تحول الوطن العربي نحو الذكاء الاصطناعي فرص مهمة وتحديات هائلة

العرب والذكاء الاصطناعي "1"

تحول الوطن العربي نحو الذكاء الاصطناعي فرص مهمة وتحديات هائلة

تمثل التكنولوجيا الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي فرصة كبيرة للوطن العربي، حيث يمكن أن تحدث تغييرًا إيجابيًا في العديد من القطاعات الحيوية مثل الصناعة والرعاية الصحية والزراعة والتعليم، ومع ذلك، تواجه المنطقة تحديات في تبني هذه التكنولوجيا وتطبيقها بنجاح.

"جسور بوست"، تناقش الفرص الكبيرة التي يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي والتحديات المصاحبة له، وكيفية استغلال الوطن العربي للذكاء الاصطناعي لتحسين أدائه وتطوره، وذلك في سلسلة تقارير تحمل عنوان "العرب والذكاء الاصطناعي". 

في الحلقة الأولى نناقش فرص وتحديات الوطن العربي مع الذكاء الاصطناعي.

عند النظر إلى فرص الذكاء الاصطناعي في الوطن العربي، هناك بعض الإحصائيات والأرقام التي تدعم هذه الفرص وتوضح القدرة الكبيرة للتكنولوجيا على تحقيق تحول إيجابي في المنطقة. 

وفقًا لتقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، يشير التوقع إلى أن استخدام التكنولوجيا الذكية بما في ذلك الذكاء الاصطناعي قد يعزز النمو الاقتصادي للدول العربية بنسبة تصل إلى 1.6% سنويًا بحلول عام 2035. 

ووفقًا لتقرير لمنظمة الأمم المتحدة للصناعة والتنمية (UNIDO)، يمكن أن يؤدي تبني الروبوتات والذكاء الاصطناعي في الصناعة العربية إلى زيادة الإنتاجية بنسبة تصل إلى 40% وتحسين جودة المنتجات وتخفيض التكاليف الإنتاجية.

ووفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين تشخيص الأمراض وتوفير رعاية صحية أفضل وأكثر فعالية، ويشير التقرير أيضًا إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقلل من حدوث أخطاء التشخيص بنسبة تصل إلى 30%. 

وتشير الإحصائيات من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم في زيادة إنتاجية الزراعة بنسبة تصل إلى 20% وتحسين استخدام الموارد المائية والأسمدة وتقليل الهدر الغذائي.

ووفقًا لتقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO)، يمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز التعليم وتوفير فرص تعليمية متساوية ومخصصة للطلاب، بما في ذلك الوصول إلى التعليم عن بُعد وتقييم التعلم الفردي. 

تحسين الصناعة، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين عمليات الإنتاج والتصنيع في الصناعة العربية. 

وفقًا للتقديرات، يمكن أن يؤدي تبني الروبوتات والنظم الذكية في الصناعة إلى زيادة الإنتاجية بنسبة تصل إلى 20% وتقليل الأخطاء وتحسين سلامة العمال.

مشروع المخترع الاصطناعي

مجالات مهمة

وعن المجالات المهمة التي يمكن للذكاء الاصطناعي إحداث طفرة بها، قال الحاصل على فضية جنيف للاختراعات والروبوت لعامين على التوالي، المهندس محمود الكومي، إن  الذكاء الاصطناعي يدخل في تطوير كل شيء وأي شيء، وعلى رأس تلك الأشياء الرعاية الصحية الذكية، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية في الوطن العربي، كذلك يمكن استخدام التحليلات الضخمة وتعلم الآلة لتحديد الأنماط والتوجيهات في الأمراض، وتحسين تشخيص الأمراض وتوفير رعاية شخصية مخصصة للمرضى، ويمكن أيضًا للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تحسين الإنتاجية وكفاءة الموارد في قطاع الزراعة. 

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، يمكن استخدام التكنولوجيا لرصد الحالة الزراعية، وتحديد احتياجات الري والأسمدة، والتنبؤ بالمحاصيل، ما يساهم في زيادة الإنتاج وتقليل التبذير، ويستطيع الذكاء الاصطناعي أن يحدث تحولًا في نظام التعليم في الوطن العربي، ويمكن استخدام التكنولوجيا لتوفير منصات تعبر الإنترنت مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تتيح للطلاب الوصول إلى موارد تعليمية متنوعة وتخصيص التعليم وفقًا لاحتياجاتهم الفردية.

واستطرد، على الرغم من الفرص الكبيرة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي للوطن العربي، فإنه يواجه تحديات في تبنيه وتطبيقه بنجاح، ومن بين هذه التحديات نقص الموارد البشرية الماهرة، حيث تتطلب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مهارات متخصصة في التحليل البياني وتعلم الآلة، ومع ذلك، هناك نقص في الكوادر الماهرة في هذا المجال في الوطن العربي.. يجب العمل على تطوير برامج تعليمية وتدريبية لتأهيل المحترفين في مجال الذكاء الاصطناعي، كذلك يواجه الوطن العربي تحديات تقنية في تبني التكنولوجيا الذكية، ويشمل ذلك قضايا الأمن السيبراني والبنية التحتية التقنية وتوافر البيانات الكبيرة المهمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وهناك التحديات القانونية والأخلاقية، ويثير استخدام الذكاء الاصطناعي قضايا قانونية وأخلاقية، مثل حماية البيانات الشخصية وتأثير التكنولوجيا على سوق العمل والقضايا الأخلاقية المتعلقة بالتحكم البشري في القرارات التي يتخذها باستخدام الأنظمة الذكية.

وأتم، لتحقيق الفوائد الكاملة للذكاء الاصطناعي في الوطن العربي، يجب التركيز على حل هذه التحديات، وينبغي تعزيز التعليم في مجال الذكاء الاصطناعي وتشجيع الابتكار والبحث والتطوير في هذا المجال، كما يجب أيضًا وضع تشريعات وسياسات تنظم استخدام التكنولوجيا وتحمي حقوق المستخدمين وتعزز الشفافية والمساءلة، باختصار، توفر التكنولوجيا الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي فرصًا كبيرة للوطن العربي في مختلف القطاعات الحيوية، ومع ذلك، يتطلب تبنيها وتطبيقها بنجاح التغلب على التحديات التقنية والبشرية والقانونية والأخلاقية، من خلال العمل المشترك والاستثمار في هذا المجال.

تشريعات وتوجهات عامة

من جانبها تحدثت الحقوقية الأردنية نسرين زريقات عن تقنين استخدام الذكاء الاصطناعي بقولها، إن هناك عددا من التوجهات العامة التي تتبعها العديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم لتعزيز تطبيق الذكاء الاصطناعي، وتشمل التشريعات القانونية وإنشاء إطار قانوني واضح لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، كذلك يشمل ذلك قوانين تنظم جمع ومعالجة البيانات، وحماية الخصوصية والأمان، وتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الحساسة مثل الرعاية الصحية والقضاء، أيضًا تشجيع الابتكار والبحث والتطوير.

وأضافت في تصريحاتها لـ"جسور بوست"، تعمل الحكومات على وضع سياسات وبرامج تشجع الابتكار والبحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، ويتضمن ذلك إنشاء صناديق تمويل ومنح ودعم للشركات الناشئة والمبتكرين، وتسهيل التعاون بين الجامعات والصناعة لتبادل المعرفة والخبرات، وهناك اهتمام شديد بهذا الأمر عالميًا، وتولي الحكومات اهتمامًا بتطوير برامج التعليم والتدريب في مجال الذكاء الاصطناعي، وعليه يتم تعزيز التعليم في المدارس والجامعات لتشمل المفاهيم والمهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى توفير برامج تدريبية للمهنيين العاملين في هذا المجال. 

واستطردت، تسعى الحكومات لتعزيز الشفافية والمساءلة في استخدام الذكاء الاصطناعي، ومن المهم والضروري وضع سياسات تضمن شفافية استخدام البيانات والخوارزميات وتوفير آليات للرقابة والمساءلة في حالة حدوث أخطاء أو تمييز غير مقصود، كما تسعى الحكومات إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي، ويتم تبادل المعرفة والخبرات والممارسات الجيدة بين الدول والمشاركة في المنتديات الدولية والمؤتمرات لتعزيز التعاون وتطوير قوانين ومعايير دولية مشتركة. 

وأتمت، هذه بعض التوجهات العامة التي تتبعها الحكومات في تعزيز تطبيق الذكاء الاصطناعي، ولكن بالطبع التشريعات والسياسات قد تختلف من بلد لآخر وتعتمد على التحديات والأولويات المحلية والقوانين القائمة في كل بلد.

نسرين زريقات

جهود عربية

وصف السياسي الجزائري توفيق قويدر جهود العرب في هذا الشأن بالمتزايدة والكبيرة، مشيرًا إلى أن الحكومات العربية تبذل جهودًا متزايدة لتعزيز تطبيق الذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات والمجالات، وقامت بعض الدول العربية بإطلاق استراتيجيات وطنية للذكاء الاصطناعي، تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والابتكار وتحسين الخدمات الحكومية وتعزيز القدرة التنافسية، هذه الاستراتيجيات تحدد الأهداف والخطط لتعزيز الذكاء الاصطناعي في البلاد، أيضًا أنشأت بعض الدول العربية مراكز ومبادرات متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، كما تعمل هذه المراكز على تعزيز البحث والتطوير وتوفير الموارد والدعم للشركات الناشئة والمبتكرين في مجال الذكاء الاصطناعي.

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، تولي الحكومات العربية اهتمامًا كبيرًا بتعزيز التعليم والتدريب في مجال الذكاء الاصطناعي، تقدم بعض الدول العربية برامج تدريبية وشهادات متخصصة في الذكاء الاصطناعي، وتعمل على تطوير المناهج الدراسية لتشمل المفاهيم والمهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وتعمل الحكومات على وضع تشريعات وسياسات تعزز تطبيق الذكاء الاصطناعي وتوفر بيئة مناسبة للابتكار والاستثمار في هذا المجال، وتشمل هذه السياسات تشجيع الاستثمارات وحماية الملكية الفكرية وضمان الخصوصية والأمان في استخدام التكنولوجيا الذكية، وتعزز الحكومات العربية التعاون بين القطاعين العام والخاص لتعزيز تطبيق الذكاء الاصطناعي. 

واستطرد، يتم تشجيع الشركات الخاصة على الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي وتوفير الحلول والتقنيات المبتكرة، وتقديم الدعم والمشاركة في المشاريع الحكومية ذات الصلة.. هذه بعض الجهود التي تبذلها الحكومات العربية لتعزيز تطبيق الذكاء الاصطناعي في المنطقة. 

توفيق قويدر

وأتم، يجب ملاحظة أن هذه الجهود قد تختلف من بلد لآخر وتعتمد على التحديات والأولويات المحلية، لكن إجمالًا تواصل الحكومات العربية العمل على تعزيز البنية التحتية التكنولوجية وتشجيع الابتكار وتطوير الموارد البشرية في هذا المجال.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية