في يومها العالمي.. الطريق لحرية الصحافة السعودية محفوف بالتحديات
في يومها العالمي.. الطريق لحرية الصحافة السعودية محفوف بالتحديات
كإحدى أبرز وسائل الإعلام ونقل المعلومات وتفسيرها وتعميق الوعي الجمعي، كانت الصحافة نبراسا أسهم في تطوير وتنوير المجتمعات العربية.
وتحتفل الأمم المتحدة، باليوم العالمي لحرية الصحافة في 3 مايو من كل عام، لتسليط الضوء على التحديات المتصلة بوسائل الإعلام والتهديدات التي تقوض ثقة الجمهور نتيجة الرقابة والهجمات على الصحفيين.
وفي المملكة العربية السعودية تعود نشأة الصحافة إلى بدايات توحيد الدولة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود، حيث كانت هناك صحف في العهدين العثماني والهاشمي، خاصة في منطقة الحجاز.
وعقب توطد الحكم للملك عبدالعزيز صدرت صحيفة أم القرى عام 1924، والتي تعد البداية الحقيقية للصحافة السعودية، مرورا بتاريخ طويل من التطوير في المنهج والآليات.
وأسهمت الصحافة السعودية وعبر تاريخها الطويل في تنمية المجتمع والتنشئة السياسية والاجتماعية والثقافية، وكانت رافدا مهما من الروافد المعرفية ومنبرا للرأي الذي أسهم في استقرار وتوعية وترابط المجتمع.
وفي عام 1958، عُقد مؤتمر صحفي في الطائف برئاسة ولي العهد آنذاك الملك فيصل بن عبدالعزيز، بحضور أصحاب وملاك الصحف، واقترح أن يتم دمج بعض الصحف ببعضها لإيجاد صحافة قوية وقادرة.
وأسفرت عمليات الدمج عن ظهور عدد من الصحف بأسماء جديدة، وتوقف صحف أخرى لم تستطع مواصلة الصدور أو الاندماج مع غيرها، كما صدرت أيضاً صحف ومجلات لم تكن موجودة من قبل.
معوقات وتحديات
ورغم أن الصحافة في السعودية كانت ولا تزال مصدراً للمعلومات الموثوقة، فإن كثيراً من مؤسساتها تعاني قلة الموارد المالية، إلى حد أن البعض منها شارف على الإفلاس.
وساهم في تردي الأوضاع المالية للصحف، تطور الثورة المعلوماتية وظهور الهواتف الذكية وبرامج التواصل الاجتماعي والتي أحدثت تغييراً عميقاً في مكانتها لدى المتلقي، لا سيما أنها ظلت لسنوات لم تواكب التغيرات السريعة لوسائل التقنية، ما ساهم في سحب البساط من تحت أقدامها، وتحجيم دورها وتقليص الإقبال عليها سواء من الجمهور أو المعلنين.
ووفق ما رآه مراقبون فإن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تدهور الوضع المادي للصحف، تتمثل في ضعف الإيرادات، وتوقف مصادر الدخل من الإعلانات، وتراجع أعداد بيع الصحف والاشتراك فيها.
وبشأن الحلول التي يمكن أن تعيد للصحافة السعودية مكانتها، يحدد الخبراء أبرزها في "تغيير المضمون والمحتوى وإدخال عناصر الجذب إليه عبر منصات إعلامية قوية، وتأهيل الكوادر البشرية على مختلف الأشغال الإعلامية باحترافية.
واعتبروا أن تلك الحلول من شأنها زيادة قدرة المؤسسات الإعلامية على مخاطبة الأجيال الجديدة وصناعة الرأي العام والتأثير في كل الاتجاهات والمستويات، ومخاطبة المتلقي سواء في الداخل أو الخارج، إضافة إلى ضرورة التحول من مؤسسات صحفية إلى مؤسسات للرأي والدراسات والإنتاج الإعلامي المتطور.
وفي عام 2022، أصدرت منظمة "مراسلون بلا حدود" المؤشر السنوي لحرية الصحافة العالمي والذي يقيم المؤشر حالة حرية الصحافة في 180 دولة سنوياً.
وصنفت منظمة مراسلون بلا حدود (دولية وغير ربحية، مقرها باريس) السعودية في المركز الـ166، وذلك من خلال قياس عدة مؤشرات متعلقة بالصحفيين ووسائل الإعلام.
حالة من الانتعاش
بدوره، قال الصحفي السعودي عبدالعزيز بن سلمة، إن الصحافة في بلاده تشهد حالة من الانتعاش لم تشهدها في أي وقت مضى، وهي الحالة التي يعتبرها الصحفيون مصدرا للقوة والتأثير والريادة في العالم العربي.
وأوضح بن سلمة في تصريح لـ"جسور بوست" أن الوضع الحالي الذي تشهده الصحافة السعودية من تطور وازدهار أثار غضب البعض الذين يرون أن في هذا النهج الذي تتبناه الصحافة عموماً ما يهدد مصالحهم.
وأضاف: "الصحافة السعودية لا تزال تركز اهتماماتها على قضايا المجتمع وهموم واحتياجات السعوديين، بالتوازي مع التطوير والتحديث التقني والرقمي".
وتابع: "العمل الصحفي في جميع دول العالم محفوف بالمخاطر، والتحديات والتجاوزات التي تواجه الصحفيين ليست قاصرة على الدول العربية أو النامية وإنما تحدث بكثافة في دول العالم الأول الأكثر تقدمية وحداثة، لكن معظم المنظمات المعنية برصد تلك الانتهاكات تغض الطرف عنها".
ويؤكد العديد من الصحفيين السعوديين أن أوضاع الحريات الإعلامية في المملكة تحظى باهتمام مكثف وتتمتع بحرية ذات هامش مرتفع.
أهمية حرية الصحافة
وتؤكد المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان أهمية حرية الصحافة كصمام أمانٍ وحاجز لضبط تجاوزات السلطات، ما يتطلب توفير بيئة آمنة للصحفيين يستطيعون من خلالها ممارسة مهامهم دون خطر المضايقة أو الملاحقة أو الاعتقال والسجن بل وحتى القتل.
ويعود تاريخ اليوم العالمي لحرية الصحافة إلى مؤتمر عقدته اليونسكو في ويندهوك في 3 مايو عام 1991، ويأتي الاحتفال العالمي به لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة، إلى جانب المناقشة حول قضايا أخلاقيات المهنة والدفاع عن وسائل الإعلام من الاعتداءات على استقلالها.