مواطنون مع وقف التنفيذ.. النزوح والبيروقراطية يحرمان مليون عراقي من أوراقهم الثبوتية
مواطنون مع وقف التنفيذ.. النزوح والبيروقراطية يحرمان مليون عراقي من أوراقهم الثبوتية
نازحون يشكون فقدان الأوراق الثبوتية وضعف الحالة المادية وتزايد الفقر
مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان: مليون عراقي بلا أوراق ثبوتية
وزارة الداخلية: عالجنا أغلب المشكلات.. وفاقدو الأوراق لا يتمتعون بأبسط حقوقهم كمواطنين
لجنة الإنقاذ الدولية تطالب بزيادة موازنة إدارة الشؤون المدنية وتكثيف مهام الفرق الجوالة
مسؤول أممي: البيروقراطية الحكومية تعرقل إصدار الأوراق الثبوتية للنازحين
العراق- جسور بوست
بنبرة من الحزن تتحدث آلاء الدليمي (اسم مستعار)، وهي نازحة من أهالي قضاء الحويجة في كركوك، عن عدم تمكنها من تسجيل ابنتها في المدرسة، بسبب فقدانها للمستمسكات الثبوتية (الأوراق والمستندات الثبوتية).
وتقول الدليمي، إن "المسؤولين في منطقتها حولوا معاملتها إلى المجلس البلدي، والذي حولها بدوره إلى مجلس المحافظة باعتبارها قضية تهم المحافظة بأسرها وليس القضاء فقط".
وتوضح أن "ابنتها من مواليد عام 2014 لا تمتلك أوراقا ثبوتية، بعد تعرضها للحرق بسبب الحرب على داعش والأحداث التي رافقتها".
وليست هذه الحالة الوحيدة التي تم رصدها، بل هناك الآلاف من الحالات المشابهة التي تشكو -بالإضافة لفقدان الأوراق الثبوتية- من ضعف الحالة المادية وتزايد الفقر بسبب النزوح، ومنهم النازحة أم أحمد، التي ناشدت السلطات لمساعدتها.
مليون عراقي بلا أوراق
وأكد مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان مصطفى سعدون في تصريح لـ"جسور بوست"، أن عدداً كبيراً من العراقيين لا يمتلكون أي أوراق ثبوتية صادرة من الدولة العراقية، مبينا أن "أغلب هؤلاء ولدوا خلال فترة سيطرة عصابات داعش الإرهابية على محافظات عراقية، إضافة إلى أن بعضهم آباؤهم كانوا من الإرهابيين المقاتلين مع داعش".
سعدون نوه إلى أن "مجلس القضاء الأعلى حاول تسريع عملية إصدار الأوراق الثبوتية لهم إلا أن أعدادا ليست بالقليلة ما زالوا لا يملكون أي أوراق ثبوتية وسيحرمون من أبسط حقوقهم كالتعليم والصحة والانتخاب فضلا عن حقوق أخرى".
وأشار إلى أن "أشخاصا آخرين تعرضت أوراقهم الثبوتية للحرق أو الضياع أثناء فترة الحرب على الإرهاب"، موضحا أن "مجلس القضاء عمل على تسهيل إجراءات منح هؤلاء أوراقا ثبوتية، لكن إجراءات بيروقراطية حكومية تعيق إنهاء هذه المهمة".
ويقدر مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان أعداد المتضررين من نقص المستمسكات الثبوتية بمليون شخص في العراق، وذلك وفقا لتقارير أوردتها منظمات دولية.
وفي وقت سابق أشارت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن "غياب المستندات الرسمية في العراق يعوق الوصول إلى خدمات أساسية مثل التعليم والصحة وإعانات الضمان الاجتماعي، ومن شأنه أيضاً إعاقة حرية التحرك وزيادة خطر التعرّض للتوقيف والاعتقال".
وتمكنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وشركائها، من تسوية 150 ألف ورقة رسمية بين 2019 حتى منتصف 2022.
تضرر 3 فئات
بدوره، عدد مدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية، اللواء خالد المحنا، أسباب عدم امتلاك عدد كبير من العراقيين المستمسكات والأوراق الثبوتية، مبينا "قسم من هؤلاء لا يملك الأوراق الرسمية بسبب زواج عائلاتهم خارج نطاق المحكمة، ولعدم تحديث بيانات وسجلات النفوس لأسباب تتعلق بالوضع المادي العام، لأنهم يعانون من الفقر والعوز الشديد".
وأضاف “المحنا” في تصريح لـ"جسور بوست"، أن النسبة الأكبر من هذه العوائل تتواجد في مناطق العشوائيات"، مضيفاً أن النازحين يعدون الفئة الثانية من هؤلاء الذين لا يمتلكون الأوراق الثبوتية، لعدم إمكانياتهم تحديث السجلات في مناطقهم التي نزحوا منها".
وأشار اللواء المحنا، إلى أن "هناك فئة ثالثة، لا تتمكن من تحديث البيانات والسجلات في دوائر النفوس، بسبب ترحيلهم من مناطقهم على خلفية نزاعات عشائرية".
وأكد أن "وزارة الداخلية عالجت أغلب المشكلات عبر لجنة تسهل عمليات إصدار الوثائق للذين لا يمتلكون أوراقا ثبوتية وفقا للقانون العراقي"، لافتا إلى أن المعالجات كانت عبر اعتبار بعضهم مجهولي النسب وآخرين تتبعت اللجنة أحد والديه لغرض إكمال عملية تسجيله في دوائر النفوس كونهم لا يتمتعون بأبسط حقوقهم كمواطنين عراقيين".
البيروقراطية تفاقم الأزمة
وفي وقت سابق، شددت المتحدثة باسم "لجنة الإنقاذ الدولية" في العراق جوردان ليسير روي، على أهمية عمل المنظمات غير الحكومية مع جميع مستويات المؤسسات الحكومية من أجل تسهيل وتسريع وتيرة هذه الإجراءات.
وأوضحت المسؤولة الأممية في بيان تابعته "جسور بوست"، أنه "ينبغي الحصول على موافقات من المختار، لكن أيضاً لا بد من تغيير في السياسة العامة"، داعية إلى زيادة في موازنة الإدارة العامة للشؤون المدنية وتكثيف مهام الفرق الجوالة.
وقال مسؤول الحماية الاجتماعية في منظمة (LCN) إحدى مشاريع الشراكة مع المفوضية السامية لحقوق اللاجئين في العراق، زكاء الدين جمال سلمان، إن "الكثير من النازحين العراقيين لا يمتلكون أوراقا ثبوتية لعدة أسباب أبرزها التلف أو الحرق أو تركها في المنازل المدمرة".
وأشار سلمان في حديثه لـ"جسور بوست" إلى أن "المنظمة لديها مشروع مستمر لتوفير الأوراق والمستندات ودعم قانوني للفئات المتضررة، ضمن مشروع مع الأمم المتحدة بدأ عام 2017، يتضمن توفير محامين بالمجان للمتضررين يتولون مهمة إصدار الأوراق الثبوتية".
أطفال "داعش" معضلة
وبين المسؤول في المنظمة الأممية، أن "المنظمة نجحت في توفير الأوراق الثبوتية لأعداد كبيرة لكن لا يزال هناك حاجة للمزيد من الدعم"، منوها إلى أن "البيروقراطية الحكومية تعرقل إصدار المستمسكات للنازحين، كما يتخوف عدد كبير من هؤلاء من العودة إلى مناطقهم بسبب المشكلات العشائرية والوضع الأمني وتشابه الأسماء مع مطلوبين للقضاء".
ولفت “سلمان”، إلى أن "الأطفال الذين ولدوا خلال فترة سيطرة داعش على مساحات شاسعة من العراق لا يمتلك أغلبهم أوراقا ثبوتية أو حجج ولادة"، موضحا أن "هؤلاء بلا أوراق منذ أكثر من 5 سنوات، وهو أمر يعرقل إصدار بطاقات وطنية لهم، كما أن عددا كبيرا منهم غير معروف الأب، وهي مشكلة كبيرة عصية على الحل الحكومي".
وأضاف، أن "المنظمات الإنسانية تبنت الكثير من المشاريع لمساعدة النازحين بينها مشاريع "بناء السلام" والتقارب بين العشائر، إضافة إلى جمع القضاة في ندوات تشاورية لحسم قضية الأطفال الذين ولدوا خلال حقبة داعش والنزوح".