إيران وإشكالية التهريب على الحدود الأردنية- السورية

إيران وإشكالية التهريب على الحدود الأردنية- السورية

 

 

تُعد الحدود الأردنية- السورية أحد أهم المنافذ لتجار المخدرات في المنطقة، فقد زادت تدفقات المخدرات على تلك الحدود خلال العقد الماضي ويرجع سبب تلك الزيادة إلى اللازمة في سوريا منذ عام 2011، فقد شهدت سوريا صراعاً دموياً وانفلاتاً أمنياً وانهياراً اقتصادياً، جعل من تجارة المخدرات على الحدود الأردنية- السورية أمراً سهلاً. 

ويربط الأردن بسوريا شريط حدودي يبلغ نحو 378 كيلومترا، تختلف فيه طبيعة التضاريس من منطقة لأخرى، حيث تشهد المنطقة الشرقية الأطول مسافة، كثافة أكبر في عدد محاولات التسلل بالنسبة للمنطقة الشمالية، التي تتسم بتضاريس صعبة وأكثر وعورة.

وبالإشارة للمهربين، يتبع الغالبية العظمى من المهربين حزب الله اللبناني وقيادات بالفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد شقيق بشار الأسد، حيث تتم عمليات التهريب في المجمل من ريف السويدا وتحديداً منطقتي خربة عواد والمغير ومناطق أخرى على الشريط الحدودي، باتجاه دول الخليج. 

تتم عمليات التهريب تلك بشكل شبه يومي، ويقابلها استعداد مستمر من قوات حرس الحدود الأردنية، التي تحاول جاهدة الحد من عمليات تهريب المخدرات، وبالفعل نجحت في إحباط الكثير منها، في حين تنجح العديد من عمليات التهريب وتصل لوجهتها في دول الخليج.

وفي مطلع الشهر الماضي لقي ضابط في الجيش الأردني حتفه وأصيب ثلاثة آخرون عندما أطلق مهربو مخدرات النار على موقع للجيش على الحدود أثناء محاولتهم التسلل من سوريا، وأكدت مصادر أردنية أن جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران وفصائل مسلحة لها نفوذ في جنوب سوريا تقف وراء عمليات التهريب عبر الأردن باتجاه دول الخليج.

دفع مقتل جنود من الجيش الأردني، لأن يعلن رئيس هيئة الأركان اللواء الركن يوسف الحنيطي رسميا، توجيهاته للجيش بتغيير قواعد الاشتباك في التعامل مع عمليات التسلل والتهريب في 17 يناير، وتعتمد قواعد الاشتباك الجديدة، على استهداف المهربين مباشرة ضمن مستوى عملياتي سريع، في مواجهة هذه التهديدات خاصة أنها قادمة من مجموعات منظمة.

وبعد تجديد قواعد الاشتباك قامت القوات الأردنية في فجر يوم الخميس 27 يناير، بسلسلة من العمليات ضد مهربي المخدرات، وأظهرت نتائج هذه السلسلة من العمليات مستوى جديداً من مستويات التصدي لمحاولات التسلل وتهريب المخدرات من سوريا إلى الأراضي الأردنية، إذ تعتبر أعلى حصيلة سجلت خلال الفترة الأخيرة في المواجهات مع مجموعات المهربين.

وفي بيان للقوات المسلحة الأردنية أعلنت عن تنفيذ المنطقة العسكرية الشرقية عدة عمليات بالتزامن على عدة واجهات ضمن ما وصفته منطقة المسؤولية، أحبطت من خلالها أيضاً، محاولات تسلل وتهريب كميات كبيرة من المخدرات قادمة من الأراضي السورية.

وأشار البيان، إلى أن المهربين تساندهم مجموعات أخرى مسلحة، بينما فر آخرون منهم إلى العمق السوري بسبب الأحوال الجوية الصعبة وتم تفتيش أولي للمنطقة، عُثر خلاله على كميات كبيرة من المخدرات، مع التأكيد على استمرار التفتيش للتأكد من خلو المنطقة من وجود أشخاص أو مواد مخدرة.

أما على صعيد الحدود الشمالية، أحبطت المنطقة العسكرية الشمالية، وبالتنسيق مع مديرية الأمن العسكري، محاولة تهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة، قادمة من الأراضي السورية، وتم تطبيق قواعد الاشتباك الجديدة سابقة الذكر، ما أسفر عن فرار المهربين إلى داخل العمق السوري، وبعد تفتيش المنطقة تم العثور على353,000 حبة كبتاغون و150 فرش حشيش و1388 شريط جاليكا و86 شريط ترامادول ونصف كيلو غرام من مادة الكريستال، وتم تحويل المضبوطات إلى الجهات المختصة.

وأكدت وزارة الداخلية أن 85 بالمئة من المخدرات التي تضبط معدة للتهريب إلى خارج الأردن، أي لدول الخليج وأوروبا إن أمكن ذلك. 

وفي سياق متصل نلقي نظرة على بعض الإحصاءات الخاصة بعمليات التهريب، حيث ضبطت القوات المسلحة نحو مليون و400 ألف حبة من مخدر الكبتاغون في 2020، وقامت بإحباط محاولة تهريب أكثر من 15 مليون حبة عام 2021، فيما أحبطت تهريب نحو 5.5 مليون حبة في أول أسبوعين فقط من عام 2022.

وأحبطت القوات المسلحة خلال عامي 2020 و2021، محاولة تهريب نحو 27.5 ألف فرش حشيش، فيما أحبطت محاولة تهريب نحو 6643 فرش حشيش خلال النصف الأول من شهر يناير2022، كما ضبطت القوات المسلحة خلال عامي 2020 و2021 نحو 167 قطعة سلاح كانت مُعدة للتهريب، وضبطت في 2020 نحو 340 نوعاً من الذخائر، وارتفعت لتبلغ 3236 نوعاً خلال عام 2021.

إجمالاً.. يعيش الأردن حالة من المعاناة والقلق المتزايد من تصاعد محاولات تهريب المخدرات من سوريا خلال عام 2021، والتي لم تتوقف حتى الآن، كما أن فكرة تهريب المخدرات إلى دول الخليج يجعل دول الخليج في حالة من الخطر في حال انتشرت ثقافة تعاطي المخدرات لدى شبابها، الأمر الذي قد يضعف دول الخليج ويجعلها في مواجهة دائمة مع تجار المخدرات وفي نفس الوقت مع المتعاطين، وهذا ما تسعى إليه إيران الممولة لحزب الله المسؤول الأول عن تهريب المخدرات على الحدود.

كما أن هنا أسباباً أخرى غير إضعاف الدول الخليجية في النفس الإيرانية، فقد دفعت الضغوط الدولية على إيران وأذرعها ومنها حزب الله إلى البحث عن وسائل جديدة للحصول على التمويل، وهو ما فعله الحزب عن طريق توسيع شبكته لتهريب المخدرات.

ويقول مراقبون إن تهريب وترويج المخدرات من أهم الأدوات والوسائل التي تستخدمها إيران وحزب الله لتوفير التمويل ومتابعة نشاطهما وسط تزايد الضغط عليهما، إلا أن تشديد الدول المجاورة لإجراءاتها في مكافحة تهريب المخدرات عبر مطاراتها ومعابرها الحدودية قد أجبر إيران وأذرعها على البحث عن طرق جديدة لتهريب المخدرات ومنها استعمال الطائرات المسيرة.

 



 

 

 




ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية