مسؤول أممي: الأزمة الإنسانية في غزة بلغت حجماً لم نشهده من قبل
مسؤول أممي: الأزمة الإنسانية في غزة بلغت حجماً لم نشهده من قبل
قال منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة المؤقت جيمي ماكغولدريك، إن الأزمة الإنسانية في غزة "بلغت حجماً لم نشهده من قبل" وتتكشف على نطاق واسع وبسرعة هائلة.
وفي إحاطته للصحفيين في نيويورك عبر تقنية الفيديو من القدس، قال ماكغولدريك، الأربعاء، إن مجتمع العمل الإنساني يستخدم كل الوسائل الممكنة لمحاولة الوفاء بالاحتياجات في القطاعات الأربعة الحيوية الرئيسية، وهي المياه والصرف الصحي، والصحة، والغذاء، والمأوى، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وأضاف: "لا يمكننا أن نفعل ذلك بمفردنا.. علينا أن نعمل مع السلطات الإسرائيلية من أجل أن تقدم لنا العون والدعم والسماح بفتح المزيد من المعابر، وزيادة تدفق المساعدات، وإدخال معدات الأمن والاتصالات، وإزالة بعض المواد الأساسية من قائمة المحظورات، والبدء في معالجة حالة الطوارئ الشديدة التي تتزايد في ظل هذا الوضع".
المواد الممنوعة
وقال إن بعض المواد الممنوعة من دخول غزة تعتبرها إسرائيل أشياء يمكن استخدامها لأغراض أخرى، بما في ذلك المضخات والمولدات وقطع الغيار وأنابيب الصرف الصحي وألواح الطاقة الشمسية وبعض المعدات الطبية، من بين أشياء أخرى.. إلا أن القائمة تضمنت أيضاً مواد طبية لعلاج الأمراض المزمنة، مثل حقن إنسولين الأطفال، وسبب منعها غير معروف، مضيفاً أن الأمم المتحدة تجري مناقشات مع السلطات الإسرائيلية لبحث المواد المحظورة وإيجاد طرق لإزالة بعضها لأهميته في معالجة الأزمة التي "تتكشف حاليا بطريقة دراماتيكية للغاية".
وقد زار المسؤول الأممي قطاع غزة مؤخرا برفقة كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، سيخريد كاخ، وقال إنه في كل مرة يزور غزة، يتدهور الوضع أكثر فأكثر حيث يعيش الناس في ظروف مكتظة وغير صحية. وأضاف أن هذه الظروف، إلى جانب الطقس البارد واستخدام المياه الملوثة، أدت إلى تفشي التهابات الجهاز التنفسي و"الأمراض التي كان قد تم استئصالها من غزة في السابق".
عينة عن الوضع في خان يونس
وأشار ماكغولدريك إلى الهجوم الذي وقع على مركز التدريب التابع للأونروا في خان يونس والذي أدى إلى مقتل تسعة أشخاص وإصابة 75 آخرين.. وقد اشتعلت النيران في بعض مباني المجمع الذي كان يؤوي نحو عشرة آلاف نازح، حيث "حاول العديد من الأشخاص الفرار من مكان الحادث ولم يستطيعوا فعل ذلك"، بحسب منسق الشؤون الإنسانية.
وأضاف: "هذه المباني كلها جزء من نظام التنسيق لدينا والذي يغطي الأهداف الثابتة التابعة لنا ويغطي أيضاً حركة الأشخاص الذين يقومون بأعمال إنسانية.. لقد وقع عدد من الحوادث خلال الشهر الماضي أو نحو ذلك، ما يجعلنا نتساءل عما إذا كان نظام التنسيق نفسه يعمل بالفعل على المستوى الأمثل".
وقال ماكغولدريك إن الحادث الأخير هو مؤشر على ما يحدث في منطقة خان يونس، حيث يجبر الناس على التحرك بشكل مستمر نحو مناطق في أقصى الجنوب، ما أدى إلى ارتفاع عدد سكان رفح من 280 ألف نسمة (قبل 7 أكتوبر) إلى ما يتراوح بين 1.2 و1.4 مليون شخص في الوقت الراهن.
وشدد على أن الأمم المتحدة تبذل كل ما في وسعها لتلبية الاحتياجات الأساسية، لكنها تكافح من أجل مواكبة الأعداد الهائلة، "ونتيجة لذلك، فإن الناس أنفسهم يكافحون حقاً للتعامل مع هذا الوضع. وقد بدأت الصدمة تتجلى فعلياً الآن، وبدأ الناس يدركون أن هذا الواقع سيتعين عليهم مواجهته لأجل لا يستهان به".
تحديات هائلة
وقال منسق الأمم المتحدة المقيم إن العاملين في المجال الإنساني يواجهون العديد من التحديات الخارجة عن سيطرتهم، وهم بحاجة إلى "الحد الأدنى من المتطلبات التشغيلية" للقيام بعملهم، بما في ذلك معدات الاتصالات والمركبات المدرعة للتحرك في مناطق الأعمال العدائية، وخاصة إلى المناطق الشمالية حيث لم يتلق ما يقرب من 300 ألف شخص سوى القليل من المساعدات الإنسانية أو لم يتلقوا أي مساعدات على الإطلاق.
كما سلط الضوء على الوضع المزري في المستشفيات، قائلاً إن بعضها يعمل بدون تخدير أو كهرباء. وأضاف أنه لا يوجد نظام إخلاء طبي حقيقي، حيث يوجد آلاف الأشخاص على قائمة الإجلاء، لكن لم يتمكن سوى عدد قليل من مغادرة القطاع لتلقي الرعاية التي يحتاجون إليها.
وفيما يتعلق بوضع الأمن الغذائي، قال ماكغولدريك إنه من المتوقع أن يكون الوضع أسوأ بكثير منذ التقييم الذي قامت به الأمم المتحدة في نوفمبر خلال فترة الهدنة، وذلك بسبب عدم القدرة على جلب الإمدادات الكافية والظروف الصعبة في القطاع، وقال إن بقايا المحصول الأخير في غزة تباع حاليا في الأسواق، مضيفا أن القطاع الزراعي "تم تدميره وأعتقد أننا لن نرى محصولا آخر من أي نوع في غزة لعدة سنوات طويلة".
إجراءات منطقية وفعالة
وقال ماكغولدريك إن الأمم المتحدة تشجع إعادة تنشيط القطاع الخاص من أجل الانتقال من العملية المكلفة المتمثلة في جلب كميات كبيرة من المواد الغذائية والسلع إلى تقديم المساعدات النقدية -إلى جانب الرواتب التي لا يزال بعض الناس يتلقونها– والتي يمكن أن تخلق "نوعا من الديناميكية الاقتصادية".
ودعا إلى فتح مزيد من المعابر (من إسرائيل) بالإضافة إلى معبر كرم أبو سالم قائلا: "في الوقت الحالي نحن نخدم 2.2 مليون نسمة من خلال نقطة عبور واحدة"، وأكد أن الوصول إلى غزة عبر معبري كارني وإيريز إلى شمال غزة -ليس بعيدا عن ميناء أسدود- "سيكون منطقيا أكثر بكثير"، مشيرا إلى التكلفة والخدمات اللوجستية التي ينطوي عليها الاضطرار إلى شحن البضائع إلى معبر كرم أبو سالم في الجنوب.
العدوان على قطاع غزة
عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها "حماس" في 7 أكتوبر الماضي قصف الجيش الإسرائيلي قطاع غزة ووسع غاراته على كل المحاور في القطاع، وتم قصف المدارس والمستشفيات والمساجد باستخدام مئات آلاف الأطنان من القنابل الكبيرة والمحرمة دوليا والأسلحة الفتاكة مسببة خسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات.
وأسفر القصف عن مقتل أكثر من 25 ألف مواطن فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 62 ألف جريح، إضافة إلى نحو 7 آلاف شخص في عداد المفقودين، في حصيلة غير نهائية وفق أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة.
ونزح نحو مليوني شخص هربا من القصف العنيف، وبعد إنذار إسرائيلي بإخلاء شمال قطاع غزة.
وعلى الجانب الإسرائيلي قتل نحو 1140 شخصا بينهم 520 من الضباط والجنود منهم 186 منذ بداية الهجوم البري في قطاع غزة، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 5 آلاف بالإضافة إلى نحو 240 أسيرا تحتجزهم "حماس"، تم الإفراج عن بعضهم خلال هدنة مؤقتة.
وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية أصوات 120 صوتا، الجمعة 27 أكتوبر، مشروع قرار عربي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ووقف القتال.
في الأول من ديسمبر الماضي، انتهت هدنة مؤقتة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أنجزت بوساطة مصرية قطرية، واستمرت 7 أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.
وفور انتهاء الهدنة، استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية برغم الأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها القطاع والمطالبات الدولية والأممية بزيادة وتسهيل دخول المساعدات الإغاثية.