انتهاكات بالجملة ووضع حقوقي مأساوي في محافظة إب اليمنية

انتهاكات بالجملة ووضع حقوقي مأساوي في محافظة إب اليمنية
اليمن

بعد 8 سنوات من الحرب، تحولت اليمن بحسب الأمم المتحدة إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع وضع أكثر سوءاً، ودخلت اليمن في حالة حرب منذ عام 2014، عندما سيطر الحوثيون على صنعاء ومعظم محافظات البلاد ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، المعترف بها دوليا، على الفرار من العاصمة صنعاء.

ووفق التقديرات يحتاج نحو 30 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية، بما في ذلك 10 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة، وغادرت معظم الشركات العالمية المستثمرة في قطاع النفط والغاز وتوقفت عشرات الشركات المحلية العاملة في هذا القطاع وقطاعات اقتصادية أخرى اليمن في مطلع 2015.

كما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه من بين 7 ملايين طفل في سن الدراسة في اليمن، هناك أكثر من مليوني طفل لا يذهبون إلى المدرسة وحوالي مليون منهم تخلوا عن الدراسة منذ بداية النزاع في 2015.

وحتى نهاية العام 2021، أسفرت حرب اليمن عن مقتل 377 ألفا بشكل مباشر وغير مباشر، وفق الأمم المتحدة، كما أدت الحرب إلى خسارة اقتصاد البلاد 126 مليار دولار، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، حيث يعتمد معظم السكان البالغ عددهم 30 مليونا على المساعدات.

ويزداد الوضع سوءاً بمرور الوقت خاصة بعد ما رفعت إدارة بايدن مليشيات الحوثي من قوائم الإرهاب، حيث تسيطر مليشيا الحوثي على العديد من المحافظات اليمنية أهمها العاصمة صنعاء التي تضم أهم مؤسسات الدولة، وقطاع الاتصالات والإنترنت، والعديد من الشركات والمصانع التي تجلب إيرادات كبيرة للحوثيين، بالإضافة إلى ذمار والبيضاء، وإب، وريمة، والمحويت، وعمران.

وعلى الرغم من تفشي وباء كوفيد-19، الذي كانت تعاني فيه البلاد نقصاً كبيراً في خدمات الرعاية، وضعفا شديدا في المنظومة الصحية اليمنية، الأمر الذي دفع المنظمات الإغاثية الدولية لبذل جهود أكبر حتى يتمكنوا من احتواء الأزمة وإنقاذ ما يستطيعون من الأرواح.

وبالرغم من ذلك لم يتوقف الحوثيون عن انتهاك حقوق الإنسان في العامين الماضيين، لذا سنرصد خلال هذا المقال مأساة واحدة من هذه المحافظات اليمينة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وهي محافظة إب التي عانت خلال العامين الماضين وما زالت تعاني جراء الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان من قبل مليشيات الحوثي. 

 فقد وثقت منظمة حقوقية يمنية نحو 3419 انتهاكاً بحق المدنيين في محافظة إب، وسط البلاد، خلال عامي 2020 -2021.

وقالت "الشبكة اليمنية للحقوق والحريات” في تقريرها عن حالة حقوق الإنسان في المحافظة، إن حالة حقوق الإنسان في المحافظة خلال الفترة من 1يناير 2020، وحتى 31 ديسمبر2021 قد شهدت انتهاكات واسعة توزعت بين القتل والاعتداء والاختطاف ونهب الممتلكات العامة والخاصة بصورة فردية وجماعية.

فقد رصدت الشبكة اليمنية مقتل 213 مدنياً بينهم أطفال ونساء وكبار في السن، وإصابة 189 بينهم 9 أطفال و8 نساء و8 مسنين، فضلا عن الاعتداء بالضرب على 121 آخرين، بينهم 26 طفلاً و21 امرأة و18 مسناً.

بالإضافة إلى، 13 جريمة اغتيال، و9 جرائم إعدام وتصفية لقيادات سياسية ووجاهات اجتماعية، و9 جرائم قتل تحت التعذيب لمختطفين، حيث اختطف المسلحون خلال هذه الفترة نحو 482 مواطناً بينهم أطفال ونساء.

كما وثقت الشبكة 65 حالة تعذيب لمختطفين في سجون المحافظة، و532 حالة تضرر لحقت بالممتلكات العامة والخاصة جراء المداهمات والاقتحام، بينها 492 منشأة سكنية تعرضت للاقتحام والتفتيش والعبث بالمحتويات وترويع ساكنيها بمن فيهم النساء والأطفال، بالإضافة إلى تفجير 12 منزلا، وأشار التقرير إلى قيام مسلحين بنهب 65 مزرعة وإتلاف 12 مزرعة كلياً، فضلاً عن نهب 38 مركبة ووسيلة نقل.

في نفس إطار الانتهاكات تشير المنظمات الحقوقية إلى تنوع أشكال التعسف الحوثي بين التجويع والحرمان والاعتداء والقتل والإخفاء القسري والتعذيب، حيث أوضحت مصادر حقوقية أن النساء في محافظة إب وفي المديريات التابعة لها لا يزلن يدفعن نتيجة سياسات الانقلابيين أثماناً باهظة، حيث دفع العديد منهن حياتهن بسبب تعرضهن، إما بشكل مباشر وإما غير مباشر، لبطش الجماعة وتنكيلها.

وتعرض عدد من النساء لجرائم اختطاف وقتل، في حين أقدمت أخريات على الانتحار هرباً من الضغوط النفسية وتردي المعيشية بفعل انقلاب وحرب المليشيات، فقد تم تسجيل 4 حالات انتحار لفتيات خلال 10 أيام بمناطق متفرقة من المحافظة في منتصف عام 2021، كما كشف حقوقيون عن تسجيل ما يزيد على 18 حالة انتحار، بينها عدد من النساء في محافظة إب في مطلع نفس العام، بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وسياسة الإفقار والتجويع الحوثية.

لم تقف جرائم الحوثي عند هذا الحد بل وصلت لاقتحام مسلحي الحوثي في سبتمبر 2021، مؤسسة نسوية في مركز المحافظة وقاموا بترويع وترهيب العاملات ومحاولة الاعتداء عليهن، وكذا نهبهم ومصادرتهم أثاث ومحتويات المؤسسة، وأوضح ناشطون أن عملية الاقتحام والمصادرة الحوثية بحق مؤسسة "الرائدات" التنموية جاءت عقب أسابيع من منع الجماعة الموظفات من مزاولة أعمالهن، في المؤسسة المختصة منذ تأسيسها قبل 10 أعوام في مجال تدريب وتأهيل النساء.

حدث هذا الاقتحام في إطار حملات مداهمة ومصادرة شنتها مليشيات الحوثي بشكل متكررة بحق العديد من المنظمات والجمعيات الأهلية العاملة في إب، فقد سبق للمليشيات أن صادرت على مدى سنوات ماضية المئات من المؤسسات المدنية في المحافظة وتحويل كثير منها إما إلى مقار لمنظماتها المستحدثة، وإما إلى أماكن خاصة لعقد لقاءات واجتماعات قادتها ومشرفيها.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية