"فورين بوليسي": فكرة إنشاء جيش أوروبي موحد "غير واقعية"

"فورين بوليسي": فكرة إنشاء جيش أوروبي موحد "غير واقعية"

في الوقت الذي باتت فيه القارة الأوروبية في حاجة ملحة لتأمين نفسها وتعزيز دفاعاتها في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، عادت فكرة إنشاء جيش أوروبي مشترك لتطرح نفسها بقوة في مختلف العواصم الأوروبية.

وفي هذا السياق، قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إنه منذ اقتراح فكرة تشكيل جيش أوروبي لأول مرة في الخمسينيات من القرن الماضي، ظلت الفكرة قائمة طوال هذه الفترة دون اتخاذ خطوات قوية نحو تفعيلها. 

وأضافت المجلة، في تقرير لها، أنه في ظل الاستراتيجية الصناعية الدفاعية التي أصدرها الاتحاد الأوروبي مؤخرا وخطته لتعيين مفوض أوروبي للدفاع، فقد يستنتج المرء أن فكرة السياسة العسكرية والدفاعية المشتركة للاتحاد الأوروبي قد تنطلق أخيرا، لكن كما كان الحال في الماضي، فإن هذا المسار مسدود، ولن يكون هناك دفاع أوروبي مركزي مشترك في المستقبل القريب.

وأوضحت أنه من الناحية النظرية، تبدو فكرة توحيد القوى جذابة، حيث إن وجود مؤسسة عسكرية أوروبية موحدة من شأنه تجنيب أوروبا ازدواجية التكاليف، ويعزز من قوة اقتصاداتها، ويزيل أوجه القصور البيروقراطية ذات الصلة، ومن الممكن أن يؤدي الجيش المشترك أيضا إلى قدر أكبر من المصداقية في الردع وزيادة الفعالية في ساحة المعركة.

وترى الصحيفة الأمريكية أن الواقع العملي يؤكد أن الاتحاد الأوروبي ما دام يتكون من دول قومية، فإن فكرة الجيش المشترك معيبة بشكل أساسي، وإن أي جيش من هذا القبيل، إذا تم إنشاؤه، سيخضع لقيادة تضم دولا ستستخدم، حينها، حق النقض (معارضة قرارات أو إجراءات) مثل فرنسا أو ألمانيا أو المجر أو أية دولة عضو أخرى قد يكون لها نهج مختلف في ما يتعلق باستخدام القوة، أو تتمتع بعلاقة مختلفة مع روسيا، أو لديها وجهات نظر مغايرة حول توفير الأسلحة في صراع معين. 

ولفتت "فورين بوليسي" إلى أنه بالنسبة لمن يستبعد فرضية وجود حق النقض لدول بعينها، فإن الواقع يؤكد أنه مع تعرض حياة الآلاف من مواطني هذه الدول للخطر، فمن غير المتصور أن تكون باريس أو برلين أو وارسو على استعداد لإرسال جنودها تحت علم الاتحاد الأوروبي دون أن يكون لها حق النقض النهائي على القرار ذي الصلة، لذا، فإن السؤال المطروح هنا هو: ما الفائدة من وجود جيش الاتحاد الأوروبي إذا لم تتمكن في النهاية من استخدامه؟

وترى المجلة أنه بدلا من التمسك بأحلام إنشاء جيش الاتحاد الأوروبي، فإن أوروبا قد تصبح أقوى وأكثر أمانا بشكل جماعي إذا تمكنت من نشر فريق من الجيوش الوطنية المعززة، ويتعين على زعماء أوروبا -في هذه الحالة- أن يركزوا على تعزيز قدراتهم الوطنية، مع تقبل الازدواجية المحتملة (في التكاليف وتشابه نوعية السلاح بمعنى تركيز أكثر من دولة على شراء نفس نوع السلاح دون تنويع).

ودللت "فورين بوليسي" على ما ذكرته بشأن "أحلام الجيش الموحد" مشيرة إلى جلسة "عصف ذهني" (اجتماع مجموعة من الأشخاص من أجل إيجاد فكرة جديدة أو حل لمشكلة ما بطريقة تقوم على مبدأ العفوية والابتعاد عن النقد والمعوقات) عقدت مؤخرا في دائرة العمل الخارجي الأوروبية.

وتساءل المجتمعون خلال الجلسة عما إذا كان من الممكن لدول الاتحاد الأوروبي أن تثق في فرنسا أو ألمانيا في ما يتعلق بالمسائل الأمنية الوجودية، نظرا إلى سجل البلدين، وخاصة تاريخهما الطويل في تجاهل المخاوف الواضحة لدول الاتحاد الأوروبي، وكونهما أقرب إلى روسيا، بحسب ما ذكرت الصحيفة الأمريكية. 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية