الأمم المتحدة تدعو لتغيير نوعية الخدمات المقدمة لذوي الهمم

في إطار الدورة الـ52 للمجلس الدولي لحقوق الإنسان

الأمم المتحدة تدعو لتغيير نوعية الخدمات المقدمة لذوي الهمم

طالب المجلس الدولي لحقوق الإنسان، بإعادة تصور الخدمات في القرن الحادي والعشرين من أجل إعمال حقوق الأشخاص ذوي الهمم في العيش المستقل والإدماج في المجتمع.

جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال الفترة من 27 فبراير حتى 4 إبريل 2023، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

ويبيِّن المقرر الخاص في دراسته أن نماذج الخدمات والدعم التقليدية كثيراً ما تديم التبعية وانعدام الاستقلالية، لأنها تركز على العاهات وتعتبر الأشخاص ذوي الهمم متلقين سلبيين للرعاية، ويتعارض هذا النهج مع اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي ترتكز على الشخصية القانونية والاستقلالية والادماج في المجتمع.

وعلى هذا الأساس يجادل بأن هناك فلسفة جديدة تماماً للخدمة والدعم آخذة في الظهور ويطالب بصيغة أوضح للقانون والسياسة العامة، ويتناول بالتفصيل مجموعة واسعة من الأدوات السياساتية المتاحة للدول للقيام بذلك مع تسليط الضوء على التحديات الرئيسية في مجال السياسة العامة، والإشارة إلى إمكانية أن يكون قطاع الأعمال التجارية جهة فاعلة في مجال تغيير نوعية الخدمات.

ويقدم المقرر الخاص استنتاجات وتوصيات بشأن السبل التي ينبغي بها لمختلف الجهات الفاعلة أن تنهض بتغيير نوعية الخدمات والدعم المقدم للأشخاص ذوي الهمم.

النزاعات المسلحة

بعد تخفيف حدة القيود المفروضة على السفر بسبب جائحة فيروس كورونا، تمكن المقرر الخاص من القيام بأولى زياراته القطرية منذ تعيينه في عام 2020، ففي مارس 2022 زار مؤسسات الاتحاد الأوروبي وسافر إلى الأردن في سبتمبر 2022.

وتركزت أنشطة المقرر الخاص على الترابط بين معاهدات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، في ما يتعلق بأوضاع الأشخاص ذوي الهمم في النزاعات المسلحة، وقدّم تقريره عن حماية حقوق الأشخاص ذوي الهمم في سياق العمليات العسكرية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر 2022.

ولدى إعداد التقرير أجرى المقرر الخاص مشاورات إقليمية مكثفة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي بيانه بمناسبة اليوم الدولي للأشخاص ذوي الهمم في ديسمبر 2022، سلط الضوء على الحاجة إلى تدابير كافية لحماية الأطفال ذوي الهمم في حالات النزاع المسلح.

ودعا إلى توجيه وتوسيع تصور الدول للسياسات المتعلقة بإعمال الحقوق المكرسة في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الهمم المشار إليها بالاتفاقية، وينصب تركيزها المحدد على ضرورة تغيير نوعية الخدمات لضمان ممارسة الأشخاص ذوي الهمم لحقهم في العيش المستقل والإدماج في المجتمع ممارسة فعلية.

ويمكن للدول أن تقدم الدعم اللازم في صورة مباشرة لتمكين الأشخاص ذوي الهمم من العيش في المجتمع عن طريق الاقتصاد الاجتماعي الذي لا يستهدف الربح أو عن طريق قوة السوق وسيعتمد المزيج الدقيق على خيارات السياسات المحلية والظروف، وسيشمل المزج بين الخدمات الرسمية مدفوعة الأجر وغير الرسمية الأسرية أو المجتمعية.

ويستند هذا التقرير إلى ثلاثة مرتكزات أساسية، أولها: يجب تغيير نموذج الخدمة في مجال الإعاقة الذي تطور منذ دولة الرفاهية في منتصف القرن العشرين، واستبداله بفلسفة جديدة تماماً للخدمة والدعم بدأت في الظهور، ويمكن تمييزها بشكل واضح عن النماذج السابقة وهي ترتكز على الشخصية القانونية الاستقلالية والادماج الاجتماعي ويجب أن تكون أكثر وضوحاً في القانون والسياسة والبرمجة.

والركيزة الثانية تتمثل في أن لدى الدول مخزونا كبيرا من الأدوات السياساتية في الوقت الراهن لإعادة تصور نموذج جديد للخدمات وتصميمه وتنفيذه، ورصد أن الاستفادة من ابتكارات أوائل القرن الحادي والعشرين بشكل رئيسي لإعادة تشكيل تقديم الخدمات وتخصيصها يجعل تحقيق الفلسفة الجديدة أكثر سهولة.

أما الركيزة الثالثة فإنه ينظر إلى قطاع الأعمال بشكل متزايد على أنه جهة فاعلة مهمة في مجال حقوق الإنسان، ما يؤثر بصورة مباشرة على صناعة الخدمات للأشخاص ذوي الهمم في جميع أنحاء العالم التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.

وهذه المرتكزات مجتمعة (المتمثلة في الحاجة إلى فلسفة جديدة تماماً للخدمة وإعادة ابتكار لغة ومفردات في مجال دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب استخدام مجموعة كاملة من الأدوات السياساتية لإعادة تشكيل القطاع وضرورة أن تكون الأعمال التجارية شريكة في التغيير)، تشكل فرصة لبث روح جديدة في الاتفاقية.

فلسفة جديدة 

أوضح التقرير أنه من الصعب التحدث عن الحق الرسمي في العيش بشكل مستقل والتواصل مع المجتمع دون الحديث عن أنواع الخدمات اللازمة لجعله حقيقة ملموسة، وليس بالإمكان استدامة أي قدر من الإصلاح القانوني، ما لم تتغير المنظومة الأساسية للدعم والخدمات.

ولفت أن النظام الموروث في مجال خدمة الأشخاص ذوي الهمم مستمد بشكل كبير من النموذج الطبي للإعاقة، ويقال عادة إنه يركز على الانحراف عن قاعدة ما، كيف يتصرف البشر الطبيعيون، بغرض إصلاح اختلاف تصرفات الشخص، ما ساهم في اعتماد فلسفة دعم اجتماعي ضيقة المفهوم تسعى أساساً إلى تعويض الأشخاص ذوي الهمم عن خسارتهم.

وفي هذا المجال تغير الاتفاقية قواعد اللعبة وتبتعد بصورة جذرية عن النموذج الطبي للإعاقة، والنماذج الاجتماعية المختلفة التي ساعدت على تمهيد الطريق لنهج قائم على حقوق الإنسان إزاء الإعاقة تحدّت الأسس التي يقوم عليها النموذج الطبي وآثاره.

وكشف التقرير أنه لكي يتولى الأشخاص ذوو الهمم القيادة في جميع المسائل المتعلقة بحياتهم سيلزم إعادة التوجه بعيداً عن التركيز على العاهات نحو إدراك أهمية الخيارات الحياتية للشخص.

وأوضح أنه بما أن الإدماج الاجتماعي أمر حيوي لتطوير الإحساس بالذات، فإن الخدمات يجب أن تركز على الجانب الاجتماعي لضمان الحق المتساوي في الانتماء والنمو والتواصل مع الآخرين.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية