لنصرة أهالي غزة.. حملة لمقاطعة المنتجات الغربية تجتاح الدول العربية
لنصرة أهالي غزة.. حملة لمقاطعة المنتجات الغربية تجتاح الدول العربية
في أحد متاجر البحرين، تحمل جنى عبدالله، البالغة 14 عامًا، جهازًا لوحيًّا أثناء تسوّقها مع والدتها، لتُراجع قائمة بأسماء منتجات غربية بهدف عدم شرائها، في وقت تواصل إسرائيل حربها على حركة حماس في قطاع غزة.
انضمّت جنى وشقيقها علي البالغ عشرة أعوام واللذان كانا قبل بدء الحرب يتناولان يوميًا وجبات سريعة من "ماكدونالدز"، إلى كثرٍ في الشرق الأوسط في حملة لمقاطعة منتجات وشركات عالمية كبرى يعتبرون أنها تدعم إسرائيل، وفق وكالة فرانس برس.
وتقول جنى: "لقد بدأنا بمقاطعة كل المنتجات التي تدعم إسرائيل تضامنًا مع الفلسطينيين.. لا نريد أن تسهم أموالنا في مزيد من المعارك"، مشيرةً إلى أنها تبحث عن منتجات محلية بدلًا من تلك المستوردة المرتبطة بحلفاء إسرائيل وخصوصًا الأمريكية.
انتشرت دعوات المقاطعة بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما على تيك توك، واكتسبت الحملة زخمًا كبيرًا في العالم العربي منذ اندلاع الحرب في غزّة في السابع من أكتوبر، إثر هجوم غير مسبوق شنّته حركة حماس داخل إسرائيل أسفر عن مقتل 1400 شخص معظمهم مدنيون قضوا في اليوم الأول للهجوم.
ومذاك تشنّ إسرائيل قصفًا مدمّرًا ومتواصلًا على قطاع غزّة المحاصر ما أدى إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص نصفهم أطفال، وفق آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة في قطاع غزة.
وتنديدًا بالقصف الإسرائيلي، ترافقت حملة المقاطعة مع دعوات للدول العربية لقطع علاقاتها بإسرائيل، في حين تشهد دول عدة في الشرق الأوسط تظاهرات أسبوعية تضامنًا مع الفلسطينيين.
واستدعت تركيا والأردن سفيرَيهما لدى تل أبيب، في حين أعلنت السعودية تعليق مفاوضات التطبيع، واستدعت جنوب إفريقيا دبلوماسييها للتشاور.
وفي البحرين التي طبّعت علاقاتها مع الدولة العربية عام 2020، أعلن مجلس النواب "وقف" العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل.
شعار صادم
تنتشر الدعوات للمقاطعة، التي يطلقها شباب متمرّسون في مجال التكنولوجيا، على مواقع إلكترونية مخصصة وتطبيقات على الهواتف الذكية تحدد المنتجات التي يطالبون بعدم شرائها.
ويعمل ملحق لمتصفح "غوغل كروم" سُمّي "بالستاين باكت" (أو ما ترجمته ميثاق فلسطين)، على إخفاء منتجات واردة في إعلانات عبر الإنترنت في حال كانت مدرجة على قائمة المقاطعة.
وتُستخدم الطرق التقليدية أيضًا؛ فعلى جانب طريق سريع يتضمن أربع خطوط في الكويت، تُظهر لوحات إعلانية عملاقة صورًا لأطفال ملطّخين بالدماء.
وأُرفقت الصور بشعار صادم يقول "هل قتلتَ اليوم فلسطينيًا؟" مع هاشتاغ #مقاطعون، في رسالة موجّهة إلى المستهلكين الذين لم ينضموا إلى حملة المقاطعة بعد.
ويعتبر عضو "حركة مقاطعة الكيان الصهيوني" في الكويت، مشاري الإبراهيم، أنّ "ردود الفعل الغربية بعد العدوان الذي استهدف غزة، عزّزت انتشار المقاطعة في الكويت، وولّدت صورة ذهنية لدى الكويتيين بأن شعارات الغرب وما يُردّده عن حقوق الإنسان لا يشملُنا".
وأضاف: “المقاطعة واضحة لحدّ الآن، وردود فعل وكلاء العلامات التجارية داخل البلاد تؤكد تأثير الحملة”.
ووجدت سلسلة مطاعم "ماكدونالدز" نفسها هدفًا رئيسيًا.. والشهر الماضي أعلن "ماكدونالدز" فرع إسرائيل أنه قدّم آلاف الوجبات المجانية للجيش الإسرائيلي، ما أثار استياء الرأي العام العربي.
ونشرت فروع ماكدونالدز في عدد من الدول العربية بيانًا صادرًا عن مجموعة "ماكدونالدز العالمية" تؤكد فيه أن لا علاقة لها بـ"التصرف الفردي" من قبل الوكيل في إسرائيل، وأنها "لا تموّل أو تدعم بأي شكل من الأشكال أي حكومات أو جهات داخلة في هذا الصراع".
وأعلنت شركة "ماكدونالدز الكويت" وهي وكالة منفصلة، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، التبرّع بـ"خمسين ألف دينار كويتي (أي أكثر من 160 ألف دولار) لأهلنا في غزة"، مؤكدة أن متجرها "يقف مع فلسطين".
وكذلك قدّمت "ماكدونالدز قطر" مليون ريال قطري (نحو 275 ألف دولار) "للمساهمة في جهود إغاثة أهالي غزّة".
“لا تساهم في ثمن رصاصهم”
وفي قطر، أُرغمت بعض الشركات الغربية على الإقفال بعد أن قامت إداراتها بنشر محتوى مؤيد لإسرائيل على شبكات التواصل.
وأغلقت فروع مقهى "بورا فيدا ميامي" الأمريكي ومتجر "ماتر شو" للحلويات الفرنسية أبوابها في الدوحة الشهر الماضي.
في مصر، لقيت شركة المياه الغازية المصرية "سبيرو سباتس"، التي كانت شعبيتها ضئيلة جدًا، رواجًا كبيرًا كبديل للعلامتين الشهيرتين "بيبسي" و"كوكاكولا".
ونشرت الشركة التي تأسست عام 1920، بيانًا على صفحتها على "فيسبوك" يفيد بتلقيها أكثر من 15 ألف سيرة ذاتية عندما أعلنت طلبها موظفين جددًا لتلبية رغبتها في توسيع النشاط التجاري بعد الطلب الكبير على منتجاتها.
غير أنّ الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية حذّر من أن المقاطعة قد يكون لها تأثير كبير على الاقتصاد المصري.
وأكد الاتحاد في بيان، أن "مثل تلك الحملات لن يكون لها أي تأثير على الشركات الأم" لأن الفروع المحلية تعمل بنظام الامتياز التجاري، وبالتالي فإن "الأثر سيكون فقط على المستثمر المصري والعمالة المصرية".
في الأردن، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تشير إلى العلامات التجارية التي تُتهم بأنها تدعم إسرائيل مع شعار "لا تساهم في ثمن رصاصهم".
في أحد متاجر العاصمة عمّان، يحدّق أبو عبدالله جيّدًا بزجاجة حليب، ويقول لابنه عبدالله البالغ أربع سنوات: "هذا جيّد، إنه مصنوع في تونس".
ويضيف: "هذا أقلّ ما يمكن أن نفعله من أجل أشقائنا في غزة"، مؤكدًا أنه "ينبغي علينا المقاطعة".