تداعيات كورونا والأزمة الاقتصادية تجرفان أحلام وحقوق أطفال لبنان

تداعيات كورونا والأزمة الاقتصادية تجرفان أحلام وحقوق أطفال لبنان

باحث بمركز الدراسات اللبنانية: تداعيات كورونا والأزمة الاقتصادية أثرتا سلباً على جودة التعليم

معالجة نفسية: هناك عوائق تحد من وصول الأطفال لخدمات الصحة النفسية.. وغياب الحوار يزيد الأزمة

مصدر في جمعية "حماية": نستجيب لاحتياجات جميع الأطفال بغض النظر عن أي اعتبارات

مصدر في اليونيسف: بناء نظام شامل لحماية الطفل قد يستغرق وقتاً

لبنان- بلال نور الدين

لم يتعافَ اللبنانيون من تبعات الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي أثقلت كاهلهم منذ عام 2019، حتى أصبحوا ملاحقين بأزمة أخرى تهدد أطفالهم.

مؤخرا، ظهرت حالات تكشف عن تدهور وضع الطفولة في لبنان الموقع على اتفاقية حقوق الطفل سنة 1990، منها رمي حديثي الولادة على قارعة الطريق، إلى الاغتصاب والعنف، وصولا إلى الاتجار بالأطفال والعمالة المكبرة والتسرب المدرسي.. كلها أحداث لا تبشر بمستقبل إيجابي، خاصة أن جميع التقارير الدولية تشير إلى أن الانهيار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان قد يستمر لسنوات قادمة.

أجيال مهددة

على الصعيد التربوي، وربطاً بالواقع النفسي للطلاب، كشف الباحث في مركز الدراسات اللبنانية محمد حمود، عن أنه “في السنة الماضية نقل 5 من أصل 10 أهالٍ أولادهم من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية، بحسب إحدى الدراسات”.

وتابع، يجب أن نرى أن الطفل كان ببيئة معينة، ويأتي رب الأسرة ليضعه في بيئة مغايرة فقط لأنها أرخص، هذا بالتأكيد يؤثر بشكل سلبي، صحيح أن ليس كل تنقل من مدرسة لمدرسة هو تنقل سلبي، ولكن عندما يكون هذا النقل نتيجة الضيق المالي أو عدم قدرتك على دفع أقساط طفلك فهذا يؤثر على الرفاهية، خاصةً أن النقل يكون إلى مدرسة رسمية، حيث إن السنوات الثلاث الأخيرة كان فيها الكثير من الانقطاع في التعليم وإضرابات الأساتذة.

وأضاف: “إذا تطلعنا إلى دراسة الأساتذة أيضاً فالأساتذة تأثروا سلباً، حيث إن 89% تأثروا بالأزمة في البلاد، و69% تأثر حافزهم للعمل و22% تأثر أداؤهم في التعليم.. وبالتالي عندما يرى الطفل الأستاذ متعبا، فإن هذا سينعكس عليه”.

وتابع: “لكي يتمكن الأستاذ أن يعطي من قلبه، وأن يساعد التلميذ في مشكلاته النفسية يجب أن تكون حالة الأستاذ النفسية أفضل.. ففاقد الشيء لا يعطيه”.

وأوضح حمود في حديثه لـ"جسور بوست"، أنه “في نتائج استمارات لاستطلاع الرأي، 32% من الأهل قالوا إن الأزمة أثرت بشكل سلبي على نفسية أطفالهم.

وكان هناك تراجع أكاديمي بنسبة 33%، والتراجع الأكاديمي لا يعود فقط للحالة النفسية للأطفال بل إن تأثيره المباشر يكون على العائلة والأطفال، كما رأينا أن هناك أيضاً تراجعاً في جودة التعليم بشكل كبير في آخر فترة وهنا نركز أكثر على المدارس الرسمية”.

حمود

د. محمد حمود

وأضاف: "نحن نتابع الوضع التربوي منذ فترة وباء كورونا، فمنذ ذلك الوقت ونحن نلاحظ تراجع قدرة الأطفال على الوصول إلى التعليم، فوقتها لم تكن هناك كهرباء جيدة ولا شبكة إنترنت، فلم يكن هناك وصول للتعليم بشكل سليم إلى جانب التراجع بالجودة وطبعاً الإضرابات، ونتيجة لذلك كان الطالب ينجح ويرفع، علما أنه لم يتلقَ التعليم بالشكل الصحيح خلال السنتين الماضيتين".

وعن المستقبل الأكاديمي للطلاب، كشف حمود عن أن الدراسة التي قام بتحضيرها قبل الامتحانات الرسمية "تبين أن 21% من الطلاب فقط قالوا إن المعارف التي تلقوها في السنوات الماضية تمكنهم من الاستمرار بمسيرتهم التعليمية، وهؤلاء طلاب الشهادة الثانوية، وبالتالي، فإن هذا التقصير سوف يرفع معه للجامعة والخوف من أن يتمكن من النجاح في الجامعة".

ويرى حمود أن "الوضع الأكاديمي يحتاج إلى عملية إنعاش سريعة قبل فوات الأوان لأننا نخرج أجيالاً ضعيفة جداً".

وأضاف: "في حال استطاعت الدولة إعادة القطاع التربوي إلى المسار السليم، فبالطبع حالة الطلاب النفسية ستتحسن.. وفي الوقت نفسه، فإن المجتمع كله سيستفيد، حيث تجهيز القوى العامة لتخوض المعركة للخروج من الأزمة.. فمثلا، طلاب الثانوي الذين أجرينا معهم استبيانات أحسوا بأنهم غير جاهزين والمدرسة لم تجهزهم للجامعة، وهؤلاء إذا فشلوا في الجامعة نكون قد خسرنا يداً عاملة كفؤة، وفي كل النماذج الاقتصادية، أول ما نتكلم عنه هو التعليم، كونه الذي يرفع المجتمع لمستوى أعلى في الإنتاج".

وفند حمود معاناة الأطفال النفسية، موضحا أن “الكثير من الأهل غير قادرين على أخذ أولادهم في نزهات مثل الماضي، ولذا يجب أن نجد بدائل للترفيه من أجل تحسين الحالة النفسية للأطفال، كما يجب أن نخفف تعرض الأطفال للسلبيات”.

وأضاف أن "حماية الأطفال نفسياً تكمن في عزلهم عن الأخبار السيئة، ونحن كراشدين واجب علينا المشاهدة لنساعد مجتمعنا ونعلم ما يحصل وأن نوضح للأطفال ماذا يجري في البلد وكيف يمكن أن نخرج من هذه الحالة، ونحثهم على التعليم وكيف يمكنه أن يسهم في تحسين المجتمع، فمن المهم جداً أن يشعر الطفل أنه جزء من هذه المرحلة، وأنه يجب أن يدرس لتنهض البلاد.

وردا على سؤال حول دور المجتمع قال إنه “على المجتمع والأساتذة بالرغم مما يعيشونه من الظروف أن يقفوا مع الطفل، فالطالب يقضي 8 ساعات في البيت، و8 في النوم، و8 في المدرسة، وبمجرد أن تؤمن بيئة سليمة نظام تعليم جيد تكون قد حللت نصف المشكلة، إذ يصبح لدى الطفل هدف يعمل له بغض النظر عن ما يعيشه، وبذلك سيبقى لديه دافع للاستمرارية”.

وعن مدى سوء حال بعض الأطفال في لبنان مؤخرا قال حمود، إن ما يحدث “يدل على أننا وصلنا إلى القاع، فقد بات لدينا صدمة من الأخبار، إذ هل فعلاً هذه الأخبار تحدث في لبنان؟! هذه الحالات نراها أكثر في المجتمعات الغربية، وبرأيي، فلا أعتقد أن الأزمة الاقتصادية مرتبطة بحالات من هذا النوع، وبالتالي، ليس هناك مبرر”.

الأطفال يلجؤون للعلاج النفسي

وعن تأثير الوضع الحالي على الصحة النفسية للأطفال كشفت المعالجة النفسية نانسي القاروط، عن أن "هناك تأثيرات مباشرة وغير مباشرة، فمن الناحية غير المباشرة عائلتهم لديها قلق وهاجس يومي لدفع الفواتير، ولتأمين لقمة العيش، فيجدون أهلهم غير قادرين على تأمين القسط، كما يسمعون عن الغلاء المعيشي، هذا يعطي الأطفال إحساسا بعدم الأمان، والقلق من المستقبل". 

وتابعت: “هناك الكثير من الأطفال الذين يقصدون عياداتنا خائفين على صحة عائلاتهم بسبب رؤية أهلهم غاضبين طوال الوقت، وبالتالي فإن الأهل ينقلون القلق والخوف الموجود لديهم بسبب الأزمة الاقتصادية لأولادهم بطريقة غير مباشرة، كما أن الكثير من العائلات كثُرت فيها المشكلات العائلية بسبب الوضع الاقتصادي ونسبة الطلاق ارتفعت فبهذا تولد عند الأطفال مشكلات نفسية”.

د. نانسي القاروط

د. نانسي القاروط

وأما عن التأثيرات المباشرة فقالت “القاروط”، إن “سنة 2023 كانت أول سنة دراسية فعلية بعد كورونا والتعليم عبر الإنترنت، وكان لهذه العوامل تأثير على الوضع الأكاديمي لأغلبية الطلاب، إذ لاحظنا تراجعاً في مستوى التحصيل المدرسي، ومستوى التركيز، فالانتقال من  التعليم الحضوري إلى التعليم الأونلاين، من ثم إلى التعليم الحضوري لم يكن سهلا، بل وجدنا صعوبة لدى الطلاب في اتباع القواعد والقوانين والالتزام بالوقت، كما أن هناك أطفالا أصبح لديهم قلق اجتماعي لأنهم تعودوا على الانعزال، بالإضافة إلى حالات خوف من المرض وخوف من الموت بسبب كورونا، إذ أصبحت فكرة الموت قريبة من الطفل، خاصة أنه رأى أطفالا من عمره توفوا بسبب الوباء”.

وأشارت القاروط إلى أن "نسبة لجوء الأطفال للعلاج النفسي في الآونة الأخيرة، ارتفعت، نتيجة لكثرة حالات القلق والتوتر في الآونة الأخيرة.. وبالتالي، كان لا بد من أن يأخذ الأهل أطفالهم للمعالج النفسي، فارتفعت نسبة اللجوء للطبيب النفسي وانكسرت الوصمة عن هذا المجال".

ولكن من جهة ثانية كشفت أن "هناك عوائق تحد من وصول الأطفال لخدمات الصحة النفسية.. فأولاً، وصمة العار لدى الكثير من الأهل، إذ ليس لديهم تقبل بأن يأخذوا أولادهم للمعالج النفسي، كونهم بمرحلة إنكار، فيقولون مثلا إن ابني ليس لديه أي مشكلة وإننا يمكننا مساعدته، ولديهم خجل من المجتمع.. ثانيًا، الوضع الاقتصادي جعل الناس تعتبر أن خدمات الصحة النفسية مثل المجوهرات وليست شيئا أساسيا، بل من الكماليات، فلا تعطى أولوية، كما أن الكثير من المعالجين استشارتهم مكلفة ولا تناسب الجميع".

وحول الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتخفيف هذه الآثار على الطفل، قالت القاروط، إنه "أولاً يجب أن يوجد الحوار في العائلات، فالحوار هو فرصة للتعبير عن المشاعر.. يعني العلاقة بين الأب والأم تحولت للائحة تتضمن مهام الطفل التي يجب أن يقوم بإتمامها.. العلاقة بين الأهل والأطفال أصبحت علاقة تعليمات ومهمات يجب على الطفل إتمامها".

وأضافت: "الأهل في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية ينسون الحوار الذي يعد فرصة للتعبير عن المشاعر والتفريغ، ولذا يجب خلق مناخ آمن يسمح للحوار والتعبير عن المشاعر للأطفال، كما يجب أن يكون هناك نشاطات رياضية، وفنية، وعلى الأهل أن يبحثوا عن طرق مناسبة تسمح للأولاد بممارسة هذه النشاطات.

فإذا كان الوضع المادي لا يسمح بهذا، يجب عليهم أن يخلقوا هذا المناخ في المنزل، كما يجب تعليم الأطفال بعض الاستراتيجيات مثل التأمل، ومن المهم أن يضع الأهل أولادهم في مدارس تعزز الصحة النفسية وأن يدرك الأهل طرقاً لتخفيف التوتر وتخفيف الغضب في فترة الامتحانات، فالكثير من الأولاد يشعرون بالتوتر".

وشددت القاروط على أهمية مهارة التأقلم التي لها علاقة بمهارة المرونة وهو مفهوم تم التحدث عنه كثيراً خلال السنوات الأربع الماضية، بمعنى أن أكون أنا مرناً مع كل شيء حولي، فنحن نعلم أن الأطفال ليس لديهم القدرة على التأقلم مثل الكبار لأن خبراتهم محدودة، أما نحن الكبار فلدينا قدرة على التأقلم لأننا نسترجع مخزونا قديما من الخبرات ونستخدمه في مراحل حياتية جديدة، وبما أن الأولاد تم وضعهم في مواقع حياتية صعبة خلال السنوات الأربع الماضية، فالمطلوب منهم أن يتأقلموا وهذا التأقلم يحدث عندما يرون أن أهلهم لديهم مرونة في التفكير. 

وأضافت: "إن مشاهدة الطفل لأهله وهم يتأقلمون يجعل الوعي عند الطفل يتغير بشكل كبير وبالتالي يجعله يكتسب مرونة أكبر".

وردا على سؤال حول الأولويات الأكثر إلحاحًا التي يجب اللجوء إليها للتخفيف من حدة الأعراض النفسية قالت إن "هناك مؤشرات كثيرة تظهر إذا ما كان الطفل لديه قلق أو غضب أو يتعرض للتعنيف أو للتحرش، فعندما أشاهد لدى سلوك طفلي مؤشرات مقلقة، فليس هناك مجال أبداً للشك وبسرعة عليه أن يلجأ للمعالج النفسي".

وأضافت: “إذا ظهر عند الطفل تبول لا إرادي وحركات لا إرادية، ونوبات غضب، وخوف من العتمة، فهذه مؤشرات خطرة، كما أن هناك أطفالا كثيرين يلجؤون لإيذاء أنفسهم، وقد يكون لديهم توجه للانتحار.. كما من الضروري أن أتكلم مع طفلي وأن أكون قريبة منه وأن أقدم له الحب والعناق ليشعر بالأمان، وبعد المراقبة إذا لاحظت بأن المؤشرات ما زالت موجودة فيجب اللجوء لمعالج نفسي”.

نسب العنف ترتفع 

كشف مصدر في جمعية "حماية" أن "الجمعية تستجيب لاحتياجات جميع الأطفال والعائلات المتعلقة بحماية الطفل على كافة الأراضي اللبنانية بغض النظر عن الجنسية، والنوع الاجتماعي، والانتماء السياسي، والدين أو العرق مع ضمان تأمين المصلحة الفضلى للأطفال وعائلاتهم من خلال تقديم عدة خدمات".

وأضاف المصدر لـ"جسور بوست"، أن تلك الخدمات تشمل خدمات للأطفال، بحيث يتزودون من خلالها بالمعلومات الكافية حول حقوق الأطفال، بالإضافة إلى تنمية مهارات الحماية الذاتية عندهم من خلال تمكينهم بالمهارات الحياتية ومواضيع الحماية".

وتابع: “كما تقدم الجمعية خدمات للأهالي بهدف تطوير مهارات التربية الإيجابية”.

وتقدم الجمعية خدمات أخرى تهدف لنشر الوعي في المجتمعات حول العنف ضد الأطفال، وتعزيز مهارات فعاليات المجتمع والفئات الشبابية والمهنيين العاملين من خلال تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية متخصصة في مجال حماية الطفل، كما أنها تساعد في وضع وتطوير سياسة حماية الطفل للمؤسسات لدعمها في الوقاية من العنف ضد الأطفال وضمان حمايتهم من سوء المعاملة، من خلال وضع إجراءات وقواعد إرشادية واضحة مع المعنيين ضمن المؤسسة.

وقال المصدر إن حماية “توفر خدمات الاستجابة لحالات العنف عن طريق تقييم المخاطر المتعلقة بالطفل والعائلة ذات الصلة بالعنف، وحماية الطفل من التعرض للمزيد من العنف في بيئته، وتوفير الدعم الاجتماعي والقانوني للطفل وعائلته”.

وتكشف أرقام جمعية حماية عن ارتفاع مستمر في نسب العنف من سنة لسنة، وفق المعطيات التالية:

2021: 2335 حالة اعتداء منها 23% اعتداء جسدي و9% اعتداء جنسي.
2022: 2412 حالة اعتداء منها 29% اعتداء جسدي و12% اعتداء جنسي.
2023 (حتى يونيو): 1415 حالة اعتداء 29% منها اعتداء جسدي و10% اعتداء جنسي.

الدولة مطالبة بدور أكبر

وكشف مصدر في اليونيسف -طلب عدم ذكر اسمه- عن أن الدولة اللبنانية تعمل بإيجابية في هذا الملف، لكنه يشير إلى أن “بناء نظام شامل لحماية الطفل قد يستغرق وقتًا”.

وأضاف: "لقد وضعت الحكومة اللبنانية برنامج عمل وطنيًا لحماية النساء والأطفال بالشراكة مع اليونيسف، بما في ذلك وضع مبادئ توجيهية للعاملين الصحيين، وسياسة حماية الطفل للمعلمين في المدارس، وطرق إدارة الحالات للأخصائيين الاجتماعيين والمنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى تدريب قوى الأمن الداخلي والشرطة البلدية والمحامين وقضاة الأحداث”.

لكن المصدر كشف أنه “رغم ذلك، ونظرًا للتحديات الحالية التي تواجهها الدولة وزيادة الحالات، لا يمتلك القطاع العام الموارد الكافية لتقديم خدمات حماية الطفل المهمة، بما في ذلك نقص الملاجئ والرعاية المؤقتة للنساء والأطفال ضحايا العنف وسوء المعاملة، وعدم وجود مسارات إحالة قوية بين مختلف الجهات الفاعلة، وعدم وجود خط واحد منسق لمساعدة الأطفال”.

وعن موقف اليونيسف من الأحداث التي تعرض لها العديد من الأطفال في لبنان مؤخرا، فيؤكد المصدر أن “اليونيسف تدين بشدة جميع أشكال العنف وسوء المعاملة والإهمال والاستغلال التي يتعرض لها أي طفل، من الأولاد والبنات على حد سواء، فلكل طفل الحق في أن يكون آمناً في جميع الأوقات وأن يتمتع بطفولة خالية من سوء المعاملة والاستغلال”.

وأضاف: "لذا ندعو جميع المجتمعات وأصحاب المصلحة والسلطات الحكومية إلى حماية أطفال لبنان والحفاظ عليهم".

وفق اليونيسف يمكن منع العنف ضد الأطفال عندما يتم التخطيط للإجراء المناسب بالاشتراك مع جميع أصحاب المصلحة، حيث تكون هناك حاجة إلى استثمار سريع في خدمات الوقاية والتدخل المبكر من أجل تمكين مقدمي الرعاية لخلق بيئة رعاية تنشئة للأطفال، بالإضافة إلى معالجة الممارسات الثقافية الضارة وتوفير الحماية والخدمات للأطفال ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، والمراقبة القوية لخدمات الرعاية، ومن المهم أيضا تطبيق إطار قانوني شامل وتوعية واسعة بحقوق الطفل.

وبحسب استنتاجات اليونيسف فهناك حاجة لاتخاذ إجراءات حكومية عاجلة لحماية الأطفال وضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك تعليم الأطفال الضعفاء، وهذا يتطلب استثمارات وإصلاحات مستدامة في قطاع التعليم. 

بالإضافة إلى ذلك، يجب معالجة الثغرات في نظام الحماية الاجتماعية، مثل عدم وجود منحة وطنية للطفل، من خلال التزام الحكومة والتمويل المحلي، ومن أجل التنفيذ الفعال للاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية ودعم تعافي لبنان، فإن خطة العمل التي تقودها الحكومة أمر بالغ الأهمية.

الدولة تسعى ضمن الإمكانات

ووصفت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للطفولة ريتا كرم، وضع الأطفال في لبنان بالسيئ جداً بسبب كورونا والأزمة الاقتصادية.

وكشفت “كرم” عن أن “الطبقة الوسطى أصبحت اليوم طبقة فقيرة وهي لا تعلم بالخدمات التي تقدمها الوزارة ومن الممكن أن تشعر بالاستحياء لأن كرامتها لا تسمح لها بأن تطلب هذه الخدمات، ولهذا السبب تقع في الفقر أكثر، كما أن الاضطرابات النفسية عند الأهل ازدادت أكثر لأن الحياة الاجتماعية تضغط على أعصاب الأهل، ما يؤدي إلى تعنيف الأهل للأطفال لا إرادياً، عدا أنه بسبب الوضع الاقتصادي الصعب بات الأهل غير قادرين على تلبية حاجات أطفالهم”.

ريتا كرم

ريتا كرم

وتابعت كرم في حديثها لـ"جسور بوست"، أن "هناك أهلاً فقدوا وظائفهم وهم غير قادرين على تلبية حاجات أطفالهم ولا تسجيلهم في المدارس، وللأسف هذا يؤدي إلى إحساسهم بالعجز وليس هناك من يعينهم لأن كل العائلات في وضع حرج وخائفين من أن يعودوا غير قادرين على تلبية الاحتياجات، خاصة أن العائلات لم تعد ساعد بعضها بعض كما من قبل".

وأضافت: "هذا الوضع أدى إلى ظهور العديد من النواقص للأطفال "فهناك أهل لم يعودوا قادرين على تلبية الطعام والشراب لأطفالهم، كما أن التسرب المدرسي ارتفع بشكل هائل وازدادت نسبة عمل الأطفال وتعاطي المخدرات، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر بشكل كبير على الأطفال لأنهم يدخلون إلى مواقع لا يعلمون ما هي وتقودهم إلى متاهات".

وعن دور الدولة في حل هذه الأزمات أوضحت “كرم”، أن “دور الدولة لم يتراجع لجهة الاهتمام بالأطفال، بل بالعكس زاد بشكل كبير، ولكن لم تعد تتوفر المواد اللازمة ولا يمكننا فتح حسابات بالدولار لاستلام المساعدات والتمويل، كما أن عدم وجود رئيس جمهورية يحد من منح جهات تمويلية التمويل للدولة لأنها تحتاج لمرسوم وزاري".

وتابعت: “كل هذه الصعوبات أثرت علينا.. ولكن نحن ما زلنا نعمل في ظل الظروف الصعبة، ولا بد أن نأخذ بعين الاعتبار ظروف الموظفين الذين يعملون لأن ظروفهم أصعب من الناس التي هي بحاجة للمساعدة”.

وعن الحالات الاجتماعية التي برزت على مواقع التواصل قالت “كرم”، إنه "كل يوم تأتينا عدة حالات لنتعامل معها، حيث إن المنسقة العامة لحماية الأطفال في وزارة الشؤون الاجتماعية تحيل الملف للقضاء إذا كنا بحاجة للقضاء أو للمؤسسات الأهلية في حال كان الأمر يتطلب تدخلا اجتماعياً فقط".

وأضافت: “عندما يكون هناك تدخل قضائي، عندها القضاء هو الذي يهتم بالموضوع، ونصبح نحن تحت القانون ونطبق القرار الذي يتخذه قاضي الأحداث.. وغير هذا فليس لدينا أي صلاحيات”.

معلومات وأرقام

تضطر أكثر من أسرة واحدة من كل 10 أسر لبنانية إلى إرسال أطفالها للعمل كوسیلة للتأقلم مع الأزمات العديدة، (وفق تقرير لليونيسف نشر في يونيو 2023).

اضطرت 38% من الأسر في لبنان خلال عام 2023 لبيع بعض ممتلكاتها لشراء الغذاء لأولادها، مقارنة مع 28% في عام 2022، (وفق تقرير لليونيسف نشر في يونيو 2023).

ذكرت نحو ثلث الأسر (أي 30 في المئة) المشمولة بالتقييم، أن طفلا واحدا على الأقل من أطفالها نام جائعا مقارنة بنسبة 23 في المئة في عام 2022، (وفق تقرير لليونيسف نشر في يونيو 2023).

خفّضت ثلاثة أرباع الأسر (أي 75 في المئة منها) إنفاقها على العلاج  الصحي، مقارنة بنسبة 60 في المئة في یونیو 2022، (وفق تقرير لليونيسف نشر في يونيو 2023).

تلقى فقط 56% من الأطفال رعاية صحية حتى يونيو 2023 نتيجة ارتفاع كلفة العلاج، (وفق تقرير لليونيسف نشر في يونيو 2023).

قالت 51% من النساء والفتيات، إنهن واجهن صعوبة في الوصول لمستلزمات الدورة الشهرية، (وفق تقرير لليونيسف نشر في يونيو 2023).

قال 53% من الأهل إنهم عاملوا أولادهم بقسوة لم يعتادوها من قبل، وكانوا أقل تسامحا من سلوكيات أولادهم خلال سنة 2023، (وفق تقرير لليونيسف نشر في يونيو 2023).

قال 59% من الأهل إنهم كانوا بحاجة للصراخ أكثر على أولادهم خلال سنة 2023، (وفق تقرير لليونيسف نشر في يونيو 2023).

شعر 21% من الأهل أنهم يريدون استخدام العنف مع أولادهم خلال سنة 2023، (وفق تقرير لليونيسف نشر في يونيو 2023).

شعر 66% من مقدمي الرعاية الصحية أن أطفالهم كانوا أكثر قلقا، و47% شعروا أن أطفالهم كانوا حزينين ويعانون من الاكتئاب، كما رأى أكثر من 63% منهم أن رفاهية أولادهم تراجعت خلال سنة 2022، (وفق تقرير لليونيسف نشر في يونيو 2023).

أوقفت 15% من الأسر تعليم أولادها خلال 2023، (وفق تقرير لليونيسف نشر في يونيو 2023).

خفضت 52% من الأسر إنفاقها على التعليم خلال 2023، (وفق تقرير لليونيسف نشر في يونيو 2023).

يوجد في لبنان ما لا يقل عن 700 ألف طفل خارج المدرسة.

بحسب القوانين اللبنانية، فإن التعليم إلزامي في مرحلة التعليم الأساسي، ومتاح مجاناً في المدارس الرسمية، وهو حقّ لكلّ لبناني في سنّ الدراسة لهذه المرحلة.

عام 2021 تم تعديل المادة 31 من قانون حماية الأحداث بحيث تم منع استخدام الأصفاد خلال التعامل معهم إلا في الحالات الضرورية، كما منع نقل الطفل (الحدث) إلى مكان المحاكمة بشكل علني أمام الناس حفاظا على نفسيته.

عام 2020 أقر مجلس النواب اللبناني قانونا يجرم التحرش الجنسي والعنف ضد المرأة وسائر أفراد الأسرة.

عام 2006 وقع لبنان على البروتوكول الاختياري الذي يمنع بيع الأطفال أو استخدامهم في أعمال الدعارة.

يمنع القانون اللبناني استخدام الأطفال في العمل قبل سن 13.

عام 2000 وقع لبنان على اتفاقية مع منظمة العمل الدولية ضمن برنامج القضاء على عمالة الأطفال.

عام 2005 وافقت الحكومة اللبنانية على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة عمل الأطفال في لبنان.

لا يزال الطفل من أم لبنانية وأب غير لبناني، غير قادر على الحصول على الجنسية اللبنانية.

لا يزال عدد من الأطفال اللبنانيين غير قادرين على الحصول على هوية تثبت وجودهم، إذ يطلق عليهم اسم مكتومي القيد.

لا تزال قوانين الحضانة تخلق جدلا في لبنان، وسط مطالبات بتعديلها أو إقرار قانون موحد للأحوال الشخصية.

في عام 2002 صدق لبنان على البروتوكول الاختياري المُلحَق بالاتفاق بشأن اشتراك الأَطفال في النّزاعات المُسلّحة.

وفي عام 2022 تم إحالة مشروع قانون منع زواج القاصرات إلى لجنة المرأة والطفل في المجلس النيابي، ولكنه لم يقر حتى الآن.

 

 


 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية