في إطار الدورة الـ54 بجنيف

"استخدام العنف المفرط" يضع إسرائيل في مأزق أمام "مجلس حقوق الإنسان"

"استخدام العنف المفرط" يضع إسرائيل في مأزق أمام "مجلس حقوق الإنسان"
مجلس حقوق الإنسان في جنيف

بإدانات وانتقادات لاستخدام العنف المفرط ضد الفلسطينيين، وُضعت إسرائيل في مأزق دولي خلال استعراض تقريرها الدوري الشامل أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان.

جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال الفترة من 11 سبتمبر إلى 6 أكتوبر 2023 للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

واختار المجلس الأممي لتيسير ‏الاستعراض المتعلق بإسرائيل، مجموعة دولية ضمت كوت ديفوار ونيبال وبريطانيا وأيرلندا الشمالية.

وأحيلت ‏إلى إسرائيل قائمة تساؤلات أعدتها سلفاً العديد من الدول، أبرزها ألمانيا وبلجيكا والبرتغال وإسبانيا وسلوفينيا والسويد وبريطانيا وأيرلندا الشمالية والولايات المتحدة.

وترأست وفد إسرائيل الممثلة الدائمة لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، ميراف إيلون شـاحار، ونائب المدعي العام (القانون الدولي) في وزارة العدل، جلعاد نوعم، للرد على تلك التساؤلات والملاحظات والتوصيات الدولية التي وجهت إليها خلال الاستعراض الدوري الشامل.

استعراض الإنجازات

بداية أعربت إسرائيل عن أسفها للمعاملة التمييزية التي تلقاها من مجلس حقوق الإنسان، وذكرت التحديات التي تعترض إسرائيل في التصدي للتهديدات الأمنية، بما فيها الهجمات الإرهابية.

وقالت إنه "رغم هذه المعاملة، وقفت إسرائيل في طليعة الدفاع عن العديد من قضـايا حقوق الإنسـان"، وذكرت عدة مبادرات من بينها التقدم بمشروع قرار إلى المجلس بشأن مكافحة التسلط عبر الإنترنت، والعمل النشط على تعزيز حقوق الأشخاص ذوي إعاقة والأطفال وكبار السن والنساء والفتيات وأفراد مجتمع الميم (المثليين جنسيا).

وقالت إن منظمة حماس تحتجز 4 إسرائيليين، من بينهم جنديان من قوات الدفاع الإسرائيلية قتلا واختُطفا، هما أورون شاؤول وهدار غولدين، فضلاً عن مدنيين ذوي إعاقة، هما أفيرا منغيستو وهشام السيد.

وأكد نائب المدعي العام التزام إسرائيل بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، قائلا: "لا تزال المقترحات التشريعية الحالية المتعلقة بجوانب من النظام القانوني في إسرائيل في مراحلها الأولى وتخضـع لمناقشة عامة على نطاق واسع".

وقال الوفد الإسرائيلي إنه "قد طرأ تحسن كبير على إعمال حقوق الإنسان منذ جولة الاستعراض السابقة لحالة حقوق الإنسان في البلاد، إذ أصبحت إسرائيل أول بلد غير أوروبي ينضم إلى اتفاقية مجلس أوروبا المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر، وصدقت على بروتوكول اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن السخرة لعام 1930، كما اعتمدت عدة قوانين تعزز حماية حقوق الإنسـان، من جملتها قانون الخدمات الاجتماعية للأشخاص ذوي إعاقة، المتسـق مع اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وقانون حظر استهلاك خدمات الدعارة.

كما تم التشديد على الدور الحاسم في حماية حقوق الإنسان الذي توديه المحاكم، بقيادة محكمة العدل العليا، بوسائل منها التمسك تكرارا بالحق في حرية الرأي والتعبير وبالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.

فيما تم إحراز تقدم في تعزيز المساواة بين الجنسين، حيث عينت النساء في مناصب رفيعة المستوى في الحكومة والقضاء، كما أُحرز تقدم في حماية حقوق أفراد مجتمع الميم وتعيينهم في مناصب مهمة.

وفي مجال التعليم، عملت الوحدة على أمور منها إدماج محتوى مناهض للعنصرية في النظام التعليمي وفي تدريب المعلمين، وقُدمت معلومات عن شكاوى بشـأن التمييز تلقاها من أفراد ينتمون إلى طوائف مختلفة، مثل أفراد من السكان العرب وإسرائيليين من أصل إثيوبي.

وأكدت إسرائيل أن هناك تحديات تعترضها في مكافحة التمييز والعنصرية والعنف في الدوافع العرقية، وأقرت بتحديث الدولة التزامها بالتغلب عليها، إذ قدم مستشار الشؤون العربية لدى المدير العام في وزارة المساواة الاجتماعية فكرة متبصرة عن الفوارق الاجتماعية والجغرافية الدائمة التي تعاني منها المجتمعات المحلية العربية والدوية في إسـرائيل.

وقد كرست خطة خمسية للتغلب على تلك التحديات، بميزانية متوقعة قدرها نحو 9 مليارات دولار للفترة 2021-2026، وركزت الخطة على مجالات مثل الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية والنقل العام والسكن وإنماء الشباب.

وتشكل الخطة الشاملة محاولة غير مسبوقة من جانب الحكومة لسد الثغرات وتعزيز المساواة بين مختلف سكان إسرائيل، كما تؤدي دوراً رائداً في مكافحة الاتجار بالبشـر، فقد حققت نجاحات في منع الاتجار باستهداف الطلب عليه وبمحاكمة الجناة، فاعتمدت خطة تنفيذ خمسية ينخرط في تنفيذها 14 وزارة حكومية وتركز على الملاحقة القضائية ودرء الاتجار وحماية الضحايا.

كما تولي أيضا اهتماما خاصا للأشخاص ضعاف الحال، فوُضع نموذج جديد لتحديد هوية ضحايا الاتجار بالبشر في المطار الدولي، وإسرائيل ملتزمة بالتمسك بحقوق الإنسان وهي تدعو إلى التعاون العالمي على مكافحة الاستغلال.

وبشأن العنف المنزلي ضد المرأة، فقد اتخذت إسرائيل تدابير كثيرة درءاً للعنف ذي الدوافع الأيديولوجية، لا سيما على الفلسطينيين، وتعزيزاً لإنفاذ القانون في الضفة الغربية.

وفي إشارة إلى قطاع غزة، قال ممثل المدعي العام العسكري في جيش الدفاع الإسرائيلي إنه لم يعد تحت السيطرة الإسرائيلية الفعلية منذ عام 2005، وأشار إلى أن حماس وغيرها من المنظمات الإرهابية شنت هجمات على إسرائيل ومواطنيها من غزة، وإلى أن إسرائيل نفذت، لأجل حماية مواطنيها، عمليات عسكرية على أهداف عسكرية لهذه المنظمات، مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين إلى أدنى حد.

انتقادات ومطالب

بدورها دعت هندوراس، وباراغواي، وسريلانكا، وتوغو، وغامبيا، السلطات الإسرائيلية إلى التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد وأسرهم.

كما طالبت الأرجنتين وكولومبيا وفنزويلا بضرورة التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

وأشارت النرويج وفنزويلا إلى أهمية التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسـيـاسـيـة والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، فيما طالبت تشاد ولاتفيا إلى النظر للانضمام إلى البروتوكولين الاختياريين الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسـياسـية.

وحثت توغو وآيسلندا على التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فيما دعت فرنسا وتشيكيا والدنمارك وفنزويلا إلى التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

ولفتت العديد من الدول إلى ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة باتجاه التصديق على اتفاقية مجلس أوروبا لدرء العنف عن المرأة والعنف المنزلي ولمكافحتهما، وكذلك التصديق على اتفاقية مجلس أوروبا بشـأن حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي.

بدورها طالبت إكوادور ولاتفيا بالتصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والتصديق على التشــريعات الوطنية ومواءمتها التامة مع جميع الالتزامات المنصوص عليها في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

فيما أشارت إيطاليا إلى النظر في اعتماد إعلان المدارس الآمنة والامتثال لجميع قرارات الأمم المتحـدة ذات الصلة والتقيـد بـالقـانون والتصديق على اتفاقية مجلس أوروبا لدرء العنف عن المرأة والعنف المنزلي.

وأكدت بنما وبوركينافاسو وإسبانيا وبلجيكا تعزيز التعاون مع هيئات وآليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وكذلك استئناف منح التأشيرات للموظفين الدوليين في مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بحيث يسمح لهم بأداء وظائفهم، والتعاون التام مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والسماح لمنظمات حقوق الإنسان بالدخول دون قيد أو شـرط إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، بما فيها قطاع غزة، بقصد التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي يشتبه في أن طرفاً من الأطراف قد ارتكبها.

كما دعت ماليزيا وباكستان وباراغواي وكازاخستان إلى التعاون التام مع هيئات الأمم المتحدة وآليات حقوق الإنسـان وغيرها من الهيئات القضائية الدولية بوسائل منها السماح لها بالدخول دون قيد أو شرط إلى إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة لإجراء تحقيقات، والاستجابة لتوصياتها بتحسين حالة حقوق الإنسان والوضع الإنساني على وجه السرعة.

وبدورها طالبت قطر وسويسرا وأوروغواي بوضع حد لإفلات القوات الإسرائيلية المسؤولة عن قتل المدنيين من العقاب ومحاسبة الجناة، ووضع حد للاعتداءات والهجمات والاستخدام المفرط للقوة ضد الفلسطينيين وعمليات القتل غير المشروع التي ترتكبها القوات الإسرائيلية وضمان محاسبة المسؤولين والجناة.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.

 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية