"جسور " و"تريندز" تنظمان ورشة عمل حول الإعلام وحوار الأديان (صور)
"جسور " و"تريندز" تنظمان ورشة عمل حول الإعلام وحوار الأديان (صور)
الحمادي: لا يمكن السيطرة على الإعلام.. وعلينا احترام مواثيق وأخلاقيات المهنة
د. العلي: الحوار بين الأديان طريق "القواسم المشتركة" بين البشر
د. روبرتو: الحوار بين الأديان والتواصل مع الآخر يعيدان اكتشاف ضمائرنا
أكد رئيس مركز جسور إنترناشونال للإعلام والتنمية، محمد الحمادي، أن الإعلام خارج عن سيطرة أي شخص مهما كان، داعيا الإعلاميين إلى الالتزام بالمواثيق الأساسية والأخلاقية للعمل، وعدم إثارة النعرات الطائفية والمذهبية، مشيراً إلى وجود العديد من النماذج الإعلامية التي حرَّضت على العنف والتطرف.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمها مركز جسور إنترناشونال للإعلام والتنمية، ومركز "تريندز" للبحوث والاستشارات، تحت عنوان "الإعلام والحوار بين الأديان"، تحدث فيها مدير المشروع والبحث في المنظمة السويسرية غير الحكومية، الدكتور روبرتو فلافيو سيمونا.
وقال الحمادي، في كلمته بالندوة، إن المواثيق الإعلامية في الأمم المتحدة واضحة جداً، ولا سيما في ما يخص الخطاب الإعلامي للأقليات وأصحاب الديانات المختلفة، والالتزام بها يعد شيئاً مهماً، لعدم استخدام الإعلام كمنصة للنزاعات الدينية والترويج لها.
وأكد رئيس مركز جسور إنترناشونال للإعلام والتنمية، أن الإعلام سواء التقليدي أو "السوشيال ميديا" يعمل على موضوع الحوار بين الأديان بشكل غير صحيح، حيث إنه يركز على نقاط الاختلاف بدلاً من الاتفاق.
وقدم الحمادي مثال "الاتفاق الإبراهيمي" الذي تحدث عنه أحد الأشخاص وحوَّل كلمة الاتفاق إلى "الدين الإبراهيمي"، وما ترتب على ذلك من لغط بعد أن تداولت بعض المنصات الإعلامية هذا التعبير وكأنه دين جديد.
وأكد “الحمادي” أننا لا نستطيع أن ننسى الأديان أو نتجاهلها أو نقفز عليها، ولا نستطيع أن ننكر أن هناك من يحرك الكثير من البسطاء في العالم بواسطة الأديان، ولكن يجب أن نركز على دور الإعلام خاصة في ظل التطور السريع للتكنولوجيا، التي تسهل عمليات ترويج أو خلق أزمات بين أتباع الديانات المختلفة، لذلك يعد أحد أهم التحديات في القرن الـ21، هو كيفية التعامل مع اختلاف الأديان، وكيفية تجنب استغلالها من أجل تأجيج صراعات جديدة في العالم، خاصة في منطقتنا التي تتسم بالغنى والثراء الديني، وهو ما يشجع الكثيرين على استغلال الوضع.
وتطرق “الحمادي” إلى الحريات في العالم، متسائلاً: هل نعيش مرحلة جديدة من الحريات الأفضل والأكبر أم أننا في مرحلة أخرى؟ قائلاً إن الشكل العام في وجود التكنولوجيا السهلة والسريعة يوحي بأننا في طريقنا لمزيد من الحريات، لكن العقدين الأوليين من القرن الـ21 يعطيان مؤشرات مختلفة، ربما الحريات لم تعد كما كانت من قبل، إذ كنا نتحدث في السابق عن تحكم الحكومات، وربما نتحدث مستقبلا عن تحكم الشركات العملاقة العابرة للجنسيات.
وأكد رئيس مركز جسور إنترناشونال للإعلام والتنمية، أن الورشة تتبنى لغة إيجابية في الحوار تبحث عن المشتركات وتبعد عن نقاط الخلاف، ومن هنا كان اختيار استضافة الدكتور روبرتو سيمونا للتحدث في الورشة، وهو شخصية أوروبية سويسرية معروفة في مجال حوار الأديان، وهو خريج جامعة لوزان، ومدير مشروع مهتم بالنهوض بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بجانب أنه يعرف المنطقة عن قُرب، وقام بزيارات ميدانية لدول عدة مثل أفغانستان والعراق، وعلى دراية وقرب من قضايا العرب والمسلمين في المنطقة، وكان ضمن الكثير من بعثات تقصي الحقائق حول الأقليات في عدد من الدول منها الإمارات والسعودية ومصر.
ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، الباحث والكاتب الإماراتي، الدكتور محمد عبدالله العلي -في كلمته الافتتاحية للورشة- إن الإعلام يلعب دوراً مهماً في توعية الرأي العام وتوجيهه، ويؤدي دوراً محورياً في مواجهة خطابات الكراهية والتطرف وتعزيز قيم التسامح والإنسانية.
وأشار “العلي” إلى أنه لا خلاف على إعلاء قيمة الحوار كمطلب أكدته جميع الأديان والشرائع السماوية، وجميع الحضارات والثقافات والمواثيق الدولية باعتباره صمام أمان للجميع، فمن خلال الحوار البناء يسهل تحقيق التفاهم بين الشعوب والثقافات، ويسهل إيجاد الأرضيات المشتركة التي تسمح بحل الأزمات والصراعات والتوصل إلى تفاهمات تحقق للبشر جميعاً أهدافهم للتنمية والسلام، وفق نظرية "رابح رابح".
ويعد الحوار بين الأديان هو الطريق لإيجاد القواسم المشتركة بين أتباع الديانات المختلفة وكيفية تحقيق التعايش السلمي بين بعضهم البعض، والحيلولة دون استخدام الأديان أو توظيفها من قبل المتطرفين لنشر الفوضى والعنف لتحقيق أهداف مشبوهة بعد إلباسها رداء الدين.
وأكد العلي أن الهدف من حوار الأديان ليس محاولة تغيير دين أو ثقافة، أو هيمنة أحدها على الآخر، ولكن أن نصبح أكثر فهماً واحتراماً لثقافاتنا المتنوعة، ولأهمية التعايش السلمي المشترك، مشيراً إلى أن هذا ما أكدت عليه وثيقة الأخوة الإنسانية التي رعت توقيعها دولة الإمارات العربية المتحدة والتي احتفل العالم بذكرى توقيعها قبل أيام.
وشدد الدكتور العلي، على دور الإعلام بشقيه التقليدي والرقمي في إعلاء قيم التسامح ونبذ العنف واحترام معتقدات ومقدسات الديانات الأخرى، وهو دور أساسي لا خلاف عليه، لكنه -بحسب العلي- في حاجة إلى الاهتمام والتركيز عليه، لا سيما في ضوء ما بدأنا نعانيه من توجيه سلبي من قبل المتطرفين خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي، ونشر التطرف والكراهية بين الشعوب والثقافات وأصحاب الديانات المختلفة.
وقال الدكتور روبرتو فلافيو سيمونا، إن المجتمعات تاريخياً، تنشط في جو من الحرية، وإن الدين شارك في ذلك، وكذلك الإعلام، حيث يدفع كلاهما الناس للتفكير في الحرية وإيجاد طريقة للعيش.
وأشار سيمونا إلى أنه في معظم الدول المسلمة ودول الاتحاد السوفيتي السابق، ثمة حسّ إنساني تعكسه الحرية الموجودة لدى الذين التقاهم هناك، وكذلك ساعدت كتابات بعض المفكرين العرب مثل ابن سينا على إدراكه للحرية في هذه المناطق.
وعن الحرب في سوريا، والتي أدت إلى مقتل الآلاف من الأشخاص، وخلقت الملايين من اللاجئين، ودفعت بالملايين إلى براثن الفقر، أكد سيمونا أنها أفضل دليل على تأثير الأيديولوجيا الجامدة والاستبداد اللذين أديا إلى اضطهاد هؤلاء الناس.
وشدد الدكتور سيمونا، على أنه بات من الصعب الآن أن يكون الإنسان حراً، فقد أصبحت الوظائف، على سبيل المثال، تعتمد على أشخاص قد لا يفهمون المعنى الحقيقي للحرية، كما أصبح إدراك الدين يعتمد كثيراً على الإعلام، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي التي تقدم الجانب الشكلي للدين دون الفهم الحقيقي له.
وتطرق سيمونا إلى عدة تجارب لديه، مؤكداً أن الحياة خلال المئة عام الماضية كانت مهتمة بالسلطة والمصالح، وتحقيق أهداف ذاتية، أما الأمور الروحانية التي تدفع إلى التقدم والرخاء، فقد تراجع دورها بشكل كبير في عالمنا اليوم.
وأكد أنه من أجل إعادة اكتشاف العالم، فإنه من الضروري أن نعيد اكتشاف ضمائرنا، عبر الحوار بين الأديان، والتواصل في ظل علاقات تمكّن من التفاعل مع الآخر والتعايش معه.
وفي ختام الورشة جرى حوار حول أبرز ما ورد، حيث أكد الجميع أهمية ومسؤولية الإعلام في تعزيز الفهم المشترك بين الديانات والثقافات المختلفة، ونشر قيم التسامح والخير، ونبذ العنف والكراهية بين البشر.