تحديات 2024.. تعزيز حقوق المهاجرين واللاجئين في بيئة آمنة وحياة كريمة
تحديات 2024.. تعزيز حقوق المهاجرين واللاجئين في بيئة آمنة وحياة كريمة
شغلت قضية الهجرة العديد من دول العالم خلال الفترات الماضية، سواء كانت هذه الهجرة قسرية أم بناء على رغبة المهاجرين، ففي فترات معينة، شكلت الهجرة من الجنوب إلى الشمال ومن الدول الفقيرة إلى الدول الغنية ملمحًا مهمًا، ورسخ ذلك لبقاء هذه الدول في حضن التخلف.
وزاد حضور قضية الهجرة مؤخرًا على الصعيد العالمي، بعد عمليات الهجرة القسرية، بسبب النزاعات المسلحة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، أو بسبب الهاجس الديموغرافي بالدول المتقدمة، التي نقصت فيها معدلات الإنجاب، وزيادة المساحة التي شغلها كبار السن بالهرم السكاني.
وبحسب تقرير البنك الدولي لعام 2023، فإن هناك نحو 184 مليون فرد في عداد المهاجرين على مستوى العالم، من بينهم 37 مليون لاجئ، وهؤلاء المهاجرون يمثلون نسبة 2.3% من إجمالي سكان العالم.
وفي ما يتعلق بتوزيع المهاجرين حول العالم، فإن البلدان المرتفعة الدخل تستوعب 40% من إجمالي المهاجرين، منهم 64 مليون مهاجر لأسباب اقتصادية، ونحو 10 ملايين لاجئ، أما منطقة الخليج فإنها تستوعب نسبة 17% من إجمالي المهاجرين على مستوى العالم، حيث تضم 31 مليون مهاجر، في حين ترجع الهجرة إلى منطقة الخليج لأسباب اقتصادية.
أما الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل فقد كان نصيبهما معًا 43% من إجمالي المهاجرين على مستوى العالم.
وتُعد الهجرة ظاهرة عالمية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية معقدة، تتطلب معالجتها حلولًا شاملة وتعاونًا دوليًا.
ويشهد العالم تحديات عديدة في مجال الهجرة واللاجئين في عام 2024، وتواجه الدول المضيفة تحديات في تأمين الاستقبال الكريم للمهاجرين واللاجئين، وتتطلب هذه التحديات إدارة فعالة للموارد وتوفير سبل العيش والإسكان اللائق والخدمات الأساسية لهؤلاء الأفراد، ويحتاج اللاجئون والمهاجرون إلى إجراءات قانونية وإجرائية شفافة وسريعة للحصول على حق اللجوء والحماية القانونية.
وتواجه الدول تحديات في تسريع الإجراءات وتوفير الدعم القانوني المناسب لهؤلاء الأفراد، كما يواجه المهاجرون واللاجئون تحديات اجتماعية واقتصادية في الاندماج في مجتمعاتهم المضيفة.
من بين هذه التحديات توجد صعوبات في الحصول على فرص عمل مناسبة والوصول إلى التعليم والخدمات الصحية، ما يؤثر على ضعف فرص التنمية الشخصية والاقتصادية.
وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه الهجرة واللاجئين، تبذل المجتمعات والحكومات جهودًا متواصلة لتعزيز حقوقهم وتوفير بيئة آمنة وكريمة لهم، حيث تعمل العديد من الحكومات والمنظمات الدولية على تعزيز الحماية القانونية للمهاجرين واللاجئين من خلال تنفيذ وتعزيز الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحق اللجوء.. تعزز هذه الجهود حقوق المهاجرين واللاجئين في الحصول على الحماية والرعاية اللازمة.
ويعتبر التعاون الدولي أمرًا حاسمًا في مجال الهجرة واللاجئين؛ تعمل الحكومات والمنظمات الدولية على تعزيز التعاون وتبادل الخبرات والمعرفة في مجال إدارة الهجرة واللاجئين، ويسهم هذا التعاون في تحسين السياسات والإجراءات المتعلقة بالهجرة وتحقيق نتائج إيجابية.
وتدرك العديد من الدول أن التنمية المستدامة تلعب دورًا مهمًا في تقليل التحديات المرتبطة بالهجرة واللاجئين، من خلال تعزيز فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية في الدول المصدرة للهجرة، ويمكن تحقيق تحسينات ملموسة في ظروف الحياة والحد من الضغوط التي تدفع الأفراد للهجرة.
ويرى خبراء أنه في ظل تزايد أعداد المهاجرين واللاجئين حول العالم، يبقى التعامل مع تحديات الهجرة واللاجئين وتعزيز حقوقهم وتوفير بيئة آمنة وكريمة لهم أمرًا ضروريًا في عام 2024، تتطلب هذه التحديات تعاونًا دوليًا قويًا وجهودًا متواصلة لتحقيق تحسينات حقيقية في حياة المهاجرين واللاجئين.
"جسور بوست"، تناقش في هذا التقرير تحديات الهجرة واللاجئين، وتسلط الضوء على الجهود المبذولة لتعزيز حقوقهم وتوفير بيئة آمنة وكريمة لهم في 2024.
انتهاكات ومعاناة
قال أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، عبدالمنعم الحر، إن الهجرة ظاهرة عالمية تدفعها عوامل عديدة، منها النزاعات المسلحة، والفقر، والكوارث الطبيعية، والبحث عن فرص عمل أفضل، ويعاني اللاجئون والمهاجرون حول العالم العديد من المشكلات، من أبرزها الاضطهاد والتمييز، سواء في بلدهم الأصلي أو في بلد اللجوء ففي بلدهم الأصلي، وقد يتعرضون للاضطهاد بسبب عرقهم أو دينهم أو جنسهم أو توجههم الجنسي أو أي سبب آخر، وفي بلد اللجوء قد يتعرضون للتمييز من قبل السكان المحليين أو من قبل السلطات الحكومية.
وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست": لا يتمتع اللاجئون والمهاجرون دائمًا بالحماية القانونية والإنسانية التي يحتاجون إليها، ففي العديد من البلدان لا يتمتع اللاجئون بحقوق الحماية الأساسية، مثل الحق في العمل والتعليم والرعاية الصحية، وفي بعض البلدان يتعرض اللاجئون للترحيل القسري، وهو ما يعرض حياتهم للخطر، كما يواجه اللاجئون والمهاجرون صعوبة في الاندماج في مجتمعات البلدان المضيفة، بسبب اختلاف الثقافات واللغات، ففي كثير من الأحيان لا يتقنون اللغة المحلية، ما يجعل من الصعب عليهم الحصول على عمل أو التعليم أو الخدمات العامة.
واستطرد أن اختلاف الثقافات والقيم بين اللاجئين والمهاجرين وبين السكان المحليين قد يخلق صعوبات في التواصل والتفاعل، ومن أجل حل مشكلات اللاجئين والمهاجرين، يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات على المستويين الدولي والوطني، منها تعزيز الحماية القانونية والإنسانية للاجئين والمهاجرين، فيجب على الدول أن تلتزم بالقوانين والاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق اللاجئين والمهاجرين، أيضًا تشجيع الاندماج الاجتماعي للاجئين والمهاجرين، ويجب توفير فرص الاندماج الاجتماعي لهم، من خلال تعليم اللغة والثقافة وتوفير الخدمات العامة، أيضًا العمل على معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، مثل النزاعات المسلحة والفقر والكوارث الطبيعية.
عبدالمنعم الحر
حقوق اللاجئين والمهاجرين
وعلّق الخبير القانوني مصطفى سعداوي على الأمر بقوله، إن المهاجرين واللاجئين يتمتعون بمجموعة من الحقوق الأساسية، التي تحميها القوانين الدولية والاتفاقيات وتشمل هذه الحقوق الحق في الحياة، ويحق للمهاجرين واللاجئين العيش دون خوف من القتل أو التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي في مراكز غير إنسانية، كذلك الحق في الحرية، فيحق لهم التنقل والإقامة والتجمع والتعبير عن الرأي بحرية، بما في ذلك حرية التنقل دون عوائق، أيضًا الحق في المساواة أمام القانون، بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم أو دينهم أو أي وضع آخر، ويحق للمهاجرين واللاجئين الحماية من التمييز في مجالات عديدة، مثل التعليم والعمل والرعاية الصحية.
وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست": يحق للأشخاص الذين فروا من بلادهم بسبب الاضطهاد أو الخوف من الاضطهاد الحصول على وضع اللاجئ، والذي يمنحهم الحماية الدولية، وهناك العديد من الأمثلة على انتهاكات حقوق المهاجرين واللاجئين حول العالم، ومنها الاعتقال التعسفي، حيث يتم احتجاز العديد من المهاجرين واللاجئين في مراكز احتجاز غير إنسانية، حيث يتعرضون للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة، أيضًا يتعرض المهاجرون واللاجئون للتمييز في مجالات عديدة، مثل التعليم والعمل والرعاية الصحية، كما يتم ترحيل العديد من المهاجرين واللاجئين إلى بلدانهم الأصلية، حتى لو كانت هذه البلدان غير آمنة.
مصطفى سعداوي
وأتم: تعد حقوق المهاجرين واللاجئين من القضايا المهمة التي يجب أن تحظى باهتمام المجتمع الدولي، فيجب على الدول أن تلتزم بالقوانين الدولية والاتفاقيات التي تحمي حقوق المهاجرين واللاجئين، ويجب على المجتمع الدولي أن يعمل على تعزيز هذه الحقوق.
إضافات ومزايا يقدمها المهاجرون
وقال الحقوقي الأردني، نضال منصور، إن تعزيز حقوق الهجرة واللاجئين يلعب دورًا حاسمًا في تحقيق التنمية المستدامة على المستوى العالمي، فيمكن أن يكون للمهاجرين واللاجئين تأثير إيجابي على التنمية الاقتصادية للدول المضيفة بفضل مهاراتهم وقدراتهم، وللمهاجرين أن يسهموا في تعزيز الإنتاجية والابتكار وتطوير الأعمال والقطاعات الاقتصادية المختلفة، بالإضافة إلى ذلك يمكن لتحسين ظروف عيش المهاجرين واللاجئين وإتاحة فرص العمل لهم أن يزيد من النمو الاقتصادي ويخلق فرص العمل للسكان المحليين.
وأضاف في تصريحاته لـ"جسور بوست": يسهم التعايش والتفاعل الثقافي بين المجتمعات المضيفة والمهاجرين واللاجئين في إثراء التنوع الثقافي والتعددية الاجتماعية، ويمكن للتبادل الثقافي أن يعزز التفاهم المتبادل والتسامح والتعايش السلمي بين الثقافات المختلفة، بالإضافة إلى ذلك يمكن للمهاجرين واللاجئين أن يسهموا في الحفاظ على التراث الثقافي واللغات المتنوعة، وبالتالي المساهمة في الثقافة والهوية الوطنية للدول المضيفة، ويعتبر التعليم والرعاية الصحية وحماية حقوق الأطفال والنساء والفئات الضعيفة من الأولويات في تعزيز حقوق الهجرة واللاجئين، ومن خلال توفير فرص التعليم والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية للمهاجرين واللاجئين، يمكن تعزيز التنمية البشرية وتحسين جودة الحياة لهؤلاء الأفراد عبر الاستثمار في بناء قدراتهم وتمكينهم بما يسهم في خلق جيل جديد من المواطنين.
نضال منصور
واستطرد: يمكن أن يكون التعامل الكريم والمنصف مع المهاجرين واللاجئين عاملًا مهمًا في تحقيق السلام والأمن العالميين عندما يتم التعامل مع المهاجرين واللاجئين بشكل إنساني ومحترم، يتم بناء الثقة وتعزيز العدالة الاجتماعية، وهذا يقلل من التوترات والصراعات الاجتماعية والعنف، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يؤدي تعزيز حقوق اللاجئين والمهاجرين إلى تقليل الاضطرابات السياسية والاقتصادية والتحديات الأمنية المرتبطة بالهجرة غير النظامية.
وأتم: بشكل عام، يمكن القول إن تعزيز حقوق الهجرة واللاجئين يسهم في تحقيق التنمية المستدامة من خلال تعزيز الاقتصاد والثقافة والتعليم والحقوق الإنسانية والسلام والأمن، يتطلب ذلك التعاون الدولي والجهود المشتركة للحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني لضمان حقوق المهاجرين واللاجئين وتعزيز استقبالهم واندماجهم في المجتمعات المضيفة.