مشروع الطائرات الإيرانية المسيّرة يثير قلق القيادة المركزية الأمريكية

مشروع الطائرات الإيرانية المسيّرة يثير قلق القيادة المركزية الأمريكية
الطائرات الإيرانية المسيّرة

أكد المحلل فرزين نديمي، المتخصص في شؤون الأمن والدفاع المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج والزميل المشارك في معهد واشنطن، أن مشروع الطائرات المسيّرة احتل مكانةً بارزةً ضمن مجموعة التهديدات الإيرانية في المنطقة، مبينا أنه يتماشى مع برامج إيران المقلقة المتعلقة بالصواريخ الباليستية والدقيقة. 

وأوضح “نديمي” في مقال له نشره الموقع الإلكتروني لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن الاستخدام العدواني المتزايد إلى حد كبير للطائرات بدون طيار من قبل طهران ووكلائها أثار قلق القيادة المركزية الأمريكية والمسؤولين العسكريين في المنطقة، ما حثّهم على إيجاد تدابير مضادة، منوها أنه مع ذلك، من غير المرجح أن يتم ردع إيران، ولا ينبغي توقع تغيير سلوكها في المنطقة إذا أعادت إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 مع الولايات المتحدة.

 

ولادة البرنامج 

وذكر نديمي أن الطائرات المسيّرة الإيرانية كانت في طور التكوين منذ حرب الاستنزاف في الثمانينيات مع العراق، حيث بدأ الحرس الثوري الإسلامي الإيراني برنامجاً للتجربة، لكن القيود الاقتصادية المفروضة أثّرت على قدرتها على الحصول على المعدّات والأجزاء اللازمة في الخارج.

وأردف قائلا: إضافة إلى الدور الاستطلاعي العام، عمدت إيران إلى التسليح السريع للنماذج الأولى التي أنتجتها، عبر تركيب قاذفات صواريخ بسيطة تحت أجنحتها لاستخدامها ضد الأهداف البرية والبحرية، منوها أنه على الرغم من أن أداء هذه المركبات الجوية غير المأهولة ذات القاذفات الصاروخية، لم يكن واعداً في التجارب الهادفة إلى تحديد إمكانية النشر التشغيلي أثناء الحرب، إلا أن فكرة استخدام الطائرات المسيّرة كذخائر حائمة اكتسبت زخماً، واستمر المزيد من التطوير في الخفاء.

 

تطورات ما بعد الحرب

أوضح الكاتب أنه في أعقاب الحرب مع العراق، سعت طهران إلى تعزيز قدرات المراقبة والاستطلاع التي تتمتع بها طائراتها بدون طيار، لكن مداها كان يقتصر في البداية على خط الرؤية. 

ولتجاوز هذه العقبات التقنية، جمعَ النظام "شركة القدس لصناعة الطيران" التي تصنع طائرات مسيّرة والتابعة لـ «الحرس الثوري» الإيراني، مع شركة جديدة هي "شركة إيران لتصنيع الطائرات" (HESA) تحت إشراف وزارة الدفاع وإسناد القوات المسلحة، والتي تم تشكيلها بعد دمج وزارة الدفاع ووزارة «الحرس الثوري» في عام 1989.

وقال، واصلت "القوة الجوية" التابعة لـ«الحرس الثوري» (التي أعيدت تسميتها فيما بعد باسم "القوة الجوفضائية") إدارة برنامجها الخاص الشامل المتعلق بالبحث والتطوير في مجال الطائرات بدون طيار ضمن "شركة شاهد لصناعة الطيران"، والتي تقع في "قاعدة بدر الجوية" جنوب أصفهان.

وأضاف نديمي: "تقدم برنامج الطائرات المسيّرة بسرعة نسبيا في السنوات اللاحقة، ويرجع ذلك جزئياً إلى طبيعته القوية القائمة على البحث والدعم الأكاديمي المستمر من المدارس الصناعية، وتلقّى الحرس الثوري الإيراني أيضاً قدراً كبيراً من المساعدة الخارجية غير المباشرة عن طريق الصدفة، عندما استعاد العديد من المركبات الجوية الغربية غير المأهولة وعالية التقنية التي تحطمت في إيران. 

ونوه إلى أن استعادة أجزاء الطائرات بدون طيار التي تستخدمها القوات الحوثية المدعومة من إيران في اليمن، تشير إلى وجود شبكة واسعة من المزودين تسهّل لطهران عملها، بما في ذلك الصين واليابان ودول أوروبية. 

وأفاد بأنه على الصعيد المحلي، شهدت السنوات الأخيرة قيام شركات ناشئة إيرانية عالية التقنية ذات علاقات وثيقة مع الحرس الثوري الإيراني والصناعات الحربية، بتطوير طائرات مسيّرة بأشكال مختلفة، بما فيها مركبات جوية غير مأهولة عالية الارتفاع وقادرة على التحمل تعمل بالطاقة الشمسية، وهي مثالية لتأمين الترحيل المستمر للاتصالات مع الوكلاء في الخارج".

 

طائرة “مرصاد”

يتابع الكاتب، منحت طهران أيضاً بعض قواتها الوكيلة إمكانية الحصول المباشر على قدرات الطائرات المسيّرة، وبطبيعة الحال، كان «حزب الله» هو المرشح الأول لمثل هذه المساعدة، فمنذ نوفمبر 2004، ظهرت تقارير عن استخدام الميليشيا اللبنانية لما يُدعى المركبات الجوية غير المأهولة "مرصاد-1" فوق شمال إسرائيل.

وكانت طائرة "مرصاد" مماثلة لطائرة "أبابيل-2"، وهي طائرة إيرانية بدون طيار تم تطويرها من قبل "شركة إيران لتصنيع الطائرات" (HESA) في بداية التسعينيات بنماذج من المواد المركّبة ومن الألومنيوم.

وكان ظهور طائرة "مرصاد" فوق إسرائيل بمثابة جرس إنذار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، حيث أدركت الحكومات مساراً جديداً للتهديد يمكن أن يقوض سيطرتها التقليدية على المجال الجوي، وبالإضافة إلى تطوير طائرات بدون طيار متخصصة سهلة الاستخدام لوكلاء مختلفين، زودت إيران لاحقاً مشتقاً أصغر من "أبابيل 2" -يسمى "قاصف"- للحوثيين، الذين استخدموه على نطاق واسع ضد المملكة العربية السعودية وقوات الحكومة اليمنية في السنوات الأخيرة.

 

طائرات انتحارية

ويلفت نديمي إلى أنه في شركة شاهد لصناعة الطيران، يُنتج الحرس الثوري الإيراني طائرات انتحارية بدون طيار، بالإضافة إلى مجموعات طائرات الأجنحة المحلّقة المسيّرة، المصممة على غرار المركبة الجوية الأمريكية غير المأهولة "آر كيو-170 سنتينال" التي تحطمت على الأراضي الإيرانية أثناء هبوطها في ديسمبر 2011، وتُنتج هذه الشركة أيضاً طائرة الهجوم الدقيق الحائمة بدون طيار "شاهد-136" التي أصبحت مدعاةً للفخر.

وذكر أنه خلال المناورات العسكرية الأخيرة، تم إطلاق هذه المنظومة من شاحنة تفريغ معدَّلة خصيصاً حملت 5 منها في الوقت نفسه، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، استُخدمت طائرة "شاهد-136" وشقيقتها الصغرى "شاهد-131" في عمليات عدائية ضد المملكة العربية السعودية، وسفن الشحن المرتبطة بإسرائيل، والقواعد الأمريكية في العراق. 

ويشغّل الحوثيون طائرة "شاهد-136" بعيدة المدى تحت اسم "وعيد"، ويبدو أيضاً أن سلسلة "صماد" من الذخائر بعيدة المدى التي يستخدمونها، لها أصول إيرانية، وفقًا لنديمي.

ويقول الكاتب: إن الطائرات الإيرانية بدون طيار تستطيع اليوم الوصول إلى أي مكان تقريباً في الشرق الأوسط، عن طريق حمل المزيد من الوقود واستخدام الملاحة عبر الأقمار الصناعية، حيث تم تزويد الطائرات المسيّرة بأجهزة توجيه الملاحة التي طورتها "جامعة شريف"، والتي تمكن من استمرار التحليق لمدة تصل إلى 5 ساعات، بجانب تطوير عمليات ترحيل لاسلكية بعيدة المدى للتواصل ما بعد خط الرؤية مع الطائرات بدون طيار التي تقع على مسافة تصل إلى 200 كيلومتر، منوها بأن الجيل الأحدث من الطائرات الإيرانية بدون طيار يقال إنه يصل مداها إلى 1000 كيلومتر، وفترة تحليق تصل إلى 24 ساعة.

وأكد الكاتب أن برنامج الطائرات المسيّرة في إيران اجتاز العديد من مراحل التسليح أيضاً، وفي الوقت الحالي، يمكن أن تحمل غالبية الطائرات الإيرانية بدون طيار قنابل موجهة مصغرة، لكنها ستصبح مسلحة قريباً بصواريخ قادرة على الوصول إلى أهداف تصل إلى 8 كيلومترات.

يذكر أن قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال كينيث ماكنزي، أدلى في عدة مناسبات خلال العام الماضي بتصريحات علنية صريحة بشكل مفاجئ، حول ضعف الحلفاء أمام تهديد طهران للطائرات المسيّرة متعددة الاتجاهات. 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية