"فورين بوليسي" تكشف أوضاع المهاجرين في 36 دولة بينها دول عربية
أكدت في دراسة أن العديد من دول العالم تلتزم بحقوق المهاجرين رغم بعض التجاوزات
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميا الاتفاق العالمي للهجرة، في ديسمبر 2018، الذي حفزته إلى حد كبير الأزمات الإنسانية، التي دفعت مئات الآلاف من طالبي اللجوء إلى حدود الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بين عامي 2014 و2016.
وكان هذا أول اتفاق للأمم المتحدة يغطي جميع أبعاد الهجرة الدولية، وعلى الرغم من أن الاتفاق لم يكن ملزما، فإنه أنشأ معايير ومنتدى للدول لتنسيق حركة الأشخاص "الآمنة والمنظمة والمنتظمة" عبر الحدود، وهي عملية لا ينظمها سوى خليط من القوانين الوطنية واتفاقيات العمل الثنائية.
ووفقا لتحليل نشرته صحيفة "فورين بوليسي" للدكتور جاستن جيست، الأستاذ في كلية السياسة والحكومة بجامعة جورج ميسون، جاء الاختبار الأول للاتفاق بسرعة، عندما تفشت جائحة كوفيد-19 في عام 2020، بدلا من تنظيم استجابة تعاونية، تصرفت البلدان من جانب واحد لفرض إغلاق شامل للحدود، تاركة الكثير من المهاجرين واللاجئين في مأزق وغالبا دون خدمات الرعاية الإنسانية، مثل الوصول إلى الخدمات الصحية.
باختصار، تم تجاهل اتفاقية الأمم المتحدة الجديدة نسبيا بشكل فعال، وأصبحت قيودها واضحة: لا يمكن إجبار الدول على تنسيق سياسات الهجرة الخاصة بها وتوسيع نطاق حمايتها لحقوق الإنسان، بعد ما يقرب من 5 سنوات من إقراره، ومع مواجهة قادة العالم أزمة هجرة أخرى.
فائدة الميثاق
على الرغم من أن الميثاق العالمي للهجرة غير ملزم، فإنه لا يزال من الممكن مساءلة الدول عن الحقوق التي التزمت بإنفاذها بموجب مجموعة متنوعة من معاهدات حقوق الإنسان التي تحمي جميع الناس.
وتوضح ديباجة الميثاق أنه متجذر في المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، التي تشمل تعزيز حقوق الإنسان، ولكن هل حقوق الإنسان للمهاجرين منصوص عليها في القوانين الوطنية، وهل تنفذها الحكومات؟ اتضح أن حماية حقوق المهاجرين تسود القوانين الوطنية في جميع أنحاء العالم، ويتم تنفيذها بشكل جيد إلى حد معقول، حتى لو كانت هناك ثغرات كبيرة.
يقول "جيست" مع قلة البيانات المتاحة للجمهور أو مراقبة حماية حقوق المهاجرين، أطلقت أنا وإيان م. كيسيل هذا العام قاعدة بيانات كجزء من مبادرة حقوق المهاجرين بجامعة كورنيل، وهي تفهرس الحقوق في 36 دولة تستضيف غالبية كبيرة من المهاجرين في العالم.
تسمح النتائج لصانعي السياسات والمناصرين وغيرهم بقياس امتثال الدولة لحماية حقوق المهاجرين، وتقدم قاعدة البيانات نظرة خاطفة على عالم تخضع فيه الدول للمساءلة العلنية عن تنفيذ الالتزامات الحقوقية التي تتعهد بها.
القوانين الوطنية
في التحليل، تتصدر فرنسا العالم بنسبة 85% بشأن حقوق المهاجرين التي يغطيها القانون الوطني، تليها البرازيل والأرجنتين 83%، وإيطاليا وإسبانيا واليونان 81%، وإثيوبيا 79%، والمكسيك وهولندا 77%، والإمارات العربية المتحدة وتشيلي 52%، وبنغلاديش 45%، و سنغافورة وإندونيسيا والهند 48%، و أيرلندا 41% ، و المملكة العربية السعودية 37%، فيما تحتوي القوانين الوطنية الأسترالية أقل عدد من حقوق المهاجرين 30% بين البلدان التي تمت ملاحظتها في قاعدة البيانات.
وبالنسبة للحقوق التي يحميها القانون الوطني، قام المبرمجون القانونيون أيضا بتقييم مدى تنفيذ الدول لها بناء على الخبرة العملية للخبراء، وتنفذ سنغافورة، التي تقود العالم في اتساق التطبيق، 93% من حقوق المهاجرين التي تكرسها في القانون الوطني، تليها الدنمارك 88%، وهولندا 80%، وألمانيا 79%، والمملكة المتحدة 78%.
الموجات الشعبوية
تجدر الإشارة إلى أن العديد من حكومات هذه البلدان تتصارع مع موجة من الشعبوية التي غالبا ما تركز على المشاعر المعادية للمهاجرين، وفي حالتي إيطاليا والمملكة المتحدة، يشغل هؤلاء الشعبويون الآن مناصب عليا، وفي يوليو، انهارت الحكومة الهولندية في نزاع حول سياسة الهجرة.
وتقدم المكسيك 44% وهو ثاني أقل تنفيذ لتلك الحقوق التي تحميها في القانون الوطني، رغم تصنيفها ضمن أفضل 10 حقوق للحماية القانونية
ولطالما كانت المكسيك والمغرب من أكثر المناصرين لحماية حقوق المهاجرين.. كانت المكسيك الراعي الرئيسي لقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإنشاء خبير عالمي مستقل في حقوق المهاجرين، فيما استضاف المغرب المؤتمر الحكومي الدولي لعام 2018 الذي تم فيه اعتماد الميثاق العالمي للهجرة.
وإذا تم تعديل درجات حماية الدولة للتنفيذ، فإن أفضل أداء بشكل عام هي الدنمارك 67%، وإسبانيا والبرازيل 63%، وهولندا 61%، وإيطاليا 60%، والأرجنتين 58%، وفرنسا وألمانيا 57%، ربما يكون بيانا لحماية حقوق المهاجرين بقدر ما هو انعكاس لسيادة القانون الفعالة في هذه البلدان.
ويمكن أن يساعد الاعتراف بهذه البلدان لإنجازاتها في زيادة احتمال استمرار هذه الحماية، حتى مع اكتساب الشعبويين المناهضين للمهاجرين نفوذا في بعضها.
ويمكن نشر قاعدة البيانات هذه من قبل حركات المجتمع المدني التي تسعى إلى تسليط الضوء على المساهمات التي يقدمها المهاجرون والحفاظ على مسارات الهجرة، بمن في ذلك طالبو اللجوء.
مبادئ القانون الدولي
ولعل أقوى ما تم الكشف عنه من قاعدة البيانات هو المجالات العديدة التي يوجد فيها بالفعل امتثال واسع النطاق للقانون الدولي.
على سبيل المثال، الحقوق المتعلقة بـ"حرية الفكر والضمير والدين أو المعتقد" محمية في 92% من البلدان المعنية، وتشمل الحقوق الأخرى المحمية جيدا في جميع أنحاء العالم تلك المتعلقة بـ"ضحايا الجريمة" 86%، و"الشخصية الاعتبارية" 81%، و"الجنسية" 81%.
وتخلص الدراسة، إلى أنه على الرغم من أن الدول تجنبت الالتزامات بحقوق المهاجرين، فإن البيانات تظهر أنها لا تحتاج إلى أن تكون متقلبة للغاية، والكثير مما يمكن تخيله في إطار حقوق المهاجرين موجود بالفعل في القوانين المحلية، وهو غير مثير للجدل نسبيا.