يحتفل به في 16 نوفمبر من كل عام

اليوم الدولي للتسامح.. جسر ذهبي لتعزيز التفاهم بين الثقافات والشعوب

اليوم الدولي للتسامح.. جسر ذهبي لتعزيز التفاهم بين الثقافات والشعوب

في توقيت يموج بالصراعات والحروب والنزاعات المسلحة، تبرز أهمية ترسيخ التسامح في العالم، كالتزام أخلاقي وسياسي وقانوني لتعزيز التفاهم المتبادل بين الثقافات والشعوب.

ويحيي العالم، اليوم الدولي للتسامح، في 16 نوفمبر من كل عام، بهدف تشجيع التسامح والاحترام والحوار والتعاون فيما بين مختلف الثقافات والحضارات والشعوب.

ووفق التعريفات الدولية، فإن التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري للثقافات وأشكال التعبير والصفات الإنسانية في مختلف دول العالم.

وتقول الأمم المتحدة، إنها تلتزم بتدعيم التسامح من خلال تعزيز التفاهم المتبادل بين الثقافات والشعوب، وذلك من منطلق الالتزام بجوهر ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وتضيف أن تعزيز وترسيخ التسامح يعد أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى، خصوصا في هذه الحقبة التي تشهد زيادة التطرف العنيف واتساع الصراعات التي تتجاهل الحياة البشرية.

جائزة التسامح

وأنشأت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، في عام 1995 جائزة "مادانجيت سنغ" لتعزيز التسامح واللاعنف، وذلك بمناسبة الاحتفال بذكرى مرور مئة وخمسة وعشرين عاماً على ميلاد أسطورة النضال السلمي المهاتما غاندي.

ومادانجيت سنغ، دبلوماسي وكاتب باكستاني بارز، ولد في عام 1924، وكانت له شهرة عالمية في تأليف الكتب بمجالات الفنون والثقافة، كما عمل سفيرا للهند في آسيا وأمريكا الجنوبية وإفريقيا وأوروبا.

واستُلهم إنشاء الجائزة من المثل العليا الواردة في الميثاق التأسيسي لليونسكو الذي ينص على أن "من المحتم أن يقوم السلام على أساس من التضامن الفكري والمعنوي بين بني البشر".

وتُمنح الجائزة كل عامين خلال احتفال رسمي بمناسبة اليوم الدولي للتسامح، بوصفها مكافأة لشخصيات أو مؤسسات أو منظمات امتازت بمبادرات جديرة بالتقدير على مدار عدة سنوات، ترمي إلى تعزيز التفاهم وتسوية المشكلات الدولية أو الوطنية بروح من التسامح واللاعنف.

إعلان المبادئ

واعتمدت الأمم المتحدة إعلان مبادئ بشأن التسامح يؤكد أن التسامح لا يعني التساهل أو عدم اكتراث بل هو احترام وتقدير للتنوع الغني في ثقافات هذا العالم وأشكال التعبير وأنماط الحياة التي يعتمدها الإنسان.

ويضيف إعلان المبادئ أن التسامح يعترف بحقوق الإنسان العالمية والحريات الأساسية للآخرين، لا سيما أن الناس متنوعون بطبيعتهم، وبالتالي فإن التسامح وحده قادر على ضمان بقاء المجتمعات المختلطة في كل منطقة من العالم.

يحدد الإعلان مسألة التسامح ليس فقط كواجب أخلاقي، ولكن أيضا كشرط سياسي وقانوني للأفراد والجماعات والدول، كما أنه يربط قضية التسامح في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي وضعت على مدى السنوات الخمسين الماضية، والتي تؤكد أهمية قيام الدول بصياغة تشريعات جديدة عند الضرورة لضمان المساواة في المعاملة وتكافؤ الفرص لجميع الفئات والأفراد في المجتمع.

ويعتبر التمييز والتهميش، إلى جانب الظلم والعنف الصارخَين، أحد الأشكال الشائعة للتعصب، ولذلك تبرز أهمية التربية من أجل التسامح في درء التأثيرات التي تولد الشعور بالخوف من الآخرين واستبعادهم.

وينبغي أن تساعد الشباب على تطوير قدراتهم لإصدار الأحكام المستقلة وتحفيز التأمّل الناقد والتفكير الأخلاقي، إذ لا يجدر بتنوع الديانات واللغات والثقافات والإثنيات في العالم أن يشكّل حجة لنشوب الصراعات بل هو بالأحرى كنز تغتني منه البشرية جمعاء.

مسؤولية الحكومات

وبحسب الأمم المتحدة، فإن كل الحكومات مسؤولة عن إنفاذ قوانين حقوق الإنسان وعن حظر جرائم الحقد والتمييز بحق الأقليات ومعاقبتها، سواء ارتكبت على يد مسؤولين في الدولة أو منظمات خاصة أو أفراد.

ويجب على الدولة أن تضمن تساوي الجميع في الاحتكام إلى القضاء ومفوضي حقوق الإنسان أو أمناء المظالم، لتفادي قيام الأفراد بإحقاق العدالة بأنفسهم واللجوء إلى العنف لتسوية خلافاتهم.

ورغم أن القوانين تعد ضرورية فإنها ليست كافية لمواجهة التعصب في المواقف الفردية، إذ غالباً ما يكون التعصب متجذراً في الجهل والخوف من المجهول ومن الآخر ومن الثقافات والأمم والديانات الأخرى.

ويرتبط التعصب ارتباطاً وثيقاً بشعور مفرط بالثقة بالنفس والغرور، سواء كان شخصياً أو وطنياً أو دينيا، وهي مفاهيم تدرس وتعلم في سن مبكرة، ولذلك لا بد من التشديد أكثر من قبل على توفير المزيد من التعليم والتعليم الأفضل وعلى بذل جهود إضافية لتعليم الأطفال التسامح وحقوق الإنسان وسبل العيش الأخرى.

خطورة التعصب

ويصبح التعصب خطيراً عندما يتم استغلاله لتحقيق الطموحات السياسية والأطماع بالأرض التي تنتاب أحد الأفراد أو مجموعات الأفراد، إذ غالباً ما يبدأ المحرضون على الكراهية بتحديد عتبة التسامح لدى العامة، ثم يطورون حججاً واهية ويتلاعبون بالإحصائيات وبالرأي العام من خلال نشر معلومات مغلوطة وأحكام مسبقة.

وتقول الأمم المتحدة: "لعل الوسيلة الأنجع للحدّ من نفوذ هؤلاء المحرضين تكمن في تطوير سياسات تولد حرية الصحافة وتعددها وتعززها من أجل السماح للجمهور بالتمييز بين الوقائع والآراء".

ويعد التعصب المتفشي في المجتمعات حصيلة التعصب الموجود في أفراده، حيث يعتبر التزمت والتنميط والوصم والإهانات والدعابات العنصرية خير أمثلة على التعابير الفردية عن التعصب الذي يتعرض له الأشخاص يومياً.

وتبرز خطورة التعصب في أنه قد يولّد التعصب ويترك ضحاياه متعطشين للثأر، وبالتالي لا يمكن مكافحة هذه الآفة إلا بوعي الأفراد للرابط القائم بين أنماط سلوكهم والحلقة المفرغة لانعدام الثقة والعنف في المجتمع.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية