خبراء: الاقتصاد التعاوني باب لتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر

خبراء: الاقتصاد التعاوني باب لتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر

ربما من المنطق اعتبار أن كل ما يحقق العدالة الاجتماعية والنهوض الاقتصادي للأفراد، هو الوسيلة الأفضل والاختيار الجيد.

وترى سيدة الأعمال الأمريكية إليزابيث بيتسي، أن العدالة الاجتماعية والاقتصاد على حد سواء هما القضية الأهم، ولذا يُعد الاقتصاد التعاوني مهمًا وخيارً أفضل.

ووفقًا لتقارير متخصصة، يشير مصطلح الاقتصاد التعاوني أو التشاركي "sharing economy" إلى مشاركة ما لدى الأشخاص من مهارات أو ممتلكات دون حواجز، ما يعني أن المستهلكين سوف يسعون للحصول على ما يحتاجون إليه في ما بينهم بدلًا من الذهاب إلى المنظمات والهيئات، وشمل ذلك السلع مثل لعب الأطفال وفساتين الزفاف، والخدمات مثل التوصيل ومساحات العمل المشتركة، وبيع وشراء الأغراض المستعملة. 

ويستفيد الاقتصاد التعاوني بشكل أساسي من تكنولوجيا المعلومات، التي تُمكن من توزيع وتبادل وإعادة استخدام فائض السلع والخدمات، وتُسهل الاتصال بين من يحتاج إلى السلعة أو الخدمة ومن يقدمها.

وبلغ حجم مبيعات الاقتصاد التشاركي أو الاقتصاد التعاوني 15 مليار دولار، ومن المتوقع أن يتجاوز حجم مبيعاته 335 مليار دولار بحلول عام 2025. 

وانتشرت في السنوات الثلاث الأخيرة بالمنطقة مبادرات ومشروعات تحفز الاقتصاد التعاوني، تضمن ذلك بيع المنتجات اليدوية والمأكولات منزلية الصنع عبر الإنترنت، على مواقع إلكترونية مثل "أناناسة" وغيرها من المنصات والمنتديات. 

ودعم هذا التوجه توفير فرص عمل للسيدات اللاتي يجدن صعوبة في النزول إلى سوق العمل. 

واحتفلت منظمة "دروسس الدولية" مؤخرًا باليوم العالمي للتعاونيات في محافظة الفيوم بمصر، بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي وجمعية شباب مصر، وعقدت المنظمة بهذه المناسبة مؤتمرا حول الاقتصاد التعاوني ودوره في تنمية المجتمع ومقاومة الفقر، وذلك تحت عنوان "التعاونيات من أجل التنمية المستدامة"، عُقد المؤتمر بحضور عدد من الباحثين من مصر وتونس، وبمشاركة 12 شركة تعاونية تم إنشاؤها في محافظة الفيوم تشمل مجالات تصنيع الملابس الجاهزة والسجاد اليدوي والفخار والنباتات العطرية وغيرها من المجالات. 

أيضًا تقدم منصة "أراب روومز" Arab Rooms لحجز الشقق والغرف في الفنادق، نموذجًا آخر للاقتصاد التعاوني في المنطقة، هذا بالإضافة إلى مساحات العمل المشتركة التي وفرّت حلًا مثاليًا لرواد الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بتوفير بديل استئجار مقر إداري بتكاليف باهظة، على غرار "ذا وورك هاب" The Work Hub و"كيان سبيس" Kayan Space في المملكة. 

"جسور بوست" ناقشت خبراء ومتخصصين عن الاقتصاد التعاوني وكيف يمكن أن يصبح بابا لتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر.

وعن كيفية تحقيق العدالة الاجتماعية من الاقتصاد التعاوني، قال الخبير الاقتصادي إيهاب الدسوقي، إن هذا النوع موجود منذ قدم البشرية ولكنه لم يكن يعمل بمؤسسية ولا داخل أطر منظمة مثلما نراه الآن، فمنذ قديم الزمن كنا نرى المزارعين ومن يمتلكون الأراضي مثلا يعطونها لغيرهم زمنًا معينًا، على أن يكون الناتج منها لهما بالتساوي، وغالبًا هذا النوع ينجح في المجتمعات محدودة الامكانيات أو ذات اقتصادات أقل من غيرها.

وأضاف الدسوقي في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، بقوله، إن مصر من الدول الأكثر استخدامًا له، سواء على مستوى الأفراد أو الحكومات، وهناك مشاريع كثيرة قائمة على هذا النوع من الاقتصاد، وساهم في النمو الاقتصادي بشكل مباشر، كاقتصاد موازٍ أو أساسي، حيث إن هناك كثيرا من المشروعات التي يعمل عليها أصحابها دون اهتمامهم بكونها مما تحصره الدول لديها من عدمه.

وأتم: هذا النوع من الاقتصاد يحقق عدالة اجتماعية ناجزة، حيث يتيح للجميع العمل في مكان واحد يتشاركونه ويتقاسمونه أو يتبادلونه، سواء كان ذلك منتجا أو مكانا.

فيديو.. إيهاب الدسوقي: قطاع الصناعة يقود قطار التنمية للاقتصاد المصري |  اقتصاد | الزمان

تاريخ الاقتصاد التعاوني

وعن تاريخ الاقتصاد التعاوني تحدث الاستشاري التعاوني لمؤسسة دروسس الدولية، الدكتور محمد عبدالحكيم قائلًا، إن فكرته بدأت منذ أكثر من 200 عام في العالم ومن نحو 120 عاما في مصر، وشهدت فترات ازدهار وانكسار، لكنها أحد الأشكال المهمة للاقتصاد القائم على الإنتاج وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال متناهية الصغر، مشيرا إلى أن الدستور المصري ينص على حماية الملكية التعاونية، وأن الرئيس عبدالفتاح السيسي أبدى اهتماما كبيرا بهذا القطاع ووجه بضرورة تشجيعه.   

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست": هناك أسس يتمحور حولها الاقتصاد التعاوني في العالم العربي، وهو شكل مُصغر لما يحدث في الأسواق الاستهلاكية العالمية، حيث يُعد نقلة نوعية في معنى امتلاك المنتجات، فصارت قيمة المنتج تتحدد باستخدامه، وليس بمجرد امتلاكه بشكل عام، كما هو الأمر في النماذج الاستهلاكية التقليدية.

واستطرد: أيضًا زيادة قبول فكرة المنتجات المُستعملة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى شعبية المنصات الإلكترونية لبيع السلع المُستعملة بين المستخدمين مباشرة دون وسيط، حتى صار الأشخاص يتبنون ما يُسمى أنماط الحياة التعاونية، والتي لا تعتمد على مشاركة المنتجات فحسب، وإنما المشاركة بالوقت والمكان والخبرة، ومن أمثلة الاستهلاك التعاوني مشاركة السيارات مع الغرباء، وهو النموذج الذي أثبتت شركة "أوبر" نجاحه وفعاليته.

دروسس» للتنمية المستدامة تحتفل باليوم العالمي للتعاونيات في الفيوم - الأسبوع

 مصدر مالي للمنتجين الصغار

من جانبه، قال الباحث الاقتصادي التونسي أسامة العياشي، إن الاقتصاد التعاوني يفتح الباب أمام المنتجين الصغار للتواجد بالسوق، كما يساعد على النهوض بالمجتمعات اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.

وأضاف: يسهم في القضاء على الفقر وفي توفير فرص العمل مما يحقق ولو جزئيًا فكرة العدالة الاجتماعية، كذلك يحافظ على البيئة، إذ إن أحد شروط المشروعات التعاونية أن تكون صديقة للبيئة.   

دخول مستدامة

قالت مدير مؤسسة “نون لتنمية الأسرة” منى عزت، خلال مؤتمر دروسس للتوعية بأهمية الاقتصاد التعاوني إن الأهداف التنموية مترابطة ومشتركة، مشيرة إلى أن الاقتصاد التعاوني يقدم مشروعات تحقق دخولاً مستدامة لصغار المنتجين والأسر الفقيرة، وهو ما يعني تحقيق تنمية ليس على مستوى مكافحة البطالة فحسب، ولكن أيضا على مستوى رفع مستوى التعليم، وتحسين الصحة العامة للأفراد، وغيرها من الأهداف التنموية المتكاملة.   

دروسس تحتفل باليوم العالمي للتعاونيات في الفيوم - دار الهلال

من جانبه، علق استشاري المتابعة والتقييم بمنظمة اليونيسف، الدكتور أحمد نسيم بياض، في مؤتمر منظمة دروسس بالفيوم بقوله، إن الاقتصاد التعاوني يلبي احتياجات الحاضر دون المساس بحقوق الأجيال القادمة، حيث إن أحد أركانه الأساسية حسن استغلال الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة، مشيرا إلى أن مصر أصبحت لديها خطة واضحة للتنمية المستدامة والتعامل مع المتغيرات المناخية، داعيا إلى التوسع في دعم نماذج الإنتاج التعاوني. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية