخطي حاجز الخوف؟

بإمكان الأهل أن يفعلوا الكثير ليساعدوا أطفالهم في التغلب على الخوف، بعض الأشياء التي بإمكانهم القيام بها وقائي "كأن يكونوا مستمعين جيدين ومثالا يحتذى" والبعض الآخر علاجي "كتعليم الطفل التحدث مع الذات والاسترخاء" قبل أن تقوم بأي إجراء من الضروري أولا أن تجري تقييما لمدى خوف طفلك ومدى مساهمتك في ظهوره.

التعرف إلى المخاوف 

ضع وصفا لمخاوف طفلك المحددة:

* أي أعراض سلوكية أو جسدية أو انفعالية يبديها طفلك؟

* ما هي المدة الزمنية التي انتابت طفلك خلالها تلك الأعراض؟

* أي شيء برأيك كان السبب الأول لهذا الخوف؟

* هل ازداد الخوف أم تناقص خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة؟

* كيف يجد الخوف طريقه إلى نشاطات طفلك اليومية؟

* ما الذي يشتكي منه بالتحديد؟

*هل يظهر عادة عندما يشكو لك طفلك خوفه؟

* ماذا عنك؟ هل أنتِ خائفة؟

ماذا تعني إجاباتك؟

عد إلى تصنيف الخوف الذي تحدثنا عنه، وهل يعاني طفلك من الخوف من موقف ما، من الخوف من الفراق، من اضطرابات التجنب، من الرهاب أو إنه مجرد قلق عام؟

أي من أساليب التربية طريقتك في تنشئة طفلك أثر على مخاوف طفلك،

التقليد- المثل بنموذج ما أو العادات الثواب والعقاب؟

أي من العوامل التالية أثر في مخاوف طفلك؟

إن مرحلة نمو صدمة ما أو تخيلات ترجع إلى مرحلة سابقة أو إلى الموروث البدائي ونوع الشخصية.

 إذا كانت إجاباتك قد ساعدتك في إجراء تقييم لنوعية ومقدار مخاوف طفلك وفي التعرف عليها فعليك أن تعرف الآن إذا ما كان يجدر بك أن تطلب مساعدة أخصائي أو إذا كان بإمكانك أن تطبق بمفردك الإستراتيجيات الموجودة. 

ابحث لطفلك عن مدرب

أحيانا لا يستجيب الطفل للمنطق مهما كان الأهل كفؤين، ذلك أن الرابط بين الأهل والطفل قوي ويمكن للعاطفة الموجودة بينهم أن تكون ضاغطة بالنسبة للطفل بحيث تجعل التواصل معه بشكل عقلاني مستحيلا، قد يكون محبطا للأهل الذين يرون أن طفلهم بحاجة لأن يتخطى الخوف، إنها مرحلة تتطلب الحذر من ناحية أخرى قد يصبح هذا الإحباط زيتا يصب على نار الانزعاج الذي يعاني منه الطفل، لذلك اختر المدرب الجيد وأن يكون مستعدا للإصغاء إليه وتشجيعه.

 

 

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية