السودان.. هدوء نسبي وتراجع في حدة المعارك بعد سريان الهدنة

السودان.. هدوء نسبي وتراجع في حدة المعارك بعد سريان الهدنة

شهدت الخرطوم ومناطق عدة في السودان هدوءا نسبيا في أول يوم للهدنة، بعد معارك ضارية استمرت خمسة أسابيع بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية. 

وجرى الاتفاق على الهدنة التي يفترض أن تتيح خروج المدنيين وإدخال مساعدات إنسانية إلى البلاد، خلال محادثات استضافتها مدينة جدة السعودية يوم السبت، وفق وكالة فرانس برس.

ومع دخول الهدنة التي تمتد أسبوعا حيز التنفيذ مساء الاثنين، أفاد شهود في العاصمة بسماع دوي معارك وغارات جوية في أنحاء مختلفة منها، في استكمال للقتال المتواصل منذ أكثر من شهر بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلا أن حدة المعارك تراجعت الثلاثاء.

وقال أحد المقيمين في الخرطوم، الثلاثاء، إن دوي "قصف مدفعي متقطع" يتردد في العاصمة.

ويفترض أن تتيح الهدنة التي وقع عليها الطرفان على هامش مباحثات في مدينة جدة السعودية، خروج المدنيين وإدخال مساعدات إنسانية إلى السودان، لكن أحد العاملين في المجال الإنساني قال إنه لا يبدو أن هناك ممرات آمنة تسمح بتنقل المدنيين أو تسليم شحنات المساعدات.

منذ 15 أبريل، أسفر النزاع بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، عن مقتل ألف شخص وأكثر من مليون نازح ولاجئ.

وكان الوسطاء الأمريكيون والسعوديون قد أعلنوا أنهم توصلوا بعد أسبوعين من المفاوضات، إلى هدنة تعهد الجانبان باحترامها، لكن منذ بداية الحرب، تم الإعلان مرارا عن اتفاقات لوقف النار تعرضت للانتهاك في كل مرة.

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحفيين: "في ما يتعلق بالمزاعم عن خروق وقف إطلاق النار، بالطبع رأينا التقارير، المسؤولون في آلية المراقبة يتحققون من هذه التقارير".

وقال كارل سكمبري من المجلس النروجي للاجئين (NRC): "بعيدا عن التصريحات الرسمية، السودان لا يزال يقصف، وملايين المدنيين في خطر"، مستنكرا عبر "تويتر"، "أكثر من شهر من الوعود الكاذبة".

أوضاع صعبة

وأعلن المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر باتريك يوسف، "أن سبعة أيام ليست فترة طويلة نظرا إلى حجم حالة الطوارئ الإنسانية".

وقال: "نحن في وضع تكون فيه كل دقيقة مهمة"، بينما اتهم خبير حقوق الإنسان في الأمم المتحدة رضوان نويصر المتحاربين "بأخذ بلد بأكمله رهينة".

وشهد سكان الخرطوم، البالغ عددهم 5 ملايين نسمة تقريبا، الاثنين، قتالا متواصلا لليوم السابع والثلاثين على التوالي، في ظل حر شديد، بينما حرم معظمهم من الماء والكهرباء والاتصالات.

سيسمح وقف لإطلاق النار بإعادة تشغيل الخدمات والمستشفيات وتجديد مخزون المساعدات الإنسانية والأسواق المنهوبة أو التي تعرضت لقصف، في هذا البلد الذي يحتاج فيه 25 مليون نسمة من أصل 45 مليونا إلى المساعدة، وفقا للأمم المتحدة.

وأعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، الثلاثاء، إغلاق مستشفى جديد في الضاحية الكبرى للخرطوم، إذ أجبر موظفوه على التوقف عن العمل، لا سيما أنهم كانوا في مرمى النيران.

وقالت النقابة: "فوجئنا خلال الأيام الماضية ولعدة مرات، بدخول عناصر مسلحة من قوات الدعم السريع إلى المستشفى، قاموا بالتعدي على المرضى والمرافقين والكوادر الطبية، وعملوا على ترهيبهم بإطلاق النار داخل أروقة المستشفى". 

كذلك، نددت بـ"حملة الأكاذيب والإشاعات المغرضة" التي يشنها كبار ضباط الجيش ضد الكوادر الطبية والمتطوعين الذين يعملون في المستشفى، والذين تلقوا "تهديدات شخصية".

مستشفيات خارج الخدمة

وقالت وزارة الصحة السودانية في بيان، إن قوات الدعم السريع "قامت بالتمركز في التاسعة صباح الثلاثاء، بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ في مستشفى البان الجديد التعليمي" وبعد الظهر تمركزت في مستشفى أم درمان، ليرتفع بذلك، وفق البيان، عدد المستشفيات التي تتمركز فيها قوات الدعم السريع إلى 29، فيما أكدت قوات الدعم السريع أنها محض "أكاذيب".

وإذا كان الجيش يسيطر على الأجواء، فليس لديه سوى عدد قليل من الرجال في وسط العاصمة، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على الأرض في الخرطوم، ويتهم العديد من السكان هذه القوات بنهب منازلهم أو احتلالها.

في هذه الأثناء، يواصل الأطباء التحذير من مصير مأساوي للمستشفيات، ففي الخرطوم، كما في دارفور، باتت المستشفيات كلها تقريبا خارج الخدمة، أما المستشفيات التي لم يتم قصفها، فلم يعد لديها ما يكفي من المخزونات، أو باتت محتلة من قبل المتحاربين.

وأكدت الرياض وواشنطن، أن هذه المرة ستكون هناك "آلية لمراقبة وقف إطلاق النار" تجمع بين ممثلين عن الجانبين، بالإضافة إلى ممثلين عن الولايات المتحدة والسعودية.

ووجه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن رسالة إلى السودانيين عبر مقطع فيديو نشرته الخارجية الأمريكية، وقال: "إذا تم انتهاك وقف إطلاق النار، فسنعرف".

وتابع: "سنحاسب المخالفين من خلال عقوبات نفرضها ووسائل أخرى متاحة لنا".

وأوضح بلينكن مخاطبا المدنيين: "وحدها حكومة مدنية تنجح في تحقيق الاستقرار والأمن" في البلاد، مضيفا: "يجب أن ينسحب جيشكم من الحكم".

وبحسب الأمم المتحدة، إذا استمر الصراع فإن مليون سوداني إضافي قد يفرون إلى الدول المجاورة التي تخشى انتقال العنف إليها.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية