اجعل الوقت يعمل لصالحك لا ضدك

اجعل الوقت يعمل لصالحك لا ضدك

أصبح الشعار في الثقافة الغربية المعاصرة المدمنة على المادية والعمل بجدية والسرعة "الوقت مال"، وعلى عكس الاعتقاد السائد الذي يخلده عالم الأعمال فليس الوقت مالاً، فالوقت يساوي أكثر بكثير من المال، إذ إنه الحياة والسعادة.

في أيامنا هذه وفي عالم سريع الخُطا وقلق، يعد الوقت أثمن من أي وقت مضى، وقد قال بنجامين فرانكلين إن "الوقت الضائع لا يعود"، فالوقت من أكثر الموارد ندرة، وهو مورد محدود نثقله بالمطالب اللامتناهية محاولين استغلاله في كثير من الأمور.

أما الملياردير نيكولاس حايك وهو من حول صناعة الساعات السويسرية المفلسة إلى إمبراطورية تساوي مليارات الدولارات فقال: "إن الوقت رائع ومريع، فهو عملي وحياتي لكنني أمقته.. لماذا؟ لأن الواحد منا لا يستطيع إيقافه ولا امتلاكه".

فدائما ما يكون حاضرا لكن إذا حاولت الإمساك به يختفي، لذا لا تحاول استعمال الحيل الشخصية لتخدع الوقت، فدائما ما سيرتد عليك بالنتائج السلبية.

إذا أردت الوقت حليفا لك فلا تستطع محاربته، لأن محاربة الوقت تعادل حماقة محاربة قانون الجاذبية، و"قاعدة الحياة السهلة"، فالثلاثة معا سيرمون بك عاجلا أو آجلا، وعلى الأرجح في الهاوية، وما من دليل على أنك تحارب الوقت أفضل من كونك دائم العجلة، فأن تكون على عجلة دائمة من أمرك، أمر لا يتيح لك العيش كشخص مرتاح البال.

 وليس هدف الحياة أن تكملها بأقصى سرعتك، فربما لا تبالي بإيقاع حياتك السريع لكن ما يجب أن يحوز على اهتمامك هو التوقف المباغت في نهاية الحياة في وقت أبكر بكثير مما كنت تتوقع، وستبلغ نهاية الحياة في سن صغيرة أكثر مما اعتقدت ما لم تتعلم تخفيف السرعة.

يمكن لعقلك أن يكون أعظم مزاياك لكنه يستطيع ممارسة الحيل عليك، وإحدى الحيل المزعجة هذه أنه يدفعك إلى الاعتقاد بأنك لا تملك ما يكفي من الوقت للقيام بعملك، أو لتنتهج نمط حياة متوازنة ومرضية تشمل وقتا للاسترخاء وارتباطات الاجتماعية وغيرها من النشاطات المسلية، وربما يجب أن تعيد حساباتك فأنت تملك 1440 دقيقة أو 86400 ثانية في اليوم، أي نفس مقدار الوقت الذي يملكه أي شخص آخر على الأرض، بما في ذلك أناس يتمتعون بأسلوب حياة مكتمل ومريح وسعيد ومرض.

إن إدخال مزيد من الوقت إلى حياتك سهل جدا، فعندما تفتقر إلى وقت تخصصه للأشياء الجيدة في الحياة، يجب أن تخلق مزيدا من الوقت لتوظيفه بطريقة فضلى، فقد أظهرت إحدى الدراسات في جامعة ولاية بنسلفانيا مؤخرا أن ما نراه كنقص حاد في الوقت، هو مجرد مفهوم خاطئ، فجميعنا نملك وقتا كافيا للقيام بأمور مهمة وممتعة لكننا نهدره، فلو أننا وظفنا 30% أو 40% من وقتنا بطريقة ممتازة لما افتقرنا إليه.

وتشير دراسات أخرى إلى أن أغلبية الناس يملكون وقتا حرا أكثر مما كان عليه في الماضي القريب، لأن عندهم عددا أقل من الأولاد والأعمال المنزلية، ولا تكمن المشكلة في نقص وقت التسلية، فالوقت الحر متوافر إلا أن الناس يهدرونه في مشاهدة التلفاز والسعي وراء النشاطات عديمة الجدوى.

نحن بمعظمنا نمضي حياتنا وكأن حياة أخرى تنتظرنا لنستفيد منها في المستقبل عندما تنتهي هذه الحياة، لكن للأسف فإن عقارب الساعة لا تنفك تدور والوقت لا يتوقف من أجل أحد، ولا يأبه الوقت إذا كنت تهدره أو تستثمره بحكمة فهو يتقدم بابتهاج وثبات، لذا فأنت من تقرر العمل على عدم إهدار حياتك.

وبالتالي يجب أن تجعل الوقت يعمل لصالحك لا ضدك، لذا عش حياتك وفقا للشعار "الوقت سعادة" أو "الوقت حياة"، بدلا من "الوقت مال"، وستظهر للعالم عندئذ أنك تعرف قيمة الوقت حقا، إذ لا تستطيع كسب مزيد من الوقت مهما عملت جاهدا، كما لا يمكنك شراؤه مهما امتلكت من مال، إذن فاستثمر وقتك بحكمة أكثر مما تستثمر المال.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية