وسط جملة من الانتقادات.. مالي تستعرض تقريرها الدوري أمام مجلس حقوق الإنسان
في إطار انعقاد الدورة الـ54 بجنيف
استعرضت دولة مالي اتخاذها عددا من الإصلاحات السياسية في تقريرها الدوري الشامل أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان، مع مواجهة جملة من الانتقادات بشأن الجماعات المسلحة والنزاعات والمطالبات الحقوقية.
جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال الفترة من 11 سبتمبر إلى 6 أكتوبر 2023 للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.
واختار المجلس الأممي المجموعة الثلاثية لتيسير الاستعراض المتعلق بدولة مالي، والتي ضمت ألمانيا والصومال وقرغيزستان.
وأحيلت إلى دولة مالي قائمة تساؤلات أعدتها سلفاً العديد من الدول، أبرزها إسبانيا، ألمانيا، أنغولا، البرتغال، بلجيكا، بنما، سلوفينيا، السويد، ليختنشتاين، بريطانيا، أيرلندا الشمالية، الولايات المتحدة الأمريكية.
وترأست وفد مالي وزيرة العدل وحقوق الإنسان، مامودو كاسوغيه، للرد على تلك التساؤلات والملاحظات والتوصيات الدولية التي وجهت إليها خلال الاستعراض الدوري الشامل.
استعراض الإنجازات
أقر وفد دولة مالي أن بلاده اعتمدت قانونا انتخابيا في يونيو 2022، في إطار السعي إلى تحقيق تطلع السكان، ونص أحد أحكامه على إنشاء الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات التي منوط بها المسؤولية عن العملية الانتخابية.
وفي إطار مواصلة الإصلاحات الجارية، صوتت الهيئة التشريعية على سن قوانين تهدف إلى إعادة تنظيم الهيكل الإداري والإقليمي للبلد، وذلك لضـمان تمثيل أفضـل لسـكان مالي وحسـن تنظيم العملية الانتخابية.
وأقر مشروع الدستور الجديد في 16 مارس 2023 وعرض على القوى السياسية المختلفة بالبلاد، ويجري تعميم مضمونه تمهيداً للاستفتاء المقبل (لم يحدد موعده).
وبهدف استعادة السلام وتعزيز المصالحة الوطنية، واصلت الحكومة المالية تنفيذ اتفاق السلام والمصالحة الوطنية، وإعادة إدماج الآلاف من المقاتلين السابقين في قوات الدفاع والأمن.
وسعت الدولة إلى تمويل العديد من البرامج التي اختارها صندوق التنمية المستدامة من الميزانية الوطنية، واعتماد سياسة وطنية لجبر الضرر لضحايا الأزمات في مالي، واعتماد خطة عملها للفترة 2021-2025، وإنشاء هيئة إدارة جبر الضرر لضحايا الأزمات.
وفي ما يتعلق بإمكانية اللجوء إلى العدالة، تحسنت حقوق المواطنين تحسناً ملحوظا، بما في ذلك حقوق الأشخاص مسلوبي الحرية، من خلال إرساء هياكل أساسية منصوص عليها في الخريطة القضائية الجديدة، وبفضـل الميزانية الوطنية.
وشيدت الدولة سجن كينيوروبا المركزي، وقامت بإجراء إصلاحات في 34 سجنا آخر بفضل دعم الشركاء، كما أسهمت هذه الجهود في تحسين الأوضاع في السجون.
وأوضح الوفد أنه تم تعيين 100 قاضٍ و125 حارس سـجن، وفقاً لخطة توجيه وبرمجة قطاع العدالة للفترة 2020-2024 التي تستهدف تعزيز قدرة قطاع العدالة في البلاد.
وفي ما يتعلق بعقوبة الإعدام، أكد الوفد استمرار الوقف الاختياري الذي اعتمد منذ عام 1980، حيث لم ينفذ أي حكم بالإعدام في مالي منذ ذلك العام، وقد خففت بصورة منهجية أحكام الإعدام إلى أحكام بالسجن المؤبد.
وبشأن مكافحة الإفلات من العقاب، اتخذت مالي تدابير هامة ضـد انتهاكات حقوق الإنسـان والقانون الدولي الإنساني التي ترتكبها عناصر من قوات الدفاع والأمن، من خلال تنظيم محاكمات أمام المحاكم العسكرية، وفرضت أيضاً عقوبات إدارية وتأديبية.
وتحرص الحكومة أيضاً على ملاحقة أي شخص مذنب بارتكاب جرائم ضد القوات الدولية في مالي، إضافة إلى استمرار التحقيق في العديد من قضايا الانتهاك الأخرى وملاحقة مرتكبيها.
وفي ما يتعلق بتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، بذلت الحكومة جهوداً كبيرة وفقا للقانون المعتمد في عام 2015، الذي ينص على تدابير لتعزيز المساواة بين الجنسين في الوصول إلى المناصب التي تشغل بالتعيين أو بالانتخاب، ما أدى إلى تحسين تمثيل المرأة.
انتقادات ومطالبات
وأثناء جلسة التحاور وردود الدولة موضوع الاستعراض، أدلى 100 وفد دولي ببيانات وتوصيات في تقرير دولة مالي.
ورحبت مالديف بالسياسات الرامية إلى تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية وتعزيز قدرات المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، لكن مالطا أعربت عن قلقها إزاء تعليق اتفاقات السلام وإزاء العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، وأعربت عن أسفها لقرار طرد مدير شعبة حقوق الإنسان والحماية التابعة لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي.
ورحبت موريتانيا بإنشاء آلية وطنية لمنع التعذيب، وأشـادت موريشيوس بالإجراءات المتخذة لحظر الزواج المبكر والزواج القسري التي تشـمل استراتيجية وطنية متعددة القطاعات لمنع زواج الأطفال.
وأشادت المكسيك والجبل الأسود بإنشاء مديرية وطنية لحقوق الإنسان والإجراءات الجنائية، والجهود المبذولة في مجال العدالة الانتقالية ومكافحة الإفلات من العقاب، لكنهما أعربا عن استمرار قلقهما إزاء الاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان.
ورحب المغرب بتعزيز المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وإنشاء الآلية الوطنية لمنع التعذيب، فيما أشادت موزمبيق بالإجراءات المتخذة في مجال حقوق الإنسان منذ اعتماد تقرير الاستعراض الدوري الشامل الأخير المتعلق بمالي.
وحثت ناميبيا الحكومة المالية على ضمان تزويد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالموارد الكافية، وأشادت بتعيين جهات تنسيق معنية بالشؤون الجنسانية في المحاكم.
وشجعت نيبال مالي على ضمان تزويد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالموارد الكافية، ورحبت بالرعاية المجانية للأشخاص ذوي الإعاقة وبسن قانون الانتخابات.
وأعربت هولندا عن قلقها إزاء العنف المرتكب ضـد المدنيين من قبل المتطرفين والقوات المالية والمرتزقة خلال العمليات العسكرية، كما أعربت النرويج عن قلقها إزاء وفيات المدنيين، وعدم إجراء تحقيقات، وحرية التعبير، والانتهاكات ضد الأطفال.
وأشادت باكستان بالاستراتيجية الوطنية لإصلاح قطاع الأمن، والآلية الوطنية لمنع التعذيب، والسياسة الوطنية للهجرة، فيما أعربت باراغواي عن قلقها إزاء عقوبة الإعدام وعدم تصنيف الاختفاء القسري جريمة قائمة بذاتها.
وأثنت بولندا على التشريع المتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة، لكنها أعربت عن قلقها إزاء عدم حصولهم على التعليم، ورحبت بإنشاء الآلية الوطنية لمنع التعذيب.
وبدورها، رحبت البرتغال وكوريا بإعادة اعتماد مؤسستها الوطنية لحقوق الإنسان في الفئة "ألف"، وبجميع الالتزامات المتعلقة باستعادة النظام الدستوري، وشجعت على الامتثال للجدول الزمني للانتخابات الديمقراطية.
واعترفت سنغافورة بنتائج برنامج تطوير التعليم، وأشارت إلى برنامج الصحة والتنمية الاجتماعية، فيما أعربت سلوفينيا عن قلقها إزاء تدهور الحالة الأمنية والاستغلال الجنسي للأطفال والاعتداء عليهم والاتجار بهم.
ونوهت جنوب إفريقيا بالخطط الرامية إلى القضاء على عمل الأطفال، وتمكين النساء والأطفال، كما رحبت سويسرا وتوغو وتونس بإنشاء آلية وطنية لمنع التعذيب وباتخاذ تدابير لمنع الاتجار بالأشخاص، واعتماد القانون المتعلق بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2018.
وأعلن الوفد المالي عن تعديل قانون القضاء العسكري الساري منذ عام 1995، وإلغاء الأمر بالملاحقة الذي يمكن أن يصدره وزير الدفاع، وإنشاء غرفة للاستئناف معنية بالجرائم العسكرية.
وأعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن تقديرها الاستعداد مالي للتصدي للرق الوراثي، ما سيشجع على زيادة المساءلة، وحثت على العودة إلى الديمقراطية والحكم المدني والنظام الدستوري.
ورحبت كل من تنزانيا واليمن وزامبيا بتعزيز قدرات مؤسسات حقوق الإنسان وزيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية، والتقدم الذي أحرزته مالي في مواءمة تشريعاتها الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وشجعت أنغولا مالي على مواصلة حماية حقوق الإنسان واتخاذ تدابير لمنع انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، لا سيما ضد الفئات السكانية الضعيفة، بما في ذلك في سياق مكافحة الإرهاب.
وأشادت أستراليا وأذربيجان بمالي لتعزيزها حماية الأشخاص ذوي الإعاقة وضمان إدماجهم، ولتيسيرها إدماج الشباب اجتماعيا واقتصادياً، ولتشجيعها المساواة بين الجنسين.
ونوهت بنغلاديش باعتماد مالي تشـريعاً لتعزيز حقوق المرأة، وأعربت عن رغبتها في رؤية آلية مساءلة داخلية فعالة ضد الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، وآليات حكومية لحماية النساء والأطفال من الإيذاء.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.