سجل العراق الحقوقي في 2023.. مؤشرات متدنية وأرقام سيئة

سجل العراق الحقوقي في 2023.. مؤشرات متدنية وأرقام سيئة

ناشطة مدنية: عام 2023 شهد تسجيل عشرات حالات الاغتيال والاختطاف للناشطين والمؤثرين والإعلاميين الشباب 

المدير التنفيذي لجمعية الدفاع عن حرية الصحافة: سجلنا 256 انتهاكاً ضد الصحفيين ووسائل الإعلام

الناطق باسم وزارة الداخلية: تم قتل 65 إرهابياً في عموم البلاد فيما ألقي القبض على 5589 متهماً

المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية: تخصيص رواتب لأكثر من مليوني أسرة ممن هم دون خط الفقر

المتحدث باسم وزارة التخطيط: نسبة البطالة تبلغ 16.5% ونسبة الفقر تقدر بأكثر من 21% من عدد السكان

 

العراق- عبد الرشيد الصالح

لم يسجل عام 2023 تغييرا كبيرا عن الأعوام السابقة في ما يتعلق بمؤشر الحريات بالنسبة للعراق، وجاء البلد الذي لا يزال يعاني من تداعيات أمنية خلفتها الحروب السابقة في مراتب متأخرة، ولم يتفوق سوى على 9 دول من أصل 165 دولة، وفقا لمعهد كاتو لمؤشر حرية الإنسان لعام 2023، فيما حل العراق بالمرتبة التاسعة عربياً في ملف حقوق الإنسان.

وشهدت البلاد تسجيل عشرات حالات الاغتيال وملاحقة الناشطين والمؤثرين خلال عام 2023، وهو ما يؤكد أن السجل الحقوقي للبلاد ليس بأفضل أحواله، وشملت هذه الحوادث صحفيين وسياسيين ومؤثرين، وتقدر أعداد الاغتيالات خلال العام الذي شارف على الانتهاء بأكثر من 40 وفقا لمصادر أمنية تحدثت لـ"جسور بوست".

وفي 9 نوفمبر 2023، أعلنت نقابة المحامين العراقيين، عن اغتيال أحد أعضائها المحامي (عدنان النعيمي) من قبل مجموعة أشخاص داخل مكتبه جنوبي العاصمة بغداد.

وقبيل انتخابات مجالس المحافظات وتحديدا في 7 ديسمبر 2023، أفاد مصدر أمني، بأن مسلحين اغتالوا رجل الدين ورئيس ومؤسس حزب الداعي فاضل المرسومي في سيارته في بغداد.

وكان حزب الداعي من المشاركين بالانتخابات، قبل أن يعلن انسحابه مطالباً بحصر السلاح في يد الدولة وحل كافة التشكيلات المسلحة خارج إطار الدولة والقانون ومعالجة كل الآثار التي نتجت عن عسكرة المجتمع.

وتشير الناشطة المدنية ونائبة رئيس رابطة المرأة العراقية سهيلة الأعسم في حديثها لـ"جسور بوست"، إلى أن "عام 2023 شهد تسجيل عشرات حالات الاغتيال والاختطاف للناشطين والمؤثرين والإعلاميين الشباب".

وأوضحت "الأعسم"، أن "ملف المغيبين لم يتم حسمه رغم الوعود بشأن ذلك".

"المحتوى الهابط" ضمن القائمة

واللافت في عام 2023 هو تعرض عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي للاغتيال من قبل جماعات مسلحة، والملاحقة القضائية بتهم متنوعة.

وقُتل صانع المحتوى العراقي، نور الصفار، المعروف باسم "نور بي إم" في وضح النهار يوم الاثنين 25 سبتمبر الماضي، على يد مسلح مجهول كان على متن دراجة نارية في منطقة المنصور، في العاصمة العراقية بغداد.

وفي 31 يناير الماضي، قُتلت شابة عراقية تعرف باسم "طيبة العلي" على يد والدها، واشتهرت بنشر مقاطع مصورة توثق فيها لقطات من حياتها اليومية وتشير فيها إلى "استقلاليتها"، بعد انتقالها للحياة في تركيا عام 2017.

وأعلنت السلطات القضائية خلال عام 2023 اعتقال عدد من الناشطين على السوشيال ميديا و"تصديق أقوالهم"، وذكر مجلس القضاء الأعلى أن المتهمين قد صدرت بحقهم أوامر قبض قضائية وفق أحكام المادة 403 والتي “تسيء للآداب وللذوق العام وتخدش الحياء”.

وشملت الاعتقالات والملاحقات القضائية رجل الدين "علي الشريفي" والمواطن المشهور باسم "عبود سكيبة" وعارضة الأزياء "عسل حسام" و"وام فهد" والفنان الشعبي "سعدون الساعدي" وعددا آخر من المشاهير، وغالبيتهم تم إطلاق سراحهم بعد أخذ تعهدات خطية منهم.

256 انتهاكاً ضد الصحفيين

وتعرض الصحفيون في العراق إلى حصة الأسد من الملاحقات القضائية، منها 3 دعاوى بحق الصحفي "قصي شفيق" ووقف برنامج الإعلامي "محمد جبار" ومنعه من تجديد جواز سفره، وسجن النائب الثاني لنقيب الصحفيين بسبب آرائه الشخصية، فضلا عن تغريم وسجن الصحفي والكاتب "محمد نعناع".

وفي هذا الصدد، قالت المدير التنفيذي لجمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق ريا فائق، إن "الجمعية سجلت 256 انتهاكا ضد الصحفيين ووسائل الإعلام في عام 2023، في جميع محافظات العراق، تصدرت بغداد المحافظات من حيث حجم ونوع الانتهاكات، تلتها أربيل التي شهدت سجن واعتقال العديد من الزملاء الصحفيين".

وأضافت "فائق" في حديثها لـ"جسور بوست"، أن "الانتهاكات تنوعت بين التهديد والترهيب، والاعتقال والسجن، واقتحام أو مداهمة بيوت الصحفيين أو مقار وسائل الإعلام، ومنع تغطيات، فضلا عن الدعاوى القضائية التي ارتفعت بشكل ملحوظ هذا العام".

وأشارت إلى أن "هذا الرقم مقارب للأرقام التي سجلت في الأعوام الثلاثة الماضية، لكن المتغير الأبرز في هذا العام هو انتهاج استراتيجية جديدة لترهيب الصحفيين، بالدعاوى القضائية والملاحقات القانونية والتوعد بالسجون والمحاكمات، وفق قانون العقوبات العراقي، ومواد جرائم النشر المصاغة في عام 1969".

وبينت أن "أنواع الانتهاكات كانت مختلفة، إذ تجاوز بعضها حدود الصلاحيات الدستورية والقانونية للجهات الحكومية، ومنها منع إصدار جواز صحفي، وحجب موقع إخباري، وتسجيل دعاوى قضائية في محاكم خارج العراق ضد صحفيين عراقيين، إضافة إلى محاولات هيئة الإعلام والاتصالات فرض وصاية على وسائل الإعلام، لإسكات أي صوت معارض".

وأكدت الناشطة الحقوقية العراقية، أن "الإصابات طالت 8 صحفيين، فضلا عن احتجاز 52 حالة، وتهديد صحفي واحد، واقتحام منازل ومقار عمل 19 صحفيا آخر"، لافتة إلى "تسجيل منع وعرقلة وضرب 159 حالة، ورفع دعاوى ضد 15 صحفيا".

ونوهت إلى أن "عام 2023 سجل أعلى حالات انتهاك حقوق الصحفيين خلال شهر أغسطس الماضي بمعدل 48 حالة، يليه شهر يونيو بـ41 حالة"، موضحة أن "بغداد تصدرت المحافظات التي تعرضت للانتهاكات بمعدل 51 حالة، تليها أربيل بـ47 حالة، ثم البصرة وكركوك والموصل".

15 ألف متهم

وخلال عام 2023 شهد العراق ارتفاعا في آفة خطيرة تنامت في البلاد، "تجارة وتعاطي المخدرات"، وهو ما ينذر بتحول البلاد من مستهلك وممر للمواد المخدرة بالمنطقة، إلى مستهلك رئيس.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية وخلية الإعلام الأمني العميد مقداد ميري في بيان، تلقته "جسور بوست"، إن "وزارة الداخلية تمكنت من قتل 65 إرهابيا خلال عام 2023 في عموم البلاد، فيما ألقت القبض على 5589 متهما وفق أحكام المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب".

وأضاف أنه "خلال العام الحالي أيضا، تم إلقاء القبض على 14 ألفاً و857 متهماً بجريمة المخدرات بينهم 140 تاجراً دولياً".

وضبطت الداخلية خلال العام نفسه نحو 15 طناً من المؤثرات العقلية، وأكثر من 3 أطنان من حبوب "الكبتاغون" وأنواع أخرى من المواد المخدرة.

وفي شهر ديسمبر الجاري، قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إن آفة المخدرات تنامت بشكل غير مسبوق في العقدين الأخيرين، وإن مكافحتها تماثل الحرب ضد الإرهاب، فيما طلب من رئيس الجمهورية المصادقة على أحكام الإعدام ضد المدانين بجرائم على صلة بهذا الملف.

2 مليون أسرة فقيرة 

وفي ما يتعلق بارتفاع نسب الفقر في العراق، أكد وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي أحمد الأسدي، أن الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة رفعت مستوى العراق 20 درجة في تسلسل درجات الفقر الدولية، وفق منظمة الأمم المتحدة.

وكشف الوزير العراقي عن إقرار صندوق القروض 400 مليار دينار في موازنة 2023، عملت الوزارة على أن تكون هذه القروض للمشاريع الحقيقية لتشغل عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل.

وقال المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية نجم العقابي في حديثه لـ"جسور بوست"، إن "الوزارة سجلت أكثر من مليون و700 ألف عاطل عن العمل خلال عام 2023، كما أن الوزارة خصصت رواتب للرعاية الاجتماعية لأكثر من مليوني أسرة في عموم البلاد ممن هم دون خط الفقر".

وارتفع العراق 20 درجة من حيث درجات الفقر حسب آخر تقرير للأمم المتحدة، حيث كان العراق بالمرتبة 86 ووصل الآن إلى 66، وفقا لتصريحات الحكومة العراقية.

%16.5 من العراقيين بلا عمل

وتعد أيضا البطالة من المشاكل المعقدة التي يعاني منها العراق، وهي تعبر عن عجز في البنى التحتية وتراجع في الأداء الاقتصادي، وقد شهد عام 2023 تسجيل مئات الآلاف من الشبان العاطلين عن العمل.

وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط عبدالزهرة الهنداوي، إن "الوزارة أجرت مسحاً للقوى العاملة بالعراق وكانت نسبة البطالة هي 16.5% من العراقيين، مبينا أن "الظروف التي أجريت بها المسح كانت غير طبيعية بسبب تداعيات كورونا".

وأشار الهنداوي في تصريحه لـ"جسور بوست"، إلى أن "العراق شهد خلال العام الجاري حركة تنموية جيدة وأنشطة اقتصادية أسهمت بخلق فرص عمل"، لافتا إلى أن "البطالة انخفضت خلال عام 2023 بسبب تشغيل القطاع الخاص وتعيين الخريجين بالقطاع الحكومي".

ولفت إلى أن "نسبة الفقر في العراق تقدر بأكثر من 21% من عدد السكان"، مرجحا أن تنخفض نسب البطالة والفقر خلال عام 2024.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية