أمل العرب "1"

"كوب 28".. شعاع أمل لمستقبل اليمن المنكوب بالحرب وتغيرات المناخ

"كوب 28".. شعاع أمل لمستقبل اليمن المنكوب بالحرب وتغيرات المناخ

تحت سماء مظلمة من اليأس والدمار، ينبض قلب اليمن بآمال جديدة، تتجسد في مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية (COP28) المنعقد في دورته الحالية بدولة الإمارات العربية المتحدة. 

ويعاني الشعب اليمني آثار الحروب المدمرة والنزاعات المستمرة، تضاف إليها تبعات غير مسبوقة لتغير المناخ، متمثلة في الفيضانات الهائلة والجفاف القاسي وانخفاض مستوى المياه، وفي هذا السياق المأساوي يأمل اليمنيون أن يكون مؤتمر COP28 نقطة تحول حقيقية في مسار تأثيرات التغيرات المناخية المدمرة على وطنهم. 

تحمل الأرقام والبيانات التي تنشرها المؤسسات الدولية الصورة الصادمة للواقع اليمني الحالي. 

وفقًا لتقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، يعاني نحو 20 مليون شخص في اليمن من الجوع والمجاعة، وهم يمثلون نسبة تفوق 80% من إجمالي السكان. 

إنها كارثة إنسانية تدق ناقوس الخطر، وتجبرنا على التفكير في حجم الألم والمعاناة التي يعيشها الشعب اليمني. 

في السياق ذاته، تستمر الفيضانات العارمة في اجتياح الأراضي اليمنية، مدمرة كل شيء في طريقها. 

وفقًا للتقارير الأممية، نزح أكثر من 3 ملايين شخص جراء الفيضانات في العام الماضي وحده، وتجاوزت الخسائر المادية المليارات من الدولارات، إنها أرقام قاسية تشير إلى تلك الكارثة التي تعصف باليمن، وتجعل الأمل يبدو بعيد المنال. 

وهنا يظهر COP28 كمصباح خافت في ظلام الكوارث المناخية التي تجتاح اليمن، ففي هذا المؤتمر، يستطيع المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات فعالة وملموسة لمساعدة اليمن في مواجهة تأثيرات التغيرات المناخية والتغلب عليها. 

ولكي تكون هذه الآمال حقيقة واقعة، يتعين علينا توحيد الجهود وتعزيز التعاون العالمي، يجب أن يكون COP28 فرصة لتقديم الدعم المالي والتقني الضروري لليمن، فضلاً عن تبني سياسات واستراتيجيات مناخية مستدامة تحمي اليمن من الكوارث المناخية المستقبلية. 

ويرى يمنيون هاتفتهم "جسور بوست"، أنه من المهم أيضًا أن نركز على دعم قطاعات حيوية في اليمن، مثل الزراعة والمياه والبنية التحتية، لتعزيز قدرتها على التكيف مع التحديات المناخية، وكذلك يجب أن يتم تعزيز الزراعة المستدامة وتحسين إدارة الموارد المائية، وذلك لتوفير الغذاء والمياه النقية للسكان، وتحقيق استدامة الحياة في وجه المتغيرات المناخية. 

ويمثل نجاح COP28 في دعم اليمن فرصة للتغيير والأمل في واحدة من أكثر الدول  المنكوبة في العالم، وأن اليمن ليست وحدها في هذه المعركة، بل هي جزء من تحدٍ عالمي يتطلب تضافر الجهود والتعاون العالمي. 

"جسور بوست"، يحاول تجاوز الحدود والصعوبات، والعمل لتحقيق التغيير الذي يحتاج إليه اليمن والدول العربية، ولذا خصصت سلسلة تقارير حملت عنوان "COP28 أمل العرب"، على أن يعبر خبراء كل دولة عن آمالهم وما يمكن للمؤتمر تقديمه للمساهمة في حل مشكلات التغيرات المناخية.

والبداية كانت من اليمن السعيد الذي لم يعد سعيدا في ظل الحروب والنزاعات بجانب تداعيات التغيرات المناخية، ولكن حان وقت العمل المشترك من أجل إشعال شعلة الأمل في قلوب اليمنيين وإعادة بناء مستقبلهم، على أن يكون مؤتمر COP28 فرصة لتحقيق تغيير حقيقي ومستدام، ولتبني استراتيجيات مناخية قوية تحمي اليمن ومستقبله. 

مواجهة الجفاف في اليمن

بدوره، علق المدير التنفيذي للهيئة العليا للأدوية، الدكتور عبدالقادر الباكري، قائلًا، إن آمال اليمن في مستقبل مزدهر ومستدام تتضاءل في ظل تحديات التغيرات المناخية المتزايدة، ونأمل أن يوفر مؤتمر COP28 فرصة للمجتمع الدولي للعمل المشترك وتطوير استراتيجيات جديدة تساعد في تخفيف التأثيرات السلبية على الزراعة ومواجهة التحديات الناجمة عن الجفاف في اليمن، حيث تعد الزراعة اليمنية القطاع الحيوي الذي يعتمد عليه الشعب اليمني لتوفير الغذاء وسبل العيش، ومع زيادة تأثيرات التغيرات المناخية، تواجه الزراعة في اليمن تحديات هائلة، بما في ذلك تقلبات المناخ ونقص المياه وتدهور التربة. 

وأضاف “الباكري”، في تصريحات لـ"جسور بوست"، وفقًا لتقارير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO)، يعتمد أكثر من 70% من السكان اليمنيين على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل والتغذية، وفي هذا السياق، نأمل أن يمثل مؤتمر COP28 نقطة تحول حاسمة لدعم الزراعة اليمنية وتعزيز إمكانياتها في مواجهة التحديات المناخية، وهذا يمكن أن يتحقق من خلال توفير التمويل اللازم لتنفيذ مشاريع الزراعة المستدامة وتطوير التقنيات الحديثة للري والزراعة المستدامة. 

واستطرد: يجب أن يتم توجيه الاستثمارات نحو تحسين البنية التحتية الزراعية وتطوير منظومات الري المتقدمة التي تعتمد على مصادر مياه مستدامة مثل الطاقة الشمسية وإدارة المياه بفاعلية. 

دكتور عبدالقادر احمد الباكري يؤكد على مسؤولية الرقابة الادوية على الهيئة  العليا للأدوية والمستلزمات الطبية – الوسطى اونلاين

 الدكتور عبدالقادر الباكري

تعقيدات بخصوص الجفاف

وفي ما يتعلق بالجفاف، تحدث الخبير في مجال الصحة، الدكتور أحمد عبدالقادر الكمال، قائلًا، إن التغيرات المناخية تزيد من تعقيد هذه المشكلة العابرة للحدود، وتشير البيانات الحالية إلى أن اليمن يواجه مستويات متزايدة من الجفاف، ما يؤثر سلبًا على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي، حتى إن تقرير الأمم المتحدة، أثبتت معاناة أكثر من 17 مليون شخص في اليمن من نقص حاد في التغذية نتيجة للجفاف والتغيرات المناخية، ولمواجهة هذا التحدي حاولت الحكومة اليمنية مع شركائها الدوليين تطوير استراتيجيات شاملة لمواجهة الجفاف وتعزيز قدرة اليمن على التكيف مع التغيرات المناخية. 

وأضاف الكمال، في تصريحات لـ"جسور بوست": سيحمل المؤتمر آمالا كبرى للعالم كله وننتظر منه النظر إلى الأوضاع في اليمن، ومن المهم أيضًا أن يسهم المؤتمر في تعزيز الإجراءات الوقائية للتصدي لتأثيرات الجفاف، مثل إدارة الموارد المائية بشكل فعال وتعزيز التنوع البيولوجي وحماية الأراضي الزراعية. 

واستطرد: من المتوقع أن يلعب مؤتمر COP28 دورًا حاسمًا في هذه العملية، حيث يمكن لليمن أن يستفيد من التمويل والتكنولوجيا والخبرات التي ستعرضها الدول المشاركة، وكذلك يجب على المجتمع الدولي أن يتحلى بالتعاون والتضامن لدعم اليمن في رحلته نحو تحقيق الاستدامة الزراعية ومواجهة الجفاف. 

وأتم: على الرغم من أن المهمة تبدو صعبة، فإن هناك بعض الأمل في تحقيق تقدم ملموس، فاستخدام التقنيات المبتكرة في الري، مثل الري بالتنقيط والري بواسطة الرياح، يمكن أن يزيد من كفاءة استخدام المياه في الزراعة ويحسن الإنتاجية.. وتشير الأبحاث إلى أن الاستثمار في تحسين البنية التحتية للري يمكن أن يقلل بشكل كبير من تبخر المياه وتسربها، وبالتالي يحسن استدامة الموارد المائية في اليمن. 

ويمكن للمؤتمر أن يُعزز البحث العلمي ويطور المزيد من السلالات المقاومة للجفاف وتكييفها مع ظروف المناخ الجديدة، يمكن أن يساعد الاستثمار في تحسين التقنيات الزراعية وتوفير الموارد اللازمة في تعزيز إنتاجية الزراعة وتعزيز الأمن الغذائي في اليمن، وبالطبع لن يكون من السهل تحقيق هذه الأهداف، ولكن مؤتمر COP28 يوفر فرصة ذهبية للتعاون الدولي وتبادل المعرفة والخبرات. 

اليمن وآفاق البيئة المستدامة

وقالت الخبيرة في مجال البيئة اليمنية، الدكتورة إشراق السباعي، إن اليمن يشهد تأثيرات سلبية متزايدة نتيجة للتغيرات المناخية المتسارعة، ما يهدد البيئة والتنوع البيولوجي ويضعف استدامة الموارد الطبيعية، وبالطبع نحلم ونتمنى أن يمثل مؤتمر COP28 حلًا كاملاً لليمن ويكون داعماً في مواجهة هذه التحديات البيئية وتحقيق تنمية مستدامة، نرغب في توفير فرصة للتعاون الدولي وتبادل المعرفة والتكنولوجيا للتصدي للتأثيرات البيئية السلبية وتعزيز الحفاظ على البيئة اليمنية.  

وأضافت السباعي، في تصريحات لـ"جسور بوست": يواجه اليمن أزمة بيئية حادة بسبب التغيرات المناخية، حيث يعاني من انخفاض مستويات المياه وتدهور التربة وتناقص التنوع البيولوجي، ويعد اليمن واحدًا من أكثر البلدان تأثرًا بفقدان التنوع البيولوجي في العالم، حيث انخفضت نسبة التنوع البيولوجي بنسبة 50% خلال العقود القليلة الماضية.

وعن آمالها من مؤتمر COP28، توقعت أن يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الحفاظ على البيئة اليمنية والتصدي للتهديدات البيئية الناجمة عن التغيرات المناخية، مضيفة: يمكن أن يوفر المؤتمر الدعم المالي والتقني والسياسي لتنفيذ استراتيجيات حماية البيئة واستدامة الموارد الطبيعية في اليمن، ومن أهم التحديات البيئية التي يواجهها اليمن نقص المياه الحاد وتدهور جودة المياه المتاحة. 

واستطردت: وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، يعيش أكثر من 17 مليون شخص في اليمن بدون وصول إلى مياه شرب نظيفة ومأمونة، وتتطلب هذه المشكلة حلولًا شاملة تركز على تحسين إدارة المياه وتوفير مصادر مياه جديدة وتحسين نوعية المياه المتاحة، وتهدف الحكومة اليمنية إلى زيادة نسبة المساحات المحمية وتعزيز إدارة المناطق الطبيعية والمحميات البيئية. 

واستكملت: من المهم أيضًا أن نذكر أن اليمن يواجه تحديات في مجال التنمية المستدامة وتأثيرات التغيرات المناخية على القطاعات الزراعية والثروة الحيوانية، حيث يعتمد اليمن بشكل كبير على الزراعة والثروة الحيوانية كمصدر رئيسي للطعام والدخل، ومع زيادة تأثيرات التغيرات المناخية مثل الجفاف وتدهور التربة تتعرض هذه القطاعات لخطر الانهيار ويتأثر سلبا الأمن الغذائي والاقتصاد اليمني. 

وتوقعت السباعي أيضًا أن يقدم مؤتمر COP28 دعمًا قويًا لليمن في هذه المسألة، من خلال تعزيز التعاون الدولي لتطوير التكنولوجيا الزراعية المستدامة وتحسين إدارة الموارد الطبيعية في اليمن، ويتضمن ذلك دعمًا لتنفيذ مشاريع الزراعة المستدامة وترشيد استخدام المياه الزراعية وتعزيز التنوع الزراعي وتطوير البنية التحتية للقطاع الزراعي، علاوة على ذلك يجب أن نسلط الضوء على أهمية تعزيز الوعي البيئي وتعليم المجتمعات المحلية بشأن التغيرات المناخية وتأثيراتها على البيئة. 

الدكتورة اشراق السباعي: إخفاء الحوثيين حقيقة انتشار الوباء زاد من هول  الكارثة - مقابلة

الدكتورة إشراق السباعي

ويمكن أن يلعب المؤتمر دورًا مهمًا في تعزيز الحوار العام والتوعية وتشجيع المشاركة المجتمعية في جهود حماية البيئة.. ومن المهم أن نلاحظ أن تحقيق تنمية بيئية مستدامة في اليمن يتطلب تعاونًا دوليًا قويًا وتوفير التمويل اللازم.. ويجب على المجتمع الدولي الوفاء بالتزاماته المالية لدعم اليمن في تنفيذ استراتيجيات حماية البيئة وتكييفها مع التغيرات المناخية. 

اليمن وآمال النهوض الاقتصادي

وعن آمال بلادها، قالت الوزيرة اليمنية السابقة، حورية مشهور، إن مؤتمر COP28 يعد فرصة حاسمة لمساعدة اليمن في حل مشكلاته الاقتصادية المرتبطة بالتغيرات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة، حيث يمكنه توفير دعم قوي وتعاون دولي لتعزيز القدرة الاقتصادية لليمن وتعزيز الاستدامة المالية في ظل التحديات البيئية، فكما نعلم تتسبب التغيرات المناخية في تأثيرات سلبية واسعة النطاق على الاقتصاد اليمني، وواحدة من أبرز المشكلات هي تأثير الجفاف على القطاع الزراعي، الذي يعتبر مصدرًا رئيسيًا للدخل والغذاء في اليمن وكذلك الاستثمار وكل جوانب الاقتصاد، ويعتمد اليمن بشكل كبير على قطاع الصناعة النفطية والغازية كمصدر رئيسي للإيرادات الاقتصادية، ومع تزايد التوجه نحو الاستدامة البيئية والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، يواجه اليمن تحديات في تكييف قطاع الطاقة النفطية والغازية مع التغيرات المناخية. 

وأضافت مشهور، في تصريحات لـ"جسور بوست": يجب على اليمن اتخاذ إجراءات لتنويع اقتصاده وتحويله إلى اقتصاد أكثر استدامة ومرونة، وبالطبع يمكن للمؤتمر جلب استثمارات ودعم هذا الاتجاه دوليًا، فوفقًا لتقارير البنك الدولي، يتوقع أن تتسبب التغيرات المناخية في تراجع الناتج المحلي الإجمالي لليمن بنحو 10% بحلول عام 2030 إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة لمكافحة هذه التحديات، ويعد مؤتمر COP28 فرصة حاسمة لليمن للحصول على الدعم المالي والتقني والسياسي لتعزيز القدرات الاقتصادية والتكيف مع التغيرات المناخية. 

واستطردت: من المهم أن يتم توجيه الدعم الدولي لليمن بطرق عديدة، فيجب دعم اليمن في تحديث البنية التحتية للري وتوفير التكنولوجيا الزراعية الحديثة، بما في ذلك نظم الري الحديثة وتقنيات الري المؤتمتة، أيضًا تشجيع الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة في اليمن، مثل الطاقة الشمسية والرياح، ويمكن أن توفر هذه المشاريع فرص عمل جديدة وتقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ما يسهم في تخفيف الضغط على قطاع النفط والغاز وتقليل الانبعاثات الضارة.

حورية مشهور

وأتمت: يجب دعم اليمن في تطوير البنية التحتية البيئية، مثل نظم إدارة النفايات والتصرف في المياه العادمة، ويمكن أن تسهم هذه الإجراءات في تحسين الصحة العامة والحد من التلوث البيئي، وتعزيز جودة الحياة للمجتمعات المحلية، ومن المهم أن يتعاون المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لدعم اليمن في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالتغيرات المناخية، ويجب أن يكون COP28 فرصة لتعزيز التعاون الدولي وتعبئة الموارد اللازمة لمساعدة اليمن على تحقيق التنمية المستدامة والاستدامة الاقتصادية في ظل التحديات البيئية التي يواجهها.
 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية