"نيويورك تايمز": الولايات المتحدة تفضل إشراف "السلطة الفلسطينية" على غزة

"نيويورك تايمز": الولايات المتحدة تفضل إشراف "السلطة الفلسطينية" على غزة

قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أمس الأربعاء، إنه يجب توحيد غزة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية بمجرد انتهاء الحرب، ما يقدم إشارة قوية حول ما تعتبره الولايات المتحدة النهاية المفضلة لها في القتال بين إسرائيل وحماس، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

وجاءت الرسالة الأمريكية في الوقت الذي يشعر فيه الرئيس بايدن بضغوط متزايدة لاستخدام نفوذه للدفع نحو أهداف مستدامة وطويلة الأجل في المنطقة وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، لكن الولايات المتحدة وإسرائيل تظهران على نحو متزايد علامات على أن مصالحهما تتباعد.

وتعكس تصريحات "بلينكن" قلقا عميقا من جانب "بايدن" ومساعديه داخل البيت الأبيض مع دخول الصراع شهره الثاني… ما بدأ في الأيام التي تلت 7 أكتوبر كاندفاع لا لبس فيه للدفاع عن حليف أصبح تحديا دبلوماسيا أكثر تعقيدا للرئيس للمساعدة في تحديد بديل للحرب المفتوحة في الشرق الأوسط.

ويتمتع "بايدن" بنفوذ رئيسي كزعيم عالمي متحالف بقوة مع إسرائيل، وقد سعت إدارته إلى حشد الدول العربية وغيرها وراء رؤية تنظر إلى ما وراء القتال والمشاعر العميقة التي قسمت المنطقة لسنوات.

قال "بلينكن" إنه يجب أن تكون هناك "عناصر إيجابية للوصول إلى سلام مستدام"، وأضاف: "يجب أن تشمل هذه أصوات الشعب الفلسطيني وتطلعاته في قلب حكم ما بعد الأزمة في غزة.. يجب أن يشمل الحكم الذي يقوده الفلسطينيون وغزة موحدة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية".

ولم يقدم "بلينكن" أي تفاصيل عن كيفية تنفيذ هذا الترتيب، ولن يكون حلا على المدى القريب مع استمرار العنف، لكن إعادة السلطة الفلسطينية –التي تدير أجزاء من الضفة الغربية– إلى السلطة في غزة لن يكون سهلا حتى لو تمكنت إسرائيل من إنهاء حكم حماس.

قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون إف كيربي، يوم الأربعاء على شبكة “سي إن إن”: "لم نتوصل إلى كل شيء في الوقت الحالي.. ولا أعرف أنه سيكون من المعقول بالنسبة لنا أن نعتقد أنه يمكننا، في هذه المرحلة بالذات، بعد شهر واحد من الصراع.. لكننا نعلم أنه يجب أن يكون شيئا مختلفا عما كان عليه في ظل حماس".

وفي الساعات والأيام التي تلت غزو حماس لإسرائيل في 7 أكتوبر، تبنى "بايدن" تماما حق إسرائيل في الرد، وهو موقف لا يزال مسؤولو البيت الأبيض يكررونه كثيرا، ولكن مع تعمق الأزمة الإنسانية في غزة، حاول "بايدن" موازنة دعمه لإسرائيل مع الدعوات لحماية الفلسطينيين غير المقاتلين وإلى "هدنة إنسانية" في القتال.

وظهر انقسام محتمل آخر هذا الأسبوع، عندما اقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده يمكن أن تلعب دورا أمنيا في غزة "لفترة غير محددة" بعد انتهاء الحرب.. ورد كيربي بالقول إن أي إعادة احتلال لغزة من قبل القوات الإسرائيلية "ليست الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به".

وفي تصريحاته يوم الأربعاء، لم يشر "بلينكن" إلى وجود القوات الإسرائيلية المتبقية داخل غزة، التي يقطنها حوالي مليوني فلسطيني.

كما تعرض "بايدن" لضغوط من البعض في الحزب الديمقراطي، المنقسم بشدة بشأن الصراع، حيث وقعت غالبية الكتلة الديمقراطية في مجلس الشيوخ رسالة، أمس، تطلب من "بايدن" ضمان أن إسرائيل لديها خطة قابلة للتطبيق لهزيمة حماس وستستخدم المساعدة العسكرية الأمريكية بما يتماشى مع القانون الدولي.

وقال قدامى المحاربين في الدبلوماسية المثيرة للجدل في كثير من الأحيان بين قادة إسرائيل والولايات المتحدة إن استعداد الرئيس ووزير الخارجية لانتقاد إسرائيل علنا هو رد على عدم الرضا عن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.

قال آرون ديفيد ميلر، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومفاوض سلام سابق في الشرق الأوسط: "الولايات المتحدة غير سعيدة ومحبطة بشكل متزايد، وربما حتى منزعجة".

وأضاف "ميلر"، إن هناك مؤشرات قليلة على أن الخلافات بين الحكومتين، أو الضغوط من الأصوات المؤيدة للفلسطينيين، قوية بما يكفي لجعل "بايدن" يتخلى عن دعمه المستمر منذ عقود لإسرائيل.

وقال: "ليست لدينا القدرة على ممارسة نفوذنا على إسرائيل لأننا ببساطة لا نملك أنواع البدائل المقنعة الجذابة بما يكفي للتغلب على الارتباك الأبدي والغضب والاستياء الذي يقود الحملة الإسرائيلية في أعقاب ما حدث في 7 أكتوبر.. هذا لن يتغير".

وتولت حماس السيطرة على قطاع غزة في عام 2007 بعد موجة من القتال بين الفصائل، ولكن في أعقاب هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر، تعهد نتنياهو بسحق الجماعة، ومنذ ذلك الحين شنت إسرائيل آلاف الغارات الجوية على غزة.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يتوغل الآن في عمق مدينة غزة، المستوطنة الحضرية الرئيسية في القطاع.

وتقدر وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة أن الغارات الإسرائيلية قتلت أكثر من 10 آلاف مدني فلسطيني، من بينهم حوالي 4 آلاف طفل ومراهق.

أصبح "بايدن" و"بلينكن" وغيرهم من كبار المسؤولين الأمريكيين أكثر صراحة في الأيام الأخيرة بشأن مخاوفهم بشأن تأثير الرد العسكري الإسرائيلي على السكان المدنيين في غزة.

ورفض نتنياهو إلى حد كبير الدعوات إلى وقف القتال بشكل مستمر للسماح بدخول المساعدات الإنسانية وخروج المدنيين، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي سمح للمدنيين بالسفر عدة ساعات جنوبا خارج مدينة غزة في الأيام القليلة الماضية.

وقد أصدر قادة العديد من وكالات الأمم المتحدة دعوة لوقف إطلاق النار، وهو ما جادل البيت الأبيض باستمرار بأنه لن يفيد سوى حماس.

وقال "كيربي": "عادة عندما تدخل في وقف إطلاق النار، يكون ذلك عندما تعتقد أنك في النهاية وحان الوقت للتفاوض.. في هذا الوقت، وقف إطلاق النار الآن يفيد حماس.. ومن المؤكد أيضا أنه يضفي الشرعية على ما بدأته حماس في 7 أكتوبر".

وكانت تعليقات "بلينكن"، أمس، حول مصير غزة على المدى الطويل أحدث دليل على ما وصفه "ميلر" بتطور في تفكير إدارة "بايدن" خلال الأسابيع الأربعة الماضية، لكن هذا التطور لن يذهب إلا إلى هذا الحد، كما توقع "ميلر".

وقال إنه من غير المرجح أن يمتنع بايدن الولايات المتحدة عن التصويت على قرار مناهض لإسرائيل في الأمم المتحدة أو يحجب المساعدات العسكرية للبلاد في الأسابيع المقبلة، ويرجع ذلك جزئيا إلى علاقة الرئيس الشخصية التي استمرت عقودا بإسرائيل.

وأضاف "ميلر": "إنه وحيد بين الرؤساء الأمريكيين المعاصرين الذين يعتقدون أنه كان ولا يزال جزءا من قصة إسرائيل منذ عقود"، مشيرا إلى أن آراء "بايدن" يشاركه فيها الكثيرون في إدارته، قائلا: "هذا الحب لفكرة إسرائيل، الجمهور الإسرائيلي، مطبوع على حمضهم النووي العاطفي والسياسي".



 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية