"تجارة الموت".. تقرير أممي يكشف شراء ميانمار أسلحة بمليار دولار منذ فبراير 2021
"تجارة الموت".. تقرير أممي يكشف شراء ميانمار أسلحة بمليار دولار منذ فبراير 2021
استورد جيش ميانمار ما لا يقل عن مليار دولار من الأسلحة والمواد الخام لتصنيع الأسلحة منذ أن قام بالانقلاب على السلطة في فبراير 2021، وفقا لتقرير جديد صدر عن الخبير المستقل المعين من قبل الأمم المتحدة لرصد انتهاكات حقوق الإنسان والتحقيق في البلاد.
ويشير التقرير، الذي نشره الموقع الرسمي لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إلى أن بعض "الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تُمكن هذه التجارة" من خلال مزيج من التواطؤ الصريح، والتراخي في إنفاذ الحظر الحالي، والتحايل بسهولة على العقوبات.
الأسلحة المتطورة
وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة، توم أندروز: "على الرغم من الأدلة الدامغة على الجرائم الفظيعة التي ارتكبها جيش ميانمار ضد شعب ميانمار، لا يزال بإمكان الجنرالات الوصول إلى أنظمة الأسلحة المتقدمة وقطع الغيار للطائرات المقاتلة والمواد الخام ومعدات التصنيع لإنتاج الأسلحة المحلية".
وأضاف: “أولئك الذين يقدمون هذه الأسلحة قادرون على تجنب العقوبات باستخدام شركات واجهة وإنشاء شركات جديدة مع الاعتماد على التراخي في التنفيذ”.
وتابع: "والخبر السار هو أننا نعرف الآن من الذي يزود هذه الأسلحة والولايات القضائية التي تعمل فيها.. ويتعين على الدول الأعضاء الآن أن تكثف جهودها لوقف تدفق هذه الأسلحة".
مناشدة للحكومات
ودعا أندروز إلى فرض حظر كامل على بيع أو نقل الأسلحة إلى جيش ميانمار، وناشد الحكومات فرض الحظر الحالي مع تنسيق العقوبات على تجار الأسلحة ومصادر العملات الأجنبية.
وقالت المفوضية السامية لحقوق الإنسان إن ورقة الخبراء التي عينها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تحت عنوان "تجارة الموت بمليار دولار: شبكات الأسلحة الدولية التي تمكن من انتهاكات حقوق الإنسان في ميانمار" هي الدراسة الأكثر تفصيلا حول عمليات نقل الأسلحة إلى الجيش بعد الانقلاب حتى الآن.
ويحدد التقرير، مصحوبا برسم بياني مفصل، الشبكات والشركات الرئيسية المشاركة في هذه المعاملات، والقيم المعروفة لعمليات النقل، والولايات القضائية التي تعمل فيها الشبكات، وهي روسيا والصين وسنغافورة وتايلاند والهند.
وقال أندروز: "لا تزال روسيا والصين هما الموردين الرئيسيين لأنظمة الأسلحة المتقدمة لجيش ميانمار، حيث تمثلان أكثر من 400 مليون دولار و260 مليون دولار على التوالي منذ الانقلاب، مع الكثير من التجارة التي تأتي من كيانات مملوكة للدولة".
رسم بياني للشبكات والشركات المشاركة في إمداد ميانمار بالأسلحة
وأضاف: “ومع ذلك، فإن تجار الأسلحة الذين يعملون من سنغافورة مهمون لاستمرار تشغيل مصانع الأسلحة الفتاكة التابعة لجيش ميانمار (يشار إليها عادة باسم KaPaSa)”.
ويكشف التقرير أنه تم شحن 254 مليون دولار من الإمدادات من عشرات الكيانات في سنغافورة إلى جيش ميانمار من فبراير 2021 إلى ديسمبر 2022، وقد استخدم تجار الأسلحة المصارف السنغافورية على نطاق واسع.
وأشار أندروز إلى أن حكومة سنغافورة ذكرت أن سياستها هي "حظر نقل الأسلحة إلى ميانمار" وأنها قررت "عدم الإذن بنقل المواد ذات الاستخدام المزدوج التي تم تقييمها على أنها ذات تطبيقات عسكرية محتملة إلى ميانمار".
وقال المقرر الخاص: "أناشد قادة سنغافورة الاستيلاء على المعلومات الواردة في هذا التقرير وإنفاذ سياساتها إلى أقصى حد ممكن".
ويوثق التقرير أيضا عمليات نقل أسلحة بقيمة 28 مليون دولار من الكيانات التي تتخذ من تايلاند مقرا لها إلى جيش ميانمار منذ الانقلاب، وقدمت الكيانات التي تتخذ من الهند مقرا لها أسلحة ومواد ذات صلة بقيمة 51 مليون دولار للجيش منذ فبراير 2021.
فشل العقوبات
ويبحث التقرير في سبب فشل العقوبات الدولية المفروضة على شبكات تجارة الأسلحة في وقف أو إبطاء تدفق الأسلحة إلى جيش ميانمار.
وقال: "لقد اكتشف جيش ميانمار وتجار الأسلحة كيفية التلاعب بالنظام، ذلك لأن العقوبات لا يتم تطبيقها بشكل كافٍ ولأن تجار الأسلحة المرتبطين بالمجلس العسكري تمكنوا من إنشاء شركات وهمية لتجنبها".
وقال الخبير إن الطبيعة المخصصة وغير المنسقة للعقوبات الحالية تسمح بالدفع بعملات وولايات قضائية أخرى.
وقال أندروز: "من خلال توسيع العقوبات وإعادة تجهيزها والقضاء على الثغرات، يمكن للحكومات تعطيل تجار الأسلحة المرتبطين بالمجلس العسكري".
ويركز التقرير أيضا على المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية التي مكنت المجلس العسكري في ميانمار من شراء أكثر من مليار دولار من الأسلحة منذ الانقلاب.
وقال أندروز: "لم تستهدف الدول الأعضاء بشكل كافٍ المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية التي يعتمد عليها المجلس العسكري لشراء الأسلحة، بما في ذلك شركة ميانمار للنفط والغاز".
فوضى وأزمة إنسانية
تعيش ميانمار فوضى وأزمة إنسانية واقتصادية كبيرة منذ تولي المجلس العسكري السلطة الذي حدث في فبراير 2021، إذ أسفرت حملة قمع المعارضين للحكم العسكري عن أكثر من 2000 قتيل، وفق مجموعة رصد محلية.
وتشهد أنحاء عدة من البلاد اشتباكات بين مقاتلي "قوات الدفاع الشعبي" المجهزين غالبا بأسلحة يدوية الصنع أو بدائية وقوات المجلس العسكري، فيما يشير محللون إلى أن الجيش يواجه صعوبات في التعامل مع تكتيكات المقاتلين.
وتدور اشتباكات مع مجموعات متمردة أكثر تنظيما متمركزة على طول الحدود مع تايلاند والصين.
وفر نحو مليون مسلم من الروهينغا من ميانمار ذات الأغلبية البوذية إلى مخيمات اللاجئين في بنغلاديش منذ أغسطس 2017، عندما أطلق جيش ميانمار عملية تطهير ردا على هجمات جماعة متمردة.
واتُهمت قوات الأمن في ميانمار بارتكاب عمليات اغتصاب جماعي وقتل وحرق آلاف المنازل.
بعد الانقلاب في الأول من فبراير 2021، أكد الجيش أنه سينظم انتخابات جديدة ويمكن أن تجري في أغسطس 2023، لكن البلاد التي تعاني من صراع أهلي عنيف، يجب أن تكون أولاً "في سلام واستقرار"، وفق رئيس المجلس العسكري.