بين إثبات الأفضلية وكسر الملل.. الأثرياء يخوضون مغامرات اللاعودة
بين إثبات الأفضلية وكسر الملل.. الأثرياء يخوضون مغامرات اللاعودة
لماذا يدفع البعض الملايين في رحلات قد لا يعودون منها مرة أخرى؟ وهل يتأثر غيرهم بهذا الفعل اقتصاديًا؟
أسئلة منطقية إجابتها لا تبدو منطقية لدى السواد الأعظم من سكان كوكب الأرض من الطبقات الفقيرة أو المتوسطة أو فوق المتوسطة، أما الأثرياء أصحاب مليارات الدولارات فالأمر بالنسبة لهم مختلف ومنطقي ولا يثير تحفظهم.
ففي عالم يتمتع فيه الأثرياء بقدر هائل من الثروة والجاذبية، يسعون باستمرار للتحدي والإثارة، يستكشفون أقصى الحدود ويدخلون إلى عوالم جديدة، لتحقيق الإنجازات التي قد يُذهل بها العالم.
من شواطئ جزر المحيطات البعيدة إلى قمم الجبال الشامخة وغابات الأمازون الغامضة.. القفز بالمظلة من الطائرات العالية ورحلات الغطس في أعماق المحيطات الهائجة.. حيث يحاول الأثرياء الوصول إلى الكنوز القديمة والأحجار الكريمة النادرة.
وقد تنتهي تلك القصص الرائعة بسرعة كما بدأت، ومن الممكن أن يكون هذا الثمن باهظًا للغاية.. وحوادث الطيران الغامضة والغرق في المياه العميقة والتعرض لأمراض خطيرة في المناطق النائية ليست سوى بعض الأمثلة على المخاطر التي يتعرضون لها.
وقد يفاجئك ويثير اندهاشك أكثر معرفتك أنه ثمة خرائط سياحية للأثرياء، تتغير من عام لآخر، معظمها يكون في شكل مغامرات.
ووفقًا لدراسة صادرة عن "Grand View Research"، فإنه من المتوقع أن تتوسع صناعة سياحة المغامرات العالمية من 322 مليار دولار في عام 2022 إلى أكثر من تريليون دولار في عام 2023 حيث تسعى الشركات إلى توسيع عروضها للسياح الباحثين عن المجازفة بجرأة.
"جسور بوست"، ترصد أماكن سياحة الأغنياء وتناقش الدوافع النفسية وأثر موت الأثرياء على الاقتصاد مع متخصصين وخبراء.

إثبات الأفضلية
خبراء عالميون يرون أن الشعور بالملل سيدفع المزيد من الأثرياء إلى البحث عن الإثارة، بخاصة وأنه مع زيادة الإسراف في الحياة، تصبح الأمور أقل إثارة، لذاـ فإنهم يبحثون عن مستجدات الحياة بعدما أصبح الكثير من الأشياء متاحًا لهم.
ولكن هل هذا هو الدافع النفسي الوحيد؟
أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، طه أبو حسين علق بقوله، إن الأسباب كثيرة من ضمنها إثبات الأفضلية، وقد يكون الشعور بالملل والاشتياق لتجارب جديدة ومثيرة هو أحد العوامل التي تدفعهم إلى ذلك، كما قد يحاولون إثبات قدراتهم ومهاراتهم أمام الآخرين وأنفسهم، وقد يعتبرون المغامرات التحدي الجديد الذي يحقق ذلك.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، ربما كانوا يسعون أيضًا للحصول على الشهرة والاعتراف العام من خلال تحقيق إنجازات غير اعتيادية، وفي بعض الأحيان، قد يعتقدون أنهم أكثر قدرة على التحكم في المخاطر أو يتحمّلون المخاطرة بشكل أكبر نظرًا لمواردهم المالية الواسعة، ومع ذلك يجب أن نتذكر أن المغامرات الخطيرة قد تحمل عواقب جسيمة، بما في ذلك الموت، وهذه مخاطر لا يجب إغفالها.
الدكتور طه أبو حسين
هل يتأثر الاقتصاد بموت الأثرياء؟
ربما كانت حيوات الأثرياء أو موتهم أمر يخصهم وحدهم، ولكن أثر ذلك على الاقتصاد أمر يهم الجميع.
السؤال يجيب عليه أستاذ الاقتصاد الدكتور صلاح الدين فهمي بقوله، إن موت الأثرياء قد يؤثر على الاقتصاد بشكل محدود مقارنةً بتأثيرهم أثناء حياتهم، وقد يكون للأثرياء دور هام في دعم الاقتصاد من خلال استثماراتهم ونشاطهم التجاري.. ولكن مع موتهم، قد يتركون وراءهم إرثاً وثروة ستتداول وفقًا للقوانين الخاصة بالميراث والتوزيع، ومن الممكن أن يؤدي هذا التوزيع إلى تحول في ملكية الأصول والشركات، ما يؤثر على الاستثمار والعمل في تلك الشركات.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، قد يسهم موت الأثرياء في تحريك السوق العقارية أيضًا، حيث يتوجب بيع عقاراتهم أو إدارتها بعد وفاتهم، وقد يؤدي ذلك إلى تغيير في الأسعار والطلب على العقارات في تلك المناطق بشكل عام، ويمكن أن يكون لموت الأثرياء تأثير طفيف على الاقتصاد، حيث يتعلق التأثير بتحول في ملكية الأصول والشركات، وتحريك في السوق العقارية، ولكن تلك التأثيرات لا تعد كافية لتأثير كبير على الاقتصاد على المستوى العام.

الدكتور صلاح الدين فهمي
أماكن سياحة الأثرياء
هناك الكثير من الأماكن التي يسعى الأثرياء إلى زيارتها سياحيًا ولو دقائق أو ساعات قليلة، كأعماق المحيطات أو رحلات الفضاء، ومن ذلك أيضًا:
جزر البهاما: مجموعة من الجزر تقع في المحيط الأطلسي شمالي كوبا وهسبانيولا وشمال غربي جزر تركس وكايكوس وإلى الجنوب الشرقي من الولايات المتحدة الأمريكية.
ووفقًا لتقارير صحفية تعتبر هذه الجزر من أشهر المناطق السياحية في العالم، وتوفر عائدات السياحة أكثر من 60% من دخلها العام، وسنة 2018 وصلت إليها 16400 رحلة سياحة على متن طائرات مدنية خاصة.
ميوركا: ميوركا أو Mallorca هي أكبر الجزر الإسبانية، وتقع في البحر المتوسط، وتعتبر جزءا من أرخبيل جزر البليار.
وتتميز هذه الجزيرة بمناخها المعتدل وطبيعتها الخلابة، حتى في فصل الشتاء، ما جعلها من أهم المناطق السياحية في العالم.
إيبيثا: جزيرة من جزر البليار التي تتبع لإسبانيا في البحر المتوسط، وتعتبر من أهم المناطق السياحية التي يقصدها الأثرياء، وخصوصا من أوروبا والولايات المتحدة.
سردينيا: هي ثاني أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، تجاورها جزيرة "كورسيكا" الفرنسية وشبه الجزيرة الإيطالية وصقلية وتونس وجزر البليار الإسبانية.
وفي عام 2018 وصل إلى هذه الجزيرة آلاف الرحلات السياحية، منها 5200 رحلة على متن طائرات خاصة تابعة لشخصيات عالمية معروفة بالثراء.

سان خوان (بورتوريكو): عاصمة بورتوريكو وثاني أقدم مدينة قام بتأسيسها الأوروبيون في الأمريكتين بعد سانتو دومينغو في جمهورية الدومنيكان.
ويقصد السياح هذه المدينة للاستمتاع بطبيعتها الخلابة ومناخها المعتدل والتعرف على قلاعها وقصورها التاريخية المميزة.
صقلية: جزيرة تابعة لإيطاليا، وتعتبر أكبر الجزر في البحر المتوسط، تذهل السياح بشواطئها الخلابة والفن المعماري المميز لأبنيتها.
ميكونوس: تقع هذه الجزيرة في بحر إيجة اليوناني، وتشكل جزءاً من أرخبيل "الكيكلادس"، وتجذب آلاف السياح كل عام بسبب طبيعتها الخلابة وشواطئها الجميلة.