اكتشافات علمية مبهرة تفتح آفاقاً جديدة للقضاء على الشيخوخة والعيش بشباب دائم
اكتشافات علمية مبهرة تفتح آفاقاً جديدة للقضاء على الشيخوخة والعيش بشباب دائم
في تطور علمي مذهل، قام عدد من العلماء والباحثين في مجال علوم الحياة والطب بالعمل على دراسات متقدمة للتغلب على ظاهرة الشيخوخة وتحقيق العيش بشباب دائم، وبفضل جهودهم الحثيثة، بدأت تظهر بعض النتائج الواعدة التي تفتح آفاقًا جديدة لمستقبل صحة الإنسان وجودة حياته.
وخلصت دراسة حديثة أعدها عالم الجينوم المصري هيثم شعبان إلى رسم خريطة تقود لفهم آلية استعادة الخلايا الشائخة سيرتها الأولى، وذلك من خلال إعادة تنظيم الجينوم باستخدام تقنيات حديثة ابتكرها الباحث ذاته.
الدراسة نشرتها مؤخرا المجلة الإنجليزية "Cell Death and Differentiation"، وهي إحدى مجلات مجموعة "Nature" العالمية.
وتكمن أهمية هذه الدراسة في أن هيئة التحرير للمجلة العلمية الناشرة هي من وجهت دعوة لشعبان لإعدادها باعتباره أحد المتخصصين المتميزين في مجال الجينوم.
وتعد أحد أبرز الدراسات التي تم إجراؤها بخصوص هذا الشأن، هي دراسة العلماء في مجال العلوم الوراثية، حيث تم التركيز على فهم عملية الشيخوخة على صعيد الجينات وكيفية تأثيرها على الخلايا وأجهزة الجسم وقد توصل العلماء إلى اكتشافات مذهلة تتعلق بآليات الشيخوخة وعملية تدهور الجسم مع مرور الوقت.
من خلال دراسة الجينات والعوامل الوراثية ذات الصلة، تم تحديد مجموعة من الجينات المسؤولة عن عملية الشيخوخة، وعن طريق استهداف هذه الجينات وتعديلها، يأمل العلماء في تحقيق تأثير إيجابي يعيد الشباب ويعزز صحة الإنسان.
وأظهرت بعض التجارب المخبرية الأولية نتائج واعدة في هذا الصدد، ومن جانب آخر، يعمل علماء آخرون على دراسة آليات حماية الخلايا من التلف والتدهور الذي يحدث مع التقدم في العمر.
تركز هذه الدراسات على استهداف مكونات الخلايا ومحافظتها على وظائفها الطبيعية لفترة أطول، وبفضل تقنيات التحرير الجيني المتقدمة، يعتقد العلماء أنه يمكن تحقيق تلك الحماية وتجديد الخلايا بشكل فعال.
لا يزال البحث في هذا المجال في مراحله المبكرة، ومن المبكر جدًا التحدث عن أي علاج محدد أو طرق فعالة للقضاء على الشيخوخة والعيش بشباب دائم.
"جسور بوست"، تناقش الدراسة ونتائجها مع خبراء ومتخصصين.

صدق أو لا تصدق
الدراسات في هذا الشأن متفائلة للغاية ورغم أن الأمر قد يبدو منطقيًا ضربًا من الخيال فإن للعلماء أقوالا أخرى.
ففي تصريحات له شبّه عالم الوراثة بجامعة ستانفورد مايكل سنايدر، ذلك بالسيارة، ويقول إن السيارة تتهالك مع الوقت، لكن بعض أجزائها تبلى أسرع من غيرها، فإذا تعطل المحرك قد تصلحه، ثم إذا نال التلف من الهيكل تجدده، وهكذا.
ولهذا إذا أردنا أن نعيش حياة أكثر صحة وعمرا أطول، ينبغي أن نأخذ في الاعتبار أن بعض أعضاء الجسم تصيبها الشيخوخة قبل غيرها.
ووفقًا لدراسات متخصصة، فإن تقييم العمر البيولوجي لأعضاء الجسم ليس بالأمر الهين، إذ يتطلب فحص وظائف العضو وبنية الأنسجة والتركيب الخلوي وفحص الجينات الوراثية.
واكتشف باحثون من نتائج عمليات زراعة الأعضاء أدلة عديدة حول تأثير عمر المتبرع على نسب نجاح عمليات زراعة الأعضاء.
إذ قارن الباحثون عمر المتبرع مع بعض العوامل مثل السنوات التي عاشها المتلقي بعد العملية، واكتشفوا أن نسب نجاح عمليات زراعة الأعضاء تقل بشكل عام كلما زاد عمر المتبرع، لكنهم لاحظوا أيضا بعض الاختلافات التي تدل على أن نسب نجاح عمليات زراعة بعض الأعضاء لا تتأثر بعمر المتبرع.
وبينما تقل نسب نجاح عمليات زراعة القلب والبنكرياس إذا زاد عمر المتبرع على 40 عاما، فإن الباحثين لم يلحظوا أي اختلافات ذات صلة بالسن في عمليات زراعة الرئتين حتى تجاوز عمر المتبرعين 65 عاما، ولم يؤثر عمر المتبرع على القرنية تأثيرا ملحوظا.
ويرى الباحثون بجامعة ليفربول أن ظهور علامات الشيخوخة على أعضاء الجسم يتوقف على عاملين، أولا طبيعة العضو نفسه وتشابك وظائفه، وثانيا مدى اعتماده على الأوعية الدموية لتأدية هذه الوظائف.
ووفقًا للتقارير فقد أثيرت تساؤلات حول مدى إمكانية وضع حد أقصى لسن المتبرعين ببعض الأعضاء، فمن المعروف مثلا أن الكبد لديه القدرة على تجديد خلاياه وأنسجته التالفة.
ولوحظ لدى المرضى الذين خضعوا لجراحة إزالة ما يصل إلى ثلثي الكبد، أن الكبد ينمو مجددا ويستعيد حجمه السابق في غضون عام، وأشار بعض الباحثين إلى نجاح كثير من عمليات زراعة الكبد مؤخرا من متبرعين تتراوح أعمارهم بين 90 عاما و99 عاما.
ويقول مدير مركز الشيخوخة بجامعة كينغز كوليدج بلندن ريتشارد سيو، إن بعض أعضاء الجسم أكثر تأثرا بأنماط الحياة والبيئة من غيرها، مثل الرئتين، إذ تشيخ الرئتان بوتيرة أسرع في المدن والبيئات الملوثة.
ويرى سيو أن هناك عددا من العوامل التي قد تؤثر على أنماط الشيخوخة، مثل الطعام الذي نأكله وكيفية تناول الطعام، وأنماط النوم ومواعيد النوم، وكل ذلك يؤثر على أعضاء الجسم بطرق مختلفة لم نفهمها تماما بعد.

نقلة نوعية
قالت أستاذة علم الوراثة البشرية والاحتياجات الخاصة بالمركز القومي للبحوث الدكتورة نجوى عبدالمجيد، إنه لا يوجد ما يسمى بالمستحيل، والإنسان الذي صعد للقمر يمكنه تأخير الشيخوخة، وهذه الدراسات تشكل نقلة نوعية في فهمنا لعملية الشيخوخة وتفتح الأبواب أمام اكتشافات وعلاجات مبتكرة في المستقبل، بالتأكيد، يبقى الطريق طويلاً أمام العلماء لمواصلة البحث والتطوير في هذا المجال، وعلى الرغم من التحديات العلمية والأخلاقية المرتبطة بهذا الموضوع، فإن الأمل موجود بأن تسفر الدراسات المستقبلية عن تقدم كبير في مجال قضاء الشيخوخة وتحقيق العيش بشباب دائم، ويجب علينا أن نتذكر أن الشيخوخة هي جزء طبيعي من دورة الحياة البشرية، وتمتلك تجاربنا وخبراتنا الشخصية قيمتها الخاصة.
وأضافت في تصريحات لـ"جسور بوست": “وتضمنت الدراسات جميعها إلى الآن أنه مع تقدم العمر تتراكم الخلايا الشائخة في أجسامنا، وتعتبر هذه الخلايا فريدة من نوعها، حيث إنها تتوقف في النهاية عن التكاثر ولكنها لا تموت، لذلك يطلق عليها عادة (الخلايا الزومبي)، وبدلاً من موتها، فإنها تبقى وتستمر في إطلاق المواد الكيميائية التي تؤدي إلى الالتهاب، وبدورها تسهم في تطور أمراض مثل الشيخوخة والأمراض المرتبطة بالعمر، بما في ذلك السرطان، والتنكس العصبي، وأمراض القلب والأوعية الدموية”.

الدكتورة نجوى عبدالمجيد
واستطردت: “ينتج عن الشيخوخة الخلوية إعادة تشكيل واسع النطاق للتنظيم ثلاثي الأبعاد للجينوم، ما يجعل من فهم التغيرات في عملية التغيير في الجينوم وكيفية إعادة تنظيمه، أمرا بالغ الأهمية لفهم هذه الأمراض والتخلص منها، وعيش حياة الشباب لفترة أطول”.
وأتمت: “مع ذلك فإن الدراسات العلمية في هذا المجال تعكس رغبة الإنسان القوية في تحسين جودة حياته والعيش بصحة جيدة في جميع المراحل العمرية”.