خبراء لـ"جسور بوست": استدامة الأمن والاقتصاد متطلبات إنسانية مهمة للنازحين الفلسطينيين
خبراء لـ"جسور بوست": استدامة الأمن والاقتصاد متطلبات إنسانية مهمة للنازحين الفلسطينيين
اللاجئون الفلسطينيون بين الحقوق المسلوبة والحلول المفقودة
على أرضٍ مليئة بالحزن والألم، يتسلل اليأس واليتم إلى قلوب النازحين الداخليين في غزة، في وجوههم المتعبة تظهر علامات الحرمان والتشرد، أرواحهم المكسورة تحمل أعباء غدر لا يُطاق.
بينما يحاولون الصمود وسط الأوضاع القاسية، فإن التحديات الإنسانية تتربص بهم في كل زاوية، مهددة بإزهاق الأمل الذي لا ينبغي لأحد أن يفقده.
بينما ترتفع زخات القذائف والانهيارات الهيكلية، يجد النازحون أنفسهم مشردين في أرضٍ غريبة لا تقدم لهم سوى قسطٍ من الأمان وصفة لاجئٍ مؤقت، يسكن الكثيرون في مخيمات متهالكة ومُهملة، بينما يجد البعض الآخر نفسه بلا مأوى تمامًا، يعيشون تحت أشجار الحزن وبين ركام الأحلام المحطمة.
يتعرضون للأمراض والعوز وسوء التغذية، ومع ذلك، ليست التحديات الجسدية هي المتربص الوحيد بالنازحين الداخليين، بل تنتشر التهديدات النفسية والعاطفية بين صفوفهم أيضًا، فيعاني النازحون من انتكاسات نفسية خطيرة، إذ يشعرون بالضياع واليأس والعجز عن تحقيق آمالهم المدفونة.
يصبحون ضحايا للتمييز والتهميش، ويفقدون شعورهم بالانتماء والأمان الذي كانوا يعيشون به في أوقاتٍ سابقة.. ومع ذلك، لا يزال هناك خيطٌ رفيعٌ من الأمل يتدلى في سماء غزة المظلمة، ينتظرون حلولًا تتأتى عليهم من السماء بعد خذلان الجميع المحلي والدولي.
الأرقام تعكس حجم المأساة المروعة للنازحين الداخليين في غزة، حسب تقديرات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA)، فإن عدد النازحين الفلسطينيين في سبتمبر 2021 يقدر بحوالي 8.7 مليون شخص، بمن في ذلك اللاجئون الفلسطينيون والنازحون الداخليون.
نازحون فلسطينيون
وينزح الفلسطينيون داخليًا إلى مختلف المناطق في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وينتقل البعض منهم إلى مخيمات للاجئين الفلسطينيين الموجودة في تلك المناطق، في حين يختار البعض الآخر الإقامة في المجتمعات العادية.
ويواجه النازحون الفلسطينيون العديد من التحديات والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، وصعوبات في الحصول على السكن اللائق والخدمات الأساسية وفرص العمل، وقد يتعرضون أيضًا لانتهاكات حقوق الإنسان وتهديدات أمنية.
ويرى خبراء هاتفتهم "جسور بوست"، أن تحسين الظروف المعيشية وتوفير ملاجئ آمنة ومرافق صحية وتعليمية يتطلب تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للنازحين، وتوفير فرص عمل مناسبة لتحسين وضعهم المادي.
ولإيجاد حلول للتحديات الإنسانية التي يواجهها النازحون الداخليون في غزة، يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته ويعمل بجد لتوفير الدعم اللازم للنازحين، وتحقيق العدالة الاجتماعية والإنسانية لهم.
الوقت قد حان للمبادرة والتحرك، لأنه بينما نكتب هذه الكلمات الحزينة، يواجه الآلاف من النازحين الداخليين في غزة تحديات لا تحتمل، لنجعل أصواتهم تصل، ولنكن نواة الأمل التي يحتاجون إليها لبناء مستقبلٍ أفضل.
"جسور بوست"، تناقش المشكلة والتحديات التي تفرضها على النازحين والحلول مع خبراء ومتخصصين.

تحديات وحلول
في البداية قال أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة، الدكتور محمد كمال، إن قطاع غزة يعيش على وقع النزاعات المستمرة والتوترات السياسية، ما أدى إلى زيادة عدد النازحين الداخليين بشكل كبير، ويواجه هؤلاء النازحون تحديات إنسانية هائلة تتعلق بالإسكان والصحة والتعليم والسلامة الشخصية، وتشير التقديرات إلى أن عدد النازحين الداخليين في غزة قد تجاوز 100 ألف شخص نتيجة للتوترات السياسية والنزاعات المستمرة، ويتم تشريد هؤلاء الأشخاص من منازلهم ومجتمعاتهم، ما يتركهم بلا مأوى ومعاناة شديدة.
وعن التحديات الإنسانية التي يواجهها النازحون الداخليون أضاف لـ"جسور بوست"، الإسكان أول التحديات، حيث يعيش الكثيرون في مخيمات غير رسمية أو في ظروف سكن غير ملائمة، ما يؤثر على كرامتهم وسلامتهم الشخصية، بالإضافة إلى ذلك، يعاني النازحون من نقص في الخدمات الصحية والتعليمية والمرافق الأساسية، كذلك يواجهون آثارًا نفسية واجتماعية خطيرة نتيجة للتشرد وفقدان مأواهم، يشعرون بالضياع والحزن والقلق بشأن مستقبلهم ومصائرهم، كل هذا له مردود اقتصادي وسياسي على الجميع، وتزداد التحديات الاجتماعية أيضًا، حيث يواجهون التمييز والتهميش في المجتمع وصعوبة في إعادة بناء حياتهم.
وعن الحلول الممكنة استطرد كمال، هناك حاجة ماسة لتوفير إسكان لائق وآمن لهم، يجب أن تعمل السلطات المحلية والمنظمات الدولية على توفير مخيمات مؤقتة تلبي احتياجاتهم الأساسية وتوفر الحماية اللازمة، بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز الخدمات الصحية والتعليمية في المناطق التي يتواجد فيها النازحون، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للتخفيف من آثار التشرد على الصعيد النفسي.
الدكتور محمد كمال
وأتم، على المستوى الدولي، ينبغي تعزيز التعاون والدعم المالي لمساعدة النازحين الداخليين في غزة، يجب على المجتمع الدولي أن يتعاون من أجل توفير التمويل اللازم للمشاريع الإنسانية والتنموية، وتوفير الدعم الفني والتقني للسلطات المحلية لتعزيز قدراتهم في التعامل مع أزمة النزوح الداخلي، يجب أن نعمل معًا كمجتمع دولي لتوفير الحماية والرعاية للنازحين الداخليين، والسعي للحلول المستدامة التي تعيد لهم كرامتهم وتمكنهم من بناء مستقبل أفضل.
تأثيرات النزوح
وعلق الخبير السياسي، الدكتور عبدالمنعم سعيد بقوله، إن النزوح الفلسطيني يمكن أن يؤثر على الأمن العام الدولي والاقتصاد بعدة طرق، منها زيادة التوتر السياسي والصراعات في المنطقة، قد يؤدي ذلك إلى زيادة الاحتقان والصدامات بين الأطراف المعنية وتفاقم الصراعات القائمة، وبالتالي يمكن أن يؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي، وقد يستغل البعض الوضع الصعب وعدم الاستقرار للقيام بأعمال إرهابية أو الانضمام إلى جماعات متطرفة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تهديدات أمنية عابرة للحدود وزيادة الجريمة المنظمة.
وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، قد يؤدي النزوح الفلسطيني إلى زيادة عدد اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، وهو ما يمكن أن يؤثر على أمن الحدود ويزيد من ضغوط الهجرة على الدول المجاورة والمجتمعات المستضيفة، أيضًا زيادة الضغط على الموارد الاقتصادية في المناطق المستضيفة، مثل السكن والتعليم والرعاية الصحية، وقد يكون من الصعب تلبية احتياجات النازحين والمجتمعات المستضيفة، ما يؤثر على التوازن الاقتصادي والاستدامة.

الدكتور عبد المنعم سعيد
وتابع، يمكن أن يؤثر النزوح الفلسطيني على سوق العمل في المناطق المستضيفة، حيث تدفق الكثير من العمالة الجديدة يمكن أن يؤدي إلى زيادة التنافس على الوظائف وتخفيض الأجور، ما يؤثر على الحالة الاقتصادية ومستوى المعيشة للنازحين والمجتمعات المستضيفة، أيضًا التأثير على الاستثمارات والأعمال التجارية في المنطقة، نظرًا لعدم الاستقرار والتوترات السياسية المصاحبة للنزوح، وقد يكون هناك تراجع في النشاط الاقتصادي والتجارة، وتأثير سلبي على النمو الاقتصادي للمنطقة.