الطعام الرقمي بين لذة المذاق وكوارث صحية تبدأ بالعزلة والسمنة
الطعام الرقمي بين لذة المذاق وكوارث صحية تبدأ بالعزلة والسمنة
الطعام الرقمي.. تغيير في تفكير الإنسان ووصوله إليه بضغطة زر
في ظل التحول الرقمي الذي يشهده العالم، تتسابق الشركات والمؤسسات التجارية في مختلف القطاعات للبقاء في طليعة التطور التكنولوجي، عبر الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة المستهلك وجذب المزيد من العملاء.
ومن بين هذه القطاعات، صناعة الطعام التي تشهد تحولًا هائلاً بفضل التقنيات الرقمية المتقدمة، ويعد الطعام الرقمي من الابتكارات الحديثة التي تثير العديد من التساؤلات حول تأثيرها على طريقة تفكير الإنسان في طعامه وكيفية الحصول عليه.. إذ يتيح للأفراد القدرة على الحصول على الوجبات الجاهزة والمنتجات الغذائية المفضلة لديهم بمجرد ضغطة زر، دون الحاجة إلى الطبخ التقليدي أو الذهاب إلى المطاعم.
ويرى خبراء أن الطعام الرقمي يمثل ثورة في عالم الغذاء، حيث يتم تطبيق التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي في عملية تصنيع وتوزيع الأطعمة، ويمكن للأفراد تصفح قوائم الطعام الرقمية عبر تطبيقات الهواتف الذكية أو المواقع الإلكترونية، واختيار الوجبات والمكونات التي يرغبون في تناولها، ومن ثم يتم تجهيزها وتوصيلها مباشرة إلى منازلهم أو مكاتبهم.
واحدة من أهم المزايا التي يقدمها الطعام الرقمي هي الراحة والسرعة، حيث يمكن للأفراد تجنب عناء التسوق والتحضير والطبخ، وبدلاً من ذلك يمكنهم الاستفادة من الوقت الثمين في أنشطة أخرى.
ويمكن تلبية احتياجات الطعام بسهولة وفقًا للتفضيلات الشخصية، سواء كانت احتياجات غذائية خاصة أو تفضيلات طعام معينة، ومع ذلك تثار بعض المخاوف حول تأثير الطعام الرقمي على الصحة والتغذية وتسببه في بعض الأمراض والمشكلات الاجتماعية.
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن ما يقرب من 167 مليون شخص -من بالغين وأطفال- ستتراجع صحتهم بسبب زيادة الوزن أو السمنة، بحلول عام 2025.
ويتم الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة السمنة في الرابع من مارس، وبهذه المناسبة حثت منظمة الصحة العالمية البلدان على بذل المزيد من الجهود لعكس هذه الأزمة الصحية التي يمكن التنبؤ بها والوقاية منها.
"جسور بوست" تناقش مخاطر وفوائد الطعام الرقمي مع خبراء ومتخصصين.
في الميزان
علقت أخصائية التغذية العلاجية وعلاج السمنة والنحافة والتجميل غير الجراحي للجسم، الدكتورة هاجر عبدالدايم بقولها، إن الاعتماد المفرط على الطعام الرقمي قد يؤدي إلى تناول كميات زائدة من السعرات الحرارية والملح والدهون المشبعة، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السمنة وأمراض القلب، علاوة على ذلك، يمكن أن تؤثر قلة القيمة الغذائية وجودة المكونات في الوجبات الجاهزة على التغذية الصحية العامة، لذلك يجب أن يتم التعامل مع الطعام الرقمي بحذر وتوعية.
وأضافت في تصريحات لـ"جسور بوست": ينبغي على الأفراد الاستفادة من هذه التقنيات بشكل متوازن، والتأكد من تناول وجبات متوازنة ومغذية، كما ينبغي على المنظمات والشركات المتخصصة في صناعة الطعام الرقمي العمل على تحسين جودة المكونات المستخدمة وتوفير خيارات صحية ومتوازنة للمستهلكين، وبشكل عام يمكن القول إن الطعام الرقمي يمثل تحولًا رائدًا في عالم الغذاء، حيث يجمع بين التقنية والطعام لتلبية احتياجات الأفراد في عصرنا الحديث، ومع ذلك يجب أن يتم التعامل معه بحكمة ووعي للحفاظ على صحة الفرد وتوفير تجربة طعام ممتعة ومرضية.
وقالت الدكتورة هاجر إن كثيرين يلجؤون للطعام الرقمي بسبب فوائده، ومنها الراحة والسهولة، فيعتبر الطعام الرقمي بديلاً مريحًا للطهي التقليدي والذهاب إلى المطاعم، ويمكن للأفراد طلب الوجبات والمنتجات الغذائية المفضلة لديهم من خلال تطبيقات الهواتف الذكية أو المواقع الإلكترونية ببساطة وسرعة، دون الحاجة إلى القيام بأي مجهود إضافي، كذلك التنوع والتخصيص، حيث يتيح الطعام الرقمي للأفراد اختيار الوجبات والمكونات التي يفضلونها بناءً على تفضيلاتهم الشخصية واحتياجاتهم الغذائية.
يمكن تلبية متطلبات النظام الغذائي الخاصة، مثل النباتيين أو المتبعين لنظام غذائي خاص، وتخصيص الوجبات وفقًا للتفضيلات الشخصية مثل الحجم والنكهة وغيرها.
الدكتورة هاجر عبدالدايم
مخاطر اجتماعية
وعن تأثير الطعام الرقمي على الجانب الاجتماعي وجوانب أخرى، علّق أستاذ علم الاجتماع الدكتور طه أبوحسين بقوله، إن منظومة الطعام الرقمي رغم فوائدها العديدة لها تأثيرات اجتماعية خطيرة فقد تؤدي إلى العزلة وربما السمنة، ويرجى ملاحظة أنه في حالة تجربة الطعام الرقمي فقد يفتقر الأشخاص إلى بعض العوامل المتعلقة بالتجربة الشخصية مثل الجو والديكور والتفاعل الاجتماعي الذي يمكن تجربته في المطاعم التقليدية، ورغم الفوائد التي يوفرها الطعام الرقمي فهناك بعض المشكلات المحتملة التي يجب أخذها في الاعتبار، منها جودة الطعام، وقد يكون من الصعب تقييم جودة الطعام قبل استلامه عند استخدام الطعام الرقمي، وقد يختلف الطعام المستلم عن الصورة أو الوصف المعروض عبر التطبيقات، وهذا يمكن أن يؤدي إلى خيبة الأمل للزبائن والتعود على الرضا بأي شيء ومع الوقت يفقد الشخص شخصيته وتفضيلاته.
وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست": قد يفتقر الأشخاص الذين يستخدمون الطعام الرقمي إلى تجربة شخصية واقعية مثل التفاعل الاجتماعي والجو الذي يتمتع به تناول الطعام في المطاعم التقليدية، أيضًا التأخير والازدحام، وقد يحدث تأخير في توصيل الطعام خلال فترات الذروة أو في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، وقد يواجه العملاء أيضًا صعوبة في الحصول على الطعام المطلوب في الوقت المحدد نظرًا للازدحام والطلب الكبير على الخدمة، وبالطبع لهذا تأثيرات اجتماعية وصحية، وقد يتعرض الطعام للتلف أو الاختلاط أثناء عملية التوصيل، ما يؤثر على تجربة العميل.
الدكتور طه أبوحسين
وتابع، يتعين على العملاء تقديم معلومات شخصية ومعلومات المدفوعات الخاصة بهم عند استخدام الخدمات الرقمية، وقد تثير قضايا الخصوصية والأمان مخاوف بعض الأفراد بشأن سرية المعلومات الشخصية واحتمال التعرض للاختراق الإلكتروني، كذلك فإنه يعتمد على البنية التحتية التقنية، بما في ذلك الاتصال بالإنترنت والتطبيقات، ونظام الدفع الإلكتروني قد يواجه بعض الأعطال التقنية والانقطاعات في الخدمة، ما يؤثر على تجربة العملاء ويعرقل عملية الطلب والتوصيل، ومن المهم الحفاظ على جودة الخدمة وتجربة العميل وضمان السلامة والأمان في تجربة الطعام الرقمي.
وقال إنه ينبغي على الأفراد الاهتمام بالتقييمات والمراجعات للمطاعم وخدمات التوصيل، والتحقق من سياسات الخصوصية والأمان المتبعة، كما ينبغي أيضًا مراعاة التحديات المحتملة واتخاذ الاحتياطات اللازمة عند استخدام الطعام الرقمي.