"إعدام الصحفيين"!

خلال الندوة التي حضرتها منذ أيام في مبنى الأمم المتحدة بجنيف، التي عقدت على هامش اجتماعات مجلس حقوق الإنسان الـ55، تحدث المشاركون عن المعاناة الكبيرة التي تواجه الإعلاميين والصحفيين في نقل الحقيقة من غزة إلى العالم، وأكد جيم بو ملحة الرئيس السابق للاتحاد الدولي للصحفيين (IFJ)، أن تنظيم الاتحاد هذا اللقاء في مقر الأمم المتحدة في جنيف، يهدف إلى إيصال صوت الصحفيين الفلسطينيين إلى المجتمع الدولي ووضع الحقائق أمامهم. 

وقد تبين من خلال حديث المشاركين حجم المعاناة التي يعانيها الصحفيون دون أن يدرك العالم ذلك، وقد كشفت فرانشيسكا ألبنيس المبعوث الخاص لحقوق الإنسان في فلسطين، أن الإعلام الغربي غائب عن تغطية أحداث غزة، وهذه خيبة أمل كبيرة، خصوصًا أنه ولأول مرة يغيب الإعلام الغربي.. ووصفت ما يحدث بأنه "إبادة جماعية في غزة واستهداف للصحفيين".

وقال وائل الدحدوح في مشاركة مرئية مسجلة -وهو أحد الصحفيين الذين تم استهدافهم خلال هذه الحرب، ويتلقى العلاج حالياً في الدوحة، بعد أن نجح في الخروج من غزة- إن الصحفيين الفلسطينيين استمروا في نقل الأخبار بشكل دائم ومن جميع المواقع، رغم كل المخاطر منذ بداية الحرب إلى اليوم، على الرغم من استهدافهم واستهداف أسرهم، وطالب العالم بالوقوف إلى جانب الصحفيين من أجل نقل الحقيقة ولإيقاف هذه الحرب.

وكان مثيراً للانتباه، ما ذكره نقيب الصحفيين الفلسطينيين، ونائب رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين، ناصر أبوبكر، عندما أكد في مداخلته أنه منذ بداية هذه الحرب يُمنع أي صحفي أجنبي من تغطية هذه الحرب!

وأضاف: "إن الجرائم ضد الصحفيين يتم تنفيذها بقرار رسمي من الحكومة الإسرائيلية، ولدينا الوثائق"، مشيراً إلى أن 9% من الصحفيين في غزة قتلوا -131 صحفياً خلال أقل من 180 يوماً- فضلاً عن عشرات الجرحى والمصابين، مؤكداً أن الوضع الصحفي في غزة يعني أن ما يعرفه العالم عن حقيقة الأوضاع هناك لا يتجاوز 10% من الحقيقة.

وأشار الصحفي سامي أبو سالم في تسجيل مرئي خلال الندوة، إلى أوضاع الصحفيين في الميدان، وقال: "حتى البدلات والسترات الزرقاء الواقية من الرصاص تمنع إسرائيل من دخولها.. وما يرتديه الصحفيون هي سترات إسفنجية".

لقد كشفت هذه الندوة من جديد، أن الصحفيين يدفعون بشكل مستمر ثمن عملهم ودورهم في نقل الحقيقة، ليس في فلسطين، وإنما في كل مناطق النزاع، وهذا يجعلنا نطالب مجدداً بإيقاف العدائية ضد الصحفيين في كل مناطق النزاع.. ويجب أن تكون حماية سلامة الصحفيين من ضمن أولويات المجتمع الدولي في مناطق النزاع، كما يجب تسهيل مهمتهم حتى يعرف العالم الحقيقة، ويجب تسهيل إيصال معدات الحماية لهم والمعدات التي تساعدهم على العمل، كما يجب التحقيق في مقتل كل صحفي قتل في غزة خلال هذه الحرب، فما حدث كما وصفه المتحدثون يبدو وكأنه قرار بـ"إعدام الصحفيين".. ولا يجب أن يفلت من العقاب من تورط في هذه الجرائم.