جدل دولي حول الصك الملزم للشركات بمبادئ حقوق الإنسان
على هامش الدورة الـ25 للمجلس الأممي
عقد المجلس الدولي لحقوق الإنسان، الدورة الثامنة للفريق الحكومي الدولي المعني للشركات ومؤسسات الأعمال فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
جاء ذلك على هامش انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي خلال الفترة من 27 فبراير الجاري وحتى 4 إبريل المقبل، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.
وتشكل الفريق الحكومي الدولي المفتوح العضوية المعني بالشركات ومؤسسات الأعمال، فيما يتعلق بحقوق الإنسان بموجب القرار 26/9 الصادر في 26 يونيو 2014.
وكلف المجلس الدولي لحقوق الإنسان، الفريق بوضع صك دولي ملزم قانونا ينظم في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان أنشطة الشركات ومؤسسات الأعمال في ما يتعلق بحقوق الإنسان.
وبدوره قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إن الحلول اللازمة للتصدي للتحديات العالمية يتطلب وجود شبكة شاملة وتعددية كأطراف فعالة على أن يشكل القطاع الخاص جزءاً رئيسياً من الهيكل.
وأكد تورك أن الدول والشركات التي التزمت بخطة التنمية المستدامة ومعايير حقوق الإنسان تميل إلى إظهار قدر أكبر من المرونة أثناء الأزمات مثل جائحة مرض فيروس كورونا.
وبناء عليه سلط المفوض السامي الضوء على الدور الهام الذي يضطلع به المجتمع المدني، لا سيما المدافعين عن حقوق الإنسان والبيئة في توجيه الاهتمام إلى مجموعة من القضايا التي كثيراً ما تغيب عن الاهتمام، مثل تغير المناخ والقضايا البيئية وقضايا العمل والممارسات التجارية في البيئات الهشة والفساد.
وعرض على الفريق العامل عدة وثائق منها المشروع المنقح الثالث للصك الملزم قانوناً الذي ينظم في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان أنشطة الشركات ومؤسسات الأعمال مع الاقتراحات النصية الملموسة التي قدمتها الدول خلال الدورة السابعة.
وقال الرئيس المقرر لمشروع برنامج العمل والطرائق المقترحة للدورة، إن العمل في إطار البند 4 من جدول الأعمال سيبدأ ببيانات عامة من الدول والجهات صاحبة المصلحة من غير الدول تليها حلقة نقاش مائدة مستديرة.
وقدم الرئيس المقرر في بيان الشكر للمفوض السامي والدول على جهودهم الرامية إلى النهوض بعمل الفريق العامل على سد ثغرة في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وذكّر بتاريخ الفريق العامل لا سيما الدورات السبع التي عقدت منذ اعتماد قرار مجلس حقوق الإنسان 26/9 والمشاريع المتعاقبة للصك الملزم قانوناً التي قدمت على مر السنين.
وعرض الرئيس المقرر ما بُذل من جهود خلال العام الماضي للمضي قدماً في الأعمال المتعلقة بالصك من خلال آلية اصدقاء الرئيس.
وأبرز الرئيس المقرر أنه رغم إحراز تقدم كبير حتى الآن فإن المشاركة الواسعة والمتنامية لجميع الجهات الفاعلة، لا سيما الدول ضرورية للمضي قدماً في العمل، إلى جانب حث الدول على المشاركة البنّاءة والموضوعية للإعراب عن مصالحها ومواقفها.
وخلال الجلسة سلمت عدة وفود التأثيرات الإيجابية التي يمكن أن تحدثها الشركات عندما تحترم حقوق الإنسان، وسلطت الضوء على العديد من انتهاكات حقوق الإنسان ومن بينها الاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان والفلاحين والشعوب الأصلية واستخدام عمل الأطفال وتدمير البيئة واستغلال الموارد.
كما لوحظ أن الأزمات مثل جائحة كوفيد -19 قد زادت من المخاطر التي يتعرض لها الأشخاص الذين يعيشون في حالة ضعف وأظهرت أيضاً مدى تشابك المجتمعات والاقتصادات وترابطها.
وذكرت بعض الوفود والمنظمات غير الحكومية الفريق العامل بالمشاكل المرتبطة بالعولمة بما في ذلك تزايد العقبات القانونية التي تحول دون مساءلة الشركات عبر الوطنية عن انتهاكات حقوق الإنسان.
وشددت وفود ومنظمات كثيرة أيضاً على افتقار ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان المتصلة بأنشطة الأعمال التجارية بشكل عام إلى فرص اللجوء إلى القضاء والحصول على الجبر.
كما ذكّرت الوفود والمنظمات بالجهود السابقة التي بُذلت من أجل التصدي للتحديات المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان.
وتعود المناقشات الحكومية الدولية في هذا المجال إلى عقود عديدة، إذ كان وضع المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان حدثاً بارزاً لأنه أوجد إطاراً مشتركاً يمكن من خلاله تناول هذه التحديات والتصدي لها.
ونقلت وفود عديدة التزامات دولها بتعزيز حماية حقوق الإنسان في سياق الأنشطة التجارية وعرض ممثلو الدول المبادرات التشريعية والسياسية الرامية إلى الحماية من التأثيرات السلبية لمؤسسات الأعمال في حقوق الإنسان وتنفيذ المبادئ التوجيهية بشكل أو بآخر.
وعرضت منظمة إقليمية أيضاً مبادرات عدة ذات صلة اعتمدت بالفعل أو تجري مناقشتها على الصعيد الإقليمي بشأن جملة أمور منها إيلاء العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات.
وجادلت بعض الوفود والمنظمات بأن عدم تمكن هذه المبادرات من منع انتهاكات حقوق الإنسان المتصلة بأنشطة الأعمال التجارية والتصدي لها بالقدر الكافي.
وهذه المعطيات تؤكد ضرورة وضع صك دولي ملزم قانونا في هذا المجال، إضافة إلى ذلك أبرز المشاركين أن من شأن هذا الصك أن يساعد على تعزيز التنمية المستدامة والنهوض بالمعايير المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان وسد الثغرات في القانون الدولي وتوطيد دعائم التعاون الدولي وتعزيز حماية الضحايا والفئات الأشد عرضة لخطر الضعف أو التهميش.
إلى جانب ذلك شدد العديد من المشاركين على الدور الرئيسي الذي يمكن بل ينبغي أن يؤديه صك دولي ملزم قانونا لتعزيز إمكانية لجوء المتضررين في سياق الأنشطة التجارية إلى القضاء وحصولهم على التعويض.
ورأى العديد من الوفود والمنظمات أن مشروع النص المنقح الثالث للصك الملزم قانونا يوفر مع الاقتراحات النصية الملموسة الصادرة عن الدورة السابعة أساساً قوياً لتحقيق أهداف الفريق العامل، غير أن الوفود اختلفت على النطاق الصحيح للصك، إذ جادل البعض بأنه ينبغي أن ينطبق على جميع الأنشطة التجارية.
بينما جادل آخرون بأنه ينبغي أن يقتصر على الشركات عبر الوطنية، واقترح آخرون أنه ينبغي أن يركز على الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال ذات الطابع عبر الوطني.
إضافة إلى ذلك أعربت وفود عدة عن شواغل أخرى بشأن مشروع النص المنقح الثالث، إذ رأت أن المشروع هو في الوقت نفسه إلزامي للغاية، وغامض جداً بالنسبة لنص قانوني يراد له أن ينفذ في سياقات متنوعة.
وركز المتحاورون في حلقة نقاش الصك الملزم قانونا والطريق قدماً على عدة مسائل منها أهمية وجود معاهدات لحقوق الإنسان ومنح الفرصة للتعبير بحرية عما يجول في خواطرهم وإتاحة حيز للدول لصياغة المواقف والتوعية بالتأثير البيئي والتأثير في حقوق الإنسان.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.











