ولاية نزوى.. الحاضر يعيش في أحضان التاريخ ويعكس عراقة «عُمان عبر الزمان»
ولاية نزوى.. الحاضر يعيش في أحضان التاريخ ويعكس عراقة «عُمان عبر الزمان»
"ولاية نزوى".. حينما يمتزج عبق التاريخ مع نهضة الحاضر وأصالة المستقبل ليعكس صورة مصغرة عن سلطنة عمان، تتشابك فيها الأجيال وترسم لوحة مبهجة لدولة اهتمت بتراثها لتصنع نهضة في حاضرها، إذ تعد الولاية هي الأشهر في السلطنة لما تحويه من تراث جعلها مقصدا سياحياً وثقافياً مهماً.
وتكتسب سلطنة عمان خصوصية كبيرة نتيجة لتراثها المادي والحضاري الضارب بجذوره في أعماق التاريخ الإنساني، وذلك في وقت تحرص فيه السلطنة على حفظ مختلف أشكال التراث المادي واللا مادي، بالتوازي مع خططها الرامية لصنع مستقبل باهر في شتى المجالات، وفق وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وسجلت السلطنة نفسها كأول بلد عربي يخصص وزارة للتراث، في مسعى لخلق حالة من الرواج السياحي بشتى المقاصد التي تمتلكها عمان، وبعد سنوات من العمل نجحت في أن تكون وجهة سياحية متميزة؛ حيث استطاعت وضع مدنها القديمة وقلاعها ومعمارها الفريد على رأس أولويات الزائرين، ومن أهمها ولاية "نزوى".
وتعد ولاية نزوى التابعة لمحافظة الداخلية حاضنة تراثية كبيرة، ومنبعا لسحر لا ينتهي، وواحدة من الوجهات السياحية المفضلة في السلطنة لما تزخر به من معالم سياحية، ولما اشتهرت به من تاريخ عريق، فهي العاصمة العمانية القديمة والمدينة التي اختيرت عاصمة للثقافة الإسلامية في عام 2015.
وتكتسب نزوى مكانة خاصة، إذ تعتبر نموذجا مصغرا لعمان، فهي تضم كل ما تتمتع به السلطنة من تنوع، كما تجمع بين معظم أنواع السياحة سواء التراثية والمزارات وسياحة الاستجمام والتسوق، إلى جانب قربها من العاصمة مسقط التي تبعد عنها حوالي 130 كيلو مترا فقط.
سوق نزوى.. تاريخ صامد منذ آلاف السنين
بالقرب من قلعة تقف شامخة شاهدة على أصالة وعظمة وتاريخ ذلك البلد، يقع سوق نزوى الذي يعد واحدا من الأسواق التاريخية المعروفة، حيث ظل هذا السوق، الواقع في أحضان قلعة نزوى، يحتضن في تقاسيمه وتفرعاته الكثير من الصناعات التقليدية المحلية كصناعة الخناجر والنحاس والغزل وبيع المواشي والأسماك والخضار والمشغولات اليدوية والحلوى العمانية الأصيلة.
ويزيد نشاط السوق عند اقتراب الأعياد ومواسم المنتجات المحلية التي تلقى إقبالا واسعا ورواجا كبيرا.
ويحظى السوق باهتمام كبير من قبل أبناء الولاية، حيث يحرصون على تنشيط الحركة التجارية والبيع فيه بأنفسهم دون الحاجة إلى الوافدين، كما يهتمون بتعليم أبنائهم التجارة وتوارث تلك المهنة كحق أصيل للأجيال القادمة.
ويعج سوق نزوى بالباعة والزبائن، حيث تتشابك الألوان وروائح "اللبان" والأصوات لتشكل مزيجا من الحركة والنشاط، كما تعكس المحلات تراثا عربيا أصيلا وتجذب الزوار من مختلف الأعمار والجنسيات.
ولا يقتصر جمال سوق نزوى على المنتجات والبضائع المعروضة فحسب، بل يعززه الجو التقليدي الذي يسوده، حيث يجذب السوق رواده من السياح للتجول بين زواياه الضيقة والتعرف على الثقافة والتراث العُماني.
قلعة نزوى.. شموخ وحضارة
تضم ولاية نزوى القلاع والحصون والوديان والحارات القديمة، وليس أدل على ذلك من قلعة نزوى التي تعتبر واحدة من الرموز العمانية الأصيلة، حيث كانت نزوى عاصمة لعمان في فترات متقطعة ما بين القرنين الميلاديين الثامن والثاني عشر.
وتنفرد قلعة نزوى التي بناها الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي في القرن السابع عشر الميلادي، بشكلها الدائري الضخم، وأنها واحدة من أقدم القلاع في سلطنة عمان، حيث تتميز بشكلها وآبارها المنتشرة في كل ردهات القلعة، فضلا عن طرازها المعماري الفريد.
وتعتبر القلعة، علامة من علامات الولاية، وتلقي بظلالها على أرجائها، وتسحر الناظرين بروعة هندستها المعمارية الفريدة، وعندما يدخلها الزائر يكتشف حياة كاملة، حيث يطالع الزائر لقلعة نزوى عبر أروقتها وغرفها حكاية تاريخ المكان والولاية بشكل عام عبر الحقب الزمنية الماضية.
وتضم القلعة مجموعة واسعة من الغرف، بينها غرفة الإمام والغرف التراثية، ومخزن التمور وأنواع الأسلحة، كما تعرض القلعة في أروقتها الحلي والأقفال والأزياء.
عمان عبر الزمان
وعلى مقربة من ولاية نزوى، وضعت سلطنة عمان تاريخها وحاضرها ومستقبلها بين يدي الجميع، حيث اجتمع عبق الماضي ونهضة الحاضر وطموحات المستقبل بين جدران متحف "عمان عبر الزمان" الذي افتتحه السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان في مارس 2023، ووضع لبنته الأولى السلطان الراحل قابوس بن سعيد في يوليو 2015.
ويعد المتحف، الذي يقع بولاية منح التابعة لمحافظة الداخلية، حالة فريدة حيث يصطحب زائريه في طواف عبر الزمان والمكان لاستشعار هيبة التاريخ وسجلاته.
ويبحر الزائر بين جغرافيا سلطنة عُمان وتاريخها متأملا ماضيها وحاضرها ومستشرفا مستقبلها عبر رؤية عمان 2040 بشكل تفاعلي وباستخدام تقنيات العرض المتحفي والتكنولوجيا الحديثة وتوظيف تقنية الواقع المعزز إضافة إلى المقتنيات الأثرية التي يستعرضها المتحف بين جنباته.
وتنقسم قاعات العرض إلى اثنتين، قاعة التاريخ وقاعة عصر النهضة التي تستعرض جوانب التطور والازدهار والنماء في سلطنة عُمان، وما شهدته من تحول اجتماعي واقتصادي وسياسي ملحوظ، مع المحافظة على هويتها الأصيلة وتقاليدها الثقافية العريقة.