اليمن.. مهاجرون أفارقة يكشفون صوراً من الجحيم وتحطم أحلامهم

اليمن.. مهاجرون أفارقة يكشفون صوراً من الجحيم وتحطم أحلامهم

توجد المعاناة والألم، حيث توجد الحرب.. كل آمال المهاجرين الأفارقة في ملجأ آمن وواقع أفضل تذهب أدراج الرياح بعد رحلة عذاب في اتجاه اليمن واجهوا فيها الموت، حيث لم يدُر في خلد عشرات الآلاف منهم بأن واقعًا أكثر إيلامًا ينتظرهم.

على الأرصفة والطرقات يرمي نساء وأطفال قادمون من دول القرن الإفريقي، لا سيما إثيوبيا والصومال بأجسادهم المتعبة وقد نال الجوع من أكثرهم، بحثًا عن شجرة يستظلون تحتها أو جدار يحتمون به بعدما اشتد الوجع بغالبيتهم وازداد إحساسهم باليُتم في بلدٍ هو الآخر يبحث عن منفذٍ للحياة، جراء الحرب الدائرة في البلاد منذ أعوام لتتحطم أحلامهم في الوصول إلى دول الخليج.

 

المستجير من الرمضاء بالنار

وتقول بيزاويت تديروس، وهي مهاجرة إثيوبية "قدمنا إلى اليمن الذي يعيش على الحرب، وأصبح حالنا كالمستجير من الرمضاء بالنار"، وفقا لوكالة الأناضول.

وتضيف، قبل قدومنا إلى عدن كنا في صنعاء، لكن السلطات الحوثية مارست ضدنا كل أساليب القهر والإذلال، إذ قامت بتجميع المهاجرين الأفارقة في مركز للاحتجاز، وطلبت دفع 2000 دولار أمريكي عن كل شخص، أو الذهاب إلى الجبهة لقتال القوات الحكومية.

وأشارت إلى أن البعض دفع المبلغ، فيما الغالبية لم تستطع، فأخذ الحوثيون العشرات منهم إلى جبهات القتال، وتم احتجاز 450 شخصًا بعدما امتنعوا عن الذهاب.

المحتجزون نفذوا ذات يوم إضرابا عن الطعام، وحصل خلاف مع أحد الحراس، فرمى بقنبلة داخل المعتقل، ما أدى إلى احتراق المبنى ومقتل 450 شخصًا من الأورمو المسلمين كانوا داخله، ومنهم من توفي في الحال.

وفي السابع من مارس 2021، أسفر حريق في مركز احتجاز مكتظ بالمهاجرين واللاجئين الأفارقة بصنعاء عن مقتل العشرات، وفق تقارير لمنظمات حقوقية. 

وأردفت بيزاويت "بعد الحادث نفذ أهالي الضحايا اعتصامًا أمام مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، للمطالبة بتسليم الجثث والقيام بمراسيم الدفن، إلا أن رد المفوضية كان صادمًا، إذ قالوا لنا: لا نستطيع أن نفعل لكم شيئا، هذه سلطة حاكمة وعليكم العودة إلى دياركم".

ولفتت إلى أنه “بعد نحو شهر، قامت سلطة الحوثيين بفض الاعتصام بصورة وحشية مستخدمة المئات من الجنود والعشرات من المدرعات، ما أدى إلى إصابات كثيرة، وتسبب بجروح وندوب غائرة في نفوس الجميع”، مؤكدة أنه أمر مؤسف ومؤلم أن يتم ذلك على مرأى ومسمع من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومنظمة الهجرة الدولية.

وأشارت إلى أن الحال في عدن لم يكن أفضل ممّا كنا عليه في صنعاء، فحين طرقنا أبواب منظمات الأمم المتحدة لمساعدتنا، كان الرد صادمًا، إذ قيل لنا: بإمكان الرجال العمل في غسل السيارات، والنساء يستطعن الوقوف على أبواب المساجد، لطلب المساعدات.

وفي السياق، روى المهاجر الإفريقي منصور علي محمد رحلة عذابه صحبة الآلاف من المهاجرين إلى عدن، جنوبي البلاد، قائلا “أخذونا بالقوة وزجّوا بالكثيرين في سيارات مكشوفة، ورمونا في آخر منطقة فاصلة بين سيطرة الحوثيين والحكومة، بعدما أجبرونا على التوقيع بعدم العودة إلى صنعاء، أو يتمّ هدر دمائنا”.

وتابع: “منذ وصولنا إلى عدن، لم يلتفت أحد إلى معاناتنا، فجلسنا نهيم في الشوارع والمقاهي والأمكنة العامة، إذ لا مسكن، ولا مطعم، ولا مشرب ولا تطبيب، حتى النوم على الأرصفة بات صعبًا وغير متاح”.

 

افتراق البؤساء 

وقال “حين تم نقلنا من صنعاء، أخذوا كل من قابلوه أمامهم وتركوا من استطاع الهرب.، وبالتالي، هناك أطفال في صنعاء وأمهاتهم بعدن، زوجات في صنعاء والأزواج هنا، ولا يستطيع كل طرف الالتحاق بالآخر، نشعر بحزن كبير أن الكثير منا غير قادر على زيارة ابنه أو زوجته في صنعاء، والعكس صحيح”.

وبحسرة كبيرة، تحدث محمد الخضر، مهاجر إثيوبي، قائلًا “فقدت في هذا المكان الموحش أحد أولادي بعد 7 أشهر من ولادته بسبب برودة الطقس، وعدم قدرتي على توفير ما أغطي به جسده الغض”.

وأضاف “بسبب الضرب المبرح التي تعرضت له زوجتي من جانب الحوثيين، فقدت زوجتي حاسة السمع تماما، كما أن لي طفلين آخرين في صنعاء لا أعرف عنهما شيئًا”.

ومن جانبه، قال نائب وزير حقوق الإنسان في الحكومة الشرعية سمير الشيباني إن “مشكلة المهاجرين الأفارقة في اليمن عويصة ومتشعبة، فهناك مهاجرون شرعيون يحملون بطاقات المفوضية السامية، وثمة آخرون، وهم الأكثر، غير نظاميين”.

وتشير بيانات منظمة الهجرة الدولية إلى أن عدد الأفارقة الذين قدموا إلى اليمن منذ اندلاع المعارك في سبتمبر 2014 بلغ 140 ألفا، وجميعهم يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

ولفت إلى أن عملية ترحيل هؤلاء إلى بلدانهم صعبة، إذ إن القانون الدولي يمنع إجبارهم على العودة، والقليل منهم يرغب في العودة إلى ديارهم.

وأوضح أنه في ظل ظروف الحرب التي تمر بها البلاد، وعجز السلطات عن توفير الحاجات الضرورية للسكان المحليين، وعمليات النزوح الداخلية، فإن دخول الأفارقة بهذه الصورة الكبيرة فيه تهديد للأمن والسلم المجتمعي.

وكانت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة أعلنت عن وصول أكثر من 16 ألف مهاجر إفريقي إلى اليمن، في الفترة الممتدة من يناير إلى سبتمبر 2021، مقارنة بـ32 ألفا و122 مهاجرا وصلوا إلى البلاد خلال الفترة ذاتها من العام 2020.

ولفت إلى أن “معظم المهاجرين الواصلين إلى اليمن يواجهون مخاطر شديدة، إذ يعدون من أكثر الفئات المحرومة والمهمّشة”.

ويشهد اليمن حربا وصراعا على السلطة منذ سنوات أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80% من السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية