مصريون باعوا تجار الآثار مقبرة فرعونية مزورة.. والسوشيال ميديا تسخر
مصريون باعوا تجار الآثار مقبرة فرعونية مزورة.. والسوشيال ميديا تسخر
بجد وإبداع، أخلصت عصابة في صنع تماثيل من "الفايبر" والجبس ونقوش، كمحتويات لمقبرة فرعونية "مزيفة" بالكامل في بني سويف ابتاعتها عصابة هاربة لتجار الآثار، حسب ما أعلنه رئيس المجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري.
المقبرة التي كشفت عنها مباحث شرطة الآثار، تبين أنها مزيفة بالكامل وليست لها علاقة بالواقع الأثري على الإطلاق، كما أن التماثيل جميعها مقلدة ومصنوعة من البلاستيك، وكذلك صنع التابوت الموجود في المقبرة من الفايبر، كما بُنيت الجدران من خشب الأبلكاش.
وقال المجلس الأعلى للآثار، إن رسومات المقبرة المقلدة كلها حديثة ولا يتجاوز عمرها العام الواحد، كما أن النقوش لا تمت للحضارة المصرية القديمة بصلة، وإن الطمع دفع بعض ضعاف النفوس إلى العمل على تقليد مقبرة أثرية بمحتويات كلها ليست أصلية من أجل النصب باسم الفراعنة، مشيرًا إلى أنّ علماء الآثار يمكنهم التفرقة بين القطع الأثرية الفرعونية والمقلدة، بينما يقع بعض الطامعين فريسة لمثل هذه العمليات المشبوهة.
القصة كاملة
الواقعة بدأت عندما تلقت الأجهزة الأمنية ببني سويف، عدة بلاغات من مواطنين، تفيد بتعرضهم لعمليات نصب من آخرين تواصلوا معهم عبر الهواتف المحمولة مجهولة البيانات وصفحات التواصل الاجتماعي، بعرض فيديوهات لمقبرة وقطع أثرية مُقلدة بمنطقة آثار الحيبة بمركز الفشن، لتضليل ضحاياهم من راغبي الاتجار في القطع الأثرية.
وتم تشكيل فريق أمني ولجنة من هيئة الآثار انتقلت على الفور لموقع البلاغ، وتبين وجود مقبرة وقطع أثرية مُقلدة بمنطقة آثار الحيبة بمركز الفشن، عبارة عن سرداب تم نحته بالمنطقة الجبلية يؤدي للمقبرة التي تم حفرها بعمق 13 مترًا وتمتد أفقيًا لـ15 مترًا تقريبًا، مرسوم على جدرانها نقوش فرعونية وبداخلها العشرات من القطع والتماثيل الفرعونية المُصنعة.
وقامت قوات الأمن ولجنة الآثار بمداهمة المقبرة وتم استخراج القطع والتماثيل الفرعونية المُصنعة مختلفة الأشكال والأحجام، وتبين أنها مُصنعة حديثًا، حيث تم إعدامها، وكذلك تم تحطيم الجُدران المرسوم عليها نقوش وعبارات وأحرف هيروغليفية، وردم المقبرة والسرداب المؤدي إليها.
وتكثف الأجهزة الأمنية بمديرية أمن بني سويف جهودها للتوصل للجناة ممن قاموا بالحفر داخل المنطقة الأثرية، بعد توسيع نطاق التحقيقات وعمليات البحث والتحري من خلال البلاغات الواردة لمديرية الأمن، وكذلك استخدام التقنيات الحديثة للوصول إليهم، واتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة.
تشكيل لجنة لمعاينة المقبرة
وكشفت لجنة الآثار التي تم تشكيلها برئاسة الدكتور عمر ذكي مدير آثار بني سويف، أن الآثار مقلدة، وبداخلها مقبرة مزيفة بالكامل، وجميع التماثيل داخلها من الجبس، وتوجد سبائك ذهبية مصنوعة من الجبس، وجميع محتويات تلك المقبرة ليست أثرية على الإطلاق، ومقلدة، وتم شراؤها من منطقة خان الخليلي.
وأكدت اللجنة الأثرية أن المقبرة المزيفة مجهزة على طريقة المقابر المصرية القديمة لتصويرها والنصب على المواطنين بحجة بيعها، فوجدت على جدرانها رسومات ونقوش وخرطوش لا تمت للحضارة المصرية بأي صلة، والرسومات الموجودة بها مرسومة من الكتب الفرعونية، وبداخلها كمية من التماثيل المصنوعة يدويًا، وتابوت من الجبس، وعليها نقوش وأشكال تشبه تماثيل الحضارة المصرية القديمة، ولكنها مزيفة بالكامل.
ومن جهته أمر المحامي العام لنيابات بني سويف المستشار مصطفى المتناوي، بإعدام قطع أثرية مقلدة عثرت عليها أجهزة الأمن داخل منطقة الحيبة بمركز الفشن، داخل 3 سراديب أرضية، وتمكن المتهمون من الهرب قبل القبض عليهم.
السوشيال ميديا تسخر.. شباب مجتهد
سخرت مواقع التواصل الاجتماعي من الأخبار المنشورة عن الواقعة.
وعلى صفحته الشخصية في الموقع الشهير "فيسبوك"، كتب محمد ياسين: "بينما نحن نلهو في مجموعة شباب مجتهد من محافظة بني سويف الشقيقة، قعدوا سنة كاملة يعملوا في مقبرة فرعونية تحت الأرض، بكل ما يلزمها من سراديب ودهاليز ومش بس كده دول لونوا الجدران، ونقشوا عليها رسومات فرعونية، وفوق كل ده اشتروا مجموعة تماثيل جبس وشوية تماثيل صيني وشوية إكسسوارات فرعوني، لحد ما طلعوا تحفة فنية متفرقهاش عن أي مقبرة فرعونية حقيقية إلا لو متخصص، وده اللي أكده الخبير الأثري اللي استدعته وزارة الداخلية بعد ما الشباب باعوا المقبرة بمحتوياتها لتجار الآثار وهربوا.. أنا انبهرت بصراحة، وتحية من قلبي لكل شاب جميل قادر يوصل بهدفه للنور ويحقق أحلامه فيكي يا مصر".
فيما كتبت زينب محمد على موقع "تويتر" ساخرة: السؤال اللي شاغلني، مين اللي بلغ، يعني تجار الآثار ولا اللي عملوا المقلب ولا جت إزاي، بس الفكرة في حد ذاتها حلوة، اللي هو ليه نكتشف لما ممكن نعمل تقليد آثار، إيه المانع من تعميم الفكرة".
نصب واحتيال
قال الخبير في الآثار مختار كسباني، إن تلك الواقعة رغم طرفتها إلا أنها نصب واحتيال، مؤكدًا أن هناك مجهودا مبذولا في بناء المقبرة يصعب على غير المتمرسين كشفه، وهو أسلوب من أساليب الاتجار غير المشروع، وسيعاقبون بتهمة النصب والاحتيال لا بقانون الآثار.
مختار الكسباني
وأكد كساب في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، أن شكل المقبرة جاء عن دراسة لأشكال المقابر الحقيقية، وكذلك فإنها اقتضت مهارة فنية عالية، وإن كان رسمت على جدرانها رسومات ونقوش وخرطوش، لا تمت للحضارة المصرية بأي صلة، والرسومات الموجودة بها مرسومة من الكتب الفرعونية، ولذا من المرجح أن القائمين على عملية النصب متعلمون، لكنهم غير متخصصين.