كارثة بالتيمور تكشف الدور الجوهري للعمال المهاجرين بالولايات المتحدة
كارثة بالتيمور تكشف الدور الجوهري للعمال المهاجرين بالولايات المتحدة
برز الدور الأساسي الذي يؤديه المهاجرون في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد مقتل عمال من أمريكا اللاتينية، والذين كانوا يشاركون في أشغال على جسر بالتيمور الذي انهار مؤخرا.
ويتباين ذلك مع الخطاب المعادي للمهاجرين الذي يصدر عن العديد من المسؤولين في الولايات المتحدة وعلى رأسهم الرئيس السابق دونالد ترامب، في خضم العام الانتخابي الذي سيحسم الصراع بين الرئيسين الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب، وفق وكالة فرانس برس.
وقال الناشط لويس فيغا العامل سابقا في قطاع البناء "المهاجرون يأتون لمزاولة مهن لا يريد الأمريكيون القيام بها، من يرغب في تنظيف غرف الفنادق؟ من يريد أن يعمل تحت أشعة الشمس؟ وفي الحقول؟".
وكان فريق من 8 عمال جميعهم مهاجرون من المكسيك والسلفادور وهندوراس وغواتيمالا، يعمل ليلا على إصلاح جسر فرنسيس سكوت كي حين انهار بعد أن صدمته سفينة للحاويات، حيث نجا اثنان من العمال، فيما عثر على جثث الستة الآخرين.
وقال المستشار في البيت الأبيض توم بيريز، الخميس، في مقابلة "نحن -المهاجرين- نقوم بالعمل، وهذا ما كنا نقوم به قبل بضع ليال، الستة الذين قتلوا والاثنان اللذان نجوا، هذه هي أمريكا، المهاجرون الذين يصلحون حفرا في الطريق".
وأثار النبأ صدمة بين المتحدرين من أمريكا اللاتينية، في وقت يدعو سياسيون بارزون مثل ترامب، المرشح عن الحزب الجمهوري لمنافسة الرئيس الديمقراطي جو بايدن في السباق إلى البيت الأبيض في نوفمبر، إلى التشدد حيال المهاجرين الذين يصفونهم باستمرار بأنهم "مجرمون" ينبغي طردهم.
وقال فيغا الذي تصدر حملة مؤيدة للمهاجرين في أريزونا عام 2020 حظيت بتأييد مشاهير مثل الفنانة شاكيرا، "هذا مؤسف لأن الرئيس السابق لا يدرك الضرر الذي يتسبب به ببث هذا السمّ".
ولفت إلى أنه خلال تفشي جائحة كوفيد-19 "اتهم (ترامب) المهاجرين في وضع غير قانوني بأنهم مجرمون ومهربو مخدرات ومغتصبون، اتهمهم بكل شيء".
لكن "لم يكن أحد يريد أن يعمل حضوريا، بجوار أشخاص آخرين. فمن الذي كان ينجز العمل؟ يغسل في المستشفيات ويحصد ما يمكن أكله؟ المهاجرون الذين جازفوا بحياتهم".
مخاطر عالية
وإن كان المهاجرون يشكلون يدا عاملة أساسية في البلاد، فهم عرضة إلى حد بعيد لمخاطر الاستغلال، فهم يعملون ساعات طويلة في ظروف سيئة لقاء أجر زهيد، على ما أوضح خافيير غاليندو (48 عاما) المقاول في أريزونا في جنوب غرب الولايات المتحدة.
وقال غاليندو الذي بدأ العمل في الرابعة عشرة من العمر كعامل قبل أن يؤسس شركته الخاصة، إن العمال في ولايته حيث الحد الأدنى للأجور 14,35 دولار للساعة، يتقاضون ما بين 80 و100 دولار في اليوم، مضيفا "تعرف في أي ساعة تبدأ لكن لا تعرف في أي ساعة تنتهي".
وتابع "لن تروا إطلاقا شخصا أبيض على السطوح، هذا المجال كان لي. إنها عموما أشغال يقوم بها مهاجرون قدموا من المكسيك ويتولون دائما الأشغال التي تنطوي على مخاطر".
وأشار غاليندو إلى أنه خلال عشرين عاما لم يتوجه إليه سوى شخص أبيض واحد لطلب عمل فوظفه كسائق، مضيفا وهو يضحك أنه "تخلى عن العمل".
وقال فيغا، إن الحاجة إلى المال ترغم اللاجئين على القبول بأعمال معقدة في قطاعات تنطوي على مخاطر وفي ظروف قد تهدد الحياة مثل درجات حرارة مرتفعة.
أيدٍ عاملة
وكان المهاجرون من أمريكا اللاتينية يمثلون 8,2% من اليد العاملة في الولايات المتحدة عام 2021، لكنهم شكلوا 14% من الوفيات خلال العمل، بحسب البيانات الرسمية.
وازدادت الحوادث القاتلة بنسبة 42% بين 2011 و2021 فارتفعت من 512 إلى 727 حادثا، مع الإشارة إلى أن الإحصاءات الرسمية غير كاملة حكما.
وأكد غاليندو أن قطاع البناء في منطقته يعول بشكل تام على المهاجرين ويؤدي فيه المهاجرون في وضع غير قانوني دورا أساسيا.
وقال غاليندو الذي تراجع نشاطه كثيرا مع إغلاق الحدود خلال تفشي كوفيد-19 "ينقصنا الكثير من اليد العاملة"، داعيا إلى إصلاح نظام الهجرة وتشريع وضع العمال المهاجرين، وهذا الموقف شائع في قطاع البناء.
وأوضح مقاول آخر في أريزونا طالبا عدم ذكر اسمه "لو تحتم علينا توظيف عمال في وضع قانوني حصرا، لكنا في الحقيقة في وضع صعب جدا" مضيفا "للأسف، لن نتمكن من القيام بأشغال بناء في هذه المدينة بدون هؤلاء العمال في وضع غير قانوني".