اكتشاف صادم.. ربع سكان العالم يعانون فقر الدم
اكتشاف صادم.. ربع سكان العالم يعانون فقر الدم
يعتقد البعض أن الثروة والسعادة يكمنان في المال، لكن المهاتما غاندي كان يقول إن "الصحة هي الثروة الحقيقية وليس قطعة من الذهب والفضة".
مؤخراً في مفاجأة صادمة، أفاد تقرير حديث بأن ربع سكان العالم يعانون من حالة شائعة ومزمنة تعرف بالـ"أنيميا" أو فقر الدم.
وأشارت دراسة حديثة استمرت لثلاثة عقود ونشرتها مجلة لانسيت العلمية إلى ارتفاع عدد المصابين بفقر الدم بالعالم بشكل غير مسبوق.
ووفق الدراسة فإن معدلات الانتشار كانت في الفئات العمرية الصغيرة وبين النساء مقارنة بالرجال، وأن ربع سكان العالم يعانون فقر الدم، مع زيادة حادة للإصابات بين النساء والأمهات والفتيات الصغيرات والأطفال ما دون سن الخامسة.
وأظهرت الدراسة الفجوة الكبيرة في تلقي الرعاية الصحية والتغذية الجيدة في مناطق مختلفة من أنحاء العالم.
وتُعد الأنيميا حالة صحية تتسبب في نقص الخلايا الحمراء في الدم أو انخفاض نسبة الهيموغلوبين في الدم.
وتنجم عن أسباب متعددة، بما في ذلك نقص الحديد وفيتامين ب12، النقص الوراثي في صنع الدم، أمراض الكبد والكلى، والأمراض الوراثية الأخرى.
تُعد تلك النسب المرتفعة للإصابة بالأنيميا ظاهرة مقلقة جداً، إذ تسبب الحالة نتائج خطيرة على صحة الأفراد المصابين.
وأوردت المفوضية السامية الحق في الصحة كحق من حقوق الإنسان، وأوردت في أحد تقاريرها أن النظام الغذائي الصحي يساعد على بناء المناعة، في حين أن التغذية السيئة أو غير المناسبة تترك آثاراً سلبية للغاية على الصحة.
"جسور بوست"، تناقش المشكلة؛ أسبابها وأعراضها وطرق الوقاية منها.

أعراض ووقاية
قال أستاذ أمراض الباطنة، الدكتور رشاد برسوم إن من أعراض فقر الدم الشائعة الإرهاق والشعور بالضعف والصداع المستمر والتنفس السريع والدوخة، وعلى الرغم من توفر العديد من العلاجات الممكنة لتحسين حالة فقر الدم فإنّ التحدي الأكبر يكمن في التوعية والكشف المبكر عن تلك الحالة، ومع ذلك لا يزال هناك الكثير من المناطق في العالم التي تعاني من صعوبات في الوصول إلى الرعاية الصحية والفحوصات اللازمة، وتحتاج الجهود المشتركة للمنظمات الصحية العالمية والحكومات المختلفة والمؤسسات الخيرية إلى تعزيز الوعي وتقديم الدعم للأفراد المصابين بفقر الدم.
وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست": يجب أن تتضمن هذه الجهود توفير المعلومات الضرورية حول التشخيص المبكر والوقاية من الحالة وتوفير العلاج المناسب للمرضى، إن عدم معالجة فقر الدم بشكل صحيح قد يتسبب في تفاقم الأعراض وزيادة الاحتمالات المتعلقة بالأمراض المزمنة والمضاعفات الصحية الأخرى، لذا من المهم أن يتم تعزيز الجهود العالمية لمكافحة هذه المشكلة الصحية العالمية وضمان توفر الرعاية والدعم للمصابين.
وعن الدراسة قال إن هذا الاكتشاف يعد أمراً محزناً ويجعل من الضروري على الجميع التوحد في تحقيق التغيير وتقديم المساعدة والدعم للأفراد المتأثرين بفقر الدم، إنها مسؤوليتنا المشتركة كمجتمع عالمي أن نعمل معاً للتخفيف من آثار هذا الوباء الصامت على الصحة العالمية.

الدكتور رشاد برسوم
الأنيميا والوضع الاقتصادي
وعن العلاقة بين الأنيميا والعامل الاقتصادي، قال الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح الدين فهمي، إن الدراسات العديدة أظهرت وجود ارتباط بين مستوى الأنيميا والعامل الاقتصادي لدى الشعوب، وتعتبر ظاهرة سوء التغذية أحد الأسباب الرئيسية للأنيميا، وقد ترتبط بشكل كبير بالعوامل الاقتصادية، ويصعب على الأشخاص ذوي الدخل المحدود تأمين وجبات غذائية متوازنة ومغذية تحتوي على العناصر الغذائية اللازمة لمنع الأنيميا.
وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست": في الدول ذات الدخل المنخفض وحتى بعض الدول ذات الدخل المتوسط، يكون الوصول إلى الرعاية الصحية محدوداً بسبب العوامل الاقتصادية، وقد يصعب على الأشخاص الحصول على الفحوصات اللازمة والعلاجات الطبية لعلاج حالات الأنيميا، أيضاً تعيش العديد من الشعوب ذوي الدخل المنخفض في ظروف معيشية غير ملائمة، مثل الفقر، والهجرة القسرية وظروف الحرب والنزاعات المسلحة.. هذه الظروف يمكن أن تزيد من احتمالات انتشار الأنيميا وتفاقمها، حيث يتعرض الناس في مثل هذه الظروف لنقص التغذية وتأثر جسمهم الصحي.
واستطرد: للتصدي لانتشار وتفاقم الأنيميا في ضوء العامل الاقتصادي، هناك بعض التدابير التي يجب اتخاذها ومنها:
تعزيز التغذية السليمة: يجب تعزيز الوعي بأهمية التغذية الصحية وتوفير الغذاء المتوازن والمغذي للأشخاص ذوي الدخل المحدود.
تحسين وصول الرعاية الصحية: يجب تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية وضمان توفر الفحوصات الدورية والعلاج المناسب للأشخاص المصابين بالأنيميا.
القضاء على الفقر وتحسين ظروف المعيشة: يجب تقليل مستوى الفقر وتحسين ظروف المعيشة للشعوب المتضررة اقتصادياً، وذلك من خلال خلق فرص العمل وتوفير الخدمات الأساسية مثل الماء النظيف والسكن اللائق.

الدكتور صلاح الدين فهمي
وأتم: يجب أن تكون الجهود متكاملة لمكافحة الأنيميا، بدءاً من توفير التغذية المناسبة والرعاية الصحية الجيدة ووصول جميع الشعوب للفحوصات والعلاج المناسب، وصولاً إلى تقليل الفقر وتحسين ظروف المعيشة لخلق مستقبل صحي أفضل.